العدد 5222 - الجمعة 23 ديسمبر 2016م الموافق 23 ربيع الاول 1438هـ

راشد آل خليفة: حين يصل الأمر إلى الفنان البحريني فأنا مجنونُ دعْم له

لدى افتتاحه معرض «خمس جهات»...

الشيخ راشد بن خليفة في حديثه إلى «الوسط»
الشيخ راشد بن خليفة في حديثه إلى «الوسط»

سوسن دهنيم

ردَّ وكيل وزارة الداخلية لشئون الجنسية والجوازات والإقامة، الرئيس الفخري لجمعية البحرين للفنون التشكيلية الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، أثناء افتتاح المعرض التشكيلي «خمس جهات»، الذي أقيم على صالة جمعية البحرين للفنون التشكيلية يوم الثلثاء (20 ديسمبر/ كانون الأول 2016)، عند سؤاله عن سر دعمه المستمر للفنانين والفن في البحرين، وما إذا استطعنا أن نوصل صوت البحريني إلى الخارج بالقول: «أنا من الأشخاص الذين يدعمون الفن والفنانين عموماً، وحين يصل الأمر إلى الفنان البحريني فأنا مجنون دعم له، ولا أرتاح أو يهدأ لي بال إلا حين أرى أن هنالك حراكاً ثقافياً فنياً في المملكة، ويعتريني الاحباط حين لا أجد هذه الفعاليات مستمرة؛ لأننا نملك طاقات فنية كبيرة تبعث السرور في النفس والفخر والاعتزاز».

حضر افتتاح المعرض رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، ومدير إدارة الثقافة والفنون الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة، وجمع من الفنانين والمهتمين بالتشكيل في البحرين. المعرض ضمَّ أعمال خمسة فنانين بحرينيين هم: علي مبارك، زهير السعيد، علي حسين ميرزا، جعفر العريبي وعلي خميس.

ولدى سؤاله عن انطباعه حول المعرض، بدأ الشيخ راشد آل خليفة، حديثه لـ «الوسط» قائلاً: «سعيد بأن أحضر افتتاح هذا المعرض الذي يقيمه خمسة فنانين من شباب البحرين المبدع. وما يجعلني أشعر بالفخر والسعادة بشكل أكبر، هو أنني لمستُ مسيرة هؤلاء الشباب منذ بداياتهم الأولى، وها أنا أرى مدى التطور الإيجابي في تجاربهم، والذي يبعث الفخر في النفس، فخبرات الفنانين واضحة اليوم في المعرض من ناحية استخدام الألوان والمواد والأفكار وتصوير العمل عموماً».

وأضاف «من المهم والضروري أن يقف جميع المشتغلين في الوسط الفني والمهتمين بالفنون إلى جانب الفنان البحريني لتشجيعه والأخذ بيده، وخصوصاً نحن نراه يشق طريقه في المحافل الفنية خارج البلاد، في الدول الخليجية والعربية والأجنبية. فها هو يسافر للمشاركة في الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت ولندن ونيويورك وغيرها من الدول، وهو أمر مشرف يبعث على الاعتزاز».

وقال: «إن المعرض عموماً مُشرِّف للبحرين وللشباب خصوصاً، وهو يعطي دافعاً لبقية الفنانين من الشباب للاهتمام بتجاربهم والمشاركة في المعارض الفنية على اختلافها واختلاف أماكن إقامتها».

وتساءل الشيخ راشد، هل عملنا بما يكفي لإيصال الرسالة لخارج البحرين؟، مجيباً «طبعا لا! ذلك لأن المجال الفني مفتوح بأوسع أبوابه لجميع الفنانين في العالم. ولكي ترسخ الأسماء البحرينية وسط هذا الزخم، فإنك ستحتاج إلى مزيد من الفعاليات والجهود التي لابد وأن تستمر لسنوات متواصلة. ولن يكون هذا الجهد ضائعاً؛ لأن الفنان البحريني يستحق بجدارة أن يكون متواجداً في المحافل الدولية بكل فخر؛ بسبب مستواه الذي يليق بهذا الحضور إقليمياً وعالمياً. وهو ما لمسناه من خلال مشاركة بعضهم في المعارض والورش الخارجية ووجود بعض لوحات الفنانين البحرينيين في المتاحف العالمية».

اختلاف يبرز الجمال

ومن خلال جولة سريعة في جهات المعرض الخمس، يمكن للمتابع أن يتلمَّس اختلاف الألوان والرؤية والأدوات لدى كل فنان بشكل يميزه عن غيره. فها هي كائنات علي حسين ميرزا تطل من إطاراتها بملامحها المتميزة وألوانها المختلفة التي تشير دائماً إلى ريشة من رسمها من غير شك أو التباس، وهو الذي خط له منهجاً ثابتاً وحدَّد لنفسه أسلوباً بات يعرف به.

فيما تحيلك كائنات الظل التي تتخلل الأشكال الهندسية إلى ريشة الفنان علي خميس الذي طالما رسم ذاكرته وأحلامه، فأشار إلى الذاكرة الجمعية لكل من جايله ومن سبقه. يرسم البيت والسوق والحارة والممر بألوان زاهية مختلفة وباستخدام خامات لونية مختلفة، ويستحضر كائناته المموهة وتلك التي تحضر بكامل ظلها الذي لا يشير إلى ملامح بقدر ما يبرز الروح، روح المكان وروح البشر التي لا توجد إلا لديه.

وبحيواناته وكائناته فارعة الطول، يصوِّر الفنان جعفر العريبي الواقع الاجتماعي مستخدماً ألوانه الزيتية غالباً. جريئاً في لونه، متميزاً في هيئات أبطال لوحاته. يخلق اللوحة كما يتحدث متخصص في علم النفس والاجتماع. يضرب بسواده على اللوحة فتخرج انعكاساً لواقع ربما يحاول الهروب من سوداويته. يذرع المسافات بين البشري والحيوان، حتى يتداخلان في جانب وينفصلان في جانب آخر، وهو حال المشهد اليوم في واقعنا المليء بالتناقضات، المزدحم بضغوط الحياة ومشاقها.

بكؤوسه ودلائه يخرج الفنان علي مبارك من واقعيته التي بدأ بها لوحاته الأولى، وتعبيريته التي تركها وراءه في لوحاته التالية، ليتجه إلى التجريد والتبسيط. يمزج الألوان بحذر العارف بما يفعل. تتداخل لديه الاشياء بالأحياء في صور رمزية تُوصل الرسائل بذكاء وإبداع. اللون لديه عنصر أساسي يستنطق لوحاته من غير حروف.

أما الفنان زهير السعيد، فها هو يطل بأسلوبه المتجدد. وهو الذي عُرِف بالتقاطاته المتميزة، فيحيل العادي فناً ويخرج من القبيح في الطرقات جمالاً. يوزّع الألوان على لوحاته الثماني التي شارك بها في المعرض بدرجات الأسود والبني، ليترك البياض في اللوحة يعبر عن نفسه.

لوحاتي أحلام وذكريات

ورغبة في إيصال أصوات الفنانين إلى جماهيرهم، كانت لـ «الوسط» وقفات معهم بدأتها بالفنان علي خميس الذي أوضح، إن لوحاته ما هي إلا ذكريات وأحلام، فهو يرسم الماضي الذي يعبّر عن الأسواق؛ وخصوصاً شارع الشيخ عبدالله الذي اشتهر بمحلات بيع القماش، مُعتمداً على أكثر من خامة لونية فهو يستخدم الأكريلك والزيت والأقلام والباستيل في اللوحة الواحدة، ويهتم بملمس اللوحة الذي يعطيها بعداً مختلفاً. وذكر أن اللوحات هي نتاج عمل متواصل استمر قرابة أربعة أشهر؛ إذ اخذ إجازة من عمله ليتفرغ إلى فنه الذي يمثل له رئة ثالثة.

المعارض الجماعية مكسب

أما الفنان علي مبارك فقال: «إن المشاركة في مثل هذه المعارض الجماعية تعد أكثر جمالاً وفائدة؛ إذ تتنوع الأعمال والأفكار ويمكن للفنان أن يتبادل خبراته مع غيره من الفنانين، من خلال لقائه بهم ونقاشاته معهم. كما إنها تُعدُّ مكسباً للجمهور الذي يمكنه أن يطّلع على تجارب أكثر من فنان في وقت واحد».

وبشأن دور وسائل التواصل الاجتماعي في خدمة الفنان، يقول مبارك «إن الفنان اليوم بات محظوظاً أكثر من سابقيه؛ لأن مشكلة إيصال فنه للمتلقي والتي كان يعاني منها الفنانون السابقون الذين لا يستطيعون عرض أعمالهم إلا من خلال المعارض الفنية أو الغاليريهات انتفت بوجود حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت معارض متنوعة ودائمة لكل فنان».

اللوحة هي وسيلتي للبحث والتجربة

أما الفنان علي ميرزا فقال: «المشاركة في المعارض الجماعية تُثري الحراك الفني وتخلق جواً جميلاً بين الجمهور والفنانين، وبين الفنانين وبعضهم بعضاً. ولم يكن هناك موضوع مُحدّد لهذا المعرض، بل خمس جهات مختلفة. وكان لكل فنان حرية اختيار الموضوع؛ ما يتيح له مساحة لتقديم أفضل أعماله، وأنا هنا أردتُ أن أقدم مجموعة جديدة للجمهور لم تعرض قبل، مجموعة مختلفة من ناحية التقنية والألوان».

وبشأن فكرة لوحاته التي أصبحت ذات طابع خاص مميز يشير إلى اسم صاحبها يقول ميرزا: «الفن رسالة بالنسبة لي، وليس بالضرورة أن يكون عبارة عن لوحة جميلة فقط؛ فاللوحة هي المكان الذي أجرّب وأبحث وأعيش فيه لأخلق عدداً من الحالات والتساؤلات. هي الوسيلة التي أبحث من خلالها في ذات الإنسان وصراعاته مع نفسه ومحيطه. والخروج عن اللوحة هو تمرد على حصر نفسي في إطار، فالفضاء المفتوح في الأعمال التركيبية هو مساحة أخرى لي للتعبير والحرية، وهذا ما أطرحه في العادة».

وأضاف «هذه المجموعة المعروضة في معرض (خمس جهات) تطرّقتُ فيها لحالة السكون والعزلة مع الذات، فحيادية الملامح هي العامل المشترك بين اللوحات، والبحث حول موضوع الإنسان وانقطاعه مع نفسه، وجميعها جديدة من إنتاج الأشهر القليلة الماضية».

وذكر أنه يقدم أكثر أعماله الفنية في مجموعات، فهو لا يرسم في الغالب لوحة واحدة للموضوع الواحد، وفي هذا المعرض قدم ثلاث مجموعات في كل مجموعة ثلاث لوحات، إضافة إلى لوحة واحدة كبيرة منفردة.

«ورق» هو مشروعنا القادم

من جانبه، قال الفنان جعفر العريبي: «إن هذا المعرض هو تفعيل لفكرة أطلقها عدد من فناني البحرين وهي إقامة سلسلة معارض جماعية تضم مجموعة من الأفكار التي تندرج تحت مفاهيم مختلفة في أكثر من مكان في جميع أنحاء المملكة، والهدف منها هو تسليط الضوء على الفنان البحريني، وخطوتنا المقبلة ستكون معرض (ورق) الذي سيقام بمشاركة عشرة من الفنانين لم نحدد موعده بعد».

وأضاف عند سؤاله عن اهتمام الفنان اليوم بما يدور من حوله من أحداث محلية واقليمية وعالمية «على الفنان أن يكون ذاته، ومن المهم أن يكون قيادياً لا تابعاً للجوقة من حوله، إذ لابد وأن يبحث ويحاول إيجاد إجابات عن تساؤلاته وتساؤلات الآخرين من خلال الفن التشكيلي الذي يعتبر رسالة بحد ذاته. كما يجب عليه أن يهتم بإبراز فنه من خلال حبه له وإيمانه به، ومتى ما آمن بما يقوم به ستنفتح له الأبواب المحلية والعربية والعالمية كافة، من دون الحاجة لأحد أو لجهة».

الفنان علي مبارك
الفنان علي مبارك
الفنان علي خميس
الفنان علي خميس




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً