العدد 41 - الأربعاء 16 أكتوبر 2002م الموافق 09 شعبان 1423هـ

زيارة شارون لواشنطن شاقة ولا شكّ في أنه سينسّق مع الأميركيين

أمنة القرى comments [at] alwasatnews.com

.

عشية توجهه إلى واشنطن تباينت تقديرات المعلقين الإسرائيليين في الشئون السياسية عما ينتظر رئيس الحكومة ارييل شارون في البيت الأبيض. رأى بعضهم ان الإدارة الأميركية لن تمارس ضغوطا جدية على ضيفها باستثناء مطالبته بالتحلي بضبط النفس على الجبهات كافة، العراقية والفلسطينية واللبنانية لتسهيل سعي الولايات المتحدة إلى حشد الدعم الدولي لضرب العراق. وتوقع آخرون أن تطلب واشنطن من شارون تقديم تنازلات للفلسطينيين تخفف من الضغوط العربية والدولية على واشنطن لترغم حليفتها على تقديم تنازلات. فأميركا لا تريد أن يقوّض تدخل إسرائيل في الهجوم على العراق، حسبما يقول ألوف بن في «هآرتس». لكن بعض الكتاب الإسرائيليين، لا يعوّل كثيرا على «ضغط أميركي على شارون» لأن الرد الاميركي شديد اللهجة على المساس بالمدنيين الفلسطينيين، غير ذي معنى. فالولايات المتحدة هدمت بيوتا بكاملها على رؤوس قاطنيها في القصف الفراغي الذي قامت به طائرات «بي 52» في أفغانستان. ومن المنطقي الافتراض ان السكان في العراق أيضا الذين لا ذنب لهم سوى انهم يتأوهون تحت حكم صدام حسين سيفقدون حياتهم في الهجوم الأميركي المتوقع، على ما يصف شالوم يروشلمي في «كل هزمان» الإسرائيلية. في أي حال فإن هذا ما توقعته «ميدل إيست رياليتيز»، من على موقعها على الأنترنت، أن يأخذ هذه المرّة شارون الذي يزور أميركا تعليمات ما قبل الحرب، لافتة إلى ان شارون سينسّق مع الأميركيين فيما يتعلّق بالاستراتيجيّة المصممة لسحق الفلسطينيين ولترحيل أكبر عدد ممكن منهم حين تعصف الحرب الإقليميّة بمنطقة الشرق الأوسط. وسجلت «ميدل إيست رياليتز»، ملاحظتها، التي تقول انه لم يسبق أن تسلل إلى البيت الأبيض أو إلى أية حكومة أميركية هذا المزيج من الأصوليين المسيحيين واليهود كما يحصل الآن. لكن «جيروزاليم بوست»، انتقدت الضغوط الأميركية، ورأت ان سياسة ضبط النفس التي يطلبها بوش من شارون خاطئة. فـ «الإرهاب» العربي والاعتداءات العربية التي تكاد أميركا تواجهها في العراق يعاني منها الإسرائيليون أيضا!. أما ألوف بن وجدعون ألون في «هآرتس». فلفتا إلى ان بوش يريد وعدا من شارون بأن لا يتدخل في الحرب على العراق على أن تؤمن واشنطن مظلة حماية لإسرائيل. وشارون سيؤكد بحسب «المحللين الإسرائيليين»، انه في حال اضطرت إسرائيل إلى الردّ على أي هجوم عراقي فسيكون ذلك بالتنسيق الكامل مع أميركا كما ان شارون يريد أن يضمن أن لا تفرض أميركا على إسرائيل بعد انتهاء الحرب على العراق اتفاقا سياسيا مع الفلسطينيين. ونقلت «جيروزاليم بوست» توقع مصادر دبلوماسية أميركية أن يضغط الرئيس بوش، والمسئولون الأميركيون على شارون، ليمارس سياسة ضبط النفس أثناء الضربة الأميركية على العراق. لافتة إلى ان رسالة أميركا الوحيدة وغير السريّة هي انها لا تريد أن تشن إسرائيل حربا على العراق لأن أميركا لا تريد حربا أميركية إسرائيلية ضدّ العرب. لكن «جيروزاليم بوست» تطرقت أيضا إلى موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون، من حكومة الوحدة في إسرائيل. ورأت انه من الناحية السياسية الدبلوماسيّة فإن شارون، محقّ في ان بقاء هذه الحكومة أثار عصبيّة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي كان يتوقّع أن تقضي الحرب المستمرة على خصمه الرهيب، أي شارون، وبالتالي تفريق الشعب الإسرائيلي. لكنها اعتبرت ان هذا الإنجاز السلبي، أي تفادي الكارثة، ليس نصرا فعليا. وعلى رغم انها رأت انه من غير الوارد تفكك حكومة الوحدة حاليا اعتبرت ان هذا لا ينفي حقيقة أن هذه الحكومة ليست معذورة في ما يتعلقٌّ بغياب استراتيجية دبلوماسية واقتصادية متماسكة. من جانبه اشار عمير أورين في «هآرتس» إلى انه في ظل وجود جورج بوش، ملكا على العالم، سيكون أسهل على شارون، أن ييأس، وإذا كان يريد أن يحقق رغبته في دعم الغالبية في إسرائيل فما عليه إلاّ أن يوافق على مبدأ الأرض مقابل السلام.

وبحسب الصحف الإسرائيلية، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي تلقى رسالة من الإدارة الاميركية تنتقد تصعيد العدوان على الشعب الفلسطيني، ورفضه تخفيف القيود ووقف استهداف المدنيين. ونشرت «يديعوت أحرونوت» ان إسرائيل تلقت رسالة توبيخ أميركية ثانية بعد رسالة التوبيخ المتعلقة بالثرثرة في ما يتعلق بمواعيد الهجوم الأميركي على العراق. وقالت ان التوبيخ الثاني صدر الجمعة في رسالة سلمها السفير الأميركي في تل أبيب دان كريتزر إلى مدير مكتب شارون دوف فيسغلاس وتضمنت انتقادات شديدة اللهجة لعدم تنفيذ الوعد للأميركيين بتحسين شروط حياة الفلسطينيين والكف عن قتل المدنيين الأبرياء. وجاء في الرسالة ان إسرائيل لم تخفف الحصار للمدن الفلسطينية وانها تقتل أبرياء خلال عمليات عسكرية في قطاع غزة والضفة الغربية. وطالبت بتحويل الأموال المستحقة للفلسطينيين. وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية، ان المسئولين الأميركيين يتوقعون الآن تقدما سريعا في بلورة خطة لتهدئة المواجهة وتنفيذها ومعاودة المفاوضات السياسية. لكن «يديعوت أحرونوت» توقعت أن يطلب شارون من الإدارة الأميركية ألا تفرض عليه تسويات سياسية بعد الحرب في العراق. وتؤكد الانتقادات الأميركية المتزايدة لسياسات شارون ان الدعوة السابعة التي يوجهها بوش لشارون منذ وصوله إلى السلطة في مارس/ آذار 2001 تبدو كأنها استدعاء وتؤشر ان زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي ستكون شاقة وهو الذي يريد أن يظهر بمظهر الحليف الوفي للولايات المتحدة كما تؤكد مصادر إسرائيلية.

وكتبت «هآرتس» ان الولايات المتحدة تشترط انسحاب الجيش الإسرائيلي من إحدى المدن الفلسطينية المشمولة بالحكم الذاتي التي أعيد احتلالها في الضفة الغربية، مثل الخليل. وقال الأمين العام للحكومة الإسرائيلية جدعون ساعر ان شارون سيتناول في زيارته واشنطن التطورات المتوقعة على المسائل المتعلقة بالعراق والمواجهات الفلسطينية - الإسرائيلية ولبنان، وتعميق التنسيق الاستراتيجي عشية الحرب الأميركية المتوقعة على العراق وخلالها. وكشف ألوف بن في «هآرتس»، ان بوش، والمسئولين الأميركيين سيقدمون لشركائهم الإسرائيليين صورة واضحة عن كيفية معالجتهم للتهديدات العراقية بضرب إسرائيل. لأن الإدارة الأميركية استنتجت انها لن تتمكن من طلب ضبط النفس إذا لم تقدّم للإسرائيليين خطة شاملة تبرز بوضوح انها تأخذ التهديد العراقي بضرب إسرائيل على محمل الجدّ. وهدف الخطة الأميركية، حسب بن، إحباط أي محاولة لإطلاق صواريخ أرض - أرض من غرب العراق في اتجاه إسرائيل. فالإدارة الأميركية مقتنعة بأن عرض خطة مفصلة والتعهد بتوظيف الجهود للقضاء على التهديد العراقي لإسرائيل من شأنهما إقناع شارون بالمحافظة على ضبط النفس. وختم بن، بالقول ان أميركا، لا تريد أن يقوّض تدخل إسرائيل، في الهجوم على العراق، المحاولة الأميركية في الحصول على دعم عربي. لكن «جيروزاليم بوست» انتقدت الطلبات الأميركية، معتبرة ان على أميركا، أن تقدّر الجهود الإسرائيلية في ما يتعلّق بالتحفظ العسكري وسياسة ضبط النفس التي تمارسها مع الفلسطينيين!. فالإسرائيليون لم يمتنعوا عن إلقاء القبض على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وحسب بل أزالوا الحصار عن مقرّه مما سمح لما يزيد عن من أسماهم «20 إرهابيا» بالهروب الأمر الذي ضاعف من العمليات «الإرهابية». ورأت ان هذا أمر خاطئ فـ «الإرهاب» العربي والاعتداءات العربية التي تكاد أميركا تواجهها في العراق، يعاني منها الإسرائيليون أيضا. وكان ألوف بن في «هآرتس» لفت إلى انه من الممكن أن تتحدث وسائل الإعلام عن تنسيق إسرائيلي أميركي وعن مظلة للدفاع واستعمال صواريخ الباتريوت لكن بن رأى ان لا علاقة لإسرائيل في العراق وبوش ليس بحاجة لأي مساعدة من شارون. ولفت بن، إلى ان ما سيطلبه رئيس الوزراء الإسرائيلي هو إطلاق يده في التعاطي مع الفلسطينيين فيما يستعدّ الأميركيون للحرب على العراق وتوقع أن يزعم شارون بأن الضغط على إسرائيل يكافئ الإرهاب وسيظهر أمام بوش الفلسطينيين كما لو انهم حلفاء صدّام تماما كما يفعل الرئيس الأميركي عندما يحاول إيجاد صلة بين صدّام وتنظيم «القاعدة». فأكد بن، ان بوش لا يريد التعاطي في موضوع النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي حاليا ولكنه ينتظر اختفاء صدّام، ليعيد تنظيم الشرق الأوسط بأكمله. وفي المقلب الآخر، أسدى إسرائيل هاريل في «هآرتس»، النصح لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بما يجب أن يقوله في حضرة الرئيس الأميركي، فعلى شارون أن يفهم بوش، حسب هاريل، ان الجيش الإسرائيلي يخشى على أرواح المدنيين والجنود ويحاول جاهدا ألا يلحق بهم الأذى!

ان التقليل من أهمية إسرائيل لن يساعد أميركا في الحصول على تحالفات عربية ضدّ الرئيس العراقي كما انه سيؤدي إلى تراجع قدراتها الأمنية، وعدم تمكينها من محاربة الإرهاب، وسيؤثر بالتالي سلبا على الحرب الأميركية على الإرهاب. على شارون، أن يقول لبوش انه إذا هاجم صدّام إسرائيل مجددا لا داعي لأن تطلب أميركا منا الحفاظ على رباطة جأشنا وعدم الردّ عليه. وقد يكون من «عدة الشغل» لشارون التي تحدث عنها بن، ما كتبه أو زعم انه كشف عنه دانييل سوبلمان في «هآرتس» الذي حاول ربط الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالعراق وبالعمليات التي وصفها بالانتحارية، إذ قال: إن عملية «الجدار الواقي» كشفت عن وثائق تحمل توقيع طه ياسين رمضان والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على بعض الشيكات لعائلات الاستشهاديين

العدد 41 - الأربعاء 16 أكتوبر 2002م الموافق 09 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً