العدد 5325 - الأربعاء 05 أبريل 2017م الموافق 08 رجب 1438هـ

حي صفيح في إندونيسيا يتحول واحة مراعية للبيئة لتفادي خطر الإخلاء

حوّل سكان حي فقير في جاكرتا منطقتهم إلى نموذج يحتذى به على صعيد مراعاة البيئة في مسعى لتفادي المصير عينه لجيرانهم في أحياء أخرى في العاصمة الإندونيسية أرغموا على إخلاء منازلهم خشية غمرها بمياه الفيضانات.
وحلت البيوت المصنوعة من القرميد والخشب المحاطة بالبساتين والأشجار محل العمارات المتداعية والشوارع المليئة بالنفايات التي تنتشر على نطاق واسع في العاصمة الإندونيسية حيث يقطن 10 ملايين نسمة.
ومنذ العام 2015، يعكف سكان تونغكول، بمساعدة منظمات غير حكومية محلية، على تحسين وضع هذا الحي التقليدي أو "كامبونغ"، بحسب التسمية المحلية، لتجنب إرغامهم على إخلائه بسبب خطر الفيضانات، كما حصل مع جيرانهم.
فكل سنة، تودي الفيضانات التي تحدث في موسم الأمطار بحياة عشرات الأشخاص في أحياء الصفيح، خصوصا أن بعض هذه الأحياء الفقيرة نشأ على مسافة قريبة جدا من مجاري المياه.
وقد وضع حاكم جاكرتا الجديد، باسوكي تجاهاجا بورناما الملقب بأهوك، في صلب أولوياته مكافحة هذه الآفة. ومنذ سنتين، تكاثرت عمليات إخلاء المساكن المشيدة في أحياء البؤس على ضفاف المياه، مولدة جدلا واسعا في المنطقة.
وفي العام 2015 وحده، ألزمت أكثر من 8 آلاف أسرة على إخلاء منازلها ونقلت إلى أبراج بعيدة في أغلب الأحيان، بحسب تقديرات معهد المشورة القضائية في جاكرتا.

تباين واضح

عندما أدرك سكان تونغكول أنهم باتوا في مرصاد السلطات، أمسكوا بزمام الأمور لتحسين حيهم القائم منذ أكثر من نصف قرن على وجه السرعة في مبادرة غير مألوفة في العاصمة الإندونيسية.
ويقول بوجي راهايو (43 عاما) الذي يقطن هذا الحي "تخيفني فكرة أن اضطر إلى بدء حياة جديدة والإخلاء ليس خيارا بالنسبة لي".
وقام السكان بإزالة التلوث من المجاري المائية التي تمر في حيهم ولموا النفايات على متن عوامات خشبية ووضعوا مكبات للنفايات ولافتات يطلب فيها عدم ترك المخلفات في الشوارع. وأنشئت حفر صحية لتخفيض نسبة المياه المبتذلة في المجاري المائية. وبات الفرز الانتقائي للنفايات شائعا لدى قاطني هذا الحي الذي يضم 260 أسرة.
وقد قام بعض السكان بتدمير مساكنهم القريبة جدا من المياه لبنائها على مسافة خمسة أمتار، تماشيا مع الشروط التي وضعتها السلطات لتخفيض خطر الفيضانات.
ويقول غوغن محمد أحد القيمين على مشروع تحويل الحي "أردنا أن نظهر أنه في وسع الفقراء تغيير محيطهم".
وبالإضافة إلى عمليات التصحاح البيئي للمساكن، اعتمد السكان مشاريع زراعية حضرية مع زرع الخضار والأعشاب على نطاق واسع في مواقع خاصة وسط شجر الموز والمانغا والبابايا.
وطليت المساكن بألوان زاهية، كالأخضر والأصفر والأزرق، تتباين مع اللون الرمادي المهيمن على هذه الأدغال الحضرية بأبراجها.

سيف مصلت على الرقاب

وبات اليوم هذا الحي مختلفا كثيرا عما كان عليه في السابق. وهو لم يعد يتعرض لفيضانات وأزيلت منه جبال النفايات.
ويقول محمد (30 عاما) الذي يقطن الحي ويتعاون مع منظمة "أوربان بور كونسورتيوم" غير الحكومية التي وفرت الدعم لهذا المشروع "لم ينجح الأمر بعد بنسبة 100 في المئة لكن الوضع بات أحسن بكثير".
غير أن كل التقدم المحرز قد لا يكفي للحفاظ على هذا الحي، فالسلطات متمسكة بمشروع طويل الأمد لإعادة التخطيط في المدن تنوي في إطاره إرغام السكان على إخلاء مساكنهم القريبة جدا من مجاري المياه.
لكن سكان تونغكول لم يستسلموا بعد ولم يفقدوا الأمل، كما يؤكد محمد. فهم يحاولون عيش كل يوم بيومه من دون التفكير بهذا السيف المصلت على رقابهم.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً