العدد 25 - الإثنين 30 سبتمبر 2002م الموافق 23 رجب 1423هـ

وحدة الجمعيات السياسية والتنسيق بينها يدعمان المشروع الإصلاحي لعظمة الملك

محمد حسين زيد الجمري comments [at] alwasatnews.com

.

إن تأكيد الجمعيات السياسية في اجتماعاتها الدورية وندواتها السياسية الأهمية البالغة لتنظيم علاقاتها وضمان استمراريتها وحشد المزيد من الإمكانات الشعبية لما فيه مصلحة المملكة وتقوية وتعزيز الوحدة الوطنية، بالإضافة إلى تطوير التنسيق والتحالف الوطني بينها وتأكيد الحاجة المبرمة إلى وضع ميثاق شرف يشكل دليلا للعلاقات بينها، بما ينظم ويطور هذه العلاقة، والارتقاء بها إلى مستويات تعبّر عن حاجة شعب البحرين إلى تلاحم كل قواه الإسلامية والوطنية المناضلة بتلاوينها واتجاهاتها وتياراتها السياسية والفكرية كافة من أجل الإصرار على تحقيق المطالب الشعبية والتحفظ على التعديلات الدستورية والقوانين التي صدرت بمراسيم ملكية من طرف واحد، كل ذلك في ظل القانون والدستور وتعزيزا للنظام السياسي الجديد. هي ظاهرة حضارية متقدمة يجب الاهتمام بها والارتقاء بها نحو الأفضل وتعزيزها بما يخدم تعزيز التلاحم الحكومي والشعبي في ظل الظروف التاريخية الراهنة للبحرين.

وأكدت الجمعيات السياسية ولاتزال تؤكد حرصها وتمسكها بالوحدة الوطنية ونبذها لكل الممارسات الطائفية والتمييزية، ووقوفها بلا تردد إلى جانب المزيد من الخطوات لتحقيق المشروع الإصلاحي لعظمة الملك الذي أجمعت عليه قاطبة شعب البحرين.

بالطبع هناك أطراف لا ترغب في أن تتوحد القوى السياسية والوطنية ويتوحد خطابها السياسي، وتتلاحم مع عظمة الملك ومشروعه الإصلاحي، لأنها تخاف على مصالحها، وتسعى هذه الأطراف إلى إشاعة أجواء من التفرقة، وتصطاد في الماء العكر، لأن في اتساع الهوة بين الحكم والقوى الاجتماعية تحقيقا لمصالحها ومطامعها.

لذلك فإن على القوى السياسية التي تناضل من أجل تحقيق تطلعات الشعب أن تكون يقظة وواعية، فهي في الوقت الذي تقوم بالتنسيق فيما بينها وتتفق على وحدة القرار والخطاب السياسي المشترك، فإن عليها أن تحتفظ مع ملك البحرين ومشروعه الإصلاحي بعلاقات طيبة وحسنة وتسعى إلى تحقيق النجاح لهذا المشروع التاريخي الذي بفضله تحققت مساحة كبيرة من الحريات السياسية، وبفضله استطاعت هذه القوى أن تعبّر عن رأيها وتخاطب شعبها من الداخل وتقوم بعقد الندوات والحوارات السياسية بمختلف أنواعها، وآخرها الحوارات الانتخابية، إذ أعلنت الجمعيات السياسية وبكل ثقة واطمئنان من دون أي خوف أنها تعارض التعديلات الدستورية لعظمة الملك وتطالب بمساحة أكبر من الحريات السياسية واستقلال المجلس الوطني وحقه في أعمال الرقابة على سياسات الحكومة.

إن الساحة السياسية في البحرين بحاجة إلى توحيد الصف الشعبي والتلاحم مع الحكم من أجل السير قدما في تحقيق ما يصبو إليه الشعب في البحرين من إصلاحات سياسية في ظل القانون والدستور وفي ظل النظام الملكي الدستوري الوراثي الذي صوّت له بكلمة نعم في الرابع عشر من فبراير /شباط للعام 2001م، وان التصويت الشعبي للميثاق تترتب عليه استحقاقات شعبية.

إن التصريحات التي تطلقها الأجهزة الرسمية من أن هناك تسابقا بين المواطنين والجمعيات إلى دعم المسيرة الوطنية من خلال حرصهم على الوصول إلى المجلس النيابي لممارسة حقهم الطبيعي في المشاركة السياسية، تعزيزا لفرص المشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي، بالإضافة إلى السياسة التي تتبعها حكومة المملكة والتي تقوم على مبدأ تنظيم البيت الداخلي تنظيما يتماشى ومصالح الشعب ويحافظ في الوقت نفسه على علاقات المصالح، هذه التصريحات لم تطلق جزافا وإنما أطلقت بناء على ما لمسته تلك الأجهزة وأولئك المسئولون من تفاعل الشعب والجمعيات السياسية مع مشروع الملك الإصلاحي وتبنيها سياسة معتدلة ورصينة في طرح المطالب السياسية بروح حضارية بعيدة كل البعد عن النفس السلبي وكل أنواع التطرف والعنف، هذه السياسة التي أهلت الجمعيات السياسية المقاطعة للانتخابات والمشاركة لها بأن تنال اهتمام المسئولين الرسميين في المملكة الذين شعروا بأن هناك معارضة سياسية مأنوسة تطالب بحقوق شرعية كفلها القانون والدستور ومساحة الحريات التي وفرتها الحكومة لكل الجمعيات السياسية.

أما بالنسبة إلى بقية شرائح المجتمع وبقية الجمعيات الوطنية التي ترى في المشاركة في الانتخابات البرلمانية قدرها ومصيرها من أجل الدفاع عن حقوق الشعب ومطالبه وتظلماته عبر قبة البرلمان، فهي الأخرى مورد احترام وتقدير كل العاملين في الساحة السياسية، ولا يمكن مهاجمتها وكيل سيل الاتهامات لها، لأنها بالتالي تمثل إحدى الإرادات الوطنية الشريفة التي ترى في المشاركة دعما لهذه المسيرة. وان مشاركة شرائح من المجتمع في البحرين مع بقية الجمعيات السياسية في الانتخابات المقبلة لا يعني القبول بالتعديلات الدستورية والقبول الكامل بدستور 2002م، وإنما ترى هذه الشرائح وهذه الجمعيات وبعض الشخصيات السياسية المرموقة أن الإصلاح من تحت قبة البرلمان هو الطريق الأفضل والأسلم، بينما يرى البعض أنها بمشاركتها هذه في الانتخابات البرلمانية القادمة، فإن ذلك يعني موافقتها على التعديلات الدستورية وكل المراسيم الملكية التي صدرت من قبل عظمة الملك والخاصة بمجمل المسيرة الإصلاحية في المملكة.

إن النضال السياسي المشروع والمتحضر هو السبيل الوحيد لتعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز الفرص للحصول على المطالب، وإذا ما استمر النضال السياسي السلمي الذي يعتمد سياسة اللاعنف فإن الشعب سيحصل على برلمان حُرّ وعادل ونزيه ومستقل، وان التعديلات الدستورية التي قام بها عظمة الملك في فبراير من العام الجاري يمكن التوصل مع عظمته والقوى السياسية في البلاد إلى صيغة مرضية للجميع، فكما أبدى عاهل البحرين من مرونة في اجتماعه برؤساء الجمعيات في منتصف سبتمبر/ أيلول للعام 2002م، فإننا نستشرف بأن هذه المرونة ستستمر مع القوى السياسية مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى حلحلة الأزمة السياسية في البلاد تحقيقا لرغبات المواطنين.

إن الذين يريدون للإصلاح والتغيير السياسي أن يحصل بين عشية وضحاها، يتعين عليهم أن يعرفوا أن السياسة تحتاج إلى نفس طويل وإلى سياسة ضبط النفس، وعجلة الإصلاحات السياسية تسير إلى الأمام، على رغم إعلان الجمعيات السياسية الأربع مقاطعتها الانتخابات التشريعية المقبلة، وان المعارضة شيء طبيعي في كل الأنظمة التي تمارس الحياة الديمقراطية، شريطة أن تلتزم هذه المعارضة بأصول العمل السياسي، وهذا ما رأيناه جليا في المواقف الإيجابية والسليمة لها عبر بياناتها التي دعت الشعب إلى عدم الدخول في أنفاق مظلمة وتعكير صفو الأمن وممارسة أي نوع من أنواع النضال السلبي الذي يعرقل مسيرة الإصلاحات السياسية في المملكة.

إن ممارسة العمل السياسي الهادئ والمشروع والسلمي المتحضر من شأنه أن يكفل المشاركة السياسية للشعب في صناعة وصوغ القرار السياسي في المملكة، وان انتهاج سياسة التطرف والعنف والأعمال الصبيانية لن يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق أي مكاسب لقضايا الشعب وطموحاته، وعلى أبناء الشعب أن يعرفوا أن تحقيق المكاسب لا يأتي عبر التصريحات اللامسئولة والبيانات والمقالات الركيكة التي تفتقر إلى أي نوع من أنواع التحضر لما فيها من أنواع التهتك والتعريض بالآخرين.

إن مقاطعة الجمعيات السياسية الانتخابات البرلمانية المقبلة لا تعني تشديد الخلاف بين السلطة السياسية وهذه القوى المعارضة، وان الاختلاف بين مختلف القوى السياسية حول المشاركة والمقاطعة يجب ألا يكون سببا للقطيعة بين هذه القوى فيما بينها، وبينها وبين النظام السياسي من جهة أخرى، فالآمال والتطلعات الشعبية هي تطلعات مشتركة، ولهذا الشعب تاريخ سياسي مليء بالتضحيات من أجل تعبيد مسيرة الحقوق، وبين هذا الشعب وبين قيادته السياسية، خصوصا في عهد عظمة ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.

يجب على جميع القوى السياسية سواء التي ترى في المقاطعة خيارها أو التي ترى في المشاركة في الانتخابات البرلمانية خيارها، أن تكون متحضرة وتبتعد كل البعد عن التفرقة والتناحر، وتعيش الأجواء الديمقراطية في أروع صورها، وأن تقف صفا واحدا خلف القيادة السياسية للبلاد التي أشادت بمواقف الطرفين

العدد 25 - الإثنين 30 سبتمبر 2002م الموافق 23 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً