العدد 5253 - الإثنين 23 يناير 2017م الموافق 25 ربيع الثاني 1438هـ

«ما له حظ!»

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عندما تقاعد أخي من عمله حزنتُ كثيراً جدّاً، فهو ذلك القائد الذي أعرفه، وذلك الشخص الذي لديه خبرة 40 سنة في مجاله، وكنتُ أظن أنّ الدولة يجب ألاّ تخسر أمثال أخي وغيره، ممّن يُقدّم الكثير مقابل القليل، فقط بسبب حبّه لهذا الوطن، وفي قرارة نفسي كنتُ دوما أقول «ليش ما له حظ على رغم الحب الموجود بقلبه لوطنه»؟!

أوتعلمون... أخي وأمثاله، عندما قدّموا للوطن وذلّلوا الصعوبات، ووفّروا الملايين وعملوا بجهد وشقاء، لم ينتظروا مقابلاً، بل هم قاموا بأكثر من واجبهم؛ لأنّهم كانوا يظنّون أنّ الدولة لا تُبنى عندما يأخذ المواطن أكثر ممّا يقوم به!

بعد فترة اكتشفت أنّ ما قام به أخي ومن على شاكلته ليس صحيحًا أبدًا! فالدنيا لا تمشي إلاّ إن أعطيت الدولة القليل وحصدتَّ الكثير، اطلب ثمَّ اطلب ثمّ اطلب، وقم بأدنى الأعمال، ومن ثمّ فاخر بما تقوم به، ولا تقل لأحد إنّ المشكلة «بسيطة»، فتذليل المشكلات يعني أنّك لا تعمل، ويعني أنّك لا تفقه، ولست خبيراً في عملك! وحتّى يُقال عنك إنّك تعمل يجب أن تُدرك قاعدة مهمّة مفادها التالي «هذا صعب جدّاً وحلّه صعب، هذا أمر عظيم، ولا أحد يستطيع تحقيقه، المسألة تحتاج إلى أيّام أو شهور، أعطوني وقتاً حتّى أفكّر، وأحتاج إلى فريق!».

انقلبت موازين الأمور هذه الأيام، فالذي يعمل ولا يغيب، ويُعطي ويُقدّم ويُذلّل العقبات، ليس عاقلاً ولا موظّفاً ناجحاً، بل هو من (الأخسرين)؛ لأنّه لا يمشي مع التيّار بل عكسه، ينصح المسئول ويفتح عيونه على الأخطاء والأخطار التي قد تواجهه، ويكون له أخ أكثر منه موظّفاً. ومن يريد ذلك يا تُرى؟!

للأسف هذا كلّه في هذا الزمان أصبح خطأ في خطأ، فإذا أردتَّ النجاح تصرّف أكبر من حجمك، وطالع الآخرين على أنّك أفضل منهم، وتبختر وكن مغرورا، حتى يحترموك ويجدوك من كبار الموظّفين، فأنت إن لم تسوّق لنفسك صح، فشلت فشلاً ذريعاً؛ لأنَّ النّاس تستصغرك، والجميع ضدّك، ويمكن الاستغناء عنك في أيَّة لحظة، ولكأنّك لم تعمل ولم تشقَ من أجل الوطن!

لا تنسَ أيضا أن تضع شخصيتك الطيّبة في البيت، وتحضر بتلك الشخصية الشرّيرة الجبّارة القويّة، تنهر وتغضب وتنزعج من موظّفيك، وكذلك حرّك الشر بين موظّفيك، واسترق السمع لهم، فقد يتكلّمون عنك، ولا تجلب الكفاءة؛ لأنّ الكفاءة تهديد لمنصبك، وظّف فقط من هم أقل منك بكثير، حتى لا يحل أحد المشكلات إلاّ أنت!

في نهاية المطاف أخي ومن على شاكلته، الحمد لله لهم حظ كبير، عندما قدّموا بحب وأعطوا بحب، فهو لن يضيع أبدًا؛ لأنّ بصمات الناجحين تبقى دومًا، وحظّهم الآن أفضل؛ لأنّ طاقتهم تذهب لأنفسهم، وليس لغيرهم، أليس هذا هو الصحيح؟!

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 5253 - الإثنين 23 يناير 2017م الموافق 25 ربيع الثاني 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 45 | 12:41 ص

      لاحول ولا قوه الا بالله. ...هاذي عذاري نعرفها من زمان ...وكنا ولازلنا نسأل؟ وين الماي

    • زائر 44 | 11:29 م

      وقل اعملوا فسيرى الله عملكم، هذا المقياس لا يتغير مع الزمن، ومحال أن يخرج صاحبه خسران.

    • زائر 38 | 5:51 ص

      كلامك صحيح اختي مريم ... انا عملت مع اخوك يوسف عندما كنت اعمل في بابكو و كان يوسف من احد ابرز الكفائات الموجود في البحرين و كان يعمل في. بنك البحرين و الكويت و هذا الرجل كنّا نقول سوف يكون له شان في البحرين على مستوى المصارف و لكن مع الاسف اخبرني من فترة بسيطه ان البنك استغناء عن خدماته بكل بساطة

    • زائر 37 | 3:56 ص

      هذا مصداق احاديث النبي ص ..حيث سياتي زمان يكون فيه المعروف منكرا والمنكر معروفا! وقس على ذلك.

    • زائر 36 | 3:43 ص

      زادت مشاكل المواطنين والسبب تفضيل الاجنبي على المواطن المشتكى لله

    • زائر 34 | 3:22 ص

      (أحلى فقرة في المقال) للأسف هذا كلّه في هذا الزمان أصبح خطأ في خطأ، فإذا أردتَّ النجاح تصرّف أكبر من حجمك، وطالع الآخرين على أنّك أفضل منهم، وتبختر وكن مغرورا، حتى يحترموك ويجدوك من كبار الموظّفين، فأنت إن لم تسوّق لنفسك صح، فشلت فشلاً ذريعاً؛ لأنَّ النّاس تستصغرك، والجميع ضدّك، ويمكن الاستغناء عنك في أيَّة لحظة، ولكأنّك لم تعمل ولم تشقَ من أجل الوطن! (وكل ذلك وأنت اخرطي) ولكن ستنجح !!!!! هذا هو الواقع الذي عشناه مع الأسف وطلعنا من المولد بلا حمص.

    • زائر 33 | 3:16 ص

      نعم طاقتهم تذهب لهم وليس لغيرهم

    • زائر 32 | 2:56 ص

      للأسف تحولت الموءسسات الحكومية والشركات المساهمة فيها الحكومة الى توظيف عائلي وقبلي وأجنبي لمصالح شخصية وباي باي على الوطن

    • زائر 31 | 2:27 ص

      وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ - ان العمل هبة من الله للعباد منها يرترزق ومنها يحصد الاجر والثواب - ان من يعمل بصدق وضمير له اجر من الله عظيم فربما يحصل على القليل من المال والتقدير ولكن عند الله له اجر عظيم ومكانة -اما من يعمل من غير ضمير وغش ربما يحصل على كثير من المال والكثير من كلام النفاق والتقدير ولكن ينتظره الكثير من الحساب - ان الله لا يضيع اجر من احسن عملا

    • زائر 30 | 2:14 ص

      حينما يتهمك شخص بفعل شيئ خاطئ أنت لم تفعله فهناك إحتمال كبير أن هذا الشخص هو من يقوم بهذا الفعل.
      فلا تخلوا الدنيا من أناس ينفعلون ويحاولون دغدغة مشاعر خصومهم بالإتهامات. لذلك تراهم يحاولون تبرئة أنفسهم بإلباس الآخرين أخطائهم كي يتجنبوا الإحراج في الدنيا بما تكسب أيديهم.

    • زائر 28 | 1:54 ص

      الكلمات والاصاف التي في المقال كانها تتحدت عني انا شخصيا لانني مررت بهده التجربه المريره في السبعينيات وبالتحديد في احدي الوزارات الحكوميه المهمه . انا الان في سن متقدم ولا ازال اشعر بالمراره والحزن رغم مرور عقود من الزمن .. حسبي الله ونعم الوكيل .

    • زائر 27 | 12:58 ص

      حظه لدى العليم الجبار كبير، بينما في هذه الدنيا الدنية لا ينال هذا الحظ من لديه ضمير حي

    • زائر 24 | 12:37 ص

      زائر 12
      بالضبط هاي القهر حسبنا الله ونعم الوكيل

    • زائر 23 | 12:22 ص

      كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته
      انا اتحسب ليل ونهار على الظالم إلى ظلمني وأخذ تعبي وجهدي سنين وآخر شي كفأني بتوظيف الأجنبي مكاني وتفنيشي من عملي عساني اشوف فيه يوم وحوبتي ماراح تتعداه ولا راح تتعدى الي جاب لنا الأجانب وفضلهم علينا
      مقال رائع ومن واقع للأسف انعيشه

    • زائر 22 | 12:21 ص

      وحتي العباره الاخيره من الموضوع ليست قانعه لصاحبها لانه في كل لحظه وثانيه ينتقص من نفسه ويتدمر ويقول ياليتنتي كنت العكس تماما لان اخر المطاف لن يئتي احد علي دكره وصدقه واخلاصه وحبه لعمله بل سيقولون انه سطحي وعلي نياته مسكين هو من يزرع والحصاد يدهب يجنيه غيره وهادا هو وضعنا الطبيعي مترسخ علي الرياء والكدب والنفاق والتشكي والتسيس

    • زائر 20 | 12:15 ص

      اختي مريم صباح الخير الي يعمل يحصل راتب البحرين ولاده اعطتنا الكثير جوفي رد الجميل للبحرين من قطع الطرق وتعطيل الناس ولا تلومين الاجانب البحريني ياخذ ومايعطي ويعاير بعد

    • زائر 29 زائر 20 | 2:06 ص

      تكلم عربي كتابتك مكسرة لاتزايد على المواطن

    • زائر 18 | 12:14 ص

      إذا بشوف خواتي الي متخرجين معاي بتقدير امتياز قاعدين في البيت واشوف الأجانب ايتم صرف الملايين عليهم لجلبهم من ديرتهم واعطاهم وظيفة التدريس .. خلال أقل من سنة حصلوا الجنسية واترقوا في الوزارة ولو زين كفاءة للأسف الشديد
      شنو تتوقعين راح اتكون ردة الفعل

    • زائر 15 | 12:05 ص

      تابع
      فقام جماعة من المزارعين لم يسمعوا كلامه الخبير وعملوا على خبرتهم القديمه ، حتى أخضر النخل وكبر ،وكان المفاجأة أن رقي الخبير واصبح له الفضل.
      هذا حال البلد.❤

    • زائر 19 زائر 15 | 12:15 ص

      للأسف وااااقع

    • زائر 14 | 12:04 ص

      أحد الآباء كان يعمل في وزارة الزراعه يقول جيء بخبير في الزراعة وقال لهم يجب أن تزرع النخيل هو أن تضع أتحت النخل طربال، وبعد مده يموت النخل كل مره يعمل يموت النخل، تابع

    • زائر 13 | 12:04 ص

      للأسف اختي هذا وااقع وكل كلمة كتبتينها صحيحة

    • زائر 12 | 12:03 ص

      اااااه قلبتي علي المواجع من الصبح للأسف هذا واقع عشته وانصدمت منه سنوات وانا اعمل بجهد على حساب وقتي وقت عائلتي لحبي الشديد لعملي ولكن اتفاجا في الأخير يأتي من هو أقل مني شخص أجنبي ليأخذ بكل مكاني وفوق كل هذا تعال علمه أصول العمل

    • زائر 10 | 11:57 م

      المهم إن رب العالمين شايف وعارف النيات والأجر عنده سبحانه، أما المسؤولين فمستحيل يتم تقدير الموظف المخلص والمجتهد واللي يضحي بوقته وصحته وأسرته واللي قلبه على شغله. عمرنا ما بنتطور طول ما هالموضوع مع الأسف موجود .

    • زائر 8 | 11:49 م

      Unfortunately such things happening only in this part of the world true

    • زائر 11 زائر 8 | 12:00 ص

      No not true there are also other parts in this world where the same thing is happening

    • زائر 7 | 11:44 م

      اي والله .... هذا حالنا

    • زائر 6 | 11:24 م

      شكرا لك علي هذا المقال / في الصميم هناك موظفين يعملون بإخلاص جدا ومعروف عنهم في القسم للأسف لا يحظون اي تقدير من مديرهم والعكس من الموظفين المتلاعبين والمحسوبين من حاشيته لهم كل الامتيازات والزيادات وغيرها / عالم مختلف جدا

    • زائر 4 | 10:47 م

      أحسنتي وأجدتي أختي العزيزة مريم, صدقتي!
      نحن في زمن لا تستطيع أن تكسب إهتمام وتقدير الناس فيه إلا عبر إظهار اللجاجة وقلة الأدب في التعامل.
      فالموازين أصبحت مقلوبة!

    • زائر 3 | 10:39 م

      شكراً استاذة مريم.. مقال رائع.

اقرأ ايضاً