العدد 5195 - السبت 26 نوفمبر 2016م الموافق 26 صفر 1438هـ

انتخاب النجّار رئيساً للجمعية العربية لـ «الاجتماع» واختتام ندوة «صورة الآخر»

الندوة تهدف لتعميق المعرفة العلمية بمسألة الآخر بما يحدُّ من تكوين الأحكام المسبقة التي تشوِّه العلاقة وتعطِّل الحوار معه  - تصوير: عقيل الفردان
الندوة تهدف لتعميق المعرفة العلمية بمسألة الآخر بما يحدُّ من تكوين الأحكام المسبقة التي تشوِّه العلاقة وتعطِّل الحوار معه - تصوير: عقيل الفردان

ضاحية السيف - حسن المدحوب 

26 نوفمبر 2016

اختتمت يوم أمس السبت (26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، الندوة الدوليّة (صورة الآخر: نظرات متقاطعة) والمندرجة ضمن مشروع نقل المعارف التابع لهيئة البحرين للثقافة والآثار، وذلك بعد اشتغال دام لثلاثة أيام بحضور نحو 60 مفكراً ومتخصصاً بارزاً في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية من دول عربية وأوروبية، وذلك بفندق ويستن البحرين سيتي سنتر بضاحية السيف.

وعُقد على هامش الندوة اجتماع الهيئة العمومية للجمعية العربية لعلم الاجتماع، حيث تم انتخاب مجلس أمناء جديد، كما تم انتخاب رئيس جديد هو أستاذ علم الاجتماع بجامعة البحرين باقر النجّار، وابتسام العطيات من الأردن أمينة عامّة للجمعية. وفي ورقته خلال الندوة الدولية، ذكر الكاتب والأكاديمي البحريني بقسم العلوم الاجتماعية في جامعة البحرين نادر كاظم أن «الاستجابات المتسرّعة في الكفر بـ «الربيع العربي» ومآلاته، لا تختلف عن نظيراتها التي رأت في هذا «الربيع» معجزة».


مفكِّراً عربيّاً ودوليّاً يختتمون ندوة «قبول الآخر»...وانتخاب النجّار رئيساً للجمعية العربية لـ «الاجتماع»

ضاحية السيف - حسن المدحوب

اختتمت يوم أمس السبت (26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، الندوة الدولية حول «صورة الآخر: نظرات متقاطعة»، وذلك بفندق ويستن البحرين سيتي سنتر بضاحية السيف، بمشاركة حوالي 60 مفكّرًا ومتخصصًا بارزًا في العلوم الانسانية والاجتماعية من دول عربية وأوروبية، بهدف تعميق المعرفة العلمية بمسألة الآخر، بما يحدُّ من تكوين الأفكار والأحكام المسبقة التي كثيراً ما تشوِّه العلاقة بالآخر وتعطِّل الحوار معه.

وجاءت الندوة الدولية المذكورة بتنظيمٍ من مشروع نقل المعارف التابع إلى هيئة البحرين للثقافة والآثار، وقد عقدت على مدى 3 ايام متواصلة من الخميس وحتى يوم أمس.

وعقد على هامش الندوة اجتماع الهيئة العمومية للجمعية العربية لعلم الاجتماع، حيث تم انتخاب مجلس أمناء جديد، كما تم انتخاب رئيس جديد هو أستاذ علم الاجتماع بجامعة البحرين باقر النجار، وابتسام العطيات من الأردن أمينة عامة للجمعية.

وعقدت في يوم أمس، في الندوة، محاضرات عامّة ألقاها المشاركون، واصلوا فيها النقاش حول عناوين هامة حول «مقاربات نظرية لمسألة الآخر والآخرية»، «الأديان والاثنيات في علاقتها بالآخر»، «الآخر في الخطاب والآداب والفنون»، و»رؤى ومقاربات متقاطعة».

وخلال النقاشات، أفاد استاذ الإنثربولوجيا في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في المغرب حسن رشيق، أن «للهويات الجماعية وظيفة تصنيفية، بمعنى أنها تبرز للناس من هم وكيف يتميزون عن الآخر انطلاقا من مقاييس كاللغة، الدين، الجنسية، القبيلة؛ فتصور «النحن» هو بالضرورة تصور علائقي يفترض تصور الآخر، لهذا نجد أن أهم الرموز السياسية أو الثقافية المختارة من طرف جماعة ما لتحديد هويتها تستخدم لرسم الحدود بالمعنى الرمزي وليس المجالي للكلمة التي تميزها وتفرقها عن باقي الجماعات المجاورة. فتحديد النحن وتحديد الآخر وجهان متكاملان لنفس التصور الهوياتي، وكل تحديد منهما يغذي الآخر، لا يمكن لجماعة أن تكون، على سبيل المثال، مسلمة في عزلة مطلقة، بل تتحدد في علاقتها مع الآخر؛ يهود، مسيحيين أو حتى مسلمين تعتبرهم هذه الجماعة مختلفين (سنيين، شيعيين، مالكيين...)».

وأضاف رشيق «بناء الهوية لا يقتصر على العناصر المشتركة كالثقافة، اللغة، الجنسية، الدين، الأرض، بل يجب، إضافة إلى ذلك إلى ذلك، أن يترجم ما هو مشترك الاختلافات والحدود الثقافية مع الآخر، بهذا المعنى، يجب اعتبار الهوية والآخرية كأبعاد لعلاقات اجتماعية لا كمواد ومحتويات مطلقة وثابتة، والسؤال الرئيس بالنسبة لنا هو كيفية بناء الحدود الثقافية تجاه الآخر، مع التركيز على خصائص التصورات المفتوحة أو المغلقة لهاته الحدود».

وتابع «أطمح إلى تحديد أنماط بناء الآخرية ليس على شكل ثنائية متعارضة الأطراف، هوية صلبة وهوية هشة، بل على شكل سلم يندرج من فكرة الانصهار مع الآخر على أساس فكرة الإنسية المشتركة إلى الرفض المطلق للآخر وتجريده من إنسيته، مرورا بأنماط متوسطة ومتدرجة تركز على التعايش».

وأردف «الآخر ليس فكرة مجردة بل يتم التعرف عليه بشكل ملموس عبر تسميته، إن التحدث عن الآخر بصفة مجردة رهين إلى حد كبير بالدراسات الفلسفية والأكاديمية».

وواصل «ترفض الأيديولوجيات الحصرية كل الهويات التي تعتبرها ولاءات أرضية، جاهلية، لا هم لها إلا تقسيم المجتمع المسلم. وهذا ما يفسر الرفض المطلق، من طرف مروجيها، للقومية والعروبة والشيوعية».

وأكمل «نفس الأيديولوجيات التي تجعل من الولاء الحصري أساس الهوية الإسلامية تغذى منطق الانغلاق الهوياتي حيث لا ينبغي أن تفتح أي نافذة على الهويات والثقافات الأخرى، سواء كانت داخلية أو خارجية».

وأوضح رشيق أن «التصور المبني على الولاء الأحادي المطلق يعادي الآخر البعيد الغرب، وينفي كل حق في وجود الآخر القريب، المصري القبطي بالنسبة للمصري للمسلم، الأمازيغى المغربي بالنسبة للأمازيغى الجزائري، لا ينبغي للمسلم أن يشترك مع المسلمين وغير المسلمين في هويات غير دينية، لا ينبغي له مثلا أن يكون أيضا كرديا، عربيا، أمازيغيا أو إسبانيا، هذا النوع من الأيديولوجيا يسعى لحبس الأتباع في دائرة هوياتية مغلقة ومتفردة تنفي كل تداخل وكل صراع محتمل للولاءات بغية السيطرة عليهم والتأكد من وفائهم وولائهم. لأن الولاء المزدوج أو المتعدد يخلق ترددا، لأنه يقتضي من الناس اختيارات مختلفة في سياقات مختلفة، هذا ما يفسر الرفض القوي لفكرة التعدد. لا يجب التفكير بين هويتين أو أكثر، كل شيء يجب أن يكون محددا سلفا بشكل لا لبس فيه، النحن كما الآخر».

وشدد على أن «إعدام التردد، التداول، والاختيار هو تدمير لفردية الأشخاص الذين عليهم حمل نفس الشارة طوال حياتهم، جعل أفراد جماعة ما دائما متماثلين هو ضمان لطاعتهم ولنجاعة الأيديولوجيا السلطوية التي تعمل بشكل أفضل في الحالات التي يتم فيها إغلاق كل شيء، وجعل كل شيء مماثلا، الاسم المشترك، المعتقدات، الطقوس، الملبس، الجسم، الأذواق والألوان».

وواصل رشيق «يتماشى الرفض المطلق للآخر مع التصور الإطلاقي والإقصائي للهوية الإسلامية، ويتجلى هذا الرفض في الإكثار من الأمر والنهي الذي يسعى لتسييج الجماعة وهويتها، وبالتالي حبس الأفراد داخل دائرة مغلقة، فكلما زادت الأوامر والنواهي كلما أصبحت الحدود المغلقة أكثر إحكاما والآخر أبعد وأبعد إلى أن يجرد، وفق بعض الأيديولوجيات، من ديانته كما هو الحال مع الاتجاهات التكفيرية، وحتى من صفته البشرية بحسب أخرى، هناك أيديولوجيات تحرم على أفرادها التوظيف في إدارة دولة لا تطبق الشريعة وتنهي عن الصلاة مع مسلمين لايشاركونهم نفس الفكر وأخرى تنادي بهجرة البلدان الغربية الكافرة الصليبية، ويبقى المثل الأعلى لهذه التصورات الحصرية والإقصائية إعدام أي علاقة وأي احتكاك ثقافي أو حتى مجالي)، وهو المستوى الأدنى أو النقطة الصفر لأي علاقة مع الآخر».

فيما قال استاذ علم الاجتماع بالجامعة الاردنية حلمي ساري، في ورقته المعنونة بـ»الآخر» كرأس مال اجتماعي في المجتمع الافتراضي، دراسة في سوسيولوجيا التواصل الاجتماعي، أنه «يمكن القول بدرجة عالية من الثقة إنه ما من وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي التي أوجدها الإنسان، كانت قد أحدثت تغيرات جوهرية في مفاهيم الناس وقيمهم وعلاقاتهم الاجتماعية كما فعل الإنترنت، صحيح أن كل وسيلة أضافها الإنسان إلى الوسائل التي سبقتها كانت قد أحدثت، في حينها، تغيرات ملموسة في مفاهيم الناس، ومع ذلك فإن الخصائص الفريدة التي يتمتع بها الإنترنت تجعل منه وسيلة تواصل متميزة ومتفردة لا يجاريها أي وسيلة أخرى سوى التلفون في مطلع القرن العشرين، والتلفزيون في مرحلة الخمسينات والستينات، ويذهب بعض الباحثين في تشبيه قوة تأثيرات الإنترنت في المجتمع بتلك القوة التي أوجدتها الحروف الأبجدية في حياة الناس لقد أحدث الإنترنت، في الحقيقة، تغيرات جوهرية في حياة الناس، وبخاصة في أساليب تواصلهم وتفاعلهم الاجتماعي؛ إذ وفر لهم فضاء ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا مفتوحا ورحباّ، مكّنهم من اختراق الزمان والمكان، وأتاح لهم في الوقت نفسه فرصة جديدة للتواصل مع بعضهم بعضا بسهولة ويسر في عالم جديد غير مألوف هو العالم أو المجتمع الافتراضي (Virtual Reality) ويشكل هذا النوع من العوالم مجتمعات رحبة ومفتوحة غير مقيد ة بحدود جغرافية عملت على إنهاء العزلة الجغرافية التي كانت تقف عائقا أمام التواصل والتفاعل بين البشر؛ كما شكلت في الوقت نفسه ثقافة جديدة لها قيمها الخاصة وسلوكاتها ومفاهيمها التي بدأت تفرض نفسها على العوالم الواقعية أو الحقيقية».

وأضاف ساري «لقد بات العالم الافتراضي يشكل، في الحقيقة، واقعا ملموسا نتعايش معه في كل لحظة، ونتعامل مع تقنياته في عدد كبير من تفاصيل حياتنا الاجتماعية اليومية ومجرياتها، ما يستوجب من علماء الاجتماع العرب الانتباه إليه وإعادة النظر في قراءتهم له على غرار ما فعل بعض علماء الاجتماع الغربيين الجادين».

وتابع «العلاقات الاجتماعية الموجودة بين «الأنا» و»الآخر» في هذا العالم الجديد، من أجل ترسيم مجالات للتعاون والتفاعل بيننا وبينه على نحو يثري معرفتنا به؛ إنه «آخر» أوجدته تكنولوجيا التواصل الاجتماعية في العوالم الافتراضية، الأمر الذي يوجب علينا التعامل معه بطريقة مختلفة عن تلك التي اعتدنا عليها: إنه مصدر ثراء ورأس مال اجتماعي جديد».

العدد 5195 - السبت 26 نوفمبر 2016م الموافق 26 صفر 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً