العدد 5323 - الإثنين 03 أبريل 2017م الموافق 06 رجب 1438هـ

طلال أبوغزالة لـ «الوسط»: 10 سنوات على اندثار الكتاب الورقي... والمستقبل للتعليم الرقمي

قلبي بحريني... والعام المقبل نبدأ تدريس السعوديات في البحرين

طلال أبو غزالة في حديثه إلى «الوسط»
طلال أبو غزالة في حديثه إلى «الوسط»

لنحو ربع ساعة، استثمرت «الوسط» فرصة اللقاء برجل الأعمال المعروف طلال أبوغزالة، الشخصية الفلسطينية التي اختارت الاقتصاد والتعليم والمعرفة مجالاً للاستثمار، ولتنتهي اليوم إلى ما يشبه الإمبراطورية التعليمية، بقوام مقداره 85 مكتباً على مستوى العالم.

وفي اللقاء الذي جاء على هامش معرض البحرين الخامس للتعليم والتدريب، أطلق أبوغزالة نبوءة لافتة وصادمة ومدوية: «بعد 10 سنوات من الآن، سيغادر العالم التعليم الورقي، ولن تجد كمعلم كتاباً لتطبعه وتعلمه لطلبتك، ولن يبقى إلا (الْكُتَاب) والمدارس التي تعلم بطريقة قبل ألف سنة»، وأردف «المستقبل هو للتعليم الرقمي، وما سواه سيندثر».

وفي مملكة البحرين، التي اختارها أبوغزالة لتحتضن كلية طلال أبوغزالة الجامعية لإدارة الأعمال، ومركزاً دولياً لمجموعته، ليعتزم بدءاً من العام المقبل توسعة نشاط عمله في البحرين ليمتد لمنطقة الخليج العربي، بتركيز على المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، وذلك لنقل الطلبة والطالبات من السعودية إلى البحرين لإنجاز دراستهم، وإعادتهم مساء كل يوم.

وفيما يلي نص اللقاء:

لماذا اخترت البحرين، لتحتضن إحدى طموحاتك ومشاريعك التعليمية؟

- أولاً أنا أؤمن بالحب، وقد أحببت البحرين منذ العام 1960 حيث تربيت على يد سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، فتعلمت منه الخلق والرعاية والمحبة والطيبة مع الذكاء والقدرة، فتولد بيني وبين هذا البلد ارتباط عاطفي واستمر بالطبع مع علاقتي بسيدي صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ومع رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة.

ومع سمو رئيس الوزراء تربطني صداقة عمر تمتد لقرابة النصف قرن، وأعتز بها حيث تعلمت منه الكثير، فمرة من المرات (قبل 30 سنة)، كنت عنده وكنت أتحدث عن أمور اقتصادية يجب إصلاحها، فتخصصي هو الاقتصاد والتعليم. أذكر وقتها كنت أقترح على سموه بالقول (لو كان كذا وكذا...)، فابتسم وقال (أنت بتونسني لأنك بتكدرني)، فعاودت القول (أنا مش فاهم)، فرد سموه (أنا كحاكم أريد سماع النصيحة، والحاكم الصالح يريد أن يسمع ما يجب أن يسمعه لكي يصلح، ولا يجب أن يقتصر ذلك على المديح والكلام الطيب، وأنت لأنك تأتيني بأمور يجب إصلاحها وبطريقة إيجابية «بتونسني»)».

وقد تعلمت من سموه هذه الحكمة، ومن يومها مارست هذا الأسلوب مع كل الحكام، ووجدت أنه أسلوب صحيح، فليس هناك حاكم لا يحب أن يسمع شيئاً إيجابياً، بدل الانتقاد والتذمر اللذين لا يفيدان. والمطلوب حلول، وأنا إذا قابلت أي مسئول كبير لا أذهب بالمشاكل، بل أذهب بالحل للمشكلة.

إذاً أنت صاحب قلب بحريني.

- لاشك، فقلبي بحريني، وأعتز بأهل البحرين وبطيبة أهل البحرين المشهود لها من كل الدنيا، وبالتالي نحن نفخر حين فتح باب الترخيص للجامعات والكليات، فمن 32 طلب لم يوافق إلا على طلب هذه الكلية (كلية طلال أبوغزالة الجامعية لإدارة الأعمال)، وهذا ماذا يعني؟ يعني أنه أسرني وكان في عنقي رباط أبدي، بحيث (أننا اخترناك من بين كل الطلبات لنقبلك).

وبالتالي أنجزنا إنشاء الكلية التي نفخر بها من حيث مستواها ومن حيث برامجها التعليمية، ونطمح ضمن برامجنا للعام المقبل أن نطرح برنامج الماجستير وقد قدمنا كل ما يلزم من طلبات وننتظر الموافقة لنباشر برنامج الماجستير.

وبالمناسبة، فنحن كمؤسسة دولية تعمل في 85 مكتب في العالم والأكبر في الدنيا في عديد من مجالاتنا، وليس في المنطقة بل في العالم، فنحن أكبر شركة في العالم في التعليم والاقتصاد وبناء القدرات وتقنية المعلومات، في كل ذلك نحن الرقم واحد، والمهم أننا ندير هذه المجموعة من 3 مراكز، في القاهرة ما نسميه (المكتب الرئيسي)، وفي العاصمة الأردنية عمان مانسميه (الإدارة العامة)، وفي البحرين ما نسميه (الإدارة الدولية).

بالتالي فإن البحرين هي مركزنا الدولي، وهذا كان بقرار نتيجة لما تؤمنه البحرين من بيئة واحتضان وتسهيلات للمنظمات والشركات العالمية، وثانياً لفضل البحرين علي، فجلالة الملك أمد الله في عمره أكرم أبنائي بالجنسية البحرينية وهذا شرف كبير لنا.

متى اختيرت البحرين لكي تكون مقراً دولياً لمجموعتكم؟ وهل تثبت التجربة صحة هذا الاختيار؟

- تم ذلك قبل 10 سنوات واليوم تثبت التجربة أننا أمام اختيار أكثر من صحيح، فلم نجد في يوم من الأيام مشكلة ولا عرقلة ولا أية إجراءات تعطيلية من الدولة في اتخاذ هذا المكان كمقر دولي، وهذا الكلام أقوله لكل من يريد إنشاء مقر دولي في العالم، فما من شك إن البحرين مكان نموذجي من حيث التسهيلات ومن حيث استقرار القوانين والأنظمة ومن حيث ما تؤمنه الدولة من رعاية ومن حيث عدم فرض الرسوم الباهظة، بالتالي نحن نتحدث عن بيئة أنموذج ومن أفضل البيئات الجاذبة للمقرات الدولية.

حدثنا عن المزيد من طموحات الكلية التي أكملت 5 سنوات منذ افتتاحها في البحرين؟

- بجانب قرب تدشين برنامج الماستر، سندخل في برامج جديدة وبشراكات، وبالطبع بعد موافقة مجلس التعليم العالي وهيئة الاعتماد، حيث سنعمل على إقامة برامج مشتركة مع جامعات عالمية أميركية وبريطانية وغيرها بحيث يكون هنالك تبادل طلبة وتبادل في الأساتذة والبرامج، وطموحنا بأن تصبح هذه الكلية وأنا أتحدث بشأن ذلك مع الأمين العام الجديد لمجلس التعليم العالي عبدالغني الشويخ وهو رجل على قمة من الخلق والمعرفة والكفاءة، حيث أوضحت له طموحنا بأن لا يقتصر نشاط الكلية على البحرين بل تمتد لعموم منطقة الخليج العربي.

في الإطار ذاته، الترتيبات تتم على وجه الخصوص مع المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية بحيث تكون هناك مواصلات في الصباح لنقل الطلبة وخصوصاً الطالبات، وذلك لما تتوفر هنا من بيئة جاذبة للطالبات السعوديات، فتأتي الطالبات صباحاً لتنجز دراستها ونعيدهن لمنازلهن مساءً، وهو ما سنباشر العمل عليه العام المقبل، وذلك عبر إقامة مقر مركزي في السعودية. ولا نرى أية صعوبات تعترض المشروع بما في ذلك عملية التنقل من السعودية للبحرين والعكس وذلك في ظل وجود جسر الملك فهد بما يعني أن الانتقال لن يتطلب أكثر من نصف ساعة.

على مستوى التشريعات المنظمة لعمل الجامعات والمعاهد والكليات الخاصة، هل ترى أنها تشريعات مكتملة؟

- التشريع مكتمل ومستقر، وما كان التركيز عليه من قبل الدولة هو الجودة في التعليم، ومرة أخرى أريد أن أثني على دور الدولة في كل المراحل الخاصة بموضوع الجودة وعلى إغلاق أية مؤسسات لا تلتزم بمعايير الجودة.

هذا مديح للعين الحمراء...

- في الجودة لا وجود لعين بيضاء، ولا بد من استخدام العين الحمراء دائماً، إذ يمكن التنازل عن أي شيء إلا عن جودة التعليم، وفي العملية أسلوب صحيح وعلمي للرقابة وأنا أثني على هذا الدور الذي قام به سابقاً الأمين العام السابق رياض حمزة والآن الأمين العام الجديد عبدالغني الشويخ على نفس الخبرة والكفاءة، كما أشدد على أهمية الجودة التي يجب أن تكون المعيار الأساسي لكل ما تقوم به الدولة من رقابة.

الرقابة على الجودة لا على المساحة ولا على شكل المبنى بل على جودة التعليم، فنحن الآن في عالم ستنتقل فيه الجامعات والكليات والدنيا كلها إلى التعلم الرقمي، وبالنسبة للدول المتقدمة تحديداً أميركا فإن الدراسة تقول إنه في العام 2022 فإن 80 في المئة من الجامعات لن تشتمل على (Campus)، بحيث أن الطالب يأتي للجامعة ليس للعب، وحين تدخل على جامعات أميركا كهارفرد فلا وجود (Campus) بل هنالك بناية ضمن بنايات، وجامعة شيكاغو يقع مدخلها على الشارع الرئيسي (هايوي)، وكذلك الأمر مع كليتنا في العاصمة الأردنية عمان التي هي على شارع رئيسي ولا يوجد لدينا ملعب، وبالتالي نحن نؤيد سياسة التركيز على الجودة في المدخلات والمخرجات التعليمية وليست الجودة في المباني والساحات، وهو ما يوجد في بعض الجامعات مع الأسف وأنا هنا لا أتحدث عن البحرين بل حديثي عام، حيث تصرف هذه الجامعات 80 في المئة من موازنتها على العقار و20 في المئة فقط على التعليم. ساحات، مباني، قاعات، خدم، ومزارعين...

لذلك كله أنا أرحب وأقبل بصرامة مجلس التعليم العالي، فكلما اتعبني المجلس في الجودة كلما حافظت على اسمي، فأنا في نهاية المطاف يهمني اسم هذه المؤسسة.

فيما يتعلق بموقع العرب ضمن ركب التعليم عالمياً، ما هو تقييكم وهل لايزال هذا الموقع متراجع؟

- نحن في وضع سيء جداً، والتعليم في منطقتنا سيء جداً بالمعايير المستقبلية. بالمعايير التقليدية من كتاب وتاريخ إسلامي فنحن ممتازين، لكن إذا أردت الحديث عن التعليم المستقبلي فالوضع مختلف، وأنا أعترض على من يقول اليوم بضرورة امتلاك المرء لمكتبة طولها 10 أمتار وعرضها 5 أمتار، فالمكتبة الآن على الكمبيوتر وهناك شيء اسمه (digital library) تستطيع من خلالها الدخول على المراجع والمستندات الخاصة بالكونجرس في أميركا وأنت جالس على كرسيك، ولم تعد المكتبة بحاجة لصف الكتب على الرفوف ويأتي الطالب ليأخذها.

هل تعني أن العرب لم يفهموا هذا التطور بعد؟

- لا لم يفهموا، وأنا من هنا أشير إلى أن مشكلتنا أننا لم نحول البوصلة بعد ناحية فنلندا والدول الاسكندنافية، فهذه الدول هي من يقود عملية التغيير في التعليم لا أميركا ولا بريطانيا، بل إن أميركا وبريطانيا تحاولان اللحاق بهم، وهو ما يدفعني للقول بوجود دول رئيسية في التغيير في التعليم.

إذاً نحن نتحدث عن تغيير رئيسي، وهذا التغير لم نواكبه في الدول العربية.

إلى جانب إدارة البوصلة ناحية هذه الدول الإسكندنافية وفنلندا، ما هي نصيحتك للدول والشعوب العربية؟

- يجب أن ندرك أن المستقبل هو للتعليم الرقمي، وأن غير التعليم الرقمي سيندثر، كما قال رئيس جامعة هارفرد ورئيس جامعة (MIT)، وكل خبراء التعليم في العالم: 10 سنوات بعد اليوم، لن تجد كتابا لتطبعه وتعلمه لطلبتك، ونحن بدورنا أنشأنا أول جامعة رقمية بالكامل (جامعة طلال أبوغزالة الفضائية)، وليس (عن بعد)، فهناك فرق بين المصطلحين، فنحن جامعة رقمية بالكامل، بلا أساتذة ولا كتب ولا طلبة، كل العملية التعليمية من خلال (أونلاين)، وهذا هو المستقبل.

وبنسبة 100 في المئة أجزم، أن العالم سيغادر التعليم الورقي بعد 10 سنوات من الآن، ولن يبقى إلا (الْكُتَاب) والمدارس التي تعلم بطريقة قبل ألف سنة.

العدد 5323 - الإثنين 03 أبريل 2017م الموافق 06 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:36 ص

      اسمح لي يعني يا بو غزال ، الكتاب بيبقى موجود للابد ❤

    • زائر 2 | 1:26 ص

      اختلف معه. يظل للكتاب الورقي رونقه و بهاؤه
      نعم سنستخدم الكتب الرقمية ولكن لست مع استبدال العالم للكتب الورقية برقمية
      الكتب الورقية بيئة آمنة حاضنة لأطفالنا ولا يمكن لعاقل أن يقبل أن يتعرض طفله للإشعاعات الالكترونية بنسبة 100% طوال فترة دراسته.
      تطور فنلندا والدول الاسكندنافية لم يأتي فقط من تطبيق التعليم الرقمي وانما من تحديث استراتيجيات التعليم والتركيز على جودة المخرجات. ومن ناحية أخرى, التعليم ليس فقط تلقي لمادة تعليمية وانما هو تجربة بشرية تعود بمنافع عديدة كالتربية وتطوير مهارات التواصل.

اقرأ ايضاً