العدد 5291 - الخميس 02 مارس 2017م الموافق 03 جمادى الآخرة 1438هـ

(رسالة مواطن)... ما الفرق ما بين يتبرع لزواج المحتاجين ومن يسرف حد البذخ في إقامتها؟

تناقلت وسائل الاعلام خبراً (اجتماعياً) جاء فيه أن "عروسين خليجيين- في حفل زفافهم -  يهديان المدعوين شوكولاته دهن العود بمليون درهم) كما وأتذكر أنه كان هناك العام الماضي خبر على (البي بي سي) عن زوجين خليجيين آخرين قاما بعمل (كعكة خاصة لزفافهما) في بريطانيا حيث تم حشو (الكعكة) بالمجوهرات والأحجار الكريمة بما قيمته 48 مليون جنيه استرليني! لتوزيعها على (المعازيم)! هذا ناهيك عن قيمة فساتين الزواج المرصّعة بالماس والجواهر.

مثل هذه الأخبار تتكرّر بين فترة وأخرى، وتعتبر مستفزّة جداً ومثيرة للحنق وهزّ الرأس استنكاراً واستهجان، وخصوصاً إذا كانت قادمة من بلد مسلم! ذلك لأن البعض يرى أن هذا النوع من الإنفاق والصرف إنما هو إسراف وتبذير وبذخ (مبالغ فيه ومنهي عنه شرعاً) ومعلّلين بأن هذا المبلغ الكبير كان يمكن أن ينقذ مكروب وصاحب حاجة أو مرض أويوفّر لشاب فرصة دراسية او ارتباط شرعي.

ولكن ذلك القول والاعتقاد على رغم وجاهته، إلا أن المسألة ظلّت جدلية محل أخذ ورد لأن هناك آخرين أيضاً يعتبرون ذلك الإنفاق والسخاء "المفرط" حرية شخصية. وأنه مادام (الزوجان) في نعمة وغنى والمال مالهما وهما في كامل قواهما العقلية، فما لأحدٍ حقٌ في أن يعترض أو يمنع أو يحتج، كما أنه من قبيل "وأمّا بنعمةِ ربّك فحدّث"، وأصحاب هذا الرأي يعتقدون أن ليلة الزواج واحدة في العمر (على الأغلب)! ومن حق الزوجين أن يحتفلا بها غاية الاحتفال بالتفاخر، وإبداء الكرم والسعة وإسعاد ضيوفهما ومدعويهما، إلا أن الأمر يبدو نوعاً من البلاهة أو لسفاهة حينما يوزّع ثري من ماله على أثرياء مثله!

على الجانب الآخر نقرأ ونسمع أخباراً أخرى معاكسة تماماً من (بلاد غير المسلمين) أخباراً مثل أنّ" عروسين كنديين تبرعا بقيمة تكاليف زفافهما لأسرة سورية لاجئة " وخبر آخر يقول " أن عروسين من كازاخستان قاما بعمل خيري لمساعدة الفقراء في الشوارع وإعداد الطعام لهم بمبلغ تكاليف حفل الزفاف" وخبر ثالث يقول إن "ثري هندي تبرع بتكاليف زفاف ابنته لبناء مستعمرة للمشردين".

مسألة التباهي والتفاخر، لا يمكن القضاء عليها أو وقفها، لذلك فلا داع لتكرار ذات العبارات والنعوت عند ورود خبر من ذلك النوع، وليس هناك وصفة أو نصيحة لعلاج تلك العُقد. ولا بدّ أن هؤلاء يعرفون مدى كراهية أو حرمة مثل هذا الإسراف ويرون ذوي العوز والفقر، فلا حاجة إذن لتذكيرهم أو تنبيههم.

ما لا يلتفت إليه هؤلاء المتباهون المتفاخرون بتلك الطريقة "المستفزّة" هي أنهم يخلقون المزيد من الكراهية والحقد على الأغنياء في المجتمع، كما أنهم يزيدون سخط الفقير على فقره ونقمة المكروب من كربه. ليس ذلك فحسب بل أن من يتتبع مثل أخبار أولئك المتباهين ويتابع التعليقات الواردة أسفلها يعرف مقدار الغيظ والاحتقار الذي يكنّه أفراد أو جماعات من بعض الدول العربية التي يعاني جزء كبير من شعوبها من الحاجة والفقر، بحيث ينظرون للخليج عامة على أنه محض بئر نفط ومواطنيه مجرد بطون ونفوس جشعة ذوي ثراء وغنى فاحش لا عقول لهم ولا قلوب فهم خلو من التعاطف مع الآخرين أو الشعور بهم لا يدرون أين "يُلقون" بأموالهم لكثرتها!

يزعم البعض أنّ أغلب الزيجات التي تصدر فيها مثل تلك السلوكيات المذمومة من الزوجين، أغلبها لا تُعمّر ولا تنجح؛ بل يكون الخلاف والانفصال نهايتها بعد عام أو اثنين، وذلك ربما لأن الله عزّ وجل ينزع البركة من تلك العلاقة التي بدأ تأسيسها بمخالفة إلهية وجحود للنعمة، غير أن المسألة لا تتعلق بدين ولا عقيدة، وإنما بإنسانية المرء وتحسّسه وتلمّسه حاجات مجتمعه أو المجتمع الإنساني بصفة عامة، وتحكيم العقل من قبل ومن بعد!

 

جابر علي





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:28 ص

      قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أفضل نساء امتي أصبحهن وجها ، وأقلهن مهرا .

اقرأ ايضاً