العدد 5199 - الأربعاء 30 نوفمبر 2016م الموافق 29 صفر 1438هـ

"رسالة مواطن"... هل الحرفة اليدوية في هذا الزمان أمان من الفقر في ظل شح الوظائف وقلة الموارد؟

تحت عنوان "أعمال صغيرة... ثقة كبيرة"، طرحت الكاتبة المتميّزة هناء بوحجي، موضوع امتهان الأعمال اليدوية (السباكة) مثلاً، ودلّلت على وجاهة فكرتها بمثال من لبنان، وهي تعتب على عزوف الشباب عن ممارسة الأعمال اليدوية والحرفية سواء بسبب نظرة المجتمع أو نظرة الشخص ذاته لطبيعة ومستوى العمل اليدوي.

بالنسبة لي فقد عرفت الكثير ممن يمتهنون حرفاً وأعمالاً يدوية تدرّ عليهم دخولاً أعلى بكثير من أصحاب المكاتب والمناصب، وهم بذلك قادرون على تحقيق الكثير من أحلامهم وطموحاتهم، بل والاستثمار والادخار، بل حتى تلك المهن التي يحتقرها البعض أو ينظر لها بدونيّة (مثل صيد السمك) فإنها توفّر لصاحبها حياةً كريمةً قد لا تتوافر للموظف صاحب الأجر الثابت. غير أنه وللأسف، فإنك تجد أن إعلانات الوظائف الشاغرة قلّما تنشر لطلب مهرة وفنيين (بحرينيين)، فمعروف أن أصحاب الأعمال والشركات الكبرى؛ بل حتى وزارات الدولة، ينشرون إعلاناتهم للوظائف الشاغرة من هذا النوع إما في الصحف خارج البلاد أو في الصحف الناطقة بالإنجليزية وتحديد (جنسية) المرشح لشغل الوظيفة. وهذا بالطبع من المحبّطات التي لا تشجّع على امتهان تلك الأعمال، ولا تنمّ عن تقدير للعامل البحريني وكفاءته.

هناك حديث ينسب للرسول (ص) مفاده أن "حرفة/ صنعة في اليد أمان من الفقر"، وهذا الحديث أكثر ما يكون مصداقاً ومطلوباً لهذه الفترة من الزمن حيث شحّ الوظائف وقلة الموارد واهتزاز أوضاع الشركات، وقد سمعت من أحد أصحاب المؤسسات الصغيرة أنه خلال شهر واحد أغلقت عدد من محلات الشركات الصغيرة جرّاء قلة الأعمال وانقطاع الزبائن.

غير أن مشكلة الزهد في المهن اليدوية لا يقتصر على جنس الذكور فقط، بل حتى الإناث نجدهن قد وضعن سقفاً عالياً لطموحهن ورغباتهن حتى لو شعرن بالفشل أو الضعف في الدراسة الأكاديمية، فالمعروف أن مهنة خياطة الملابس مهنة مطلوبة ومحترمة (نوعاً ما) وذات منفعة خاصّة وعامة، ولكنك لا تجد أو نادراً ما تجد خيّاطات "بحرينيات" في أي محل خياطة، حتى أن كثيراً من الفتيات يضطررن إلى اختيار وقبول الملابس الجاهزة، ويعانين في سبيل الحصول على خيّاط يضبط مقاسهن بحسب "نموذج" لمقاس معيّن لعمل زي رسمي مثلاً، وذلك لأن أغلب العاملين في محلات الخياطة هم من الرجال (الآسيويين)، ولا أخال أن هناك امرأة تقبل أن يقوم رجل أجنبي "بقياس" جسمها بالسنتمتر!

أعود للقول إن الحرف والمهن والأعمال اليدوية تفتح للإنسان باب الرزق بحيث إنه، سواءً أُقِيل من عمله أو استقال أو تقاعد، أو حتى في أوقات فراغه، فإن بإمكانه ممارسة تلك المهنة، بحيث يظلّ يشعر بقدرته على العطاء والإنتاج، فيظل معتداً بنفسه وشاعراً بقيمته، محافظاً على المستوى المعيشي المطلوب.

جابر علي





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً