تمر علينا يوميا قصص كثيرة وأحداث مختلفة تؤثر فينا سلبا أو إيجابا، وتمنحنا فرصة للتفكير بعمق اكبر وتحديد اتجاهاتنا، خصوصا في المسائل المصيرية المتعلقة بأسلوب الحياة وشكلها وإمكان استمرارها. والشواهد موجودة بكثرة، والعاقل هو الذي يستوعب العبرة ويفهمها، بل ويبدأ تطبيقها في حياته في سعي لتجاوز أخطاء الغير.
وعلى صعيد الممارسات الشبابية التي تمثل كسرا لروتين المجتمع التقليدي أو شطحات أكبر من أن يمتصها المجتمع ويتعامل معها بسلاسة ويتقبلها من دون مشاكل، والتي غالبا ما تواجه مثل هذه الأمور الدخيلة بالرفض القاطع التام والمحاربة الحقيقية للقضاء عليها، باتفاق مسبق بحسب القوانين والأنظمة والقيم التي تنظم حياة الفرد في مجتمعه، فإن المشكلة لا تكمن في وضع قانون أو تغييره أو تعديله، بل في أولئك الذين ينظمون ويطبقون بالشكل الذي يناسبهم.
هناك أمور كثيرة يمارسها الشباب يدثّرونها بعبارات فضفاضة قد يعون بعضها ويجهلون الآخر منها، مثل كونها «حريات شخصية» ليس لأحد أي دخل فيها، ووصولا إلى «التحضر» و... «عادي!»، لكن فاتهم أن حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حريات الآخرين، والحرية ليست غاية بل هي وسيلة لخلق عالم أفضل، والتحضر لا يعني التقليد الأعمى أو المجاراة المندفعة دون كبح عقلاني ومنطقي لجماحها، ولو كان الأمر الذي يمارسونه «عاديا!» في نظر مجتمعهم لما احتاجوا إلى قول تلك الكلمة أصلا!
ويبدو من الشواهد الموجودة أمامنا هذه الأيام أن الوعظ والإرشاد لم يعد يتمتع بالتأثير الكبير كالسابق، فمثلا ما زالت الحوادث شنيعة ومريعة رغم الحملات التوعوية والتجارب الحية التي نراها كل يوم، وما زال التسرب الدراسي موجودا رغم كل الشواهد التي تؤكد أن الشهادة عتبة أولى نحو مستقبل أفضل، والسبب في ذلك - بحسب اعتقادي المتواضع - أن الرقابة ذاتية من الشخص نفسه، فسلطة رجال الدين والآباء والشخصيات المعنية وغيرها بدأت تتقلص، خصوصا في ظل عرض مخيف لكل شيء وأي شيء أمام الإنسان. إن اختيار ممارسة ما هو سليم والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يتسبب في إزعاج أو مضايقة أو ضرر على مختلف الأصعدة هو الفاصل، وتعمق المرء في القضية المطروحة بما يسمح له باستنباط رأي وتبني فكرة تجاه تلك القضية يحقق الاستفادة من تجارب الآخرين ورؤية أفضل للمستقبل
العدد 24 - الأحد 29 سبتمبر 2002م الموافق 22 رجب 1423هـ