العدد 5295 - الإثنين 06 مارس 2017م الموافق 07 جمادى الآخرة 1438هـ

التصوير الياباني ما بين 1970 حتى اليوم في متحف البحرين

رؤية في العالم المعاصر...

من أعمال شوجي يامادا
من أعمال شوجي يامادا

عباس يوسف - كاتب وفنان تشكيلي بحريني 

تحديث: 12 مايو 2017

استقبلت صالة الفنون بمتحف البحرين الوطني في الفترة ما بين 5 فبراير/ شباط حتى 4 مارس/ آذار 2017، في إطار مشاريع التعاون والتبادل الثقافي بين هيئة البحرين للثقافة والآثار والسفارة اليابانية لدى مملكة البحرين، معرضاً للتصوير الياباني المعاصر، يسلط الضوء على أساليب التعبير الفوتوغرافي المختلفة التي ظهرت في اليابان منذ العام 1970، عبْر 76 صورة فوتوغرافية لـ 23 من أبرز وألمع المصورين الفوتوغرافيين في اليابان، يتقدمهم الراحل توشيو شيباتا (1889 - 1990)، وشومي توماتسو (1930)، وكيكوجي كوادا (1933)، ويوتاكا تكاناشي (1935)، يحكي واقع المجتمع المتغير باستمرار، ويركز على البشر كأعضاء في هذا المجتمع في قسمه الأول، أما في قسمه الثاني فيسلط الضوء على مشاهد المدن والضواحي والطبيعة وما وقع عليها وأصابها من تغيرات في الفترة الواقعة بين النمو الاقتصادي السريع ومطلع القرن الواحد والعشرين.

في المعرض يختلط ويحضر الجانب السياسي بالنفسي بالاجتماعي بالثقافي بالاقتصادي، أو ليس الاقتصاد سيد الموقف في كل ما يحل بهذا الكوكب الذي نقطنه، مجتمع مثل المجتمع الياباني والذي يعد مجتمعاً محافظاً بامتياز على عاداته وقيمه وثقافته طال الكثير من مناحي حياته هذا التغير.

المصور الفوتوغرافي الحساس دائم القلق وعيناه يقظتان باستمرار، متأهبتان لاصطياد اللقطة وفي الوقت الحاسم، وإن حالفه الحظ في ذات موقف التقط أكثر من صورة ومن عدة زوايا. تحضر عين المصور الفوتوغرافي الموهوبة المتسلحة بثقافة الصورة وبثقافة ما يدور من حولها من قضايا تمس مجتمعها، تلاحق تلك المتغيرات.

هذا القسم ضم صوراً للكبار من المصورين الفوتوغرافيين كالفوتوغرافي نوبوشي أراكي الذي قال وهو يحاول التقاط صورة لشرطي. «هل يمكنك تخمين ما الذي قاله الشرطي لي ذلك الوقت؟ وكانت عبارة كلاسيكية، لماذا تلتقط الصور عندما لا يكون هناك شيء يحدث، لماذا نصور الأشياء؟ هذا وضّح تماماً ما كنت أفعله، أو ما كنت أريد أن أفعله». عرض له عملان من مجموعة: Subway Love 1963-1972 وكازو كيتاي Kazou Kitai صوره من مجموعة Elementrary school Student, from the series/ To the village 1974

كذلك جورج هاشغوتشي George hashiguchi يوم أحد ممطر من مجموعة النظر 1981

حضور للأسود والأبيض

أراكي Araki: ثمة عتمة، ثمة امرأة تدير ظهرها للمشاهد وكأنها مركز الصورة وحاجب عناصرها الفنية الأخرى، كتلة تبان قوية مانعة، أبداً ثمة انكباب وذهاب في الكتب، ثمة نور يشع من القارئين المنهمكين أقوى تعبيراً وأكثر حضوراً وبلاغة من حاجب ظهر، إنه الأبيض إن شعّ.

كازو كيتاي

من مجموعة إلى القرية/ طلاب المدرسة الابتدائية 1974: ستة أطفال على مسافة من المدرسة ومن كازو كيتاي صوبوا أنظارهم نحو عدسته، نحو لحظة حضورهم ضمن هذا الكادر الحي الذين لا يعلمون ما المتغيرات التي ستحل بهذه الطريق المؤدية للمدرسة؟ وما الذي سيتغير في المناخ العام برمته؟ طريقة الذهاب ووسائط التعليم وشكل الصف وطرق التفكير وووو الخ، ترى هل كان كازو بهذه اللقطة يبحث عن سؤال المتغيرات ويوجهه مستقبلاً لذاك الجيل الذي كبر؟ هذه المسافة التي تفصل المصور عن الأطفال هي مسافة السؤال ذاته، سؤال يعاضد جمال الطبيعة وقتها وجمال براءة الأطفال الستة الذين تسمروا مكانهم وأخذوا يحدقون فيه.

جورج هاشيغوتشي، النظرة 1981 أربع صبايا، الظلمة متمثلة في الأسود خلفهن والضوء في مساحة من بياض يحيطهن وبهدوء سلمن جلستهن كاملة للكاميرا ووجهن أعينهن ببراءة إلى هاشيغوتشي بنظرات كمن يقول خذن إن شئت، نعم فعلها وأخذهن معه إلى المستقبل... إلى المتغير المستمر الواقع على كل شيء حتى على النظرات والمواقف من المصور الفوتوغرافي ومن الكاميرا.

في صورة بعد الظهر 1971 لأكيهيدي تامورا، ثمة أسود ورمادي وأبيض، وثمة امتداد طويل للحاجز الساحلي ومقطع من الشجرة راكز وازن كل الأمر، حضور للساحل والبحر والشجر هذا الاختزال الصريح تعبير عن كل متغير حلّ بالمكان. رصد لزمن حاضر وآفل ولربما منته، إيجي إنا صوره تنتمي لثمانينات وتسعينات القرن الماضي صور للمباني العملاقة، هذي الكتل الأسمنتية التي ازاحت فضاءات المباني الأفقية وما جاورها من مساحات مفتوحة، صور كبيان احتجاج على التشويه الذي حل بالمدن والطبيعة وصولاً إلى البيئة، هذا جيل من المصورين الفوتوغرافيين الذين أخذوا على عاتقهم رصد هذا التحول بصرياً عبر صور غاية في الروعة والسحر، بداخلها الألم وفيها الرفض ببيان جمالي باهر

كل شيء تغير حتى أصبح كل شيء موحداً بسبب هذا التسارع في التنمية الاقتصادية، هذي التنمية التهمت كل شيء فما كان على جيل جديد من المصورين الفوتوغرافيين إلا التوجه إلى الضواحي لتصوير المناظر الطبيعية والتي لربما مازالت تحافظ على بريقها وحضورها، من هؤلاء تاكاشي الذي يقول في هذا الصدد: «عدد الصور التي ألتقطها يومياً لا تعبر عن سرعة التغيير في المشاهد المحيطة بنا». منذ ثمانينات القرن الماضي ومحو الخصوصية آخذ في التغول ويستبدل التاريخ برؤى جديدة لا هوية لها.

حسين ميرزا المصور والناقد الفوتوغرافي يقول عن المعرض: «كانت مناسبة بالإمكان الاستفادة منها بطريقة أشمل وأجمل حيث إن أركان التصوير الفوتوغرافي المعاصر في اليابان يحضرون وبقوة وأمام مرآنا في البحرين لم يكتو بنار القنابل الذرية كما اكتوى هؤلاء. هيروشيما ونغازاكي مأساة بشرية ماثلة أمام عدسات هؤلاء المصورين بتقنية احترافية عالية (ألم ترى كيف استحالت القنينة الى شكل خنزير مشوي) العظمة في التصوير الفوتوغرافي الياباني أنهم خرجوا على المألوف... خرجوا على وعن سلطة الثقافة المهيمنة، المعرض مرتبط بالزمن والزمن مرتبط بالتوثيق المرئي فقط دون الدخول في عمق الشعور الإنساني للحظة المتفاعلة، مع وجود الحدث أنت في موقف لا يمكن أن تنكره، حيث الدمار حلّ والنفوس أبيدت وأن الحياة يجب أن تبدأ من جديد. هل أخطأنا؟ هل أصبنا نحن في الطريق الى البروز والنمو والشروق هذا ما قاله لي الصديق حسين علي في لحظة حديثة عن المعرض.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً