العدد 5250 - الجمعة 20 يناير 2017م الموافق 22 ربيع الثاني 1438هـ

سطوة الإعلام الاجتماعي

علي سبكار

رئيس النادي العالمي للإعلام الاجتماعي للشرق الأوسط

يوماً بعد يوم نلمس جميعاً ما يمكن أن تسميه: أهمية أو خطورة أو سطوة أو تغوُّل مواقع الإعلام الاجتماعي، وهو ما بات أمراً واقعاً لا يمكن لعاقل إنكاره.

البعض بات فعلاً يريد أن يغمض عينه ويفتحها فيرى أن مواقع الإعلام الاجتماعي هذه قد اختفت من الوجود، لأنها أسهمت وفق رأيه بنشر الرذيلة وتفكك المجتمع وانحلال الأخلاق، لكنه يبدو في هذا الحالة وكأنه يقف في وجه عجلة الزمن، أو يحاول الاختباء خلف أصبعه.

البعض الآخر يريد الذهاب بالشوط إلى أقصى مدى والانفلات من كل قيد، فهو متحفز دائم لكل ما تطرحه هذه المواقع من أدوات، وكل ما يسودها من أخبار وأقاويل وحتى إشاعات، فيجلس خلف شاشة هاتفه معتقداً أنه وكالة أنباء تقود اتجاهات الرأي، ويمتلك ناصية الصواب، بل ويدير دفة مجتمعه.

إن مواقع إعلام اجتماعي مثل «انستغرام» على وجه الخصوص، مكَّنت الجميع – حتى الأميين - من المشاركة في الشأن العام، ذلك أن هذه المواقع تعتمد في محتواها بشكل أساسي على الصورة، وليس أسهل من التقاط صورة ونشرها، أو مشاركة صورة. وهكذا يجد المستخدم نفسه فجأةً أمام باب مغارة علي بابا، فيبدأ باستخدام هذه المواقع بنهم، وبنقل لمحتوى دون هضم، فيكثر الهذر والإسفاف على حساب المحتوى الرصين ذي الفائدة.

وفيما لا يزال التلفزيون كوسيلة إعلامية مسيطراً على نقل الأحداث الكبرى البعيدة، فيما الصحف تقدّم خلفيات وتفاصيل أبعد للأخبار، إضافةً إلى مقالات الرأي الرصينة، تسيطر مواقع الإعلام الاجتماعي بلا منازع على القضايا المجتمعية والحوادث التي تثير انتباه الرأي العام.

أنا فعلاً قلق من تحول سلوكيات المستخدمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي في البحرين تجاه السخرية والتهكم من كل شيء وإزاء كل قضية، فقد لمست ذلك عن كثب لدى فوز ترامب مثلاً، ولدى العديد من القضايا الجدية والمهمة التي حدثت في البحرين.

إن خير الأمور أوسطها، لا إفراط ولا تفريط، لا عبوس ولا هذر، لا خنق ولا انفلات، وهذا بالضبط ما يجب أن نراعيه لدى استخدامنا مواقع الإعلام الاجتماعي. يجب أن نستخدم هذه الوسائل بعقلانية، وأن نتحلى بدرجة عالية من الالتزام الأخلاقي والاجتماعي والأدبي والوطني فيما نحن نتصفح وننقل ونتشارك ونعلق على ما يدور في هذه الوسائل من أحداث، فعندما ندخل مجلساً ما نحرص على إعطاء انطباع عنّا بأننا خلوقون مهذبون و(أولاد عالم وناس)، وهذا ما يجب أن نكون عليه أيضاً في مجالس الفضاء الإلكتروني لمواقع الإعلام الاجتماعي.

أنا أدعو نفسي، وأدعو إخوتي من أصحاب الآراء وقادة الرأي ونجوم الإعلام الاجتماعي في البحرين، إلى تبنّي ما يمكن أن نسميه مدونة سلوك أخلاقية لمواقع الإعلام الاجتماعي، نكبح فيها جماحنا لتحقيق الشهرة والسبق والانتشار على حساب صدق المعلومة والصورة وسداد الرأي والهدف من النشر، ونراعي فيها تماسك المجتمع والصدق ومكارم الأخلاق إلى أقصى حد.

إقرأ أيضا لـ "علي سبكار"

العدد 5250 - الجمعة 20 يناير 2017م الموافق 22 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً