العدد 5329 - الأحد 09 أبريل 2017م الموافق 12 رجب 1438هـ

البحرين : "الثقافة :إطلاق أحدث إصدارات مشروع نقل المعارف بعنوان "نهاية العالم كما نعرفه"

دراسة معمقة في علم الاجتماع

المنامة - هيئة البحرين للثقافة والآثار  

تحديث: 12 مايو 2017

أصدر مشروع نقل المعارف بهيئة البحرين للثقافة والآثار مؤخرًا النسخة العربية لكتاب عالم الاجتماع الأمريكي إيمانويل فالرشتاين بعنوان "نهاية العالم كما نعرفه، نحو علم اجتماعي للقرن الحادي والعشرين" والذي نُشر للمرة الأولى عام 1999 من قبل جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة الأميركية.

ينقسم كتاب "نهاية العالم كما نعرفه" إلى قسمين رئيسيين، يتناول الأول عالم الرأسمالية، ويتفرع من هذا القسم عددٌ من الفصول، أولها فصل العلم الاجتماعي والفترة الشيوعية الفاصلة أو تأويلات التاريخ المعاصر والذي يركز الكاتب فيه على العصر الذهبي لحكم الأحزاب الشيوعية، والحركة الماركسية-اللينينية في روسيا وإمبراطورتيها ودول شرق أوروبا الوسطى، وهي الفترة الممتدة من نوفمبر 1917 وحتى العام 1991 أي العام الذي حُل فيه الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي. كما يحاول الكاتب في هذا الفصل إيضاح التاريخ الاجتماعي السياسي لأوروبا في القرن التاسع عشر والذي تميز بظهور رأيين مختلفين عقب الثورة الفرنسية، يقول الأول بأن التغير السياسي أصبح ظاهرة عادية ومتوقعة تمامًا. أما الرأي الثاني فيتجه نحو الراديكالية ويأتي بمعنى مغاير "للسيادة الوطنية"، فيصفها بأنها تتمثل في الشعب لا في أي قوةٍ سواه.

ينتقل الكتاب إلى أفريقيا، وتحديدًا إلى المؤتمر الوطني الأفريقي وهو واحدٌ من أقدم حركات التحرر الوطني على مستوى العالم، ويصفه الكاتب بقوله "إنه آخر حركة حققت هدفها الأول، وهو تولي السلطة السياسية"، ثم ينتقل الكاتب نحو شرق آسيا ليستعرض نهوضها الذي بدأ يحتل موقعًا مهمًا في أبرز المحافل الدولية بدءًا من العام 1970، وكانت التساؤلات حينها تدور حول تفسير النمو الذي شهدته دول شرق آسيا كاليابان والصين، والتنبؤات المتعلقة بالنمو الاقتصادي لتلك الدول في القرن الحادي والعشرين.

يناقش إيمانويل فالرشتاين في ختام القسم الأول من الكتاب الأزمة الآسيوية الجيوسياسية في المدى البعيد، ثم يعاود الاستفاضة في الأيدولوجيات السياسية ويشرح الرأسمالية، الليبرالية، والديموقراطية.

في القسم الثاني من كتاب "نهاية العالم كما نعرفه"، يطرق الكاتب باب المعرفة ليعرّف القرّاء على كيفية تحليل الواقع والوقوف عند المعطيات والدلائل في سياق علم الاجتماع، حيث يقول "إننا كعلماء اجتماعيين، نعلم أن إحدى الطرق الناجحة لتحليل الواقع الاجتماعي تتمثل في التركيز على ظاهرةٍ وصفية مركزية خارجة عن المألوف والسؤال عن سبب وجودها أصلًا؟ وكيف يمكن تفسيرها؟ وما النتائج المترتبة عن وجودها؟"

كما يعتبر فالرشتاين التمايز أو التفاضل أحد المفاهيم الأساسية في منظومة المصطلحات السوسيولوجية، حتى في تحليل المعرفة، فهو يرى بأنها قائمة على وجود تغايرٍ أوسع باعتبارها تتوزع على تخصصات متعددة بيد أن المعرفة في رأيه تتجاوز العديد من الاختلافات فيما يتعلق بعاملَي المكان والزمان. وقد ضرب الكتاب مثالًا على ذلك حيث ذكر الجمعية الدولية لعلم الاجتماع والتي تأتي نتيجة لتراكمات من التغاير امتدت على مدى قرونٍ من الزمن حتى قبل اكتشاف علم الاجتماع، حتى إن ميكافيللي واجتهاداته في الفقه السياسي، أو باروخ سيبنوزا وعمله على النهج الديكارتي وتركيزه على الأخلاق وعلاقتها بالمعرفة الإنسانية، أو مونتسكيو وهو صاحب نظرية فصل السلطات المعتمد حتى اليوم، لم يصفوا انفسهم بعلماء اجتماع إذ لم يكن العلم موجودًا آنذاك.

وفي ذات السياق، يُرجع الكاتب العلوم الاجتماعية لأصولٍ مركزيةٍ أوروبية، معللًا ذلك بأنه طبيعي فما العلوم الاجتماعية إلا نتاج النسق العالمي الحديث، وقد ولد العلم أساسًا لمعاجلة مشكلاتٍ أوروبية في مرحلةٍ تاريخية كانت أوروبا مهيمنةً على النسق العالمي بأسره، مشيرًا إلى أن "أوروبا" تأتي كمصطلح ثقافي وليس جغرافي، حيث يذكر الكاتب بأن العلوم الاجتماعية وحتى العام 1945 تمركزت في خمس دول رئيسية هي فرنسا، بريطانيا العظمى، ألمانيا، إيطاليا، والولايات المتحدة، ويصف الكاتب النزعة المركزية الأوروبية بأنها إحدى العناصر المكونة لجيو-ثقافة العالم الحديث، كما يستعرض آراء المحللين في أوجه تعبير العلم الاجتماعي عن تلك النزعة ويذكر  وجهات نظر  المحللين الذين رأى بعضهم أن العلم الاجتماعي يعبر عن نزعته المركزية الأوروبية في تأريخها، ضيق الأفق الفكري في نزعتها التعميمية الكلية، فرضياتها حول الحضارة الغربية، نزعتها الاستشراقية، ومحاولاتها فرض نظرية التقدم. ويعرض الكتاب تفصيلًا لتلك موسعًا لتلك الآراء.

يستطرد إيمانويل فالرشتاين في فصول قسمه الثاني ويشرح بنية المعرفة وظهور مؤشرات علمنة المجتمع والتي ظهرت بدايةً برفض اللاهوت بوصفه نمط المعرفة الجامع، ويضيف أنه بحلول القرن الثامن عشر كان دعاة العلم يرفضون الفلسفة بشكلٍ علني بوصفها مجرد تأملات استنباطية، ويدعون إلى أن المعرفة التي ينادون بها هي المعرفة العقلانية، وبالتالي فقد ظهرت مشكلاتٌ نتيجةً لهذا "الطلاق" بين الفسلة والعلم.

يركز الكتاب في آخر فصوله على نشوء تحليل الأنساق العالمية واندثاره في المستقبل، والعلم الاجتماعي والسعي إلى مجتمع عادل، وأخيرًا على تراث علم الاجتماع ووعد العلم الاجتماعي الذي يبرهن الكاتب فيه على ما أسماه "ثقافة علم الاجتماع".

يذكر أن كتاب "نهاية العالم كما نعرفه" هو الإصدار الثامن لمشروع نقل المعارف الذي يقوم فريق عمله بالعمل على إنجاز  ترجمة من 50 كتاباً من أمهات الكتب العالمية. أما الكتب التي صدرت قبل هذا الكتاب فهي: "تفكر؛ مدخل أخاذ إلى الفلسفة" للفيلسوف سايمن بلاكبرْن، "هل اعتقد الإغريق بأساطيرهم، بحث في الخيال المكوَّن" لأستاذ الفكر اليوناني بول فايْن، "لغات الفردوس" للمؤرخ موريس أولندر، كتاب "التحليل النفسي علماً وعلاجاً وقضيّة"  لعالم التحليل النفسي مصطفى صفوان.  "الزمن أطلالاً" للكاتب الفرنسي مارك اوجيه، "أصول الفكر الإغريقي" لِجان بيير فرنان، و"الأبجديات الثلاث اللغة والعدد والرمز" للباحثة كلاريس هيرنشميت.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً