العدد 5341 - الجمعة 21 أبريل 2017م الموافق 24 رجب 1438هـ

القطان: «الإسراء والمعراج» رسالة للمقهورين تحت سياط الجبابرة بأن الفجر سيُبدد الظلمات

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

قال خطيب جامع الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان بن عبدالله القطان في خطبته أمس الجمعة (21 أبريل/ نيسان2017)، إن في حادثة الإسراء والمعراج «رسالة وخطاباً إلى المظلومين في كل مكان، إلى المقهورين تحت سياط الجبابرة والظلمة، أنه مهما كان الظلام حالكاً، وسواد الليل يغطي هذا الكون، ومهما كان اليأس يرمي بظلاله على الأحداث، فلا بد أن يأتي الفجر ليبدد الظلمات، وينشر النور».

وبعنوان «مناسبة الإسراء والمعراج»، قال القطان: «حينما يكون الحديث عن سيرة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الحديث يطيب، والقلوب تهفو، والآذان تصغي، تلك السيرة العطرة هي المنهل العذب، والمنبع الصافي، التي يستنير بها المسلم في دياجير الفتن والمحن، وغبش المدلهمات والظلمات».

وتابع «لقد طــاف محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بداية الدعوة الإسلامية، بتجمعات القبائل، وقصد الرؤساء، وتوجه إلى الوجهاء والكبراء، والتقى بالتجار والركبان والمسافرين، فعل ذلك كله 10 سنوات وهو يرجو أن يجد من ينصره ويحمل معه رسالة ربه عز وجل... كان محمد صلى الله عليه وسلم، يقول في كل موسم: (من يؤويني؟ من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي؟)، ومع كل هذا لم يجد من يؤويه ولا من ينصره، إلا القليل، وسدت كل الأبواب في وجهه... وتعرض بأبي هو وأمي وأصحابه للإيذاء والسخرية والاستهزاء والتعذيب بجميع أشكاله، وقامت الأجهزة الإعلامية لقريش وللقبائل من حولها بحملة تحريض وتشويه لمحمد صلى الله عليه وسلم ولدينه وأصحابه، حتى كان الرجل من أهل اليمن أو من مضر يخرج إلى مكة فيأتيه قومه فيقولون له: احذر غلام قريش لا يفتنك... وخرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، لعله يجد من يهتدي بهديه، ويلتزم دينه، فما كان منهم إلا الصد والمنع والسخرية والإيذاء... وتخيلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يريد لهم الخير والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، مع شعوره بعبء المسئولية التي تحملها، والأمانة الملقاة على عاتقه، ومع ذلك لا يجد من قومه غير التكذيب والسخرية والاستهزاء والتحريض والإيذاء».

وتساءل القطان «كيف ستكون حالته النفسية؟ ما هو شعوره وهو وحيد يواجه هذه الأمواج المتلاطمة من المؤامرات والكيد والعداء والتحريض؟ إلى جانب أن سنده الذي كان يدافع عنه، عمه أبا طالب، قد مات، وزوجته خديجة التي كانت تخفف عنه قد لحقت بربها، ومع ذلك لم يفقد الأمل، ولم ييأس. بل شعر -صلى الله عليه وسلم- أنه ربما يكون مقصراً في دعوته وتبليغ دين الله، فتوجه إلى ربه يدعوه، ويستمد منه العون، ويعترف بضعفه، ويطلب رضا ربه، فقد ورد في التاريخ والسير أنه صلى الله عليه وسلم دعا ربه متضرعاً إليه فقال: (اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي، وَقِلّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ. أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي، إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك)».

وذكر القطان «بعد هذه الأحداث، وفي ظل هذا الوضع المرير، وتنكُّر القريب والبعيد، أذن الله تعالى بأن تكون رحلة الإسراء والمعراج؛ لتكون بمثابة خطة عمل إيمانية، وتربوية، وتعليمية، وتشريعية، للدولة الإسلامية الجديدة؛ لأنها بعد ذلك ستقود الأمم، ويكون لها الصدارة، بما تحمله من مؤهلات ربانية، وقيم خالدة، ومشروع حضاري يسع الإنسانية جميعاً، يقول تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فكان في هذه الرحلة أحداث ومواقف، وتوجيهات، ومعجزات وكرامات، وتشريعات، وكان أهمها الصلاة التي فرضت على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- في السماء في ليلة الإسراء والمعراج؛ لأهميتها، وفضلها، وأثرها في حياة الفرد والمجتمع والأمة. وكان لهذه الرحلة أبعاداً تربوية عظيمة، فمن ذلك بعث الأمل في النفوس، وعدم اليأس من الواقع مهما كان؛ لأن المتصرف بأحوال الناس وأعمارهم وأرزاقهم وحياتهم وموتهم هو الله وحده سبحانه وتعالى، فيزداد المؤمن إيماناً ويقيناً وثقة بالحق الذي يحمله، والخير الذي يسعى من أجله، ولئن ضاقت عليه الأرض بما رحبت فهناك آفاق السماء، وآفاق الآخرة، وآفاق الجنة، وآفاق النعيم الذي جعله الله لعباده؛ ولئن خذلته قوة البشر فهناك قوة الله تبارك وتعالى».

ودعا القطان إلى «الاستفادة من البعد التربوي من حادثة الإسراء والمعراج، فنحيي في النفوس الأمل، وفي الأوطان الغد المشرق، وفي الأحداث والمواقف والتصورات، الإيجابية والتفاؤل، وخاصة ونحن في زمن كثرت فيه الفتن والمصائب، وسفكت فيه الدماء، واحتدم الصراع فيه على الدنيا، وشوهت فيه القيم والمبادئ، وأصبحت القوة والمصلحة المادية هي اللغة التي تحكم العلاقات بين المسلمين كأفراد ودول ومجتمعات، وتلاعبت كثير من النخب السياسية والدينية والإعلامية بأحكام الدين وأوامر الشرع؛ اتباعا للهوى، ورغبة في متاع دنيوي... وأصحاب الحق والخير والصلاح، الثابتون على دينهم، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، والمحافظون على المبادئ والقيم، يعتريهم من هذا البلاء والعنت والشدة والضيق الشيء الكثير، وقد تضعف نفوس، ويبلغ اليأس ببعضها؛ لطول الطريق، وشدة البلاء، وتأخر النصر، وتبدل الأحوال؛ لكن المؤمن الواثق بربه، المتصل به، عنده أمل لا يعتريه يأس، وثقة لا يخالطها شك، بأن الله -سبحانه وتعالى- سيجعل بعد كل عسر يسراً، وبعد كل شدة فرجاً ومخرجاً؛ فيقف المسلم كالجبل الأشم لا يتزعزع ولا يتزلزل أمام هذه العواصف والمؤامرات... وهو إذا رأى الباطل يقوم في غفلة الحق، أيقن أن الباطل إلى زوال، وأن الحق إلى ظهور وانتصار، يقول تعالى: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) ويقول سبحانه: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ، كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ)، وهو إذا أدركته الشيخوخة، واشتعل رأسه شيباً، لم ينفك يرجو حياة أخرى فيها شباب بلا هرم، وحياة بلا موت، وسعادة بلا شقاء (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا *لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًاً)».

وأشار القطان إلى أن «الأمل، والثقة بالله، والتوكل عليه، قوة لا تلين، وحصن لا يهدم، وجيش لا يهزم، وهو سلاح المؤمنين عند نوائب الدهر وتقلب الزمان... وإن في هذه الحادثة رسالة وخطاباً إلى المظلومين في كل مكان، إلى المقهورين تحت سياط الجبابرة والظلمة، أنه مهما كان الظلام حالكاً، وسواد الليل يغطي هذا الكون، ومهما كان اليأس يرمي بظلاله على الأحداث، فلا بد أن يأتي الفجر ليبدد الظلمات، وينشر النور، يقول عز وجل: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ويقول تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ويقول سبحانه: (وَكَانَ حقًّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) فثقوا بالله، وأملوا، وأحسنوا العمل، وثقوا بربكم، واثبتوا على دينه، وتوكلوا عليه في جميع أموركم الدينية والدنيوية؛ فهو نعم المولى ونعم النصير!».

وأوضح القطان انه «من دلالات البعد التربوي من رحلة الإسراء والمعراج أن نستوعب -نحن المسلمين- أن للإسلام رسالة حضارية يجب أن نقدمها للعالم، وتظهر في أعمالنا وسلوكياتنا، رسالة حضارية تبني ولا تهدم، وتعمر ولا تخرب، وتحيي ولا تقتل أو تسفك الدماء أو تزهق الأرواح، وتجمع ولا تفرق... رسالة حضارية، تملأ نفوس أصحابها بالحب وإرادة الخير لجميع الناس، رسالة موصولة بالماضي، ومتصلة بالحاضر والمستقبل، فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنبياء جميعهم في المسجد الأقصى، والتقى بهم، وفي هذا دلالة على أستاذية العالم، وأنه صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن مشعل الهداية والدعوة والبلاغ، سينتقل إليه وإلى أمته من بعده؛ ولذلك كان قلبه يشع بالرحمة، ولم ينتقم لنفسه، لا في السلم ولا في الحرب».

وبين أنه «قبل حادثة الإسراء والمعراج، قد لقي من قومه كل أنواع الصد والتكذيب والعذاب، والسخرية والإيذاء، لم يحمل عليهم، ولم ينتقم أو يفكر بالانتقام؛ بل كان رحيماً بهم، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رُدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، قَالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ؛ (أي الجبلين العظيمين) فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً) اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون. هكذا كان الحبيب! بكلمة واحدة إلى ملك الجبال، يستطيع أن يدمر كل شيء في مكة، ولا يُبقي فيها واحداً من المشركين، دون أن يكلفه شيئاً إلا كلمة واحدة. لكنه أبى؛ لأنه رحمة للعالمين، لأنه ذو قلب ينبض بالحب لكل الناس أن يهتدوا، أو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله وحده. فإلى الذين يتصورون من عند أنفسهم، أن الإسلام إنما قام وانتشر بالقوة والعنف والقتل وسفك الدماء والتفجير والاختطاف ونشر الفوضى والإخلال بالأمن وتفجير المنشآت، عودوا إلى صوابكم وسنة نبيكم، وثوابت دينكم، فقد أفسدتم بتصوراتكم هذه الحياة، ولم تحققوا نصراً، أو تجنوا ثمراً، ولن تصلوا إلى مبتغاكم إن صلحت نياتكم، إلا بمشروع حضاري يجمع في طياته عمارة الدنيا والآخرة».

وأكد القطان في خطبته على أن «معجزة الإسراء والمعراج بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم جاءت لتربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام إلى محمد خاتم النبيين، كما ربطت بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعاً بإعلان وراثة الرسول الأكرم لإرث النبوات، وهو إرث التوحيد والإيمان وأماكن العبادة التي تمثلها المقدسات... فابتداء رحلة الإسراء من المسجد الحرام بمكة، وانتهاؤها بالأرض المباركة في المسجد الأقصى بالقدس، يدل على قداسة هذين المسجدين وما يحيط بهما من أرض شهدت مبعث النبوات والرسالات، ولهذا كان المسجد الأقصى القبلة الأولى التي لا تنسى للمسلمين، وكان المسجد الحرام القبلة الدائمة التي يتوجهون إليها كل يوم، ويحجون إليها كل عام... وهذا يقتضي وجوب المحافظة من قبل المسلمين على هذين المسجدين ورعايتهما، فلا يكون المسلم في أمان في رحاب هذه المساجد على عقيدته وعبادته إذا لم تكن هذه المساجد في حوزة المسلمين، وكيف لا وهي تمثل رموز التوحيد وترتبط بالعقيدة والعبادة، ولا حرية للعقيدة والعبادة في ظل حراب الصهاينة المحتلين... هذا وقد قام الخليفة العادل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بفتح القدس، ليهيئ للمسلمين حرية الوصول إلى المسجد الأقصى، وليشدوا رحالهم إليه وإلى المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف في ظل راية الإسلام وعزة المسلمين... وعلى نفس الخطى سار محرر القدس صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، حينما وقع المسجد الأقصى في أسر الاحتلال الصليبي أزاح عنه الغمة، وأعاده إلى رحاب الإسلام حراً عزيزاً يرتفع نداء التوحيد في سماء وفضاء القدس التي أرادها الله حاضنة للمسجد الأقصى الذي خلد الله ذكره في كتابه العزيز، وجعله ملتقى الأنبياء والمرسلين بسيد الخلق أجمعين، في هذه الرحاب الطاهرة ليلة الإسراء والمعراج».

ونبه القطان إلى أن «ذكرى الإسراء والمعراج تهتف بالمسلمين جميعاً حكاماً ومحكومين، أن يولوا وجوههم شطر المسجد الأقصى الأسير، ليرفعوا عنه وعن أهله الظلم والضيم، ويفكوا القيد، ويشدوا رحالهم إليه في مسيرة كالأولى بين الفاتحين الكرام، والمحررين العظام، ولا يكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًاً، وليعلموا أن الله سائلهم عن هذه الأمانة، أحفظوا أم ضيعوا؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، وليتيقنوا وليبشروا بأن الله تعالى ناصر عباده المؤمنين، فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لايضرهم من جابههم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس). وصدق الله العظيم حيث يقول: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)».

وناشد القطان قادة الفصائل الفلسطينية، لـ «أن يترفعوا على جراحاتهم، وأن يتناسوا خلافاتهم، وأن يطوقوا كل فتنة، وأن يعملوا جاهدين على رص الصفوف، وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة، فالمحافظة على الأقصى والقدس والمقدسات، لا تكون إلا بالوحدة، ورص الصفوف، ونبذ الخلافات. وعليه يتوجب على أهل فلسطين جميعاً بمختلف توجهاتهم، وانتماءاتهم، وأحزابهم أن يتقوا الله تعالى، وأن يقفوا في خندق واحد، في مواجهة الاحتلال الصهيوني لإنهائه، فلا مجال ولا مبرر للاختلاف والنزاع بل للحوار البناء، والتوصل من خلاله إلى نتائجَ إيجابيّة. (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)».

العدد 5341 - الجمعة 21 أبريل 2017م الموافق 24 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً