العدد 33 - الثلثاء 08 أكتوبر 2002م الموافق 01 شعبان 1423هـ

أميركا مستمرة في الضغط لتفكيك بنية حزب الله

نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم لـ «الوسط»:

والانتفاضة الفلسطينية أمام خيارين لا ثالث لهما 

08 أكتوبر 2002

بيروت - منى سكرية

أكد نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم أن أميركا بذلت كل ما تستطيع لتفكيك بنية حزب الله، وهي مستمرة. لكن كبار المسئولين اللبنانيين لم يستجيبوا للضغوط الأميركية، معتبرا أن تهمة التفجير في الأرجنتين تدخل في هذا السياق.

ورأى، أن أبرز المفاجآت التي قد تحصل، هو اصطدام أميركا بنتائج مؤلمة لمشروع ضرب العراق، على رغم قناعته أن الأنظمة في حال انعدام وزن، مسجلا على الشارع العربي تقصيره بحق الانتفاضة.

وأكد قاسم، أن الانتفاضة الفلسطينية أمام خيارين لا ثالث لهما، لذلك علينا عمل كل جهد لكي لا تصرخ أولا.

عن حزب الله ومستقبله، والانتفاضة وما تنتظره من نتائج لضرب العراق، والموقف الإيراني، كان هذا الحوار (قبل مجزرة خان يونس) مع الشيخ نعيم قاسم:

* ما هي قراءتكم لما طلبه القضاء الأرجنتيني عن تقصي معلومات عن سماحة الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله في هذا الظرف، بناء على اتهامه بتفجير مقر الجمعية اليهودية الأرجنتينية في بونس ايرس العام 1994؟

- على رغم مرور سنوات طويلة على حوادث الأرجنتين، فإنه لم يثبت لدى المحققين الأرجنتينيين طيلة الفترة السابقة أية علاقة لحزب الله من قريب أو من بعيد بالحادث المذكور. وحصلت بعد الاتهامات التي أطلقتها أميركا وإسرائيل بطرق مختلفة وقد نفاها الحزب في وقتها، ولم يتمكن الأميركيون من متابعة هذا الملف لأنه لا توجد دلائل تدين الحزب، ولا أعلم ما إذا كانت هناك دلائل تدين جهات أخرى. فهذا لم يبرز على الأقل على مستوى الإعلام. والملاحظ في الخبر الذي صدر منذ أيام في الأرجنتين أنه خبر دعائي وسياسي، لأنه حاول أن يقفز على كل نتائج التحقيقات التي أثبتت عدم وجود أي علاقة للحزب، وفي الوقت نفسه تحاول أميركا أن تثير مجموعة من الملفات في وجه حزب الله حتى تمارس الضغوط عليه، كما ورد في تصريح ريتشارد أرميتاج والسفير الأميركي في لبنان باتل، والتصريحات المختلفة التي أطلقتها الإدارة الأميركية بتهم سخيفة وتافهة فيما يتعلق بمواطنين أميركيين أو ما شابه. في كل الأحوال نحن نسخر من هذه التهمة ونعتبرها تهمة دعائية كجزء من محاولات الضغط علينا لا قيمة لها.

تفكيك حزب الله

* في سياق الضغط عليكم كحزب يقال إن أميركا لا تطلب فقط فك ارتباطاتكم بالانتفاضة الفلسطينية، بل أيضا تفكيك بنية حزب الله، وهل هناك ـ برأيكم ـ سلة مطالب أميركية طرحت على المسئولين اللبنانيين من أجل الوصول إلى إضعافكم؟

- من يستعرض تاريخ النظرة الأميركية لحزب الله منذ أن بدأت المقاومة الإسلامية بنشاطها في الجنوب والبقاع الغربي، ومنذ أن برز بشكل واضح إعلان الرسالة المفتوحة للحزب في أوائل فبراير/ شباط سنة 1985، يعرف تماما أن أميركا استهدفت الحزب منذ أكثر من 17 سنة، وكانت تصرخ وتعبّر بطرق مختلفة وأحيانا عبر المسئولين الإسرائيليين عن الرغبة الأكيدة في تفكيك بنية حزب الله وإلغاء حضوره. وقد جرت أحاديث عدة ومطالب وضغوط على الحكومات اللبنانية المتعاقبة. وكان المسئولون الأميركيون الذين يترددون إلى لبنان، توجد لديهم مطالب بأن تمارس الحكومة اللبنانية ضغطا على حزب الله لتمنع عملياته، وإيجاد حل لسحب سلاحه ولمنعه من الوجود. إن الحديث عن تفكيك بنية حزب الله في نظر أميركا هو حديث قديم وليس جديدا. وبذلت أميركا كل ما تستطيع في هذا الشأن وفي اعتقادنا ستستمر.

* ... ومن الملاحظ أنه بعد 11 سبتبمر/ أيلول ازدادت في سياستها...

- وستستمر في ممارسة الضغط وهي غير متوقفة ولن تتوقف، لكن مشكلة أميركا مع حزب الله أن الحزب منطقي في طرحه، محق في المعادلة التي يتحدث عنها، لا يقوم بأي عمل إلا في إطار مقاومة الاحتلال وهو عمل مشروع دوليا وقانونيا في نظر الشعوب، وله حجم من الالتفاف الرسمي والشعبي الذي يبلغ حد الإجماع تقريبا. هذه كلها عوامل معيقة أمام الأميركيين. لذلك عندما يريدون إطلاق بعض التهم، تبدو تافهة وغير مستندة إلى أدلة وفي بعض الأحيان ليست عقلانية، وأعتقد أن 11 سبتمبر حفزت الأميركيين على مزيد من الضغط. المعادلة لم تتغير بالنسبة إلينا إذ لا يوجد شيء يتهمنا الأميركيون به.

* أعود وأكرر سؤالي عما إذا كان كبار المسئولين اللبنانيين قد تلقوا مطالب أميركية بإبعادكم عن الساحة؟

- أنا قلت إن الضغوط الأميركية لم تتوقف منذ 17 سنة وسبب هذه الضغوط هو الموقف السياسي الذي له علاقة بتأييد أميركا لإسرائيل المحتلة لمنطقتنا. وهذا الأمر لم يتغير بعد، بل العكس، ازدادت صلة أميركا بإسرائيل وازداد التبني للمطالب الإسرائيلية بشكل فاضح ومكشوف لأن الطرق غير المباشرة لم تنفع في دعم إسرائيل. وهذا يستدعي متابعة التهم الموجهة إلى الحزب من منطلق سياسة أميركا، وكذلك الضغوط. ولكن بحسب معلوماتنا لم يستجب المسئولون اللبنانيون. وهنا أحيي موقفهم عموما في كل المواقع من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الحكومة وإلى وزير الخارجية وأي موقع من المواقع التي تفاوتت في حجم الحرارة في طريقة الإعلامي والسياسي العام لكن كانت مجمعة على عدم الاستجابة لأي مطلب له علاقة بالتضييق على حزب الله، لأن المطالب المطروحة غير سليمة وغير منطقية ولا تنسجم مع حقوق لبنان الذي يريد أن يستردها ولا يوجد طريق لاستردادها إلا عبر المقاومة.

* وصف وزير الخارجية السوري فاروق الشرع السياسة التي تعتمدها أميركا لا مثيل لها منذ الحرب العالمية الثانية، إلى أين تريد أميركا الوصول؟

- للأسف نحن نعيش مرحلة نظام القطب الواحد الذي يريد أن يسيطر على العالم. وأنا قلت مرارا والآن أكررها: إذا ظن الأوروبيون أنهم شركاء للأميركيين ولو بدرجة ثانية فسيكتشفون أن ترك أميركا تمارس هذه السياسة في منطقتنا من دون رادع ومن دون حسيب أو رقيب، سيجعل الدور التالي هو دور أوروبا في أن تكون ملحقا للمشروع الأميركي، ومسخّرة للمطالب الأميركية بالكامل. من هنا أرى أن كل شعوب العالم لها مصلحة أن تقول لا. وكل ما نلاحظه من الاداء الأميركي أنه يعتمد على السيطرة والقوة ولا يعتمد على الإقناع. بدليل أن كل الأدلة التي تساق الآن ضد الطرق غير مقنعة للمجتمع الدولي.

الظلم الأميركي

* حتى إنها قال ستعرقل أي اتفاق بين المفتشين الدوليين والعراق...

- ... من الواضح أن أميركا وصلت إلى درجة لم تعد تتحمل معها أي أحد في العالم يقول لها لا في ما تخطئ وفي ما تصيب في آن معا. وبرأيي هذا بداية السقوط، لأن الظلم الذي ينتج عن هذه السياسة سيترك مضاعفاته في داخل الولايات المتحدة من خلال النقاش الدائر، وله علاقة بقضايا تتعلق بمستقبل أميركا في الواقع ودور أميركا، وأيضا سيحدث ردات فعل عند شعوب المنطقة بحسب الاستهدافات التي تجري مما سيجعل الأمور معقدة.

* إلى أن يحصل ما يردع هذا الجبروت الأميركي هناك دموية إسرائيلية مفرطة وانزعاج أوروبي وروسي وصيني ما يلبث أن يعود إلى بيت الطاعة الأميركي، وهناك ما هو أخطر وأفظع ألا وهو الخوف العربي وليس فقط الصمت. ما هي نتيجة قراءتك لهذا المشهد السياسي على الساحة الدولية؟ وإلى أين سيصل في السنوات المقبلة؟

- يبدو أن المنطقة وأميركا بحاجة إلى مفاجآت حتى يتغير هذا الواقع المندفع باتجاه إلهاب المنطقة ومحاولة تغييرها. ولعل أبرز المفاجآت، اصطدام أميركا بنتائج مؤلمة لمشروع ضرب العراق في حال تم. اتجاه الأميركيين هو لتحقيق هذا الأمر مهما كلف، فلا أعلم إذا كانت هذه هي المفاجأة التي تواجه الأميركيين أم لا. على الأقل لا يمكن التعويل كثيرا على وضعية الأنظمة الحالية لأنها أنظمة خائفة عاجزة، وصممت طريقة أدائها بشكل تصبح أسيرة الضغط الأميركي. لكن لابد لشعوب المنطقة أن تتحرك، أن تعمل ما يمكنها من التعبير عن السخط والغضب لأن هذا الأمر يؤسس إلى شيء مع الزمن، ويصبح قوة وفعالية ذا تأثير بحسب التطورات. المهم ألا يكون صمتا وأن يبرز الدفاع عن القناعات والحقوق لأن المنطقة لا تطلب شيئا من أميركا إنما تطلب أن تكون مستقلة حرة وألا يُعتدى عليها من إسرائيل أو غير إسرائيل. على كل حال فنحن في وضع صعب في المنطقة لأن الأمور ليست سهلة. ولعل الحديث الشريف عن رسول الله «ص» يكون قد جاء وقته: «اشتدي أزمة تنفرجي»، أو الآية الكريمة: «إنّ مع العسر يسرا» (الشرح: 6).

* هل أن الأمور المندفعة بهذا الشكل ستصل إلى القاع لكي نتنبأ ونأمل بعدها في بداية حصول مرحلة مختلفة؟

- ليست المسألة تنبؤا أو تأملا، وليست المشكلة في المعرفة فالكل يعرف أن الأمور خطرة وصعبة ومعقدة. المشكلة هي في إرادة المواجهة...

* إن ضعف إرادة المواجهة عند الأنظمة، ولكن ألا يحزنك هذا الصمت الذي ساد الشارع العربي في ذكرى مرور سنتين على الانتفاضة باستثناء المظاهرة التي قمتم بها والقلة القليلة في بعض العواصم العربية في حين أن التظاهرة الأضخم كانت في لندن؟

- أنا أميّز بين ضعف التحرك الذي كان موجودا في العالم العربي وهذا محل مؤاخذة ومساءلة، وبين ثقتي بأن هذا العالم بإمكانه أن يصنع شيئا. أتمنى أن يفكر المعنيون والمسئولون عن الشارع العربي في البلدان المختلفة أن بإمكانهم أن يصنعوا شيئا ولو بالتظاهر حتى تتراكم الأمور لمصلحة إيقاف الاندفاعية الأميركية الخطرة على منطقتنا.

ذكرت في معرض مشاركتي في «معرض القدس» في بيروت أن سقوط أي نظام في المنطقة، حتى ولو كان ضرب العراق هو المستهدف، أو تصفية القضية الفلسطينية التي ستحصل، ستؤدي إلى نتائج تؤثر على الجميع. لم تعد الأمور مقتصرة على مكان من دون آخر. فهي حلقة مترابطة. من يدافع، يدافع عن نفسه قبل أن يدافع عن الآخرين. إذا فهم الجميع هذه المعادلة، ستكون حرارة الاهتمام أعلى.

الخيارات الفلسطينية

* نلاحظ، كلما كثر الحديث عن قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود، يزداد الصمت العربي. كما لو أننا بتنا في موضع التفرج على هذا الصمود؟ وإلى متى يمكن لهذا الشعب الفلسطيني أن يستمر في صموده؟

- لن أكرر الكلام عن إشكالية الأنظمة العربية، إنها في حال انعدام وزن. والشارع العربي مقصِّر في طريقة تعاطيه مع الانتفاضة. أنا أكرر بأن الفلسطينيين يملكون إرادة وقوة ونموذجا، ويستطيعون معها جميعا أن يستمروا. لست مع المنطق الذي يقول إن الانتفاضة تدفع الكثير لذلك فهي لا تستطيع أن تستمر.

ولأكون صريحا في هذا الأمر، إن الانتفاضة أمام خيارين لا ثالث لهما، الخيار الأول: أن تستمر مع التضحيات الكبرى ومن ثم تنقشع الأمور باتجاه إيجابية محتملة. والخيار الثاني: أن تتوقف هذه الانتفاضة وهذا يعني أن يتحكم هذا الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني أكثر فأكثر وأن تزداد مطالبه وأن يقمع الفلسطينيين إلى أن يجردهم من أي شيء معنوي موجود عندهم. فأمام هذين الخيارين، في تصوري أن الخسائر والتضحيات موجودة، لكن الخيار الأول يحمل أمل التغيير، والخيار الثاني مضمون النتائج السلبية. لذلك ان الحديث عن حجم ما تتحمله الانتفاضة يجب أن يصرخ أولا، يجب أن نعمل بكل جهد كي لا تصرخ الانتفاضة أولا على رغم الآلام الكثيرة، فهذه ضريبة الإجرام، والإجرام لا يمكن أن يناقش بأخلاقياته لأن لا أخلاقيات له.

* هل أن الانتفاضة، وبعد مرور سنتين، على أبواب مرحلة جديدة بعد أن شهدت تصاعدا في الأعمال العسكرية؟

- إن حجم الممارسات الإرهابية الإسرائيلية قد أدت إلى إيقاع خسائر ضخمة، وضيقت هامش المناورة عند الانتفاضة بشكل معين. لذلك فإن موضوع العمليات يخضع لظروف معينة ولا أعتقد أنه يخضع الآن لظروف سياسية، أي أنه يوجد تصميم عند أركان الانتفاضة بالاستمرار والقيام بعمليات بالقدر المستطاع، لكن العوائق المادية والموضوعية كثيرة. وأنا أقول إن هذا الأمر لا يجوز أن يقف حائلا أو حاجزا. المطلوب أن تستمر الانتفاضة وليختر المسئولون عنها التوقيت والأسلوب ونمط العمليات التي يرونها مناسبة، فالانتفاضة هي استنزاف للمشروع الإسرائيلي ورفض لإعطائه المشروعية، وهذا العنوان يجب أن يستمر بصرف النظر عما إذا كانت ستحصل عملية كل شهر أو كل يوم. لا يمكن أن تعدّ قدرة الانتفاضة واستمرار الانتفاضة بعدد العمليات إنما نتحدث عن استمرارية الانتفاضة باستمرارية الرفض لأن الرفض شكل من أشكال التعبير المناسبة.

* هل نحن على أبواب 48 ثانية؟

- عندما نرى أن الانتفاضة استمرت لمدة سنتين وسط هذا الشكل القاسي والصعب ولا يخرج فلسطيني واحد من فلسطين إلى خارجها بل لا ينتقل فلسطيني واحد من القدس إلى الضفة أو من الضفة إلى غزة، فهذا يدل على أن المنطق السائد اليوم والمعنويات الموجودة في الانتفاضة لا توصل إلى أداء 48 بالتهجير الجماعي الذي كان يحصل طوعا بالضغوط التي مورست عليهم والمجازر التي ارتكبت بحقهم. أما هل يحصل هذا الأمر بالقوة أو عبر «الترنسفير»، فيجب أن ننتظر ماذا سيحصل في العراق قبل أن نجيب عن هذا السؤال، لأن هذه المسألة مؤجلة بانتظار هذه النتائج. هل ستحصل معركة العراق أم لا، وما هي نتائجها؟ لست أنا الذي يقول هذا الأمر فقط بل الإسرائيليون هم من يقول ذلك، كما ذكر وزير دفاعهم بن اليعازر من أن إسرائيل تأمل أن تؤدي ضربة العراق إلى مزيد من الضغط على دول المنطقة لكي تسهل الحلول على إسرائيل وتؤخر عليها القيام بأعمال إضافية. يبدو أن الأمور الآن ليست باتجاه ما حصل العام 48، وإنما بانتظار التطورات في العراق وبعدها نقيِّم ونعطي الأحكام بحسب هذا التقييم.

أميركا والعراق

* هل بتقديركم السياسي أن أميركا تريد تغيير النظام، أم تقسيم العراق؟

- إن أميركا وضعت هدفا يرتبط بالعراق. هذا الهدف اسمه الدخول إلى المنطقة العربية في الحلقة الأضعف، من أجل تغيير جغرافي وسياسي يغيّر من موازين القوى ويجعل أميركا تتحكم أكثر بمنابع النفط وخصوصا أن العراق يحمل أول مستوى من مستويات المخزون النفطي في العالم، إضافة إلى ما ينعكس على القضية الفلسطينية. إذا المسألة ليست إزاحة مسألة صدام أو عدم إزاحته لأن كما نعلم لم تكن الإزاحة واردة خلال السنوات السابقة لاعتبارات لها علاقة بالحسابات الأميركية في التعاطي مع المنطقة.

إذا المستهدف هو المنطقة من بوابة العراق. وعلى أساس هذا الاستهداف يمكن أن نرى طريقة التفكير الأميركية وماذا تريد أن تصنع. أما هل يقسم العراق أو هل يدخل في حرب أهلية، فأعتقد أن الأميركيين ناقشوا مجموعة خيارات وأبقوها طي الكتمان، ولم يحسموا واحدا منها بانتظار أن يروا نتائج معركتهم وعلى أساسها يختارون واحدة من هذه الخيارات. وبحسب معلوماتنا فإن كل الذين التقوا من المعارضة العراقية أو المسئولين الأوروبيين أو من الوفود التي كانت تناقش الأميركيين عن مستقبل العراق، كان الأميركيون يصرون على عدم كشف ما عندهم بدقة. وما نقرأه بين يوم وآخر من أفكار مطروحة هو جزء من طريقة أميركا في رمي مجموعة من الأفكار لرصد النتائج من أجل رصد الفكرة التي تناسبهم أكثر، لكن لا أعتقد أن شيئا واضحا مطروحا الآن بشكل حاسم عند الإدارة الأميركية، بل هناك عدة خيارات لا تنضج إلا بعد رؤية نتائج العدوان.

* هل أطلعكم وفد المعارضة العراقية على محادثاته مع المسئولين في واشنطن؟

- كلا وإنما أطلعنا من جهات مختلفة على ما حصل. ورأينا أن أميركا لن تعطي أحدا شيئا وستبقي كل الأوراق في يدها، وتريد أن تستغل ما أمكنها من الطاقات الموجودة على الأرض. أميركا لا تعمل مع أحد كشريك أو كصاحب اتفاق وإنما تعمل وفق رؤيتها وتريد أن تسخر كل الإمكانات لمصلحتها.

* «الحياد النشط» التعبير الجديد الذي أطلقته إيران على سياستها تجاه كل من أميركا والعراق. هل يخدم لاحقا إيران في حال وضعت أميركا يدها على مقدرات العراق؟ وهل تتوقع أن تشمل الأضرار سورية والسعودية وغيرهما من الدول؟

- أعتبر أن المسئولين الإيرانيين قد عبّروا في الفترة السابقة عن سبب موقفهم والدوافع التي انطلقوا منها والرؤية التي يرونها مناسبة مما يجعل أي قارئ يستطيع أن يتلمس بدقة أهداف الموقف الإيراني وطبيعة النظرة التي يراها إلى المنطقة. أما وجود الخطر المستقبلي على إيران وسورية والسعودية والمنطقة عموما فهو أمر معروف لدى الجميع ويأخذونه في الاعتبار في صوغ مواقفهم، ولا يمكن الحديث عن مواجهة أميركا بطريقة اعتباطية. هناك قواعد وقدرات معينة وكلها يجب أن تكون مدروسة إضافة إلى ظروف المنطقة والأنظمة الموجودة فيها.

* سؤالي الأخير، هل تخشون تعديلا على قانون وسائل الإعلام المرئي والمسموع بما قد يطال وسائلكم الإعلامية؟

- يبدو أنها فكرة طُرحت في مجلس معيّن من دون أن ترقى إلى مشروع، ولذلك نحن نفضّل ألا نربك أنفسنا ولا نربك الساحة ونحن لا نعتبر أنفسنا مستهدفين بهذا الأمر..

العدد 33 - الثلثاء 08 أكتوبر 2002م الموافق 01 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً