العدد 5244 - السبت 14 يناير 2017م الموافق 16 ربيع الثاني 1438هـ

عطاء الفنان عبدالهادي الماجد

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الأسبوع الماضي أقام الفنان التشكيلي عبدالهادي الماجد معرضه التاسع بقاعة مركز الشاخورة الشبابي، حيث احتوى المعرض على 51 لوحة فنية أغلبها تحكي واقع القرية البحرينية في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وما يمارسه أهالي هذه المناطق من مهن ونشاطات مختلفة تغذّي روح الحنين للماضي الجميل، حينما كانت البساطة والطيبة هي الغالبة في مجتمع القرى المترابط بعلاقات إنسانية نفتقدها في هذا الزمن السريع.

تفاصيل دقيقة اختزنها الفنان عبدالهادي في ذاكرته بشأن المزارع المحيطة بالقرى، وشكل البيوت والطرق ليعكسها بريشته في لوحات بسيطة وجميلة ومعبّرة، وكأنها تعيدنا مرةً أخرى إلى طفولتنا وذكرياتنا البعيدة.

وفي الحقيقة فإن هذا الفنان متعدد المواهب، فهو شاعر وقاص وموسيقي ورسّام، ولذلك يمكن للزائر أن يرى قصة أو قصيدة في أي لوحة من لوحاته.

المفاجأة هي أن هذا الفنان يعاني من صعوبة في الحركة والمشي وحتى التحكم في أصابع يديه، نتيجة حادث مؤسف تعرّض له وهو في ريعان شبابه، وتحديداً في العام 1974، نتج عنه كسر في العمود الفقري، ولأكثر من عام كان ممدداً على سرير في مستشفى السلمانية الطبي، لا يستطيع تحريك أي عضو من أعضاء جسده الضعيف، ولكن عنفوان روحه الشابة استطاعت أن تتغلب على الموت والإعاقة.

لم يجد في ذلك الوقت بعد أن رجع لمنزل والده في قرية الشاخورة، ما يشغل وقته ويعيده إلى الحياة مرةً أخرى وهو شبه مقعد تماماً، غير الكتب والفن والفكر، ولذلك كانت داره في منزل والده شبه صالون أدبي وفني، وكان الكثير من الشباب يتردّدون على تلك الغرفة الفقيرة في أثاثها، الغنية في عطائها، ليستمعوا للأفكار الجديدة التي يطرحها، ويعرضوا مواهبهم سواءً كان ذلك في الرسم أو الشعر أو العزف على مختلف الآلات الموسيقية، إذ كان الفنان عبدالهادي الماجد بمثابة الأستاذ الذي يزرع بذرة حب الفن بجميع أشكاله وألوانه في روح الفتية الصغار.

في ذلك الوقت، أي في ثمانينات القرن الماضي، لم يكن أحدٌ يهتم بمثل هذه الأمور، ولم تكن هنالك معاهد أو مدارس فنية تهتم بالمواهب الشابة، كما أن المجتمع القروي لم يكن يرحّب بمثل هذه الأفكار؛ بل كان في كثير من الأوقات يمنعها ويحارب كل من يدعو إليها، ولكن على رغم تلك الظروف استطاع الفنان عبدالهادي أن يجعل من غرفته الصغيرة حضانةً لكل أصحاب المواهب الفتية.

الآن وبعد مرور عقود عدة على ذلك الوقت، أعرف الكثير من الفنانين المحترفين في مختلف الأنشطة الفنية، كانوا من المترددين على تلك الحضانة الصغيرة.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 5244 - السبت 14 يناير 2017م الموافق 16 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:31 م

      تحية للفنان عبدالهادي الماجد ،لقد أعطى مثالا واضحا لقيمة الإرادة في الوصول إلى تحقيق الطموحات ،يبقى على الدولة أن تعتني به لكي يحقق لوطنه ما يصبو إليه

اقرأ ايضاً