العدد 5310 - الثلثاء 21 مارس 2017م الموافق 22 جمادى الآخرة 1438هـ

أمي صالحة ويوم الأم

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تُوفيت أمي صالحة منذ ما يُقارب 11 عاماً، وهي أمّ زوجي وأمّي، فلم أشعر يوماً بأنّي غريبة، بل منذ دخلت حياتي عرفت بأنّها أمّ لي، ولكن مشيئة القدر فوق مشيئتنا، ورحلت أمي عنّا، ففقدنا الحب والحنان والبهجة والسرور كأيّ عائلة تفقد الأحبّة.

ولأمي صالحة مواقف كثيرة، فهي كانت مرحة سعيدة وتُسعد من حولها، وعلى رغم هموم الدّنيا كانت الابتسامة لا تُفارقها، وكانت تحب الاحتفال والنّاس، ولم أجدها يوماً تُفارق الابتسامة حتّى في عز ألمها ومرضها.

يوم الأم كان بمثابة يوم مُقدّس لنا جميعاً، فكنّا نحتفل بيومها هي وأمّي، والحمد لله كانت جميع أيّامنا أعياداً للأم، حتى اختفت هذه الشمعة من البيت، فأظلم البيت، ولم يكن هناك مُتّسع للإحتفال.

كم نبكي على فراق الأحبّة الذين أدخلوا السعادة في حياتنا؟ وما عدد اللحظات التي عشناها معهم ونحن نشعر بالسعادة؟ وهل نتمنّى لو ترجع الأيام لنحتفل أكثر؟ ولماذا البعض يبخل بالإحتفال بيوم الأم؟ اليوم الأم معك وبينك وفي يوم من الأيام ستُفارقك، وستحزن كثيراً لأنّك لم تحتفل بوجودها كلّ يوم.

لا ترجع الأيام السعيدة، بل تمضي وتتبخّر وتذهب، ولا تبقى إلا الذكريات الجميلة، التي نحتاجها عند الحزن والألم، وما أجمل الذكريات التي تكون حول الأم، فهي تشقى لنرتاح، وتتألّم لنسعد، وتعمل من أجل رؤيتنا في فرح دائم.

واللّحظات الجميلة لا تدوم، فاللّحظات التي كانت مع أمّي صالحة كانت لحظات قصيرة، ولكنّها لحظات سعيدة جدّاً جدّاً، وعند موتها مات شيء بداخلنا جميعاً، فالفرح أصبح ناقصاً، والضحكة أصبحت منقوصة، وما تبقّى لنا إلا أن نتذكّرها ونترحّم عليها وعلى زمانها ولحظاتها الجميلة الرائعة.

يُقال لا تعرف طعم السعادة إلاّ إذا تجرّعت الحزن والفراق والألم، وبالفعل لا تعرف طعم وجود الأم عندك إلاّ إذا فقدتها، فكم منّا من فقد الأم والأب والحبيب والصديق والأخ؟ في حياتنا لابد أن نمر بهذه المرحلة، فنفقد من نُحب فعلاً، ونتحسّف على الماضي، ونقول يا ليت قمنا بهذا وياليت عملنا هذا، ومن ضمن الأمور نقول يا ليت اجتمعنا وياليتنا فرحنا واحتفلنا.

لا تبخلوا على أمّهاتكم بلحظات تُسعدها، فهذا اليوم وكلّ الأيام للأم وللأب بالذّات، ويكفيكم أن تجدوهما بينكم، وتستطيعوا تقبيلهما على الرأس واليد، وضمّهما إليكم، فالبخل ليس بخل المال فقط، ولكنّ هناك بخل المشاعر والعواطف لمن يحبّونكم من دون مقابل، وأوّلهما الوالدان.

بخل المشاعر والعواطف تجاه الوالدين هو أشد أنواع البخل، فهما لا يريدان منك مالاً ولا جاهاً ولا سلطة، هما يريدان حبّاً حقيقياً وجلوساً للحظات معهما، كما يريدان أن تُشركهما في حياتك، واليوم هما معك على الأرض، وغداً سيفارقانك من دون رجعة، تذكّر ذلك يا بخيل المشاعر.

رحم الله أمّي صالحة في يوم الأم، فهي أهدتني كل لحظة من لحظات السعادة معها، ورحمها الله ألف رحمة على الحب والعطف والمشاعر الصادقة الجميلة، فليس كلّ يوم يجعلك أحدهم تشعر بالسعادة، واحرص على أن تكون بينهم وحولهم، لأنّ الدنيا قصيرة جدّاً، وتأخذ منك الأحبّة في ثانية من دون أن تشعر.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 5310 - الثلثاء 21 مارس 2017م الموافق 22 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 7:51 ص

      بالامس كانو معي واليوم قد رحلوا ...
      كل شيء إلى زوال الا وجهه سبحانه وتعالى!
      وحتى الذكريات الجميله بعد موت من يتذكرها لا احد يذكرها بعده، لان الذكريات تبقى ذكريات فنمن سيتذكرني غير احبتي!
      فاذا امي قضت نحبها انوح عليها وان سبقتها كانت هي الباكيه.
      قدومنا للدنيا نبكي واذا متنا بكو علينا. لما البكاء? ولما الحزن والنهايه الحتميه لكل حي ..

    • زائر 7 | 3:58 ص

      الام فرحة وسعادة لمن حولها و الكثير من الاولاد و البنات يؤذي امه و يتعدى عليها و هي جنة الارض و جنة السماء فعلى الجميع أن يتوبوا و يعتذروا لامهاتهم عن كل الزلات و الهفوات و يصبحوا افضل مع الام و الاب و دمتم سالمين

    • زائر 6 | 2:38 ص

      تقدير الأم يجب أن يكون كل يوم ومدى الحياة وليس فقط يوم واحد في السنة يتم شراء هدية للأم وبعدها يتم تجاهلها ونسيان عرفانها وجميلها . بعض الأبناء يشتري لأمه هدية ويحتفل بها وهو طوال أيام السنة مقصر معها .

    • زائر 4 | 1:24 ص

      الله يرحمها ويرحم موتى الجميع موضوع حلو موضوع يدعو الى شي جميل ومبروك علينا السعادة يا شعب السعادة

    • زائر 3 | 11:50 م

      رحمة الله على الوالدة صالحة ... الفاتحة لروحها الطيبة .

    • زائر 2 | 11:23 م

      جزاك الله خيرا أختي الكريمة مريم فو الله كلماتك لا مست قلبي وعبرت عما بداخلي لفقدي جنتي ولا يخفى عليكم كم أتمنى أن يمر يوم عيد الأم بسرعة لاني أفتقد أمي جنتي رحمة الله عليها وعلى جميع الأمهات الراحلات فهن الجنة المفقودة والحنان الذي نشتاق له في كل حين وأقول لمن عنده أم هنيئا لك وخل الوالدة على رأسك فاليوم معك وغدا ستفقد روحك ونبعك الصافي والبسمة الحقيقية والعطاء الامحدود .

    • زائر 1 | 10:49 م

      الله يرحم والدتك ووالدي ربي يكون هديتهم من الخالق مثواهم الجنه

    • زائر 5 زائر 1 | 1:33 ص

      رحم الله والديك اختي مريم ورحم الله امهاتي مريم واسماء وجعل الله مثواهم الجنة يارب العالمين .

اقرأ ايضاً