العدد 5267 - الإثنين 06 فبراير 2017م الموافق 09 جمادى الأولى 1438هـ

الناقد حسن: القصة القصيرة جدّاً لون فني مستجلب إلى الأدب العربي

تقترب من قصيدة النثر والقصة القصيرة...

جعفر حسن
جعفر حسن

السهلة - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

قال الناقد الأدبي جعفر حسن إن «القصة القصيرة جدّاً نوع مستجلب للأدب العربي وهذا ليس عيباً، لأن الأدب هو حالة إنسانية، وليس مهماً أن يأتي من هنا أو هناك».

وأضاف أن «القصة القصيرة جدّاً اقرب مجالين لها، هما قصيدة النثر والقصة القصيرة، كما أن هناك بعداً كبيراً بين القصة القصيرة جدّاً والرواية، وقد اطلعت على تجارب قديمة تعود للستينيات للقصة القصيرة جدّاً، ولكنها لم تكن منتشرة بشكل واسع».

جاء ذلك في ندوة قدمها الناقد حسن في مقر دار فراديس للنشر والتوزيع، في السهلة، مساء الاثنين (30 يناير/ كانون الثاني 2017)، وتناول فيها موضوع القصة القصيرة جدّاً.

وفي مستهل الندوة، قال حسن: «من المعروف أن إحدى الإشكاليات في النظرية الادبية، انه لا توجد نظرية ادبية عربية محددة يمكن ان نضعها كنبراس امامنا، ولكن يمكننا ان نعرف على الاقل الاجناس الادبية، من شعر ونثر، ومن ثم اصبح النوع القديم للقسم الادبي هو ما يبقي على عقلية المتلقي من نص».

وأضاف «في النثر هناك عدة انواع، كالرواية والقصة والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدّاً، مع العلم أن هناك انواعاً متعددة من النثر، الكثير من النقاد قالوا ان الشعر هو ديوان العرب، وظن الكثيرون ان العرب امة تنتمي الى الشعر وليس لها علاقة بالنثر، ولكن ذلك غير صحيح».

وأردف أن «القصد لدى المتلقي أو الكاتب يحدد في بعض الاحيان نوع الادب، من خلال معرفة الشخوص والاحداث والمدى الزمني، ولا يستطيع احد مثلا ان يكتب رواية دون ان يعرف التقنيات الخاصة بها، فمن يكتب يتقصد الكتابة، فلا يوجد احد يقول انه يقول انه لا يعرف ماذا يكتب، لأن هذا الامر يحتاج الى حرفنة، وبالتالي يبدو لدينا ان الادب الراقي هو الذي نذهب اليه، ولكن هناك نماذج تكون فصيحة ولها علاقة بالأدب أيضاً».

وتابع أن «الحدود الادبية لا تمتنع عن بعضها البعض، ولكنها تتقاطع مع بعضها البعض ايضا، وربما اعمم بشكل اكثر مع بقية الفنون، وما يقوم في ذهننا من تصور للأشياء، لذلك علينا أن نتساءل عن ماهية الأشياء، إذ لا يمكن أن نقولب كل الأمور بالمنوال ذاته على الأشكال الادبية كافة».

وواصل «عندما نسأل ما الذي يجعل الادب أدباً، وما الذي يجعل هذه الكتابة كتابة أدبية، فهل هي كمية الابداع او تطابقها مع الحياة الاجتماعية؟، اعتقد الاستخدام الخاص هو ما يحدد طبيعة الفن، الاستخدام اليومي للغة هو ما قد يبعدها عن الفنية او يقربها، وان كانت اللغة في طبيعتها فيها انواع من الفن، فأحياناً يدهشنا الأطفال حين يتحدثون لوحدهم او حالات الخلل العقلي لدى بعض الاشخاص الذين يتحدثون مع انفسهم دون أن يكون امامهم أحد الأشخاص للتواصل معه».

وتساءل «ما الذي يجعل قصة واحدة او رواية واحدة او عملاً أدبيّاً واحداً ينتقل عبر الأجيال، ويقوم بوظيفته الجمالية في امتاع الناس عبر الزمن مثل الروايات والأساطير ؟».

وأفاد بأن «البعض يتهم النقد العربي بأنه تابع الى النقد الغربي، ولكن في عصر العولمة لا تستطيع ان تقول ان لديك نظرية جديدة في كل هذا المزيج، والنقد العربي بكل تأكيد هو فن مشترك في تراثه مع بقية الجهات واللغات الأخرى».

وأكمل أن «هناك تصوراً أن الأدب هو ما يعيش إلى الأبد، وفيه صفة السرمدية، ما دامت الثقافة موجودة، فهذا الأمر صحيح إلى حد ما، وغير صحيح إلى حد آخر، فالأدب مثل مقامات الحريري والزمخشري كانت تعتبر من الفنون الادبية الراقية، ومازالت حتى الآن تدرس، ولكن لم يعد هناك من يكتب في هذا الشكل الآن، ولم تعد المقامات قادرة على لعب ادوار جمالية في حياة الانسان المعاصر، وحتى السوريون حاولوا إعادة أحيائها، ولكنهم لم ينجحوا لأنها لم تعد ترتبط بحاجة جمالية لدى المتلقي».

وأوضح أن «هناك من يقول بوجود الأنواع الأدبية، كل ما نكتبه هو نص وليس نوعاً أدبيّاً، صحيح أن هناك صعوبة في تحديد الانواع الادبية، فهل كل نص ادبي يجب ان ينتمي الى نوع ادبي ما، هناك من ناقش النصية ووضع كل الاشكال الادبية في نص واحد، الكثير من النقاد يقولون ان النقد الادبي ينتمي إلى مجال الإبداع».

وأردف أن «هناك مشكلات يفرضها التصنيف الأدبي، وإن لم يوجد ما يشغل الفراغ المتروك، كما أن هناك مشكلة المعيارية، فهناك نوع وهناك انساق، وما مدى قوة تلك المعيارية، بينما يتجاوز السمات الثابتة عبر النوع».

وتابع حسن «في النوع الأدبي هناك شكل، وفيه عناصر يعتبر انتماؤها إليه مميزاً، بما يعطي مجالاً إلى هذا النوع الأدبي ضمن النوع، ولكن يبقى في الإطار العام ضمن النوع المحدد فيه، نتيجة علاقته بالحياة الاجتماعية وحركته في داخل الحياة، باعتبار أن الأدب انعكاس إلى الحالة الاجتماعية».

وذكر أن «كل الاجناس الأدبية التي خرجت حديثاً مثل القصة القصيرة جدّاً وقصيدة النثر، وقبلها قصيدة التفعيلة كلها ووجهت بالرفض، والاتهام بأنها ليست نوعاً جديداً، مع أن هناك مؤتمرات عديدة عقدت للقصة القصيرة جدّاً».

وأشار إلى أن «من لا يستطيع ان يرى الجديد وهو يتفاعل معه ويتولد في مثل هذه الحالة هو مصاب بعمى الألوان، هناك تيارات راسخة ولها آذان صاغية في داخل المجتمع، ولا يستقر جنس الا بعد مدة من الزمن، وبعد احداث هزة في داخل المفاهيم، لإعطاء دفعة لهذا النوع الجديد من الأدب».

وواصل أن «القصة القصيرة جدا اقرب مجالين لها هما قصيدة النثر والقصيرة القصيرة، كما ان هناك بعدا كبيرا بين القصة القصيرة جدا والرواية، مع اني اطلعت على تجارب قديمة تعود للستينيات للقصة القصيرة جدا ولكنها لم تكن منتشرة بشكل واسع».

وأكمل أن «القصة القصيرة جدا وقصيدة النثر يشتركان في انهما نوعان مستجلبان للأدب العربي، وهذا ليس عيباً، لأن الادب هو حالة انسانية، وليس مهماً ان يأتي من هنا او هناك». وذكر أن «القصة القصيرة هي نوع من الحكي، الذي يحتاج الى شخص يحكيه وأحد يحكى إليه، هناك راوٍ وهو الذي يقول القصة وبينه مسافة وبين الكاتب، كما يظهر في القصة القصيرة نوع من المتواليات، بحيث لا يصل الى نهاية الحبكة حتى يبدأ بحبكة أخرى، لأن مآلات القصة تذهب في اتجاهين افقي وعمودي، بالإضافة الى تقنيات استخدام الزمن».

وبين أن «القصة القصيرة تتميز باستخدامها لعدد اقل من الشخوص عما هي عليه الرواية، كما ان مساحتها اقل، واشير الى ان القصة القصيرة تخلت بشكل عام عن كونها بوليسية او بحثية، ولكنها استمرت في تعبيرها عن المهمشين والمسروقين، والى حد ما هناك شخصيات تعاني في القصة القصيرة جدا».

ونبه الى أنه «لا يوجد هناك تعريف شامل لكل الاشكال التي يمكن أن نضعها للقصة القصيرة جدّاً، لا من حيث الطول ولا من حيث الادوات، وتبقى المساحة بعموميتها أقل من القصة القصيرة، والحال انك لا تستطيع ان تضع معيارية للأدب، ولكن يمكن القول إنها جنس أدبي جديد نسبيّاً، والمقصدية الرمزية، وفيها الإضمار والاختراق الجمالي والتناص وغرضية العنوان والانسنة والخاتمة المثيرة والمدهشة والمحيرة، هذه كلها من سمات القصة القصيرة جدّاً».

وختم الناقد حسن «ما دامت هي قصة فهي حدث يحدث داخل مجتمع، وبالتالي يمس فرداً أو أفراداً معينين داخل هذا المجتمع الافتراضي، وعند مقارنة القصة القصيرة جدّاً نجد انها تلتقي مع القصة القصيرة وقصيدة النثر، وإن اختلفت في طريقة البث، ويشير بعض الباحثين إلى وجود المتواليات، وتظل محكومة ببساطة تركيبها، على اعتبار أن الأجناس الادبية كافة متشابكة جدّاً».

عبدالعزيز الموسوي
عبدالعزيز الموسوي
جانب من الحضور
جانب من الحضور




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً