العدد 5273 - الأحد 12 فبراير 2017م الموافق 15 جمادى الأولى 1438هـ

أنواع المديرين... المدير القائد (5)

صالح حسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نبدأ هذا المقال بالرد على بعض القراء الذين يتفضلون علينا بملاحظاتهم القيّمة على المقالات التي سبق نشرها في هذه السلسلة. وكان أحد القراء الكرام تساءل: لماذا نستخدم كلمة المديرين بدلاً من المدراء؟ وبهذا الخصوص نفيد بأن جمع كلمة مدير هي مديرون أو مديرين على حسب وضعها من حيث الرفع أو النصب والجر، واستخدام كلمة مدراء يكون أقرب إلى كلمة مدر، والتي هي بعيدة عن معنى كلمة مدير. هذا ما أفادنا به متخصصو النحو والله أعلم. ومن لديه رأي آخر بهذا الخصوص، نتمنّى أن يتكرّم علينا به ونحن شاكرون مقدماً لذلك.

الإدارة لها ضوابط، ولها خطوط واضحة من المسئولية ولها رجالها. والتزام أي مدير بتلك الضوابط والحرص الشديد على تطبيقها لحري بإرساء الأسس الصلبة لجو إداري ممتاز يشجّع العاملين على أداء واجباتهم الوظيفية والمهام الموكلة لهم، بأحسن طريقة ممكنة. كما أن احترام الأسس الإدارية السليمة يشيع جواً من الإيجابية لدى العاملين، ينعكس إيجاباً على نتائج العمل وجو العمل.

معرفة المدير بواجباته، وحرصه على معاملة موظفيه بطريقة إنسانية راقية، وتقدير ما يقومون به من عمل، تجعل من هذه النوعية من المديرين محل تقدير من العاملين. وعليه، توجه جهود العاملين تحت إمرته للتفاني في أداء العمل، وحرصهم الشديد على بذل الجهود اللازمة لكي يكون مناخ العمل مناسباً لمزيدٍ من الإنتاج والعطاء. أن يكون المدير محل قدوة للآخرين، لا يتم إلا بإيمانه ومعرفته بدوره، ودور بقية العاملين في تنفيذ متطلبات العمل.

لذلك، كلما قدّر المدير واجباته، وأعطى الفرصة للعاملين لديه للنجاح والإبداع، كلما كان قادراً على التقدّم للأمام، ليس وحده فقط؛ ولكن التقدم مع الآخرين والعمل سوياً لتحقيق الأفضل. وهنا يحق لنا أن نسمي هذا المدير قائداً. فالمدير القائد ليس ذاك الذي يزبد ويرعد، وليس ذاك الذي ينتشي فرحاً عندما يرى العاملين من حوله سكوتاً لخوفهم منه؛ إنّما المدير القائد هو من يكون على تواصل مستمر مع العاملين، يشجّعهم على العمل ويبذل كل ما هو مطلوب في سبيل تدريبهم وتطوير مهاراتهم. وكلما كانت جرعات التدريب أكثر كلما كانت الإنتاجية أكبر.

المدير القائد هو من يشجّع على إيجاد وتأهيل المزيد من القادة من حوله، وليس من يضيع وقته في خلق تابعين له. هو من يؤمن إيماناً راسخاً بأن تعيينه كمدير يضع عليه مسئوليات كبيرة، لا يمكنه الوفاء بمتطلباتها إلا من خلال العمل مع الآخرين وتهيئتهم وتشجيعهم المستمر ومكافأتهم على كل ما يحققون من نتائج إيجابية.

وضوح الرؤية لدى المدير القائد في أهمية العنصر البشري وحسن إدارته، يجعله كثير التركيز على تحقيق الأهداف الموضوعة من خلال العمل الجماعي، والاحتفال بالإنجاز ومكافأة المنجِزِين. المدير القائد يجعل جميع من يعملون معه على علم كامل وبوضوح وشفافية بمتطلبات العمل وأهدافه. كما أنه يشرك جميع العاملين في وضع خطط العمل، ومساندتهم في تحقيق تلك الخطط. وهو منفتحٌ على آراء الآخرين، ومستعدٌ لمناقشة الأفكار والآراء المختلفة مع موظفيه.

يحرص المدير القائد على عدم تجاهل المشاكل والإختلافات في العمل أو بين العاملين، بل يعمل على حلها دون تأخير. هو لا يجامل على حساب العمل وهو حازم في اتخاذ القرارات وتطبيق ما يلزم لتنفيذها. المدير القائد يخلق جواً إيجابياً في محيط العمل يجعل الإنتاجية عاليةً، والتميز هو هدف العاملين جميعاً.

المدير القائد لا يقف خطيباً وسط موظفيه ليعلن أنه القائد، بل هو الذي يترك أفعاله تتحدّث عنه، وموظفيه يتحدثون عنه، وعملاءه يتحدثون عنه. هو لا يعطي وعوداً لا يستطيع الإيفاء بها، ولكنه يحرص كل الحرص على تنفيذ وعوده، وفي الوقت نفسه مستعدٌ لشرح أسباب عدم استطاعته تنفيذ أي وعد قطعه على نفسه. عنده القدرة المطلقة على الاعتراف بالتقصير والخطأ، وحتى الاعتذار على أي خطأ قد يرتكبه. أي أنه يتصرف بعفوية كأي إنسان، ويعامل الجميع بإنسانية.

إذا اجتمع مع موظفيه في مناسبة اجتماعية أو تكريمية، فهو يتصرّف كأحدهم، لا يحب أن يميّزه أحدٌ عن الباقين أو يتصرّف معهم بطريقة مختلفة عن الباقين. ولذلك هو يكسب احترام جميع موظفيه، وهم يعتبرونه قدوةً وقائداً من غير أن يقول لهم أنه قائد.

هذا النوع من المديرين يجد المتعة في أداء عمله، ويخلص فيه ويعتبر أي نجاح لأيٍّ من موظفيه هو نجاح لفريق عمله. هو لا يرضى بغير الإتقان في العمل، ويشجّع من حوله على الإبداع والابتكار، لأنه يوفّر الجو المناسب لذلك. هو يقدر تماماً بأن توفير الجو المناسب للعمل يساعد العاملين على مزيدٍ من الإنتاجية.

القيادة ليست هي تحقيق الأهداف الفردية؛ بل هي قدرة القائد على خلق فرق العمل القادرة على الإنجاز والابتكار، والقائد الناجح هو الذي يتفهم تماماً الجانب الإنساني للعاملين وليس فقط الجانب المالي. من الأقوال المهمة بخصوص تحقيق الأهداف «إن 85 في المئة من تحقيق الأهداف المالية هو نتيجة لنوعية الشخصية والقدرة على التواصل وحسن التفاوض والقيادة، و15 في المئة فقط نتيجة للمعرفة الفنية»، طبقاً لمعهد كارنيجي للتكنولوجيا، وهذا يبيّن أهمية الجانب الإنساني في تحقيق الأهداف.

إقرأ أيضا لـ "صالح حسين"

العدد 5273 - الأحد 12 فبراير 2017م الموافق 15 جمادى الأولى 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 1:05 م

      سلمت أناملك استاذ على هذا المقال الرائع. سأرسله لمديرتي علها تتعلم ولو الشئ البسيط من فنون الإدارة وترحمنا؛ فهي تظن انها مسئولة عن قطيع لا بشر...

    • زائر 2 | 1:35 ص

      إذا اجتمع مع موظفيه في مناسبة اجتماعية أو تكريمية، فهو يتصرّف كأحدهم، لا يحب أن يميّزه أحدٌ عن الباقين أو يتصرّف معهم بطريقة مختلفة عن الباقين. ولذلك هو يكسب احترام جميع موظفيه، وهم يعتبرونه قدوةً وقائداً من غير أن يقول لهم أنه قائد.
      هنا بالضبط تتكلم عن مديري الله يخليه لنا :) صدق ولا كأنه مدير ويخلينا نشتغل بالطريقة اليي نحبها ويساعدنا في انجاز العمل واذا كان في نقص في الموظفين هو يشتغل حتى لو كان وضع الأوراق في ملفات الموظفين

    • زائر 1 | 11:18 م

      تصور أستاذنا العزيز مدير ومدير اول وكذلك المسؤول الكبير لا يستطيعون اتخاذ مجرد قرار بسيط جدا يمكن اتخاذه من قبل موظف عادي فأين هؤلاء من الإدارة

    • زائر 3 زائر 1 | 2:27 ص

      اوافقك الرأي استاذنا الفاضل .. المدير أفعاله وشخصيته هي التي تدل على أنه مدير وليس كلامه وهرائه عن نفسة والمدير الحق هو الذي يستطيع أن يثبت وجوده من حيث تطبيق الأهداف الحقيقية التي وضعها ليحققها ويجب أن يكون هو أول موظف يلتزم باساسيات الادارة وقدوة حسنة ومثالية لموظفيه

اقرأ ايضاً