العدد 5341 - الجمعة 21 أبريل 2017م الموافق 24 رجب 1438هـ

«المؤسسات الوطنية» وتحويلها لماكنات «تخوين»

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في (25 مايو/ أيار 2012)، فاجأت في ذلك الوقت رئيسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لورا ديبوي لاسير، الوفد الرسمي البحريني بجنيف، حين طالبت بأن تضمن حكومة البحرين حماية أعضاء الوفد الأهلي البحريني، المشارك في جلسات الاستعراض الدوري الشامل للبحرين، بعد عودتهم إلى بلادهم، وذلك على إثر التهديدات التي وُجهت لأعضاء الوفد في تقارير إعلامية، على حد قولها.

ورداً على ذلك، رد رئيس الوفد البحريني في ذلك الوقت أيضاً وزير حقوق الإنسان صلاح علي بالقول: «ليست هناك أية جهة تهدد أي شخص، سواء كان مشاركاً في هذا الاجتماع أو غيره من منظمات حقوق الإنسان، والكلام الذي تفضلتِ به عارٍ عن الصحة، مع أننا نؤكد في هذا المجال على احترامنا حقوق الإنسان، ويوجد هنا في هذا المكان من يمثل جمعيات المجتمع البحريني وجمعيات حقوق الإنسان، وهم ينتقلون بكامل حرياتهم من بلد إلى آخر ومن مكان لآخر من دون مصادرة لأي حرية من حرياتهم. وأنا أؤكد على هذا الكلام وأبينه للمجلس».

ذلك الحديث حفظه التاريخ، نعيده حالياً للحديث عن مؤسسات وطنية يبدو أن زمام امورها ستسلم لشخصيات تصف الوفود الأهلية والنشطاء الحقوقيين المعارضين للسياسات الرسمية بـ»الخونة»، وفي وصف وتعبير يجافي مفاهيم حقوق الإنسان والأعراف والمعايير الدولية.

في تصريحات موثقة قيل: «نحن نساند إجراءات المملكة تجاه هؤلاء الأشخاص لأنهم ليسوا بحرينيين، والشخص الذي يريد إدانة بلده في المحافل الدولية لا يسمى حقوقيا هذا خائن، لا يوجد في العالم مواطن يريد إدانة بلده في المحافل الدولية، أما من يرغب في الإصلاح فهذا هو المواطن الحقيقي وهذا لا يوجد لدينا اشكالية معه، ومن حقه أن ينتقد داخل البحرين، أما من يعمل على إدانة المملكة ويصرح بذلك فبمجرد التصريح هذا يؤكد أنك لست مواطنا له ولاء للبلد». (صحيفة محلية 9 يوليو/ تموز2016).

شخصية بهذه اللغة «تخون» الآخر، وترفض تحركاته، ولا تؤمن بحقوق الآخرين في التحرك والتعبير عن آرائهم وفي التواصل مع العالم الخارجي، وفي انتقاد سياسات بلدهم من أجل إصلاحها وتعزيزها، لن تطور عمل أي مؤسسة، ولن تقدم أي جديد فيها، بل ستعمل على تعميق جراحها، وزيادة تراجعها، والإسراع من سقوطها، وعدم نيلها أي اعتراف دولي، حتى وإن ادعى أنه قادر على ذلك.

الحكومة نفت عن نفسها، ورفضت ما قيل عن انها تهدد نشطاء حقوق الإنسان، والوفود الأهلية التي تشارك في المؤسسات والمنظمات الدولية على انهم ممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني.

كيف يمكن لأي مؤسسة وطنية سواء كانت حقوقية أو غيرها، أن تحمل لواء الإصلاح، والمصالحة وحفظ حقوق الإنسان وتعزيز القيم الإنسانية، أن تحمل في طياتها لغة «تخوين» الآخر، أن يتسلم زمام امورها، من يعتقد أن من يختلف معه في الأساليب والعمل هو «خائن» وليس ابنا للبلد!

كلنا يعلم أنه وبحسب ما تنص عليها مواثق الأمم المتحدة، فإن المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والجهات الفاعلة الأخرى في المجتمع المدني جزء لا يتجزأ من مجلس حقوق الإنسان باعتبارها هيئات لها صفة المراقب في المجلس.

تلك المؤسسات وتلك المنظمات والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، في نظر البعض عندما تنتقد الأوضاع الحقوقية في بلدانها،»خونه لبلدانهم»، هذه النظر القاصرة والمريضة لا يمكن أن تولى زمام مؤسسات وطنية سيقال عنها أنها تعمل على تعزيز مبادئ حقوق الإنسان، أو غرس ثقافة التعددية والتسامح المجتمعي، بل ستعمل على تعزيز الانقسام وإشاعة لغة «التخوين».

من أجل إصلاح تلك المؤسسات الوطنية، وتصويب مسارها، ووضعها على الطريق الصحيح، لتنال ثقة الناس اولاً، والعالم ثانياً، وحتى تنال أي اعتمادية، تحتاج لتكون فعلاً «مستقلة» في قرارها وعملها ورأيها، وان تكون محايدة، ونزيهة وصادقة مع نفسها قبل غيرها، وأن تسلم لشخصيات تحظى بقبول الجميع، وتقف على مسافة واحدة بين الفرقاء، تمارس دورها بمهنية واحترافية، لا تنتهج «تخوين» أحد، ولا تستعدي أحدا، همها الأول والأخير تحقيق أهدافها وتعزيز مفاهيمها، لا ان تسترضي طرفاً على طرف، بل العمل على تعزيز المفاهيم والحقوق الإنسانية، بعيداً عن التخوين.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 5341 - الجمعة 21 أبريل 2017م الموافق 24 رجب 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 7:20 ص

      الأجنده جاهزه والردود جاهزه اكتب مافيه مصلحه للمواطن الحر الموالي لبلده .

    • زائر 20 | 6:18 ص

      ما نطالب به هو حقوقنا القانونية والدستورية كمواطنين

    • زائر 19 | 6:13 ص

      شر البلية ما يضحك

    • زائر 17 | 2:49 ص

      لا اعرف الشخصية التي تتكلم عنها و لكني اتمنى لها التوفيق

    • زائر 14 | 2:11 ص

      ولاة تنكتب هالنمونه طال عمرك
      خبّر جماعتك يعطونك التعليقات جاهزه

    • زائر 12 | 1:46 ص

      يفرحون لقصف سوريا بالصواريخ الأمريكية ويدعون العالم للمشاركة في تدميره ثم إذا نقلت انتهاكات حقوق الإنسان في بلدك للعالم، فقط للضغط من أجل إصلاحها يسمونك عميلا وخائنا.

    • زائر 10 | 1:21 ص

      المسئلة باينه اى واحد يتكلم بالحق فى نظر القانون خائن واى واحد مفسد ومصلحشى نفس معلق وزائر 8 يعتبر مخلص للوطن هم لم يحسبوها عدل المواطن البحرينى لن يستسلم وسيسير فى مطالبه الشرعيه الي الدستور سناها والله ياخد الحق

    • زائر 8 | 12:14 ص

      اللهم وفق ولات امرنا لكل ما فيه مصلحة البلاد والعباد اللهم انعم علينا بالامن والاستقرار

    • زائر 13 زائر 8 | 1:55 ص

      ناقص الدعاء... الله لا يغير علينا..

    • زائر 28 زائر 13 | 2:46 م

      وأيضا لا تنسى بصوتك تقدر امبرم

    • زائر 7 | 12:04 ص

      لو وجدو من ينتهكو حقوق المواطن ان هناك مجتمع دوليا فاعل يضغط على من يسمون أنفسهم رعاة حقوق الإنسان و أن هناك عدالة حقيقية سوف تطال المجرمين لما تمادو إلى هذا الحد .

    • زائر 6 | 11:48 م

      منطق لا أوريكم إلا مارى هذا هو منطقهم .

    • زائر 5 | 10:58 م

      .
      الرد المناسب لك موجود الآن على صفحة محليات (جملة إستدعاءات لحقوقيين للنيابة العامة ليوم بعد غد) أما عن نفي الحكومة بأنها لن تستهدف النشطاء الحقوقيين غير صحيح ، بل تستهدف الحقوقيين والمصورين والصحفيين ورجال الدين والأطفال والنساء وووو والقائمة طويلة وعريضه.

    • زائر 3 | 10:44 م

      ننتظر منهم تبرير حالات التعذيب في السجون او نفيها
      كما ننتظر منهم تبرير حصار 20000 مواطن
      والكثير الكثير على ارض البحرين بحاجة لتبرير او تكذيب

    • زائر 2 | 10:39 م

      خوش تتن : حين يصبح المخوّنون أوصياء ورقباء على ملفّ حقوق الانسان، الملفّ الذي وصموا كل من طالب به خائن وعميل وصفوي، يسلّمون اليوم هذا الملف لكي تكتمل الصورة .

    • زائر 1 | 10:38 م

      حبيبي الخال
      سيدعلوي من الدراز يكمل الاثنين 6 شهور بالضبط
      ولا خبر جاء ولا وحي نزل ؟

    • زائر 4 زائر 1 | 10:46 م

      صدقت وجبتها في الصميم ومثل السيد كثر يعتقلون لمدد تتجاوز ثلاثة واربعة وخمسة اشهر دون ان يعرف عنهم اهلهم شيء وهذا وهذا المؤسسية تعمل وتستلم رواتب كونها تدافع عن حقوق الانسان بس أي انسان ؟

اقرأ ايضاً