العدد 5320 - الجمعة 31 مارس 2017م الموافق 03 رجب 1438هـ

«أمازون» تواجه معركة رقمية صعبة في الخليج

أثارت زيارة مؤسس شركة أمازون، جيف بيزوس، إلى دبي مول، في شهر نوفمبر الماضي، مع قطب العقارات محمد العبار، تكهنات محمومة حول تعاون بين الاثنين، يحدث تحولا في سوق التجارة الإلكترونية الوليدة في المنطقة.


لكن بعد بضعة أشهر فقط، قامت أمازون بدلا من ذلك بخطوة خاصة بها، حيث اختتمت  الأسبوع الماضي خمسة أشهر من المفاوضات بالموافقة على الاستحواذ على موقع سوق دوت كوم، البالغ من العمر 12 عاما. عملية الشراء هذه ستشعل معركة في سوق المبيعات الرقمية السريعة النمو في المنطقة مع الشخصيات التجارية الأكثر تأثيرا في الخليج.


يقول أحد رواد الأعمال الإقليميين في مجال الإنترنت: «يأتي بيزوس وأمازون إلى الشرق الأوسط، لتقوم  أم المعارك مع سكان البلاد المحليين». «السوق غير متطورة تماما، الشرق الأوسط وأفريقيا هما الجبهة الرقمية الأخيرة». المنافسة في السوق أصبحت فجأة شرسة.


وكان العبار، رئيس مجلس إدارة شركة التطوير العقاري إعمار في دبي، قد قام بزيارة مع بيزوس لأكبر مركز للتسوق في المنطقة، الذي يقع في ظل برج خليفة، أطول مبنى في العالم.
الاجتماع الذي استغرق ساعتين، قُرئ على نحو خاطئ من قبل الكثيرين في المنطقة، على اعتبار أنه مزيج لا مثيل له بين أكبر مالك لمتاجر التجزئة على الإنترنت في العالم، وملك العقارات في دبي، الذي تحول إلى رائد في مجال الإنترنت.


بعد أيام من الاجتماع، كشف رجل الأعمال في دبي عن خطط لإطلاق شركة نون، وهي شركة للتجارة الإلكترونية بقيمة مليار دولار، مع استثمار من صندوق الاستثمار العام السعودي.
ومن المتوقع إطلاق نون، وهي الآن في المراحل النهائية من الاختبار، «في غضون أسابيع». وتهدف خطة العبار إلى بناء عملاق تكنولوجي محلي، وهو مشروع يدعمه ولي لي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يعتبر الاستثمار في التكنولوجيا مفتاحا لإصلاحات المملكة الطموحة التي تعتمد على النفط.


ولكن بعد أن تظهر الشركة أخيرا بعد شهرين من التأخير، سوف تجد أن السوق قد تغيرت بالفعل. موافقة أمازون الاستحواذ على سوق دوت كوم مقابل 650 مليون دولار على الأقل، ستجعل من الموقع على الفور أكبر منصة للتجارة الإلكترونية في المنطقة. عدد قليل من المحللين يراهنون على عملاق الإنترنت الأميركي بأن يتسبب بنفس نوع الاضطراب في قطاع التجزئة، الذي تسبب به في أماكن أخرى من العالم.


الشرق الأوسط يتخلف عن المناطق الأخرى، عندما يتعلق الأمر بتقبل الإقبال على التجارة الرقمية. إذ بلغت المبيعات عبر الإنترنت 5.3 مليارات دولار فقط في عام 2015، لكن من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2020، مع نمو سنوي قدره %30، وفقا لبحث أجرته شركة الاستشارات ايه تي كيرني.


وحتى الآن، شملت العقبات التي تعترض هذا القطاع سوء الخدمات اللوجستية والحواجز العابرة للحدود، إلى جانب نظم الدفع الرقمي غير المتطورة وانتشار المعاملات النقدية. وقد أدى ذلك إلى انخفاض المبيعات الرقمية إلى %2 في سوق التجزئة، مقارنة بنسبة تصل إلى %15 في الأسواق الغربية الأكثر تطورا.


يقول عادل بلقايد، مدير قسم الاستشارات في شركة ايه تي كيرني، إن الاستثمار في البنية التحتية للدفع والتسليم يظهر أن «الأمور تتحرك في الاتجاه الصحيح». ويضيف «أنه أمر مثير أن تبدأ هذه المعركة، فهي سترفع مستوى التجارة الإلكترونية إلى مستويات جديدة. أمازون تأتي، وهي القائد بلا منازع في هذا الفضاء، لكن نون مدعومة من قبل مستثمرين كبار يعرفون سوق التجزئة بشكل جيد جدا».


وينظر إلى دخول أمازون على أنه تأكيد على أمكانات النمو في الشرق الأوسط من قبل الشركات المحلية. وكانت آخر عملية استحواذ على الإنترنت بهذا الحجم والأهمية والشهرة شراء ياهو لبوابة مكتوب في عام 2009.
وقد قامت أمازون بخطواتها الأولى في السوق. إذ افتتحت أمازون ويب سيرفيسز، إدارة الحوسبة السحابية التابع للمجموعة الأميركية، مكاتب لها في دبي والبحرين في يناير.


لكن شراء سوق دوت كوم، الذي يوظف إلى جانب الشركاء وجهات التوصيل حوالي 6000 موظف، سيسمح للشركة الأميركية العملاقة بتسريع دخول أعمالها الأساسية إلى الشرق الأوسط، وتجنب مشاكل النمو العضوي (زيادة الإنتاج وتعزيز المبيعات). وتقف هذه الاستراتيجية على النقيض من الأسواق الكبيرة الأخرى، مثل الهند والصين، حيث اختارت أمازون أن توسع منصتها الخاصة.


وصول أمازون إلى دول الخليج سيسمح للعملاء بالاستفادة من  ميزة الوفاء، وإنجاز الطلب في اليوم نفسه، أو في اليوم التالي، الذي يشيع استخدامه في معظم أنحاء العالم الغربي، وذلك باستخدام شبكة سوق دوت كوم القائمة أصلا، بما في ذلك مراكز الوفاء شبه المستقلة والمكاتب التقنية في الأردن والهند.


ومع ذلك، فان تفاصيل كيفية دمج أمازون عملياتها مع سوق دوت كوم لم تظهر بعد، حيث لا تزال الأسئلة عالقة حول ما إذا كانت ستحتفظ بما أصبح واحدا من العلامات التجارية على الإنترنت الأكثر شهرة في الشرق الأوسط، منذ أن تأسست في عام 2005، من قبل رجل الأعمال السوري رونالدو مشاور.


ومن المتوقع أن تحتفظ أمازون بالموظفين الرئيسيين، والاستثمار بكثافة للتوسع في منصة سوق دوت كوم القائمة، بحسب مصادر مطلعة على خطط الشركة.


وتسيطر أمازون بالفعل على شريحة كبيرة من سوق التوصيل وتسليم البضائع عبر الإنترنت من خارج المنطقة، وذلك باستخدام مجموعة الخدمات اللوجستية، التي تتخذ من دبي مقرا لها أرامكس كشريك، بحسب ما يقول أشخاص على بينة من هذه المسألة.
لكن تجار التجزئة المحليين ومستثمري الإنترنت غير مقتنعين بأن حجم أمازون سيعني نجاحا فوريا في السوق، حيث التواصل المحلي يعتبر أمرا حاسما لكسب دعم الموردين.


مع نون، التي لديها بالفعل ما يقرب من 500 موظف، تواجه أمازون منافسا محليا يتسم بالذكاء والتمويل الجيد، وشركة تملكت العام الماضي حصة في أرامكس، شريكها في التوصيل وتسليم البضائع، التي تعتبر العبار من بين المستثمرين الأكثر أهمية بالنسبة لها.


وكان العبار قال في مؤتمر مصرفي، عقد في وقت سابق من هذا الشهر، «إن الاستثمار في أرامكس يعكس الإيمان بأن التجارة الإلكترونية تتعلق بالخدمات اللوجستية». وأضاف أن منطقة الشرق الأوسط تأخرت في اعتمادها للتجارة الإلكترونية، لا سيما مع انتشار الهواتف الذكية بين الشباب الذين يستمون بالمهارة الرقمية.


وتدير الشركة المبتدئة تدشينا مبكرا غير رسمي لمركز «الوفاء»، بالقرب من مطار آل مكتوم الدولي في المدينة، ووعد بتقديم 20 مليون منتج مع مرور الوقت.


وفي معرض إظهار نفوذه في السوق، اتهم النقاد العبار بالضغط على تجار التجزئة في دبي مول لوضع منتجاتهم على منصته. وقد نفى التهمة قائلا إن لديه علاقات طويلة الأمد مع العلامات التجارية، التي هي سعيدة بالانضمام إلى نون.


ويقول المديرون التنفيذيون المحليون أيضا أن أمازون، التي تستغل ثقلها العالمي الضخم لخفض التكاليف، قد تواجه مقاومة من تجار التجزئة المحليين. وتغطي العديد من المنتجات، التي تقدمها أمازون في أماكن أخرى، اتفاقات وكالات حصرية أبرمتها العائلات المحلية القوية، التي قد تتصرف ضد أي محاولة لتقويض أرباحها.


كما تعمل شركات التجزئة الكبيرة، مثل مجموعة الفطيم وماجد الفطيم ولاندمارك والشايع، على استراتيجيات التجارة الإلكترونية الخاصة بها للاستعداد للمنافسة القادمة من أمازون ونون.
يقول سافيتار جاغتياني، رئيس قسم التجارة الإلكترونية في شركة لاندمارك: «في حين أن أمازون هي الرائد في مجال تجارة التجزئة الالكترونية، لكنها لا تملك فرصة كبيرة لدى شبكة متاجرنا التي تضم 2000 متجر».


ولا يزال تجار التجزئة المحليون يخشون من أن وجود أمازون سوف يشكل تحديا للعمليات، التي تعاني بالفعل من ضعف سوق التجزئة، حيث يؤثر انخفاض أسعار النفط وقوة الدولار سلبا على المشاعر والأجواء.


لكن هذا الوضع أدى ببعض متاجر التجزئة الأكثر طموحا إلى إعادة النظر في نماذج أعمالها. في الخليج، حيث تعمل مراكز التسوق المكيفة أيضا كملاذات من درجات الحرارة المرتفعة، ينفذ المشغلون تنوعا بعيدا عن البيع بالتجزئة، لتقديم المزيد من العروض «التجريبية» مثل الطعام والترفيه.
وكما يقول مسؤول تنفيذي في واحد من متاجر التجزئة الكبيرة «سوف تشكل أمازون تحولا كبيرا، لعبة جديدة كليا، لذلك سيكون على مشغلي مراكز التسوق أن يحدثوا تحولا وتغييرا، ونحن نقوم بذلك بالفعل. لكن دخول أمازون سيعجل الأمور بالتأكيد».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:36 ص

      بطلب برجر

    • زائر 2 | 1:22 ص

      ستفتتح منصتها في البحرين, الا اذا ......

    • زائر 1 | 3:45 ص

      كان الهدف من الاجتماع هو ان امازون تبحث عن مكان لموقعها في الشرق الاوسط وبالخصوص في الخليج لبناء منصه ثابته وكانت الامارات و البحرين من ضمن الخيارات ... الباقي لا يمكن البوح به..معذره

اقرأ ايضاً