العدد 5230 - السبت 31 ديسمبر 2016م الموافق 02 ربيع الثاني 1438هـ

«آذان القطة» و«النادل الذي باع يده» تفوزان بمسابقة «الوسط» للقصة القصيرة

استبعاد نصوص لم تُرفق بصور عن هويات كُتَّابها...

آذانُ القِطَة
آذانُ القِطَة

فازت قصة «آذان القطة»، لتقوى محمد جواد، بجائزة «الوسط» للقصة القصيرة، لفئة الكتَّاب البحرينيين، فيما فازت قصة «النادل الذي باع يده»، من المغرب لإلهام زند، لفئة الكتَّاب العرب، لشهر ديسمبر/ كانون الأول 2016.

«آذان القطة» تتحرَّك ضمن فضاء فنتازي، يروي قصة قطة (في ما وراء السرد تكاد تختلط علينا الكائنات... لكنها ضمن ما يصدر عنها لا تفارق ما يصدر عن المحيط البشري) يختلط فيها الحدث البشري بما يمكن أن يصدر عن كائنات أخرى، وضمن ثيمة الجوع، ذلك الذي يُمكن أن يترك أثره على المحيط والكائنات، ولا فرق هنا بين بشر وما عداهم. تُتقن تقوى اللعب بالتفاصيل الصغيرة التي تُشكِّل ملامح كبرى من فضاء القصة. ثمة التقاط لعناصر القوة، مقابل الضعف في الوقت نفسه.

أما «النادل الذي باع يده»، لإلهام زند فتتحرَّك ضمن فضاء واقعي سحري، عن اليد التي تؤكل من صاحبها، ولم تخْل القصة من موضوع الجوع نفسه، وإن كان بدرجة أقل. ثمة اشتغال هنا على قدرة الكائن البشري، قفزاً وتحايلاً على واقعه. ألَّا يحول بينه وبين أن يحيا طارئ يعيد هندسة حياته ويتلاعب بها، وإن بدا البطل في كثير من تفاصيل السرد مُنشدَّاً لحال من الضعف والانكسار، ولكنه سرعان ما ينتبه إلى ما تبقَّى له من تفاصيل صغيرة، يستطيع من خلالها أن يستردَّ ذاته، قبل أن يستردَّ الأشياء الكبيرة التي تخرجه من عتمته.

يُشار إلى أن «الوسط» تسلَّمت 22 نصاً، تم استبعاد 3 نصوص منها غير صالحة للنشر، إضافة إلى عدد من النصوص التي لم يتم إرفاق صور عن هويَّات كتَّابها، كشرط من شروط الدخول في المنافسة.

يذكر أن «الوسط» تلقَّت نصوصاً من كتاَّب ينتمون إلى دول مختلفة إضافة إلى الكتَّاب البحرينيين، دول من بينها: المغرب، الجزائر، مصر، سورية، العراق، تونس، الأردن، وإيران، إضافة إلى كتَّاب عرب مقيمين في عدد من الدول العربية والأجنبية. ولوحظ أن مشاركات شهر ديسمبر 2016، غلبت عليها مشاركة الكتَّاب المغاربة والمصريين.


القصة الفائزة بالجائزة الأولى لفئة الكتَّاب البحرينيين

آذانُ القِطَة

تقوى محمد جواد- قاصة بحرينية

تَقَلّبتُ مرتين، مُحاولاً النوم، لكن رائحةَ الأذنين المتعفنتين لتلك القطةِ - التي قتلتها روبي ذلك اليوم كي تغذي أطفالها ورفضت أن تُطعمني إلا أذنيْها - لاتزالُ عالقةً في حلقي، تدفعني للتقيؤ إذا ما تنفست.

الصوتُ قادمٌ من الأعلى، أغمضت أجفاني كنوعٍ من الدفاع حين فتحَ أحدهم باب حاويةِ القمامة، ألقى نظرةً عابرةً للداخل، شتمني وهو يلقي كيسَ قمامةٍ صغيراً على بطني، وخزتني عظام السمك الموجودةِ في قعرِ الكيس فدفعتهُ بسرعة، ونثرتُ ما فيه على بقيةِ الأكياس، نصفُ برتقالةٍ عفنة تعثرت بمحارمَ تملؤها الدماء «يا للحظ»، أغمضتُ عيني بعنف، مسحتُ المُنتَصِفةَ بمعطفي الخشن، أصابعي حطت على أنفي تُغَلِفُه، غنيتُ بصخب ووضعتها في فمي لتذوب.

خرجتُ من الحاوية، جَوَّفَ البردُ أمعائي، روبي كانت تحتضنُ أحدَ أطفالها الخمسة والبقية يحتضنون بعضهم بداخلِ علبةِ كارتونٍ قديمة، جريتُ على عجل محاولاً اكسابَ جسدي بعض الدفء، وفي جيبي بضعةَ قروش، قفزتُ سورَ منزلِ المرأةَ العجوز كالقطةِ حينما قفزت من بينِ يدي روبي قبلَ أن تُقتَل «واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة» أربعُ زهراتٍ حمراوات أجهلُ اسمهن صرْن في يدي، القيتُ نظرة سريعة على النافذةِ العليا لكن حجراً صغيراً باغتني وأصاب رأسي من النافذةِ السُفلى، صَرَخَت العجوزُ بأسنانها المتدلية «الويلُ لك» جريتُ ضاحكاً كما في كل مرة.

حَلَّ الليل، البدرُ كقرصِ خبز تخيلتهُ يذوب في فمي عوضاً عن نصف البرتقالة العفنة، جيوبي لازالت فارغة والزهور ذبلت والتصقت رائحتها في كفي، لم أفهم لِمَ لمْ يشتري زهوري الغير المسماةِ أحد؟ أَفُقِدَ الحُب؟ المال؟ الإنسانية، أم جميعها؟ حذائي الواسع يحفرُ شوارعَ لا وجودَ لها في هذا الثلج، تناولتُ الزهرةَ الأخيرةَ، لم يتسن لي الوقت لمضغها حينما رأيتُ روبي وأطفالها احتلوا مخدعي، حاويتي «أوووف» قفزتُ في علبة الكارتون، بدأت أغني بكاءً وأنا أرتجف. لم ينتبني الجوع هذا الصباح بل البرد فقط، لا أعلم هل تلبسني الثلج حتى صرتُ كتلة بيضاء لا تُرى؟ أو حرباء تستخدمُ التمويه، هل يدُ العجوز تؤلمها اليوم حتى لم تستطع قذفي بشيء مع أنني عددتُ حتى العشرة بينما كانت تقفُ عند الباب وتنظرُ كَشبح؟ أغضبتني فاشتعلت «الويلُ لَكِ» قلتُ لها وأنا خارج، لم تُحرك ساكناً.

كدتُ آكلُ يدي حينما نسيت أنهُ لم تبقَ لدي أية زهرة فيها اليوم، صار جيبي عامراً، ضحكت بازدراء «هل عادَ الحبُ يا تُرى والمالُ والإنسانية»؟ عندما عُدتُ ليلاً، رأيتُ أحدَ أطفالِ روبي منقضاً على معطفي الخشن، يُفَتِشُ جيوبه، نَظرتُ لجسدي بِفزع، أفتشُ عن معطفي وكأنه اختبأ تحتَ جلدي، داهمتني رائحةُ أذنيْ القطةِ مجدداً، الصَقْتُ كفي قرب فمي مُزَّفِراً لأشمني، لم تكن تلكَ الرائحةُ هناك، نظرتُ مجدداً للطفل يجري للطرف الآخر وبيدهِ شيء صغير كأنها أذن قطة، عانقَ رقبةَ أمه وهوَ يأكلُ ما بيده وهي كانت مشغولة مع أطفالها، يأكلونَ جسدي.


عودة أبومزيكا

حسن عبدالحميد أبوالسعود - قاص مصري

قيل والعهدة على الراوي، إنه قد هبط من عربة ربع نقل، تقل البقرة المباعة والبقرة المشتراة من وإلى السوق الظالم لصغيره، السعيد على كبيره. مع العلم أن جُلة نيئة وحارة قد لطّخت أكمام قميصه وأسفل بنطاله، بدون اكتراث يذكر منه في إبعادها أو إخفائها.

وكنا نحن كما نحن، وكما سنكون؛ جالسين تحت أشجار التوت، نتلقف الظل والثمر، أو مطروحين في جنبات الجوامع التي زينها أهل الله بالتكييفات الطاردة للسخونة الزنخة؛ وإما في حقولنا، نغمر الأرض العطشى بالماء الحبشي المقدس، ونحش أعواد البرسيم الحجازي الذي يضحك بإسهاب كلما خمش وجهه هواء مشاغب بمحشات معقوفة. نفس المحشات نستخدمها أحيانا لبتر رؤوسنا إذا ما استحكم الخلاف بيننا في أمر ما، وعجز منطق الدين أو العرف الموروث أن يقينا شره.

كنا كما نحن وكما سنكون؛ نأكل، ونشرب، ونضاجع زوجاتنا، وننام في انتظار يوم آخر نعيد فيه ونزيد، أو زلزلة تصفنا صفوفاً للحساب الثقيل.

رآه أول من رآه عبدالعزيز ضاحي الذي استنكف حتى من إلقاء تحية عزيزة، ووصفه لنا خالد محفوظ: «الألوان تتقاسم تقاطيع وجهه؛ كأنه يموت على استحياء. جسده العملاق آل إلى التهدم، وثيابه متقطعة كما لو كانت لمجذوب يرقص بعنف شجي في مولد سيدنا محمد».

وأكد الحاج عبدالرحمن الجبيلى نقلاً عن ابنه الأستاذ حمود عن رواة صغار ثقات لا يكذبون بدون سبب؛ أنه لم يكن يرتدى مركوباً أو خفاً يحفظ به قدميه من قسوة دروبنا. آذانا سماع هذا الخبر لكننا لم نترحم عليه كما نترحم على بشر الحافي بعد أن نأكل وجبات اللحم غير المنتظمة؛ فبشر الحافي قديس وولي صالح كان يؤمن بالله وبالمحبة وبالعمل وبالحياة، أما أبو مزيكا؛ فلقبه الذي لقبناه به يريكم كم هو ضئيل وقليل القدر في أعيننا. إنه رجل كان يؤمن بالموسيقى؛ فاستحق ما فعلته به الموسيقى.

آذانا الحاج ثانية عندما أكد أنه لم يتأبط حقيبة أو كيساً؛ ما أيقظ فينا حاسة التساؤل عن مصير الحقيبة الفاتنة التي أخذها معه منذ عشرين سنة.

أخبرنا ابن عمه حمزة أبو خبيئة، الهلفوت الذي ضيّع نصف عمره في البحث عن ذهب فرعون في بئر داره، أنه لم يتوجّه إلى بيته ليجلس على سرير الجريد أمام بيته كي يتلقى العزاء في أبيه الطيب الذي غسّلناه وكفنّاه ووسّدناه وقبّلناه قبلة الوداع قبل أسبوع ونصف كالكرام المكرّمين الأجاويد الميامين؛ بل تمشى مباشرة في طريق الجبل البني الباهت كأيامه الغبراء. ومن هناك أتانا خبره من شندويلى حفار القبور، الذي قال لنا إنه رآه راقداً على قبر أبيه يتحدث إليه بعفوية واسترسال، ورآه وهو يتبول على قبر مجاور لا شاهد له، ورآه وهو يعتذر بعدها للقبر والمقبور ويوصى الجميع بأبيه الجديد عليهم خيراً، ورآه ينهض بعد منتصف الليل ويقبل القبر المبتل بماء رشه عليه، ثم رجع من حيث أتى. عليه سخط الله وسخطنا. هذا والله أعلى وأعلم.


القصة الفائزة بالجائزة الأولى لفئة الكتَّاب العرب

النّادل الذي باع يده

إلهام زند - قاصة مغربية

سبعون عاماً وهو يخدم الزبائن بيد واحدة؛ ما يعني تلقائياً بلا كثيرِ تفكير بأن يده الأخرى مخبأة بالشكل اللازم المتفق عليه وراء ظهره. في الأول («الأول» دائماً معرف بـ «الـ» لأنه يأتي ناضجاً كما سيارة امرأة ذهبية (قصدت المرأة لا السيّارة) متوقّفة في الأتوستراد لأن رغبة شاقّة في البكاء داهمتها بالضبط في لحظة تقاطع أغنيتي جاز وسوول من مذياع سيارتها)، في الأول كان شابّ العظام والهيئة والخاطر ولا شيء كان يمكن أن يعكّر صفو طقسه حتّى شتيمة فاحشة من مالك المقهى. كان في الحقيقة يُرى وهو يلتقط الشّتيمة في الهواء من يدها في اللحظة المناسبة حيث كانت ستسقط على البلاط المبلّل بماء الصحون المُندلق من المغسلة الهائجة للمقهى. يمسكها من كلتا يديها ويجعل من نفسه بهلواناً من ثاني أكسيد الشّفقة والسلوان الحارّ من أجلها، ماسحاً بمئزره دمعتين مٌتحمّلتي الحرارة من عينيها المخدّرتين ويخبرها بأن ثمن البنّ آخذ في الارتفاع على عكس ثمن الموسيقى والدّليل أن الألحان الفاخرة لا توجد في محلات الأقراص المضغوطة بل في قبو بصنبور معطوب ينخر أرضيته، وفي خرير الماء القليل الذي يحاول أن ينفذ من بلاعة ماء حمام جدّةٍ يتساقط شعرها البرتقالي بكثرة ويسدّ البلاّعة (يمكن أن تكون بلاّعة الماء في الحمام كناية غير موفّقة عن بلاّعة الألم في الحياة). تتخيّل هي الشّعر البرتقالي وتتذكّر تلقائياً لون لثّة مالك المقهى وتكره فجأة حكمة الموسيقى، ثم تهجُره.

الآن، لم يعد شاباً وظهره تقوّس بحنان لن نحبّه، وصار يبكي في المغسلة عندما يشتمه ابن مالك المقهى (المالك مات)، يبكي كشقوق نافذة مغلقة غسلتها ربّة بيت ثم فتحتها في اليوم الموالي. يبكي وأحياناً يستحم في نفس المغسلة بعد أن يغلق البلاعة ويصفّ كؤوس القهوة على صدره ليلعب بها لعبةَ السيّارات السّريعة الناضجة على أساس أن صدره ورجلاه شوارع مهذّبة لسياراته.

انشغل باللعب ولم يزعجه أحد، بقية الندل غادروا المقهى بعد نهاية الدّوام إلى دوام آخر، وهو لم يكن يملك إلا سبعة أحفاد سامين لا يجدر أن يكون لهم جدّ نادل، وبينما هو كذلك، انتبه إلى يده التي خلف ظهره، حاول أن يرجعها إلى الأمام لكن بلا جدوى، عنّفها وصفعها لتُطيعه ولكنها بقيت هناك في الوراء كما اعتادت على طول حبل سبعين عاماً.

نشّف جسده وفتح البلاّعة ومسح الآثار لئلا يكتشف ابن مالك المقهى أنه يبيت فيه، وبسهولة قطع يده بسكين نظيفة ثم التقط لها صورة ووضعها على موقع ناجح على الانترنت متخصص في «بيع وشراء المُستعملات». فعل ذلك بلطف كبير تجاه نفسه بعد سبعين عاماً من الجفاء، ثم جلس إلى نفسه في الطاولة الرابعة وشرب شيئاً على حسابه.


رسائلي لا تعرف الطريق

شذى كامل خليل- قاصة سورية

مازلت أتساءل ما الذي سأكتبه لك الآن وقد انتابني شوق عظيم؟

قد أكتب: أيها العابث بأجزائي، أي شكل تضمره لي؟

أو ربما قد أكتب: منذ كأس نبيذ وثمل وأنا أقود شوقي إليك بخطوات مسرعة ظنت لبرهةِ طريقٍ أنها تلاحقُ هباء.

أشياء كثيرة أريد أن أخبرك إياها وأدري أنها قد تبدو غير مهمة بالنسبة لك وقد تضحكُ، حتى أنك قد تصفني بالمجنونة ولكني أحتاج أن أقَرّبك مني أكثر وأن تبعدني عنك أكثر فأقاصصني بالماسوشية وأنتشي أخيراً مثل كائنة غريبة تريد من الحبِّ شيئاً مختلفاً.

مزقتُ الكثير من الصفحات، وأنا أحاول أن أجد بدايةً معقولةً أشدّك فيها حتى نهاية الرسالة وما وجدت!

المكانُ حولي يبدو مدهشاً للقاءٍ عاطفيٍّ.

ثمة طاولة خشبية منتصفَ الغرفةِ الصغيرة، على يسارها امتدت أريكةٌ تتسع لأربعة أشخاص، وعلى يمينها تقبع مدفأةٌ تلتهم الحطب بسرعة فتنشر الدفء وتطرد البرد.

رغم أن البرد حالةٌ متعبةٌ للأجساد النحيلةِ مثلُك ومثلي إلا أنه سيدفع بنا في النهاية نحو العناق أملاً بالحصول على لحظة احتراق عابرة.

صدقني

منذُ غيابك وأنا لا أقيم حواراً مع حضوري، ألومه!

كيف في بُعدك أقوى على الوجودِ؟

اسمعني جيداً: مازلت أحاول أن أبدأ بالكتابة إليك. أمورٌ كثيرة حصلت، امتهنت العزلة، وقطعتُ كلَّ صلاتي مع العالم الخارجي بعد أن تراءى لي أنهم عقلاء وبأني شبه مجنونة أو ربما مجنونة بالكامل.

اسمعني: أنا أشعر بالوحدة، وأخافها.

ربما لأني أغذيها بشراهةٍ. كلَّ يوم أرمي لها نفسي الخاليةَ من البشر، كل يوم أرمي لها شخصاً تودد إليَّ وأبعدته بحجة عدم الثقة.

تدري؟ كنتَ الرجلَ الوحيد الذي وثقت فيه، وخانني!

حدث ذلك حين همستَ في أذني تلك الليلة الباردة: أنتِ امرأة قوية ومخيفة.

صدقني أنا لست كذلك وما قوتي إلا ردةُ فعلٍ لا إرادية تصدر عن مخيلتي البلهاء، رغم ذلك أشعر بالفخر في كثير من الأحيان حين أظن ولو كذباً أني كذلك.

هل تزوجتَ؟

أشعر أنكَ فعلت ذلك ففي آخر اتصالٍ بيننا حدثتَني عن فتاةٍ تعجبك ولشدة كبريائي شجعتك على الارتباط بها فوراً!

هل صرتَ أباً؟

لو حدث ذلك فسأكون سعيدةً أنك تحاول أن تصبح والداً أفضلَ من والدكَ الذي هرب منك إلى نسائهِ الكثيرات فتركنَه ليعود إليك شاعراً.

هل أحببتني يوماً؟

لا أعرف، في هذا السؤال أحتاج إلى إجابتك وحدك ولذا أنا أكتب ولذا أنا أتساءل.

يقالُ إن كثرة الأسئلة تجعل الأجوبةَ تنضجُ فتقعُ من حيث لا ندري.

هل يمكننا أن ندّعي الصداقةَ فنتحدث لساعات كما كنا نفعل في أيام عشقنا نصف الكاذب وكامل الاحتراق؟

ذات حديث أخبرتك عن أميّ.

وأنه لم يحدث أن شعرتُ معها بالحب كما شعرته معك.

حينها أجبتني غاضباً: ألهذا نتحدث؟ ألأنكِ ملأت شيئاً ناقصاً داخلك، بي؟

سنواتٌ قضيتها مقتنعةً بأني ما أحببتك وإنما وجدت فيك دواءً لجرحي، ونسيتكَ مُصدقةً هذا الادّعاء.

حينها كنت أتصفّح صحيفة محلية لأقف منبهرة أمام قصيدة لك كان عنوانها/مجنونتي/

كان حبكَ يقلب الموازين داخلي، يعيد تأسيس جسدي وروحي كما يرغب.

يَدخُلني من أوسع الأبواب كي يؤكد أني لم أُحب سواك.

فهل كنت تحبني حين كتبتَ تلك القصيدة؟

هل كتبت لي شيئاً؟

وحين أرمي هذه الرسالةَ على جناحِ الريح، هل ستصلك أم أن الريحَ لا تصلح كي تكون ساعي بريد وأنه يحدث جداً أن تتلصصَ على كلماتي فتقع في حبك، وترمي رسائلي في قاع النسيان؟

لا أعرف.

ثمة جنون كافٍ يتملكُني الآن في أن أستبدل الريح بالمدفأة، سأرسلها إليك على جناح النار وقبيل أن يغدرني الاحتراق، تَحترقُ.

إلهام زند
إلهام زند
عودة أبومزيكا
عودة أبومزيكا
شذى كامل خليل
شذى كامل خليل




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:42 ص

      النادل الذى باع يده قصة رائعة ومتقنه من حيث الحبكة والاسلوب وتدل على فطنة الكاتبة مبارك

    • زائر 3 | 2:14 ص

      قصص مافيها أي متعة ولا سرد

    • زائر 2 | 12:05 ص

      قصة "النادل الذي باع يده" كانت قصة رائعة فكانت تستحق الفوز بالجائزة. اتمنى للقاصة الهام زند المزيد من التوفيق.

    • زائر 1 | 7:28 م

      مبروك للفائزين ..وشكراً لجهودكم ..صبا حبوش

اقرأ ايضاً