العدد 5223 - السبت 24 ديسمبر 2016م الموافق 24 ربيع الاول 1438هـ

بالفيديو... بوحجي في «منتدى الفكر الإداري»: البحرينيون مبادرون لكن مشكلتهم «الخوف»

%40 من الطلاب البحرينيين لديهم روح التحدي

«منتدى الفكر الإداري» الذي نظمته صحيفة «الوسط» أمس- تصوير محمد المخرق
«منتدى الفكر الإداري» الذي نظمته صحيفة «الوسط» أمس- تصوير محمد المخرق

«اقتصاد الإلهام» مصطلح قد يبدو جديداً للكثيرين لكنه عند محمد بوحجي الأستاذ الجامعي ومؤسس المعهد الدولي لاقتصاد الإلهام يعتبر «هماً»، ورسالة وضعها على كاهله ليوصلها إلى بلده وللعالم بأن الاقتصاد كما عرفناه قد تغير، بل وأن اقتصاد الإلهام هي مرحلة متقدمة على الاقتصاد الرأس مالي أو المعرفي الذي نسمعه كثيراً في وقتنا الراهن، وهو اقتصاد يعتبره أكثر ارتباطاً بالمجتمع ويقاس بمدى التأثير فيه. جاء ذلك في عرض قدمه بوحجي أمس (السبت 24 ديسمبر/ كانون الأول 2016) أمام «منتدى الفكر الإداري» بصحيفة «الوسط».

ولا يعطي بوحجي معايير قياس الاقتصاد التقليدية مثل الناتج المحلي الإجمالي وغيرها من الأرقام وزناً كبيراً، إذ يرى أن قياس الاقتصاد يجب أن يرتبط بالتأثير في حياة الناس.

مفهوم الإلهام

بوحجي والذي عمل السنوات الماضية على برامج ومشروعات مع حكومات عدة دول من بينها البحرين ودبي وعجمان وسلطنة عمان والبوسنة والهرسك والمغرب، إلى جانب العمل مع طيف واسع من مؤسسات المجتمع المدني والمدارس، يعرف الروح الملهمة على أن لديها إصرار على تحقيق الأفكار التي ترتبط بالصور الكبرى وبما يؤدي للتعامل مع المألوف بطريقة غير مألوفة. وهي روح تصنع أيضاً شخصية بها قدرة على الريادة والتعلم وتسمى بالشخصية المتعلمة، والتلاقي بين هذه الروح والشخصية يؤثر تأثيراً مباشراً في الاقتصاد والمجتمع بشكل كبير ويصنع فارقاً وأثراً كبيراً في مسيرة البشرية.

ويعتقد بوحجي أن أبرز الاتجاهات في عالم الإدارة أن «الملهمين يفوقون المبدعين من حيث قدرتهم على تحقيق إبداعات متجددة في مجتمعاتهم، فيكون لديهم القدرة والروح على مواجهة تقلبات البيئة التي من حولهم، وبالتالي نستطيع أن نقول اختصاراً أن اقتصاد الإلهام هو الاقتصاد الذي يسعى إلى تحويل العملة ورأس المال إلى مستوى الإلهام الذي يصنع الاقتصاد ويؤمن بتعايش المجتمعات».

بداية الانطلاقة

في العام 2012 و2013 بدأ محمد بوحجي سلسلة من المختبرات الميدانية مع بعض الجهات الحكومية في داخل وخارج مملكة البحرين ودول الخليج، تمخض عنها مختبرات عرفت «بمختبرات التنافسية» وبعضها عرف «بمختبرات الإلهام». تطورت الفكرة لتكون في مجلة علمية عالمية محكمة تأسست في بداية 2014.

وساهم بوحجي في إصدار «مجلة اقتصاد الإلهام» ثلاثة أعوام من خلال مركز النشر العلمي بجامعة البحرين، لتشكل بعد ذلك شبكة علمية عالمية من كل العلماء والمهتمين في مجالات الإبداع والإلهام والريادة، ما نتج عنه إنشاء «المركز والمعهد العالمي لاقتصاد الإلهام» في سلوفانيا، كمؤسسة عالمية غير ربحية، في أغسطس/آب 2015.

مؤشرات على الروح الملهمة

ويحدد بوحجي ثلاث عناصر أو مؤشرات رئيسية قد تقود للروح الملهمة، وهي التعرض للتحديات والفشل وتكرار المحاولات. ووجد في دراسة أجراها ضمن برنامج «التميز الحكومي» في البحرين أن نسبة تصل إلى 45 في المئة من 17 ألف طالب جرى استطلاعهم يتمتعون بروح الإصرار.

ويشير بوحجي إلى أن الروح الملهمة تأتي من تجارب قد تشمل العمل التطوعي أو التعرض لظروف قاسية أو العمل مثلاً مع الأب في صغر في مهنة ما، وغيرها من الأمور، إذ أن الإلهام قد يتولد حتى من البيئات الفقيرة، وأن مستوى التعليم ليس قياساً لمدى كون الشخص ملهماً، والذي من أساسياته أن يعمل لغيره ويؤثر في مجتمعه ومن حوله. كما وجد أن هناك عدداً من الأمور المحفزة التي تخلق الروح الملهمة مثل الموسيقى أو الألحان حتى في صوت تلاوة القرآن أو غيرها.

ويؤمن بوحجي أن الرسالة التي يمكن أن ينقلها «الإلهام» التي يحملها بخطر تحول مجتمعاتنا إلى مجتمعات «اتكالية»

مشروع مؤشر «اقتصاد الإلهام»

بوحجي الذي يعمل مع فريق مكون من نحو 45 عالماً وعالمة تمكن من إصدار مجلتين علميتين محكمتين، أطرت لمفهوم «اقتصاد الإلهام» في الوقت الذي يعتبر مشروعه القادم والمهم بعد أن أسس المعهد الثاني في المغرب، هو إصدار مؤشر متخصص لقياس الاقتصاديات الملهمة وذلك بالتعاون مع جامعة زويل المصرية والتي تحتوي على نخبة من العلماء والأستاذة.

وعلى الرغم من أن بوحجي يتكفل شخصياً بتمويل برامج المعهد، لكنه واثق بأن التغيير لا محالة قادم ليكسب اقتصاد الإلهام أهميته في العالم وأن التفكير الاقتصادي النمطي والخاطئ على حد تعبيره والنظريات القديمة في طريقها للزوال مثل نظرية العرض والطلب. معتبراً أن الإنسان هو من يخلق الطلب وليس عليه أن يساير الطلب.

ويكرر بوحجي رفضه بأن يكون «الإنسان الملهم» شخصية تولد بالفطرة، وأن الإلهام صفة لا تكتسب، فعلى النقيض من ذلك يجد بوحجي أن هناك عدداً من العناصر التي إذا ما تعرض لها الشخص تجعل منه إنساناً ملهماً، فحين يستعرض سيرة العظماء اللذين لم يكونوا شيئاً يذكر قبل أن يتحولوا إلى شخصيات مرموقة، وجد أنهم تعرضوا إلى تحديات في حياتهم وصعوبات وربما فشل وإخفاقات قبل أن يستطيعوا النهوض لمرة أو مرات ويحققوا ما كانوا يصبون إليه، ليصبحوا أشخاصاً ملهمين لما حولهم.

ويقول حجي أن الإنسان أو المؤسسة لا يمكن لها أن تحقق الإلهام دون أن توجد النموذج الناجح للآخرين لكي تستطيع أن تحققهم، فالتأثير هو شرط أساسي لكي يتحقق الإلهام وبدون تغيير في حياة الناس والمحيط بالمؤسسة الملهمة أو الشخص الملهم فإن الحلقة لا تكتمل.

العمل مع مؤسسات حكومية بحرينية

ويشير بوحجي إلى الصعوبات التي اعترت عمله حين عمل ما اعتبره «مختبرات الإلهام» مع جهات حكومية وشبه حكومية في البحرين، حين يتم تشكيل الفرق وجمع البيانات والتوصل إلى حلول من قبل الموظفين أنفسهم، ولكن حين يتم التوصل لنموذج ناجح لا يجرى تعميم الفكرة.

ويعترف الأستاذ الجامعي أنه عادة ما «يصدم الآخرين» عندما يأتي بأفكار جديدة ويشرح كيف أنه طلب من مؤسسة تشرح سبب وجودها وما الذي فعلته طوال السنوات الماضية، فعلى صعيد وزارة التربية يشير إلى نفسه بأنه أكبر المنتقدين لنظام التعليم في البحرين وخصوصاً المناهج التي تلقم الطلاب المعلومات تلقيماً، فهو يعتبر أن عدد الطلاب في المدارس أو الخريجين ليس هو المهم بل المهم ما الذي خلقه هؤلاء الطلاب وهل تحولوا إلى أرباب عمل وعناصر تقوم بالتغيير في مجتمعاتها، ثم يتحدث بقليل من الحسرة حين يشير إلى المستقبل، إذ أن الخريجين من المدارس والجامعات يصبّون في سوق العمل دون أن يستطيعوا أن يكونوا ملهمين ويخلقوا الوظائف.

ويضيف في هذا السياق تجربته كأستاذ جامعي، وكيف أنه عندما أدخل لأول مرة موضوع اقتصاد الإلهام في جامعة البحرين، كان الطلبة غير متعودين على فكرة امتحان الكتاب المفتوح، وأن تكون هناك امتحانات قليلة، أو أن يقوم الطالب بنفسه للشرح.

الحاجة للتغير في نظام التعليم

ويوجه الأستاذ الجامعي والباحث انتقاداً لاذعاً إلى المؤسسات في البحرين التي يقل إنفاقها واهتمامها بالبحث العلمي، الأمر الذي يؤثر على مركز البحرين في مؤشرات الاقتصاد المعرفي، لذلك يرى أن ما يقوم به من إصدار العديد من الأبحاث والدراسات المحكمة من خلال المجالات العلمية التي عمل على إصدارها.

ويتحدث مثلاً عن مهنة التمريض التي أصبح خريجوها يفضلون العمل في الحكومة فقط، رغم أن مجالات التمريض مختلفة وأن المؤسسات الصحية لا تقتصر على الحكومة، ما تسبب في زيادة الممرضات الأجانب وزيادة العاطلات في هذا التخصص، كما تحدث عن كثرة السعوديين في قطاع الضيافة في حين أن البحريني يخرج من هذا القطاع لحساب الأجنبي.

لكن بوحجي يشير إلى تجارب ناجحة من خلال برنامج «التميز» والذي عمل به مع حكومة البحرين وتم تغيير عدد من الأمور، مثل التغيير في أقسام في مجمع السلمانية الطبي.

ويجد بوحجي أن «الخوف» هي الآفة الأبرز التي تواجه الإلهام في البحرين، فالموظف أو الإنسان لا يريد أن يبدأ بخطوة ويتحمل أثرها، رغم أن الإلهام والتغيير لا يكون إلا بالمواجهة.

وأجرى بوحجي قرابة 40 حالة دراسة في البحرين، في الوقت الذي يستعد للعمل مع غرفة تجارة وصناعة البحرين على إطلاق برنامج للإلهام في المؤسسات وهو ما قد يحفز الشركات المتعثرة خصوصاً، ويعتبر أن مهتمة الأساسية هي العمل مع المجتمع الذي لديه ديناميكية وحيوية أكبر لأن يكون ملهماً، مقارنة مع بعض الحكومات التي قد تغزوها البيروقراطية وصعوبة التغيير. خصوصاً في المجتمع البحريني الذي يتمتع بحبة للعمل الخيري والتطوعي والذي يعتبر من المؤشرات والمحفزات للإلهام.

ويعتبر بوحجي أن «اقتصاد الإلهام» ليس كلاماً مبنياً على تخمينات أو تخيلات أو ما إلى ذلك، بل هو موضوع يرتبط بالأرقام، ففي المختبرات التي يقيمها بالتعاون مع الحكومات والمؤسسات الرسمية، يطلب ممن يشاركون في هذه المختبرات وكثير منهم في مناصب تنفيذية، جمع البيانات، وتحليلها وربطها، والتوصل إلى نتائج أو نموذج لمعالجة مشكلة معينة، ويفخر بوحجي بأن مؤسسات بحرينية بدأت بعد هذه المختبرات ببدء جمع بيانات وأرقام خاصة بها وتساعدها في عملها، في حين كانت تعتمد سابقاً على أرقام حكومية لا تصب بشكل أساسي في صميم عملها.

تجربة المشروعات مع طلبة المغرب

ويعود بوحجي ليتحدث عن أثر الإلهام في بيئة الفرد والاقتصاد، ويشرح يكف ساهم من خلال المختبرات والبرامج التي قام بها بالتعاون مع جامعات في المغرب، بتحدي قدرة الطلاب على الإلهام من خلال خلق شركات بمبالغ بسيطة جداً، والطلب من الطلاب أن يزيدوا عائدات هذه الشركات ومنحهم أموالاً إضافية عند نحاجهم، قبل أن تأتي الردود السريعة، حيث تمكن طلاب في ظرف أسبوع وأسبوعين من تحقيق أرباح مضاعفة بل وأن يتأثروا من بحولهم وأسرهم، وجعلهم أناس منتجين وليسوا عاله على أحد.

يشار إلى أن بوحجي قدم استشارات وقيم أكثر من 600 مؤسسة في العالم ومنها جامعات معروفة في دول الخليج، وشركات يابانية وأوروبية. ساهم في إنشاء العديد من برامج التميز في المنطقة، وهو عضو اللجنة الاستشارية العليا لجائزة التميز في العالم الإسلامي، له من المؤلفات 16 كتاباً، وأكثر من 40 ورقة علمية محكمة في السنوات الخمس الماضية، ويقدم العديد البرامج الإذاعية في مجالات التفكير والريادة والرزق وصناعة الإلهام والتعايش، وآخرها سلسلة برامج (أي رزق تريد؟) ، و(أنا الإنسان).

وبوحجي هو مؤسس المركز الدولي لاقتصاد الإلهام (سلوفانيا)، والملتقى الدولي لاقتصاد الشباب (البوسنة)، وهو خبير متخصص في مجال التميز وإدارة التغيير وإدارة المعرفة وتعزيز التنافسية، ويرأس مجلة علمية عالمية محكمة تسمى (اقتصاد الإلهام)، وكما أنه عضو هيئة التحرير في 4 مجلات علمية محكمة.

محمد بوحجي
محمد بوحجي

العدد 5223 - السبت 24 ديسمبر 2016م الموافق 24 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:38 ص

      البحرين كما تجب ان تكون. للاسف دكتور محمد، احنا في البحرين شايلين همنا وهم غيرنا ... لا سياسيا ولا اقتصاديا ولا حته اجتماعيا، الوضع لا يحسد عليه.
      أتمنى البحرين تكون بافضل من هالحال في القريب العاجل.

شاهد أيضا