العدد 5249 - الخميس 19 يناير 2017م الموافق 21 ربيع الثاني 1438هـ

النظرة الكونيَّة

إنَّ مسألةَ الإدراك لِهَذا العَالَم والأشخَاص مِنْ حَولِنَا تحتَاجُ لِتَكوِينِ نَظرة كَونِيَّة، فَرؤيَةُ العالَم تُشِير إلى طَرِيقَةِ الإحساسِ وَفهم العَالَم بِأكمَلِهِ وَنظرة الفَرد لِلكونِ، إذْ إنَّها تُمَثِّلُ الإطارَ الذي يَقُومُ مِنْ خِلالهِ الفَردُ بِرُؤية وَتَفسِير العَالَم المُحِيط وَالتَفاعُل مَعه.

فَالنَظرَةُ الكُونِيَّة تَقُومُ على دِراسَةِ مَجمُوعَة أفكَارٍ يَعتَنِقُهَا أحدُ أفرَاد المُجتَمَع عَنْ ذاتِهِ وَعَنِ الآخَرِينَ وَالعَالَم، مِمَا يَعنِي تَحدِيد هَذهِ الأفكَار دَاخِلَ إطارٍ ثَقافِي يَنم عَنِ الوَعي، فَالإنْسان يَمرّ بِأحداثٍ وَمَواقِف عِدَّة كَفِيلَة بِأنْ تُكسِبَ الفَرد خبرَة، وَمِنَ الطَبِيعِي أنْ تُؤثِّرَ على الفَردِ وتَكون شَريكَة فِي تَكوينِ نَظرتهِ الكُونِيَّة وَقَضاياه.

حيثُ تقُومُ النَّظرةُ الكَونِيَّة على مِحورين، فالأول: إدْرَاكُ الذَّاتَ بِكُلِ المُقَوِّمَاتِ الفِيزيقِيَّةِ وَالذِّهنِيَّةِ وَالعاطِفِيَّة وَعِلاقاتهَا مَعَ الآخرِين. أمَّا المحورُ الثانِي: نَظرةُ الشخَص لِنَفسِهِ مَعَ الإحساس بِكَونهِ يُؤلِّفُ كَياناً مُتَمَيزاً، قائِماً بِذاتِه.

فَهذهِ النَظرَةُ تَحوِي الاهتِمامَات الفَردِيَّة، الأفكار، التَصورَات، وأسلوب التَعبِيرِعَنِ الرَأي إضافة إلى مَنهَجِيَّةِ تَفسِيرِ الظَواهِر، فَكُل حَدثٍ سَيِّئ أو جَيِّد سَيتركُ أثراً فِي شَخصيةِ الفَرد.

وَلا نَستَغفِلُ عَنْ كَونِ الشَخصِيَّةِ وَمُقَوِّمَاتهَا تَتَخِذُ المَجَالَ الأكبَرَ فِي الرؤيَةِ الكُونِيَّةِ التي هِي جِزءٌ مِنَ الشَخصِيَّةِ، فَاختِلافُ الأعمار والثَقافَةِ وَالدِيانَةِ وَالمُستوى التَعلِيمِي كُلُّ هذهِ كَفِيلةٌ بِأنْ تَخلقَ نَظرَةً كَونِيَّةً مُختَلِفَةً عَمَّنْ هُم خِلافُ ذَلِك، إضَافَة لِلخبْرَةِ وَالتَجرُبَة وَالصحةِ النَفسِيَّة.

وَبِالذِكرِ فَإنَّ آراءَ الآخَرِينَ وَتَجارِبَهُم تُضِيفُ لِنظرَتنَا الكَونِيَّة شَيئاً مِنَ الخبرَةِ، فَالمَعرِفَة تُكَوِّنُ رُؤيَةً كَونِيَّةً لا تَشُوبُهَا شائِبَة، أمرٌ يَحتاجُ إلى وَعيٍ وَقَدرٍعَالٍ مِنَ الثَقَافَةِ. فَكُلُ فَرد يَملُكُ نَظرَةً كَونِيَّة.

يارا خلف

العدد 5249 - الخميس 19 يناير 2017م الموافق 21 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً