العدد 5350 - الأحد 30 أبريل 2017م الموافق 04 شعبان 1438هـ

في يوم العمال: مؤسسات وخبراء ينصفون البحريني: كلفته ليست الأعلى... وولاؤه ليس الأقل

جعفري: مردود أجانب الإنشاءات على الاقتصاد البحريني بـ «الماينس»

عبارة نمطية لطالما ترددت، فكانت ذريعة ضمن ذرائع تفضيل الأجنبي على البحريني، في مجال التوظيف.

«مقارنة بالأجنبي، العامل البحريني أقل ولاءً لمؤسسته وأكثر كلفة»، تهمة ونتيجة ألقت بهما «الوسط»، وفي يوم العمال العالمي، على عدد من ممثلي مؤسسات وأصحاب أعمال، فكان النفي، فيما كان خبير الإدارة الإنتاجية أكبر جعفري يختار وضع الإصبع على الجرح مباشرةً: «عدم الولاء سببه الإدارة لا العامل أو الموظف، فالعادات (سلبية أم إيجابية) تبدأ من الأعلى للأسفل، وإذا ما حققت الإدارة أو المؤسسة مصلحة العامل سيتحقق الولاء، لكن حين تظلمه في أدنى احتياجاته، فهي من تتحمل تبعات ذلك».

واستشهد جعفري في حديثه هذا على ما تتحقق من نجاحات بحرينية في شركات كبرى كألبا وبابكو، وبنوك عالمية، مضيفاً وهو يخاطب أصحاب الأعمال «حين يكون لديك موظف كسول، فلأنك أنت هكذا، والموظف (العيار) انعكاس للمؤسسة».

يبدأ المدير في فنادق ويستن البحرين سيتي سنتر، سيدطاهر الوداعي، الحديث ليرد على تهمة ضعف ولاء البحريني لمؤسسته بالقول «من واقع تجربة فإن هذه التهمة غير صحيحة، فلدينا على سبيل المثال بحرنة بنسبة تتجاوز 20 في المئة، بعضهم يعمل منذ ما يزيد عن السبع سنوات»، مضيفاً «الامتيازات والراتب لا شك أنها أمور مهمة لدى البحريني، لكن الأهم من ذلك هي المعاملة والأمان أو الاستقرار الوظيفي، ومتى ما شعر بذلك فلن يغادر المؤسسة لفارق مالي بسيط».

وتابع «يمكن أن أتحدث هنا عن تجربتي الشخصية، فأنا لم أصل لمرتبة مدير بين عشية وضحاها. البداية كانت من خلال وظيفة موظف عادي، لكن بسبب عطائي بكل ما أستطيع تقديمه للشركة فإن الشركة منحتني الثقة ووصلت لما وصلت له اليوم».

ورداً على سؤال بشأن أسباب تفضيل بعض المؤسسات الأجنبي على البحريني، قال «للأسف فإن البعض يعتقد أن الأجنبي أقل كلفة من البحريني وصاحب أداء أكثر، لكن حين نأتي لأرض الواقع فإن الحقيقة مختلفة، تحديداً حين نحتسب الكلفة من جميع النواحي، وفي بعض الحالات قد يكون الأجنبي أقل كلفة لكن الفارق ليس كبيراً».

وللتدليل على ذلك، قال «لنأخذ هنا مثالاً توضيحياً ونقارن بين البحريني والأجنبي من نفس الوظيفة (عامل تنظيف)، فالبحريني لن يقل راتبه عن 300 دينار، والأجنبي 150 ديناراً. صحيح هنا أن مقدار الراتب هو النصف لكن ذلك من دون احتساب تكاليف أخرى تشمل رسوم هيئة تنظيم سوق العمل، والتأشيرة، والتذكرة، والسكن، والتأمين الصحي».

وأضاف «مجموع هذه التكاليف سيغطي الفارق بين راتب الأجنبي وراتب البحريني، فمن الأقل كلفة هنا؟»، لافتاً إلى أن «بعض الشركات البحرينية لا تستطيع خداع البحريني وتوظيفه 12 ساعة يومياً بالمجان، بينما تعلم الأجنبي قبل استقدامه أن فترة عمله تمتد إلى 12 ساعة ولا خيار آخر أمامه، فيأتي مضطراً للعمل لنصف يوم، وهذه نقطة يتم استغلالها من قبل بعض المؤسسات».

وفي الحديث عن إقبال البحريني على وظائف دون أخرى، قال «المسألة تتفاوت، ولدينا على سبيل المثال في مغسلة الفندق، 80 في المئة بحرينيون من مجموع عمالها، والإقبال على التوظيف نراه كبيرأ من قبل البحرينيين، لكن بالتأكيد ومن المنطقي أن البحريني سيرفض العمل في وظائف متدنية جداً».

وخلال مشاركة الشركة في معرض التوظيف الذي أقامته وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مؤخراً، تلقت الشركة المئات من طلبات التوظيف، تركزت على الوظائف الإدارية والمنسق والاستقبال والحجوزات، وفقاً لتوضيحات الوداعي، والذي وجه في هذا الصدد نصائحه للباحثين عن عمل فقال «قبل اختيار التخصص الجامعي، من المهم معرفة احتياجات سوق العمل، وللأسف هناك من لا ينتبه لذلك».

وأضاف «في الوقت الحالي، فإن القطاع السياحي يمثل أحد القطاعات الواعدة، بنموه وتوليده وظائف جيدة من ناحية الرواتب والتسهيلات والاستقرار الوظيفي، لذا أنوه إلى ضرورة وضع القطاع السياحي ضمن اختيارات الباحثين عن عمل وخصوصاً أن البحرين باتت تضم سياحة في جامعة البحرين ومعهد البحرين ومن المؤمل أن تنشئ أكاديمية للسياحة من قبل هيئة البحرين للسياحة».

وتابع سلسلة نصائحه: «ابدأ من الصفر، افتح الباب وادخل، وستجد أن التطور سريع جداً، وخلال سنتين إن لم (تتحرك) من مكانك فتيقن أن (الخلل فيك)»، منوهاً بمقدار الزيادة التي يمكن أن تتحقق خلال هذه الفترة والتي تقدر بنسبة 25 في المئة خلافاً للحوافز والامتيازات.

بدوره، تحدث المدير في شركة (عوان ميديا) محمد فتحي، عن مستوى الإقبال على الوظائف التي يولدها مجال الإعلان والتسويق، فقال «الإقبال كبير وبالمئات»، مضيفاً «يعتمد مجال الميديا والإعلان على الابتكار، ولا يقتصر على أشخاص محددين، كما أن المجال حيوي بسبب عمله مع جميع الجهات كالسياحة والرياضة والمؤسسات بمختلف تخصصاتها».

وتابع «الفرص كثيرة في هذا المجال، فلا يجب أن يكون المؤهل الدراسي مطابق لنفس التخصص، كما أن المصممين ليسوا كثر، وهي كوظيفة واعدة والراتب (بعيداً عن الراتب المعلن) فإن بمقدور صاحبها في حالة (شطارته) أن ينال راتباً شهرياً لا يقل عن 1000 أو 1200 دينار».

ومن شركة «آر إم أي ميدل إيست»، تحدثت المسئولة زهرة القصاب عن وظائف المجال الفني والمهني والصناعي، فقالت «مستوى الإقبال كبير، وخصوصاً من خريجي القطاع الصناعي ممن يبحثون عن هذه الأنواع من الوظائف، ومن بينها لحام، صباغ، مركب أنابيب، ومشغل آلات».

ومن واقع تجربة، انتقدت القصاب مستوى ثقافة البحرينيين في التعاطي مع إعداد السيرة الذاتية وحتى المقابلة، وقالت «تكررت حالات لدينا من باحثين عن عمل، قدموا سير ذاتية غير مكتملة، وحين نتحدث مباشرة مع الباحث نكتشف مهارات عدم تضمينها في السيرة الذاتية من شأنه أن يضيع عليه فرصة الوظيفة، وهذا ما يجعلني أنوه إلى أهمية تكثيف الدورات أو الإرشادات الموجهة من قبل وزارة العمل للباحثين بشأن ذلك».

وعودة لجعفري الذي قارن بين كلفة الأجنبي والبحريني، فنوه إلى أن الكلفة تتساوى كلما تسلقنا الهرم الوظيفي، بل تزداد كلفة الأجنبي كلما صعدنا لأعلى الهرم، مضيفاً «هذا شيء طبيعي، في ظل احتساب (الكلفة الغير مباشرة) ومن بينها تكاليف السكن والمصاريف المعيشية وتذاكر سفر...».

وأضاف «الأجنبي يعمل في وظائف لا يقبل البحريني برواتبها، كمحلات بيع الملابس العادية، وإذا أراد البحريني العمل هنا فإن صاحب العمل يرى أن ذلك أقل جدوى، ولذا فإن البديل هو الأجنبي، وبالمناسبة نحن هنا لا نتحدث عن ظاهرة خاصة بالبحرين بل ظاهرة عالمية وهي تحدي في الوقت ذاته، فاقتصادنا اقتصاد حر ومجتمعنا منفتح، وإذا كانت هذه الظاهرة موجودة في البلد تاريخياً، فليس بمقدورك حماية مصلحة العمالة الوطنية حماية تامة، والواقعي هي الحماية العملية المعقولة».

وتابع «لدينا خيار جلب العمالة الأجنبية من أي مكان وفي نفس الوقت تطرح بعض الجهات خيار البحرنة، وهما خطان لا يتلقيان إلا بالتحفيز وهو ما تفعله «تمكين»، وأردف «لا بأس من الاستمرار في الانفتاح لكن علينا المضي قدما لتكثيف جهودنا في تمكين البحريني لإحلاله في الوظائف ذات القيمة العالية، وبالنسبة لي كمراقب، فإن أية وظيفة لأجنبي هي شاغر لبحريني».

وفصل جعفري في حديثه عنوان كلفة الأجنبي إلى 3 أنواع، تشمل الكلفة المباشرة (الرواتب والمزايا والعلاوات المباشرة وهذه من صاحب العمل)، والكلفة الاقتصادية (السلع المدعومة والخدمات، حيث تصرف الحكومة على كل أجنبي 400 دينار سنوياً)، وتكاليف إنتاجية بمعنى أن العمالة الرخيصة هي عمالة مكلفة جداً، فالعمالة اليدوية في مواقع الإنشاءات تتحصل على رواتب تترواح بين 80 - 100 دينار، فيما الصرف عليها يصل إلى 300 دينار في الشهر، وهو يقدم عملاً بحجم لا يزيد عن 150 ديناراً (أرقام تقريبية)، وفي المحصلة فإن الاقتصاد يخسر».

وأضاف «الحديث هنا يختص بالعمالة الغير ماهرة والتي لا تستخدم أدوات متطورة في مواقع الإنشاءات، والكلفة التي يتحملها الاقتصاد في النهاية (بالماينس)».

وأوضح جعفري حديثه هذا بمثال مبسط، فقال «لنأخذ على سبيل المثال مشهد عمال أجانب يعملون على نقل الرمل للطابق الأعلى، فبدل استعمال آلة تنجز العمل في نصف ساعة، يتم الاستعانة بـ 6 أشخاص، وهؤلاء تدفع عنهم الحكومة كما أسلفنا كلفة الخدمات والسلع المدعومة (400 دينار سنوياً لكل أجنبي)، وإضافة لذلك الرواتب التي يدفعها صاحب العمل».

وواصل جعفري الاستعانة بالمزيد من الأمثلة: «في تجربة عملية، اعتادت إحدى الشركات إجراء صيانة يدوية لجهاز معين، وكان ذلك يتطلب منها 21 يوماً والاستعانة بـ24 عاملاً، وبعد أن وصلنا معها لأساليب تقنية متقدمة وإدارة دقيقة، تقلص عدد العمال إلى شخصين والوقت إلى ساعتين، فهبطت الكلفة كثيراً». وخلص جعفري من أمثلته هذه للدعوى لـ «المكننة»، وعقب «لن يضر ذلك العمالة المحلية، فلا تخافوا من التقدم التكنلوجي»، مضيفاً «ستظهر وظائف راقية جداً، وفي الاقتصاديات المتطورة لا وجود لوظائف يدوية، وإذا أزحت الوظائف التقليدية أو اليدوية ستفسح المجال لأعمال بحاجة لمعرفة ذكية، وهذا من شأنه تعزيز تنافسية البحريني».

العدد 5350 - الأحد 30 أبريل 2017م الموافق 04 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً