العدد 5310 - الثلثاء 21 مارس 2017م الموافق 22 جمادى الآخرة 1438هـ

الروائي أيمن جعفر: الكاتب الحقيقي لابد أن يكون له صوته الخاص

تعلمت القراءة قبل دخولي المدرسة... ووجدت الفن التشكيلي والكتابة يكملان بعضهما بعضاً

أيمن جعفر خلال اللقاء
أيمن جعفر خلال اللقاء

المنامة - محمد حافظ الحلواجي 

تحديث: 12 مايو 2017

حين يمتزج الفن التشكيلي والمخيلة الروائية في شخصية واحدة، لابد أن تكون هذه الشخصية مميزة ورائعة بفنونها. موهبة بحرينية شابة ملكت الفن التشكيلي والرواية، أيمن جعفر كاتب وفنان تشكيلي، ومؤلف لعدة كتب قصصية وروائية، شارك في العديد من المعارض المحلية والعربية، وله مبادرات تطوعية في هذا المجال، وهو حاليًا مشرف لنادي الفنون الجميلة بجامعة البحرين، وصاحب 3 كتب منها القصصية والروائية، ومشارك في مختلف المعارض الفنية، واختيرت روايته كإحدى أفضل 7 روايات في الوطن العربي. التقينا به... فكان اللقاء التالي:

متى كانت بدايتك في الكتابة؟

- البداية مبكرة، كان والدي آنذاك رئيس المكتبات العامة، فحثني على القراءة منذ الصغر قبل دخولي المدرسة، ففي الصف الاول والثاني الابتدائي اصبح لديّ موهبة شفوية في التأليف، وفي الصف الرابع بدأت الكتابة، وفي الصف السادس بدأت اقرأ على مستوى المدرسة، وهذه كانت بدايتي التي ساعدتني على الدخول في العالم الروائي.

من هو ملهمك في المجال الروائي؟

- ليس لديّ كاتب ملهم بحد ذاته، فجميع الكتاب ملهمون، ولكن الحياة اكثر إلهامًا من كل الكتاب؛ لأنني مؤمن بمقولة الجاحظ: بأن الافكار مطروحة على الطريق، والكاتب يلتقط الأفكار منها.

ما هي مؤلفاتك التي نشرتها؟ وأيّها التي لاقت صدى اكبر؟

- ألّفت 3 كتب، وهي مجموعتان قصصيتان ورواية، المجموعة القصصية الاولى بعنوان «أسفار الجحيم» في عام 2007، والمجموعة القصصية الثانية بعنوان «دفاتر البحر والموت» في عام 2014، وأول رواية لي كانت بعنوان «مداد الروح» في عام 2014. الرواية هي التي لاقت صدى اكبر؛ باعتبارها انها كانت من ضمن محترف الرواية العربية، بإدارة الروائية -نجوى بركات-، وتأهلت روايتي الى أفضل 7 روايات على مستوى الوطن العربي، ولذلك حققت صدى اكبر.

يتساءل بعض قرّاء روايتك «مداد الروح» عن شخصية «أحمد» في الرواية، هل هذه الشخصية واقعية وتمثل شخصك؟

- لا، هي شخصية خيالية، وغالبية القرّاء ساروا في هذا الاتجاه، وهذا بصراحة يدل على ان العالم العربي مهووس ليس بما يُكتب، ولكن بالكاتب. شخصية احمد في الرواية هي شخصية مجازية، وأنا مؤمن بأن الأدب وظيفته الحقيقية ان يكون مجازا اكثر من ان يكون واقعاً، ولو ان الادب العربي يميل الى الواقعية بنسبة كبيرة، ولكن هذا تصوري العام، قد تكون شخصية احمد فيها الكثير من الصفات المشتركة، ولكن هذه التشابهات بسيطة، وليست شخصي نفسه.

ما هي ابرز الصعوبات التي واجهتها في الكتابة والنشر؟

- من الصعوبات هي كيف ان يكون لك اسلوبك الخاص، حتى تكون كاتبا حقيقيا لابد ان يكون لك صوتك الخاص، فكانت هذه من ابرز الصعوبات. أمّا بالنسبة للنشر، فالحمدلله تيسّرت اموري من هذه الناحية؛ لأن الكتاب الجيد يفرض نفسه، والشكر موصول الى الشيخة مي آل خليفة، التي لا أنسى وقوفها بجانبي باعتبارها ساهمت في نشر جميع كتبي التي ألفتها.

من هم الاشخاص الذين حفّزوك في الكتابة ونشر كتبك؟

- الحافز الاساسي لدي هو الحافز الذاتي، دائمًا الكاتب اذا كان في داخله جوع للنشر والتعبير؛ لن يكون لأي دعم خارجي أثر. لكن من الممكن ان يكون بعض الاشخاص يقفون لك في الطريق كإضاءات، كوالدي الذي دعمني باعتباره من عشاق القراءة، ومنذر عيّاشي تبنّى مجموعتي القصصية الأولى، ورآني كاتبا ناضجا في الطريق.

كيف واجهت الانتقادات التي وُجِّهت لك من اهل الخبرة والاختصاص في مجال الكتابة والسرد؟

- بالنسبة لي مجالي الأكاديمي هو النقد، ومُطلع على المجالات النقدية، وهناك عدّة توجهات لنقد أعمالي، ودائمًا ما اركز على التوجه في النقد، بمعنى ان اذا كان النقد من صميم التخصص والمسار الابداعي الذي اسير عليه فهو نقد مقبول، أمّا اذا كان مضادا لهذا التوجه، فمن الممكن الا اعيره اهمية كبيرة. ولكنني ارحب بأيّ نقد بنّاء من الممكن ان يُسهم في عميلة التطوير وتلافي الاخطاء. ولابد ان اشير إلى أنّ للكاتب الحرية فيما يكتب، فليس كل ما يكتب هو بمثابة النقد.

ذكرت في احدى المقابلات بأنك تميل الى الكتاب الأجانب، لماذا؟

- الكتاب الاجانب اكثر غنى، واكثر فنية في التعامل الفني. على سبيل المثال، التقنية السردية تكون انضج واكثر احترافية في الادب الغربي، والجهد السردي المكتوب يكون دائمًا اعلى، بالطبع هذا ليس انتقاصًا للأدب العربي والكُتاب العرب ولكن اذا ما بحثنا سنرى جملة ظروف ابداعية تُحفز وتعطي مجالا اوسع في الكتاب الاجانب، اكثر من الادب العربي الذي يتأثر بالمناخ العام والانفعالات العامة التي تجعل الادب العربي متسرعا كثيرًا في المجال الفني.

نرى العديد من الاشخاص في مواقع التواصل الاجتماعي لهم ابداعاتهم في مختلف مجالات الكتابة. من وجهة نظرك، لماذا هؤلاء الاشخاص مقتصرون على الفضاء الالكتروني؟

- ذلك يعتمد على نوعية الاشخاص، على سبيل المثال هناك اشخاص في الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي هم ابطال في الاقتباسات، او الكتابات المختصرة، لكن في مجال أن يكتب كتابا لا يستطيع، من الممكن ان يكون هذا مجال ابداعه في المواقع فقط. هناك أشخاص آخرون لديهم موهبة الكتابة، ولكن هم من الداخل يرون انهم ليس لديهم افق في الكتابة اوسع من المجال الالكتروني، والبعض يكتفي بالنشر الالكتروني فقط وعدم الحاجة الى تحمل تكاليف الطباعة والنشر.

ما رأيك في بعض الكتّاب الذين يستخدمون لغة عربية دارجة في الكتابة؟

- اللغة العربية في أزمة بسبب هذا الجيل الذي لا يأخذ اللغة كمعيار هوية ذاتية، فعلم نفس اللغة، يُركز على ارتباط الشخص بلغته والتحدث بها والكتابة بها والتعبير بها، يعطي افقا دائمًا في الشخص والمجتمع الذي ينتمي اليه، ولكن هذا الجيل من تأثير الثقافة الغربية اصبح هجينا، فأصبح يتباهى بأنه يكتب بلغة اخرى، والبعض استخفافًا باللغة يكتب باللغة الدارجة او العامية، وتداعيات ذلك خطيرة، ولكن هنا دور المجتمع في انه يتصدى عبر المؤسسات الثقافية والتعليمية عبر تعزيز اللغة العربية الفصحى، وليس المقصود بالعربية الفصحى لغة العصر الجاهلي، ولكن اللغة الحديثة.

برأيك، في ظل وجود العديد من الاشخاص الذين يمتلكون موهبة الكتابة بمختلف انواعها، لماذا لا يوجد لجنة لتنمية الكتاب الجدد؟

- كان هناك نقاش في سنة 2014 على هامش محترف الرواية العربية حول هذا الموضوع، بأن ما الذي يمكن ان نفعله باتجاه هؤلاء الكتاب في الفضاء الالكتروني، فكانت الاجابة، من هم؟ اغلبهم يكتب بأسماء مستعارة، أغلبهم لا يقدم الحقائق كما هي؛ بمعنى انه في الواقع شخص عادي ولكن نراه في مواقع التواصل الاجتماعي فيلسوف، الموضوع اكثر تعقيدًا من هذه الصورة، ممكن أن يكون هناك كتاب حقيقيون موجودون، ولكن اللجنة بأيِّ امكانات ستبحث عنهم؟ على الاشخاص نفسهم ان يقاتلوا على فرصهم، وعلى الاشخاص ان يتتبعوا فرصهم، على الكاتب ان يقاتل على النشر اذا شعر بأن لديه شيئا يريد ان يقدمه للمجتمع، فمثلًا هناك دور نشر في البحرين تساعدهم على ذلك بإمكان الكاتب ان يستغل الفرصة ويقدم ما يكتب.

هل لديك النية لدخول مجال كتابة النصوص المسرحية في ظل قلّة الكتاب البحرينيين بهذا المجال؟

- لا، هي توجهات في الكتابة، انا في البداية كنت شاعرا، ثم تحولت الى السرد، حين تحولت الى السرد وجدت كل ما املكه من تعبير يخص هذا المجال، بدأت اكتب القصة، ونشرت كتابين في ذلك، ولكن النفس الروائي لديّ هو الغالب على القصة، فكان لابد من الانتقال الى الرواية... في مجال المسرح، انا متذوق للمسرح ولكن هناك شروط اخرى للمسرح، من الممكن في المستقبل ان اكتب، ولكن حاليًا لا.

لماذا انتقلت من مجال الشعر الى المجال السردي؟

- وجدت صوتي في الرواية اولًا انطلاقًا من اللغة، لمّا بدأت اكتب الشعر، كنت اكتب الشعر الفصيح المقفى، وجدت ان هذا المجال محدودا جدا؛ لأن شعراء العرب القدامى هم وصلوا للقمة، وهذا الشعر في المنظور النقدي اكتفى بذاته، وما عداه تقليد، ومن هذ المنظور وجدت ان مساحة التجديد في الشعر العربي الفصيح جدًا ضئيلة، فانتقلت الى القصة والسرد ووجدت المجال اوسع، ففيهما لا نتكلم عن تقليد، نتكلم عن بناء عالم وشخصيات، بعيدًا عن منظور القافية والابيات الشعرية والصور البلاغية التي اغلبها سيكون قديما.

بالنسبة للخط، هل هو موهبة أو فن اكتسبته؟

- موهبة، وتعلمته بنفسي، وكانت البداية انطلاقًا من فكرة ان لديّ كتابا صغيرا، كل كتاب اقرأه اسجل افضل النصوص فيه، فهو كتاب المختارات، كنت اشعر بأن هذه النصوص لابد على الناس جميعًا قراءتها والتفاعل معها، في صف السادس بدأت ارى اشكال الحروف تتغير، على سبيل المثال اذا ذهبت للمسجد ارى الكتابات والآيات والاذان في التلفزيون، فبدأت انتبه للخط، فكانت الفكرة الاولى بهذه الطريقة سأستطيع في التعبير عن النصوص، وابرازها بصورة جميلة.

كمشرف لنادي الفنون الجميلة بجامعة البحرين، هل ترى هناك مواهب بحرينية قادمة؟

- مهمتي في الجامعة ابراز هذه المواهب وصقلها، فاذا رأينا المعارض والورش التي يقدمها نادي الفنون الجميلة، سنرى بأن هناك ابرازا للطاقات الطلابية، تاريخ نادي الفنون الجميلة في الجامعة تاريخ عريق، ويفتخر بأسماء فنانين تخرجوا من هذا النادي، وأصبحوا فنانين كبار على مستوى البحرين، مثل: سيدحسن الساري، جعفر العريبي، زهير السعيد، وآخرين.

أيهما أقرب إليك، الكتابة الروائية أم الفن التشكيلي؟

- مررت في فترات، فترة كنت ارى الكتابة اعلى، وفترة ارى الخط هو الاعلى، فترة التطرف بالنسبة لي لما اصدرت كتابي الاول سنة 2007، كان هذا السؤال المطروح، فكان عليّ ان اتخلى عن الخط والتفرغ للكتابة واركز ابداعي في مجال الكتابة، في هذه السنة التي توقفت فيها عن الخط، وجدت بأني فقدت شيئا من روحي، مع ان في هذه السنة انجزت عددا كبيرا من القصص، ومحاضرات، ومقالات. لمّا عدت للخط من جديد وجدت بأن ليس هناك افضلية، ولكن رأيت ان الانسان ينتقل من عالم جميل يحبه الى عالم جميل يحبه بشكل آخر، ووجدت بأنهم يُكملون بعضهم بعضا.

هل هناك عمل قادم على جمهورك أن يترقبه؟

- نعم، في مجال الكتابة، احضر لكتابة رواية جديدة، وفي فصل الصيف سأبدأ في كتابتها، والسبب في التأخر بكتابة الرواية هو بأني بحاجة لإنجاز عدد من الاعمال الفنية. في المجال التشكيلي، احضر لمعرض شخصي جديد كان من المفترض يكون في شهر يناير، لكن تم تأجيله لأجل غير مسمى، وحاليا اشارك في معرض جماعي من ضمن فعاليات «ربيع الثقافة» سيُقام خلال هذا الأسبوع.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:47 م

      موفقين شبابنا للاعلى أنشاء الله

    • زائر 4 | 2:26 ص

      ابداااع .. راقت لي المقابلة جدا .. جميل أن يلقى هؤلاء الشباب اهتمام المجتمع بصداهم الثقافي .. أسئلة موفقة مُختارة بعناية كبيرة جداً .. ألف شكر محمد الحلواجي .. بكم ينهض المجتمع .. كل التوفيق

    • زائر 3 | 2:25 ص

      أمين فضل
      لقاء جميل واسئله فى الصميم حوت جميع الجوانب .....كل التوفيق والنجاح لابناء هذا الوطن

    • زائر 2 | 1:35 ص

      الاعتناء بالكتاب واظهارهم شي جميل
      بورِكت يابو جاسم

    • زائر 1 | 12:55 ص

      مؤهبة جمعت الشعر والكتابة والخط تستحق من يهتم بها جميل اللقاء اموفق الروائي وايضاً من أجرى اللقاء شبابنا يستحقون التشجيع والاهتمام ????????

اقرأ ايضاً