العدد 5361 - الخميس 11 مايو 2017م الموافق 15 شعبان 1438هـ

(رسالة مواطن)... هل صياغة المناهج الدراسية للمرحلة الابتدائية تتوافق مع عقول وأعمار أبناءنا الصغار؟

"الويندوز للأغبياء" عبارة عن كتاب تعليمي يتناول نظام تشغيل الكومبيوتر (ويندوز)، الكتاب الذي طُبِع في الثمانينات حاز إقبالاً و نجاحاً وقد تجاوزت مبيعاته الـ 15 مليون نسخة. تنبّهت دار النشر لرواج مثل هذه الكتب فتوالت الكتب الموجّهة للمبتدئين "الأغبياء" و صدرت تباعاً و تحت كل الموضوعات تقريبا من برامج و علوم الكومبيوتر إلى الكيمياء  الى الهندسة و الكهرباء .. وغيرها من العلوم التقنية و المهارات.

قطعاً لا أحد يعترف أو يعتبر نفسه غبي، حتى لو افترضنا ذلك فلن يصل عدد أولئك إلى 15 مليون! ولكن الإقبال على مثل تلك الكتب ناتج عن حاجة القارئ والمتعلّم المبتدئ إلى أسلوب سهل؛ بل غاية في السهولة للإحاطة بتفاصيل كثيرة و "مُملّة" تقرّب له المعنى و تيسّر له الوصول الى المعلومة والمعرفة المنشودة.

اليوم أجد في احد الكتب المخصصة للصف الرابع من المرحلة الابتدائية  نصا يختتم بفقرة تقول" وجاءت المنطلقات واضحة في ديباجة النظام الأساسي التي شددت على ما يربط بين ...". إلى آخر الفقرة . هذا الموضوع بتفاصيله الجافة و الدسمة علينا نحن أولياء الأمور أن نذاكره مع أبنائنا للإختبارات، فهل تتخيّل أن يستوعب طفل (مهما كان عبقريا) ما سلف ذكره من كلمات ومفردات إلا إذا كان قِس بن ساعدة أو أولدته قبيلة هذيل! ، عندما قرأت تلك الفقرة لابنتي ذات التسع سنوات، فغرت فاهها و نظرت لي باندهاش وكأنني أحدّثها باللغة الصينية .. و بعد جهدٍ جهيد حاولت أن أشرح لها اللغز و ما "قد" تفهمه! إذ ليس هناك فرصة لأن تعي من في عمرها ما المقصود من الفقرة فضلاً عن إجابة أسئلتها!

لا نناقش أهمية المعلومات الواردة في المقرر، و لكن هل يدركها او يهتم لها او تعني شيئاً لطالب في هذه المرحلة، كذلك في اسلوب الأسئلة و نماذج الاجابة والتي صيغت وكأنها موجّهة لطلاب الثانوية او الجامعة. و قد لاحظنا انه في حال لم تفهم ابنتنا السؤال ولم تحفظه، فإنها بديهياً لن تستطيع حفظ الجواب، لأنها ترى انه ليس هناك رابط او علاقة بين السؤال والجواب مادمنا صغنا لها سؤالاً آخر ليفسر السؤال الأصلي! ..هذا فضلاً عن الإحباط والملل الذي يصيب الطفل جرّاء إعادة الشرح المرة تلو الأخرى لكي تلتصق تلك المعلومة بأي خلية في دماغه، مما يجعله متعبا وخاملاً وفاقدا لحيويته ما يصيبنا نحن بالتوتر والحدّة في التعامل معه.

قِسْ على ذلك أسئلة كثيرة و معلومات كثيرة وردت في هذا الكتاب وغيره من الكتب، لا يستطيع الطالب في هذا العمر أن يستوعبها ويفهمها من تلقاء نفسه – فيما لو فاته الشرح - دون مساعدة و شرح بطريقة أخرى وبأسلوب مغاير عما هو مدوّن في الكتاب. حتى لتشعر ان مؤلف الكتاب/المقرّر غفل عن ان الموضوعات موجّهة الى طلبة مازالوا يخطون اُولى عتبات العلم والمعرفة، وهم بحاجة إلى تبسيط المعلومة وإيصالها بكثير من الإيضاح والشرح والتفصيل إلى درجة مملة و مضجرة وتافهة ايضاً! و أستبعد ان يكون لدى المدرس الصبر أوالوقت الكافي للتوقف عند كل سؤال و معلومة او فكرة محل تساؤل وحيرة الطلبة! وبالتالي فليس أمام هؤلاء الصغار إلا "حفظ" تلك الكلمات دون فهم أو دراية بما تحوي أو تعني لغرض أداء الأمتحان فقط. ولا أحسب ان هذا هدف وزارة التربية و غايتها. حبذا لو تكون الموضوعات حيوية و واضحة وقريبة من تفكير و إدراك الأطفال وفهمهم بحيث لا تستعصي على انزيمات الهضم في عقل الطالب الصغير!
 
جابر علي
 




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:39 ص

      كلا
      مناهج صعبة
      العلوم
      الرياضيات

    • زائر 1 | 5:27 ص

      اه اه اه
      لازم تعطون هذا الموضوع أهمية كبير جدا لأنه مهم جدا جدا لمستقبل أطفالنا

اقرأ ايضاً