العدد 5269 - الأربعاء 08 فبراير 2017م الموافق 11 جمادى الأولى 1438هـ

التربية والمدارس الابتدائية الإعدادية!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

قطعت وزارة التربية والتعليم 17 عاماً من الألفية الثالثة، ومازالت تتعامل في مسألة المدارس الإبتدائية الإعدادية وكأنها في مطلع القرن العشرين. ولا ندري لماذا تصرّ الوزارة حتى هذه اللحظة على إبقاء عددٍ ليس بالهيّن من المدارس الابتدائية الإعدادية في العملية التعليمية التعلمية؟ وحسب ما جاء في موقع دليل خدمات البحرين يقدر عددها بـ 19 مدرسة من البنين والبنات، تحمل اسم ابتدائية إعدادية، منها 13 مدرسة للبنين و6 مدارس للبنات، موزعة على محافظات البلاد الأربع، رغم أنها تعلم أن هذا النوع من المدارس ليس مقبولاً تربوياً وتعليمياً ونفسياً في وقتنا الحاضر، لما لها من تبعات وتداعيات سلبية على نفسيات ومعنويات وأخلاقيات تلاميذ المرحلة الابتدائية خاصة. كما تعلم الوزارة أيضاً أكثر من غيرها عن حجم الإنعكاسات السلوكية السلبية، التي تنجم من وجود تلاميذ المرحلة الابتدائية مع طلبة المرحلة الإعدادية في مدرسة واحدة قرابة 7 ساعات يومياً .

من المعلوم للوزارة أن متطلبات تلميذ المرحلة الابتدائية تختلف كثيراً عن متطلبات طالب المرحلة الإعدادية، في الجوانب العقلية والانفعالية والنفسية والتربوية. وعلماء النفس يقولون إن أية أخطاء سلوكية أو تربوية ترتكب خلال التعامل مع تلميذ الابتدائية وطالب المرحلة الإعدادية، حتى ولو كانت تلك الأخطاء بسيطة جداً، يكون لها انعكاسات سلوكية ونفسية وخيمة على الطالب بصورة مباشرة، فلهذا نجد علماء النفس يؤكدون ضرورة فصل تلاميذ المرحلة الابتدائية الذين هم في سن الطفولة المتوسطة والمتأخرة (من 6 إلى 12 سنة)، عن طلاب المرحلة الإعدادية الذين هم في سن المراهقة (من 13 إلى 15 سنة)، لما في إدماجهم واختلاطهم في مدرسة واحدة من خطورة على سلوكيات ونفسيات تلاميذ الابتدائية الصغار.

فلمعلم المرحلة الابتدائية خصائص تختلف في أدبياتها وأسسها الأخلاقية والنفسية والمعنوية عن معلّم المرحلة الإعدادية، فالمدارس الابتدائية يجب أن تكون ملمة إلماماً كاملاً بمراحل النمو لدى طفل الحلقة الأولى للمرحلة الابتدائية والمتطلبات اللازمة لها، لأنه من دونها لن تستطيع التعامل الحقيقي مع هؤلاء التلاميذ. فيجب على المدارس الابتدائية أن تكون ملمة بكل مراحل نمو الطفل المهمة الآتية :

أولاً: مرحلة النمو الحركي: في هذه المرحلة يكون التلميذ في الحلقة الأولى التعليمية يميل بشكل عام إلى الحركة في مختلف أوضاعهم، وتنمو لدى تلميذ الحلقة الثانية التعليمية المهارات الحركية ويتميز أداؤه بالتناسق بين حركة العين، فأي خطأ أو غفلة في التعامل معهما يؤدي إلى انكماش وتراجع مهاراتهما الحركية ومستوى استيعابهما التعليمية .

ثانياً: مرحلة النمو الحسي: في هذه المرحلة يكون إدراك تلميذ الحلقة الأولى لمفاهيم الزمن والمكان والمسافة محدوداً، وفي الغالب تكون أهدافه مباشرة، وأما تلميذ الحلقة الثانية فتتسع قدرته على فهم العلاقة السببية ومفاهيم الزمان والمكان والمسافة .

ثالثاً: مرحلة النمو العقلي: يكون نمو تلميذ الحلقة الأولى في التحصيل سريعاً، وفي نهاية المرحلة ينمو لديه النقد للآخرين ويكون شديد الحساسية لنقدهم، وينمو لديه حب الاستطلاع والخيال والاهتمام بالواقع والحقيقة، ما يجعله يساهم بواقعية في الابتكار والتركيب. أما تلميذ الحلقة الثانية فيظهر عليه النمو العقلي في التحصيل الدراسي والاهتمام بالمدرسة والمستقبل العلمي، وتتطلب هذه المرحلة من المدرسة وأركانها الأساسية الوعي الكامل بمتطلبات التلاميذ التربوية والتعليمية، ليستطيع التلاميذ في الحلقتين الدراسيتين تحقيق النمو المطلوب في النقد والتخيل والإبتكار والتركيب والتفكير والإستطلاع والتحصيل الدراسي والاهتمام بالمدرسة والمستقبل العلمي بصورة واقعية.

رابعاً: مرحلة النمو الانفعالي: في هذه المرحلة العمرية (6 ـ 9 سنوات)، يكون التلميذ قابلاً للإستثارة الانفعالية ويغلب على سلوكه الغيرة والعناد والتحدي، وهذه جميعها طبيعية وغير مستنكرة من علماء النفس، فإذا قوبلت هذه المرحلة بالإستياء والإستنكار وعدم الارتياح من قبل المرحلة الابتدائية، فإن ذلك يحدث النفور والصدام النفسي والمعنوي بين المدرسة والتلميذ الذي يريد تجاوز هذه المرحلة الخطيرة بسلام ومن دون منغصات نفسية وتربوية ومعنوية.

خامساً: مرحلة النمو الاجتماعي: في هذه المرحلة (من سن 6 إلى 9 سنوات)، تكون المدرسة مسئولة عن تنشئة تلميذ الحلقة الأولى اجتماعياً، ليتمكن من العمل واللعب جماعياً في المدرسة والمنزل، وترسيخ علاقاته وصداقاته مع أقرانه التلاميذ، وفي حال تعامل المدرسة مع متطلبات هذه المرحلة الحساسة بسلبية أو لامبالاة، بالتأكيد سينعكس ذلك سلباً على سلوكيات ونفسيات ومستوى تحصيل التلاميذ، شاءت المدرسة ذلك أم لم تشأ.

سادساً: مرحلة النمو اللغوي: في هذه المرحلة يكون تلميذ الحلقة الأولى والثانية مستعداً لاكتساب اللغة، وتكوين الجمل المركبة الطويلة، والتعرف على الجمل وربط مدلولاتها بأشكالها وتمييز المترادفات ومعرفة الأضداد، ومن أجل أن يصل التلميذ إلى الأهداف الدراسية المنشودة، يجب أن تكون المدرسة الابتدائية قادرة تحقيق متطلبات تلميذ المرحلة الابتدائية بصورة كاملة غير منقوصة.

سابعاً: مرحلة النمو الأخلاقي: في هذه المرحلة حسب كلام علماء النفس، يزداد إدراك تلميذ الحلقة الأولى بالقواعد السلوكية الأخلاقية، القائمة على الاحترام المتبادل، وتزداد قدرته على فهم ما وراء القواعد والمعايير السلوكية، فإذا تغافلت المدرسة عن تفهم احتياجات التلميذ الأخلاقية في هذه المرحلة المهمة في حياته بصورة كاملة، لن يكون قادراً على التمييز بين الصواب والخطأ السلوكي والأخلاقي بالمستوى المطلوب .

من الواضح أن الدراسات النفسية تشير إلى ضرورة إيجاد البيئة المدرسية المناسبة والمجهزة بكل الوسائل والتقنيات التعليمية الحديثة، لكي تؤدي المدرسة واجبها التربوي والتعليمي تجاه تلاميذ المرحلة الابتدائية في الحلقتين، الأولى والثانية الدراسيتين، وأما إذا لم تعمل وزارة التربية والتعليم على فصل تلاميذ المرحلة الابتدائية عن طلاب المرحلة الإعدادية، رغم علمها بخطورة هذه المسألة الحساسة، فنقول بكل صراحة إن أية سلوكيات وأخلاقيات خاطئة يكتسبها الطفل في المرحلة الابتدائية وأية انتكاسات في تحصيله الدراسي، تتحمله الوزارة قبل غيرها. نأمل أن تنتهي هذه الحالات التربوية غير السليمة قريباً، لينال تلميذ المرحلة الابتدائية حقه كاملاً في جميع مراحل نموه التي أشرنا إلى بعضها سالفاً.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 5269 - الأربعاء 08 فبراير 2017م الموافق 11 جمادى الأولى 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً