العدد 5271 - الجمعة 10 فبراير 2017م الموافق 13 جمادى الأولى 1438هـ

في رحاب العمل التطوعي... جدحفص نموذجاً

رضي السماك

كاتب بحريني

من نافلة القول أن العمل التطوعي للصالح العام ينقسم إلى نوعين، أحدهما يتم بمبادرات مؤسسية أهلية وهو الاكثر تنظيماً ودقةً، والآخر يتم بمبادرات مجاميع أهلية في المنطقة أو القرية أو الحي.

ولا شك في أن الأعمال التطوعية القائمة على سواعد الشباب عادةً ما يتم إنجازها بشكل أسرع. ولعقود طويلة تميّزت أجيال متعاقبة من الشباب بالإقبال على الأعمال التطوعية لصالح المجتمع أو الخير العام بكل همة وحيوية. وعلى سبيل المثال كان أبناء جيلي منذ مرحلة المراهقة منشغلين من الرأس إلى أخمص القدمين في العمل التطوعي العام ببعديه السياسي والاجتماعي، وكانوا يتطوعون للمساهمة حتى في أشق الاعمال كبناء بيوت أصدقائهم المقبلين على الزواج. ولم يكن أبناء جيلي يجدون وقتاً ولا مالاً لينغمسوا في أي ترف من أشكال مُتع وملذات الحياة على اختلاف أشكالها والتي عادة ما يختص بها «أبناء الذوات»، فقد كانت مُتعتنا الأثيرة الوحيدة خلاف العمل التطوعي السياسي والاجتماعي هي «أفيون القراءة»، سواء في المرحلتين الإعدادية والثانوية أم خلال حياتهم الجامعية في العواصم العربية قبل انشاء جامعة البحرين. ولذا كم نتألم اليوم لظاهرة عزوف قطاع كبير من جيل الشباب عن التعاطي مع هذا «الأفيون» الجميل، وكم نستبشر خيراً وتغمرنا السعادة ما إن يتناهى إلى مسامعنا أي خبر خارج عن مألوف هذه الظاهرة المؤسفة، وهكذا اجتاحتني فرحة عارمة ما إن علِمت بنبأ فوز الطالبة ولاء البقالي بالمركز الثالث في مسابقة «تحدي القراءة العربي» على مستوى العالم العربي في اكتوبر/ تشرين الأول الماضي بدبي، وتابعت بشغف واهتمام فيديو وقائع الحفل الختامي لهذه المسابقة الذي اُعلن فيه عن الفائزين الأوائل، وعلى الفور أبلغت أصدقائي في إدارة مركز جدحفص الثقافي باقتراحي لتنظيم حفل تكريمي كبير للبقالي، فحظي الاقتراح بموافقتهم جميعاً وتم تشكيل «لجنة تحضيرية» لهذا الغرض، وقرر الإخوة تسميتي ضمن أعضائها، ولم أجد مناصاً باعتباري صاحب الاقتراح، على رغم انشغالاتي العائلية والكتابية، سوى الموافقة، كما حظيت كل مقترحاتي تقريباً التي قدمتها لهم والمتعلقة ببرنامج الحفل وأشكال التكريم المختلفة بموافقة أعضاء اللجنة، كما سبق أن كتبت مقالين مطوّلين حول المناسبة ذاتها.

وحينما اجتمعنا في أول جلسة تدارسنا خيارين: إما أن نكون في عجلة من أمرنا ونكسب ميزة الاسبقية بإقامة الحفل التكريمي، لعلمنا مسبقاً بأن ثمة مؤسسات أهلية اخرى تنوي إقامة حفلات تكريم مماثلة للبقالي، فينعكس بذلك على حفلنا الطابع الارتجالي الذي لا يخلو من كثرة الهفوات والنواقص، وإما أن نقيم حفلاً كبيراً مُنظماً متميزاً يليق بعظمة المناسبة وبسمعة جدحفص وتاريخها الحضاري والثقافي في هذا الشأن، وكان أن استقر الرأي على هذا النوع الأخير من الاحتفال والذي قدّرنا فترة التحضير له ما لايقل عن الشهر من الإعدادت والتحضيرات المُكثّفة، واجهنا خلالها مصاعب جمة بسبب ظروف قسرية طارئة مرّ بها بعض الإخوة الأعضاء حالت دون استكمالهم المهام الموكلة إليهم. عدا ذلك فكل أعضاء اللجنة هم من تجاوزت أعمارهم العقدين الرابع والخامس باستثناء شاب واحد عشريني وكان خير معين لنا في الجوانب الفنية باعتباره شعلةً من النشاط المُتدفق (فاضل زُهير). وحينما فرغنا من كامل التحضيرات وجاءت ليلة الحفل الموعودة، كان الحضور لافتاً في حجمه الكبير من كلا الجنسين، ولله الحمد، ومن بينهم شخصيات نسائية ورجالية مرموقة من المنطقة والبحرين عامة، حيث حرصنا على توجيه دعوات إليهم، كما حرصنا أيضاً ألا تخرج كلمات الحفل، مرتجلةً أم مكتوبةً، عن جلال هذه المناسبة العلمية.

وهكذا تكلل ختام الاُمسية بنجاح تام وفق ما خططنا وحضّرنا له مسبقاً، ونال الحفل استحسان وإعجاب جميع الحاضرين والمدعوين، أما نحن أعضاء اللجنة التحضيرية الثمانية (السيّدفيصل السيدابراهيم مدن ومهدي عبدالله وسعيد رضي والسيدحمزة السيدكاظم الخبّاز وفاضل زهير وحسن الحلال والسيّدجعفر السيدعلي مدن وكاتب هذه السطور) فقد تنفسنا جميعاً الصعداء الممزوجة بشعور عميق من الارتياح لا يعرف لذة طعمه إلا من جرّب هذا النوع من العمل المؤسسي التطوعي العام.

إقرأ أيضا لـ "رضي السماك"

العدد 5271 - الجمعة 10 فبراير 2017م الموافق 13 جمادى الأولى 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 12:57 م

      فعلا للعمل التطوعي فوائد كثيرة
      أستحضر ذكريات في جد حفص.
      يوجد في منطقة جد حفص أمام اعدادية جد حفص للبنين ملعب كرة قدم وأنا سعيد حين أرى الشباب عصر بعض الايام يلعبون هناك واجواء طيبة لكن يوجد هناك معلم تاريخي يدل على حضارة جد حفص التاريخية
      فوق تلك الآثار دائما أرى سيارات الشباب موجودة وتلك مخالفة قانونيه واعتداء معنوي على تراث بلادنا وقريتنا الطيبة جد حفص
      يا ريت متابعة ذلك الموضوع وتنبيه الشباب من الاثر الشيء لركن ساراتهم فوق الآثار
      ما تقصرو مشكورين

    • زائر 3 | 4:13 ص

      رحم الله والديك يا أستاذنا العزيز البحراني محب لعمل الخير وكل المطلوب مبادرة وتوجيه.

    • زائر 2 | 4:03 ص

      تشكر يا صاحب القلم الحر الهادف يا اباهيثم بارك الله فيك كم لك مقترح هادف منير ومن يد طولا في عمل الخير منذ صغرهم وانت تحث وتحض تحرض وتشارك بفاعلية بمجالات التعليم والتثقيف والتنوير فبصماتك مازالت واضحة كل الوضوح تشهد لك يا اباهيثم فبالفعل هذه المدينة صداقة في مثل هذه الانشطة الثقافية بفعل مجتمعها المتنور صاحب الريادة فيه وفي غيره من مثل هذه الانشطة الثقافية وتاريخها العريق خير شاهد ودليل على إقامة المحافل الدينية والثقافية منذ القدم فقد كانت صروحها العلمية العريقه تقام فيها المناظرات العلميه

    • زائر 1 | 2:09 ص

      مصطلح غير موفق
      جيد ان يلامس الكاتب اهمية التطوع وقيمة القراءة في بناء المعارف الانسانية لكن الكتاب ليس موفقا في استخدام مصطلح (افيون) للدلالة على قيمة القراءة في البناء المعرفي والفكري للفرد إذ ان الافيون يرتبط بالفعل السلبي في بناء السلوك والقراءة مخرج للبناء والانتاج الايجابي والتغيير الثقافي والاجتماعي.

اقرأ ايضاً