العدد 5272 - السبت 11 فبراير 2017م الموافق 14 جمادى الأولى 1438هـ

يوم في مفكِّرة مُبشِّرة

صورة لطاقم المدرسات والعاملات في المدرسة التابعة إلى الإرسالية الأميركية
صورة لطاقم المدرسات والعاملات في المدرسة التابعة إلى الإرسالية الأميركية

مهدي عبدالله - قاص ومترجم بحريني 

تحديث: 12 مايو 2017

المقال الآتي كتبتْه المبشرة روث اس. لودنز وهو مقتطف من العدد 221 المؤرخ خريف 1950 من مجلة «أريبيا كولنج» التي تصدرها الإرسالية الأميركية في الخليج.

أسرع يا دوني، فأطفال ملجأ (بيت السعادة) يصلون لتعلم الصلوات الصباحية عند أبيك. انظر، لقد جاء إيلي وداوود وسعيد وسالي ومدينة وأم مريم وروثي. نعم كلهم جاءوا.

لقد بدأ اليوم. أطفال الملجأ ومديرة الملجأ والآنسة روث جاكسون وعائلة لودنز تجمّعت كلها للتراتيل العربية، وهي قراءة الإنجيل باللغة العربية والصلاة، كل يوم نبدأ معاً بهذه الطريقة. بعد الصلاة يأتي وقت التفتيش، فيتم فحص الأطفال لرؤية ما إذا كانت ملابسهم مرتبة وأحذيتهم ملمّعة، ووجوههم وأيديهم نظيفة. تهرول الفتيات إلى مدرسة الإرسالية للبنات بينما يذهب الأولاد إلى المدرسة الحكومية لأن الإرسالية ليس لديها مدرسة أولاد في البحرين.

بعد الصلوات يكون لدى أم مريم، مديرة الملجأ بعض الأشياء للمناقشة. خليل يعاني من الحمّى ويحتاج إلى دواء الكينين. الرز نفد كله وبحاجة إلى كميات إضافية لوجبة الظهر. فضيلة، الطفلة الرضيعة تحتاج إلى زيت كبدة السمك لأنها تعاني من البرد هذا الشتاء.

لقد حان الوقت للإسراع إلى مستشفى الإرسالية للنساء حيث تعقد صلوات العيادة. دائماً ما تكون هذه تجربة ذات تحدٍ للالتقاء مع هؤلاء النساء الفقراء اللواتي يحتجن المساعدة. هناك الأطفال ضئيلو الحجم المصابون بالحمى المرتفعة تحضنهم أمهاتهم القلقات. هناك أيضاً النساء اللواتي يعانين من الملاريا أو الإسهال أو الأعين المتورِّمة والأمراض البدنية الأخرى، ينتظرن العلاج. أجسادهن معتلّة وقلوبهن ثقيلة بالحزن. إنهن يحتجن رعاية الطبيب والمخفف الأعظم (الله)، لذلك يستمعن بإنصات إلى الأخبار الطيبة له.

المرضى الداخليون يأتون بعد ذلك. إنهم يلتمسون منا سماع قصة أو قراءة أو ترنيمة. الأطفال الذين أمهاتهم مريضات يحتشدون في الأرجاء وهم يتعلمون باشتياق «عيسى يحبني». جناح الأطفال الرضّع دائماً يكون جذاباً والأمهات الجدد (مثل الأمهات في كل أنحاء العالم) يحببن رؤية أطفالهن الجدد وهم مستلقين بجانب أسرّتهن. الأمهات أيضاً يعبرن عن تقديرهن ورغبتهن في سماع ترنيمة أو قصة من الإنجيل.

مع عودتنا إلى (المجلس) يجب علينا أن نسرع لقيادة مجموعة من النساء اللواتي جئن لسماع ما نقوله حول عيسى المسيح. من خلف أقنعتهن تأتي ترحيباتهن الحارة. رسالة حب المسيح تعني كثيرا لهؤلاء النساء اللواتي تمتلئ حياتهن بالأسى والحزن. يحببن ترديد الترنيمة 23 ويفتخرن جداً بتعلم المقطع جون 3:16 ويستمتعن بغناء (ما أعظمه من صديق لدينا في عيسى) وترانيم مخففة مشابهة. مدينة، وهي إحدى فتيات المجموعة، مستعدة دائماً وراغبة في التحدث بشجاعة وبفخر لسيدها (الله). إنها عامل ملهم في جميع الأوقات حيث تحضر قبل مجيئ هؤلاء النسوة.

بعد تقديم الحلوى والقهوة يأتي وقت الوداع. هناك دائماً بعض النساء اللواتي يتريّثن لطلب المساعدة. «خاتون ابنتي رزقت للتو بطفل وليس لديها ملابس له. زوجها طلقها مؤخراً وتركها مفلسة. أنا أيضاً ليس لدي نقود. أرجوكِ ساعدينا». هدايا الملابس الرائعة مرة أخرى تأتي للإنقاذ وتسرع المرأة السعيدة إلى البيت لإلباس حفيدها الجديد.

ربما يكون هناك وجه حزين يظهر أسى دون أن يتكلم. هذه المرأة ولدها مات في الأسبوع الماضي بسبب إصابته بالجدري. بين الثمانية أطفال الذين ولدتهم كان هذا الطفل المسكين الولد الوحيد الذي يصل إلى سن الثامنة. والآن ها هو يرحل! آه، كم تحتاج هذه المرأة من العطف وكلمات التخفيف والتقوية.

الآن جاء وقت الرجوع إلى البيت وتحميم كارول، ابنتنا. لذلك نقوم بتوديع الموجودين وتأتي بعد ذلك مسئوليات البيت. وقت الصباح انتهى. دوني، ابننا، يأتي مثرثراً معبراً عن اشتياقه للغداء.

بعد الغداء يبدأ صف الأناشيد في مدرسة البنات في موعده. تحب البنات الغناء والاستمتاع بتعلم ترنيمات وأغان جديدة. يشعرن بالفخر الشديد لتعلم أغنية (داخل قلبي) بالإنجليزية. الصفوف المختلفة تتدرب بجد استعداداً لطقوس الكنيسة في يوم الجمعة. كل صف يأخذ دوره في غناء شيء خاص به لذلك اليوم. لديهن قائمة طويلة من الترنيمات والتراتيل التي يحبونها وبعضها تتكرر في كل حصة.

الجزء التالي من فترة ما بعد الظهر نقضيه في زيارة بيت واحدة من النساء اللواتي يسكن في قرية مجاورة. وبعد الأسئلة المعتادة حول صحة عائلاتنا ومختلف المبشرين، تكون هناك فرصة لسرد قصة من الإنجيل وغناء بعض الترنيمات مما يجعل الزيارة ذات قيمة. طلبها الخاص يكون ترنيمة (الجميل بواسطته وبواسطته) التي تجعل الدموع تخرج من عينيها وهي تفكر في مقابلة والدها في السماء. (صورة الراعي الصالح) التي نتركها في أيدي الحفيد تجلب الابتسامات والتقدير. نودع النساء على المدخل الكبير للبيت ونأخذ طريقنا إلى المنزل عبر الزقاق الضيق.

مرة أخرى تستدعينا الواجبات العائلية. عقب العشاء وبعد أغنيات وقت النوم والصلوات مع دوني نذهب إلى اجتماع الصلاة المنتظم. إنه يعقد في بيت واحد من المتحوّلين إلى المسيحية. نحن سعداء بأن أحد الضيوف من شركة نفط أمريكية مجاورة يستطيع أن ينضم إلى دائرتنا الصغيرة من المسيحيين العرب والهنود والأميركيين ونحن نعبد منقذنا المشترك. قدموا ندوة مفيدة باللغتين العربية والانجليزية، وترنيمة وقراءة من الكتاب المقدس باللغتين؛ ما يجعل رسالة الأمسية حول المسيح تبدو أكثر عالمية وشمولاً لكل الناس في كل مكان.

بعيون ثقيلة وأجساد متعبة لكن بإحساس سعيد داخل قلوبنا نأوي إلى الفراش في الليل فقد كان يوما مليئا بالبركات والفرص لخدمة سيدنا (الله).

ملحوظة: لودنز دخلت إلى حقل التبشير في العام 1944. بعد دراستها للغة استقرت هي وزوجها في البحرين حيث قام كلاهما بالعمل التبشيري. إنها مهتمة على وجه خاص بأطفال ملجأ (بيت السعادة) والنساء اللواتي يأتين إلى المستشفى.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً