العدد 5305 - الخميس 16 مارس 2017م الموافق 17 جمادى الآخرة 1438هـ

المعالجون والسحرة في بورما يخرجون من الظل

أسباب كثيرة تدفع البورميين إلى الإقبال بشدة على أعمال السحر منها امتحان دراسي وشيك أو لاستعادة ود الحبيب... وبات المعالجون التقليديون والسحرة يخرجون من الظل أخيرا عبر إنشاء مدارس تقدم حصص تدريب عبر الانترنت.

في سائر أنحاء البلاد، تنتشر مواقع صغيرة لجذب الأرواح بين الأشجار وفوق الأبواب. وتتمركز عرافات عند مدخل أي معبد بوذي، والسحر موجود في كل لحظة من الحياة اليومية البورمية.

وبعد عقود من القمع الدامي من جانب المجلس العسكري السابق، بات في إمكان محبي السحر ممارسة نشاطهم بشكل علني.

ومن بين هؤلاء، وين وين أيه (42 عاما) التي لها زبائن أوفياء وهي تدعي انها شفت عشرات المرضى المصابين بلعنات.

وتقول بنبرة هادئة من منزلها في رانغون "أعرف متى تكون الأرواح هنا. عندما أريد قول أمر ما، لا يمكن لفمي التفوه الكلمات. الشخص الذي يسكن روحي يملي علي ما أقوله".

وخلال فترة الاستعمار البريطاني وتحت حكم الديكتاتورية العسكرية اعتبارا من سنة 1962، لجأ كثيرون إلى السحرة المعروفين محليا باسم "ويزكا" والذين تعزى إليهم قدرات خارقة، لمكافحة المتربصين بهم.

وتم حل أكثرية هذه المجموعات أو ارغامها على العمل في الخفاء من اجل البقاء بسبب الملاحقة التي كانت تطالها من الجنرالات الذين كانوا يخشون استخدام السحر الأسود ضدهم.

وكان القادة العسكريون بدورهم مهووسين بهذا العالم الغامض خصوصا الديكتاتور ني وين. ففي الثمانينات، قام بتغيير كل العملات النقدية في البلاد لإضافة رقمه المفضل عليها، ما أثار بلبلة كبرى في المصارف.

غير أن حل المجلس العسكري السابق في العام 2011 ووصول حكومة مدنية في العام 2016 أدى إلى تغيير المعادلة.

ويوضح توماس باتون وهو أخصائي في هذه الممارسات في جنوب شرق آسيا في جامعة هونغ كونغ "منذ حل لجنة الرقابة البورمية (في 2012)، حصل ازدياد كبير في كتب السحر... هي باتت من الأنواع الأكثر انتشارا في بورما، إن لم نقل أكثرها انتشارا".

 

- نتائج مأسوية –

في شقة عادية في شمال غرب رانغون، يغلف لين نهيو تاريار تمثالا من القش بشريط أسود ويضعه في وسط دائرة رسمت عليها رموز توصف بأنها سحرية.

هذا الشاب الهزيل البالغ 21 عاما اهتم منذ صغره بالسحر وأطلق حصصا للتعليم عبر الانترنت وأكاديمية للسحر في رانغون، كبرى مدن بورما.

ويوضح تاريار "السحر هو فن تلقي قوة الطبيعة. من دون قدرة الطبيعة، لا يمكننا فعل أي شيء".ولأوائل طلابه، يعلم تاريار طريقة إعداد دمى الفودو ورسم خرائط سحرية وإطلاق لعنات.

ويقول باينغ سو ناونغ وهو طالب في سن الخامسة والعشرين "أريد التمكن من مساعدة عائلتي وحمايتها عبر السحر إذا ما حل بنا سوء ما".غير أن هذه الممارسات التي تلقى قبولا متزايدا في بورما تثير شكوكا لدى كثيرين في حقيقة وجود قوى خارقة.فبعد أسبوع على أول درس، أوقف لين نهيو تاريار إثر الوشاية به بتهمة ممارسة السحر الأسود وتم حظر صفوفه.

وأحيانا تتحول هذه الممارسات الى مأساة: ففي اكتوبر، قام مشعوذ بقتل طفلين يافعين وثالث رضيعا في سن ثمانية أشهر ضربا في قرية قريبة من رانغون بعدما أقنع عائلاتهم بأنهم مسكونون.ويوضح توماس باتون أن "الناس لطالما لجأوا إلى السحرة طلبا للسلام والديموقراطية. اليوم بعدما حصل كل ذلك، يعتقد كثيرون أن السحر يؤتي ثماره فعلا".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً