العدد 5371 - الأحد 21 مايو 2017م الموافق 25 شعبان 1438هـ

منتدى «الشباب الديمقراطي» و"نقاش البحرين" يوصي بوضع نظام لتعزيــــز ثقافة المحاسبة والمراقبة للنهوض بالاقتصاد الوطني

الدين العام يقترب من 10 مليارات دينار وفوائد الدين أكبر من المصروفات الفعلــــــية على المشاريع

الجلسة الأولى يتحدث فيها: عبدالواحد قراطة، جعفر الصايغ، إبراهيم بوهزاع - تصوير : أحمد آل حيدر
الجلسة الأولى يتحدث فيها: عبدالواحد قراطة، جعفر الصايغ، إبراهيم بوهزاع - تصوير : أحمد آل حيدر

ذكر مشاركون في منتدى جمعية الشباب الديمقراطي البحريني ومبادرة نقاش البحرين، بعنوان «الشباب والتنمية المستدامة»، أن الدين العام لمملكة البحرين يقترب من 10 مليارات دينار، وتجاوزت فوائد الدين العام حجم المصروفات الفعلية على المشاريع التنموية.

وقدم المنتدى 5 توصيات، منها: وضع نظام لتعزيز ثقافة المحاسبة والمراقبة للنهوض بالاقتصاد الوطني، وإلزام القطاع الخاص بتطبيق نسبة البحرنة، وتوظيف الكفاءات والطاقات البحرينية في مكانها الصحيح.

وبدأ المنتدى الذي أقيم مساء السبت (20 مايو/ أيار2017) بكلمة إلى رئيسة جمعية الشباب الديمقراطي البحريني مريم مختار قالت فيها: «نهدف من خلال هذا المنتدى إلى التباحث في الأزمة الاقتصادية الراهنة والأبعاد الاجتماعية لها من منظور التنمية المستدامة القائمة على تطوير الاقتصاد الوطني من دون الإضرار بمصالح الأجيال المقبلة»

وأعربت مختار عن أملها أن يسهم المنتدى في حفز الشباب على نقل أهداف التنمية المستدامة من مصاف الرؤية إلى حيز الحقيقة الواقعة، وتشجيعهم على المشاركة في تقديم رؤى وتصورات لكيفية تحقيقها، وذلك انطلاقاً من أهمية مشاركة الشباب للوصل إلى الأهداف التنموية، إذ لا يمكنها أن تمضي قدماً في معزل عن الشباب الذين أظهروا طيلة العقود الماضية قدراتهم وإمكاناتهم في المساهمة في حل المشاكل التي تحيطنا في الحاضر والمستقبل.

وقالت مختار: «العمل على تنفيذ الخطة العالمية للتنمية المستدامة تمر بأشد أوقاتها صعوبة، أشد صعوبة من الفترة السابقة التي شهدت تضافر جهود العالم من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بحول العام 2015».

ورأت مختار أن النمو الاقتصادي العالمي اليوم يعاني ضعفاً وهشاشة، مشيرةً إلى أنه على الرغم من أن التقدم التكنولوجي وتسارع وتيرة العولمة تولد فرصاً كبيرة لبعض الناس، فإنهما يطرحان تحديات صعبة للآخرين، بما في ذلك الشباب الذي يكافح من أجل الحصول على فرص عمل.

ذكرت مختار أن عددا من البلدان في المنطقة العربية تواجه تحديات كبيرة، تشمل انخفاض معدلات النمو، وارتفاع معدلات البطالة وبخاصة في أوساط الشباب، وتغيير المناخ، والنزاعات والحروب.

وأعربت مختار عن تطلعات الشباب باستكمال ما لم تستطع الأهداف الإنمائية للألفية إنجازه، من أجل دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستدامة البيئية في آن واحد، ولبناء مجتمعات سليمة وصحية قادرة على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.

وقالت مختار: «نرى أن التنمية المستدامة تمثل جدول أعمال شامل ذا أهمية كبيرة لوطننا الحبيب، وينبغي أن نبدأ الآن بالعمل الشاق من أجل تنفيذه بمشاركة المجتمع ولاسيما الشباب منهم».

ثم بدا الخبير الاقتصادي جعفر الصايغ بالتحدث في الجلسة الأولى لمنتدى الشباب والتنمية المستدامة.

وتحدث الصايغ عن التقشف وأبعاده الاقتصادية، وبدأ بطرح سؤالين، هل انخفاض الإيرادات العامة سبب كافٍ لوقف الدعم وإلغاء المشاريع التنموية؟ ماذا يعني اقتصاديا اللجوء إلى التقشف كأداة لمعالجة التوازن المالي في الاقتصاد؟

وقال الصايغ: «لقد ذهب البعض من الباحثين الاقتصاديين في مناقشتهم سياسة التقشف إلى تحليل بعده الاجتماعي وقياس الكلفة الاقتصادية، إذ خلصوا إلى نتيجة واحدة وهي أن التقشف سياسة خطيرة على نمو واستقرار الاقتصاد ويدفع ثمنها الفقراء وذوو الدخل المحدود».

وأضاف الصايغ «في السياسة المالية أساليب وأدوات مختلفة تستخدمها الحكومة لتحقيق التوازن المالي والاقتصادي، فقد تنتهج الحكومة سياسة مالية توسعية عندما يكون النشاط الاقتصادي العام في حالة ركود وبطالة، وتنتهج سياسة مالية انكماشية في حالة الموجات التضخمية الكبيرة المهددة لاستقرار الاقتصاد».

وأوضح الصايغ مفهوم التقشف قائلاً «يقصد بسياسة التقشف إجراءات حكومية لخفض هائل وتدريجي في الإنفاق العام أو لزيادة كبيرة في الإيرادات العامة من خلال زيادة الرسوم أو الضرائب المباشرة أو غير المباشرة المفروضة على المواطنين، فالتقشف هو إجراءات حكومية تستهدف خفض النفقات العامة حين تنخفض إيرادات الدولة وتكون غير كافية لتمويل مصروفاتها. أي هو برنامج حكومي عنوانه الظاهري الحد من الإِسْرَاف والاستِهلاك غير الضروري والاكْتِفاء بالنفقات اللازمة لتسيير الاقتصاد وأمور المجتمع، ولكن الواقع أن هذا البرنامج يشمل وقف بنود حيوية كثيرة في الميزانية العامة مثل مشروعات البنية التحتية، الدعم الحكومي والمساعدات الاجتماعية الحكومية التي تستهدف الفقراء والمحتاجين، والعلاوات أو أي زيادة في الأجور والرواتب، وقد يشمل أيضا خفض نفقات التعليم والصحة، بحجة أن هذه الخدمات تكبد الدولة مبالغ كبيرة، بالإضافة إلى وقف التوظيف في القطاع العام أو تقليصه إلى حدوده الدنيا».

وعن الأبعاد الاقتصادية لسياسة التقشف، قال الصايغ: «عادة ما تكون تدابير التقشف قصيرة الأجل وتهدف في الأساس إلى تحقيق التوازن المالي ومن ثم إلى تحسين مستوى المعيشة والأوضاع الاقتصادية والمالية. تكون هذه السياسة الخيار الأخير للحكومة كأداة للتغلب على العجز المالي المتصاعد في إنفاق غير قابل للاستدامة، أي عندما تكون الدولة غير قادرة على دفع الفواتير المالية لمستحقيها وعاجزة عن القيام بالتزاماتها المالية تجاه الآخرين؛ وذلك أما بسبب تدني مستوى الإيرادات العامة أو بسبب ارتفاع في الإنفاق العام.

وقال الصايغ: «تحاول الحكومات تفادي أي تفاقم في العجز والدين العام حيث له تأثيرات اقتصادية ومالية خطيرة؛ فهو يقلل من قدرة الدولة على الاقتراض من الداخل والخارج، ومن قدرتها على تحقيق نمو اقتصادي، ويساهم في ارتفاع الأسعار، وفقدان الاحتياطي النقدي، وقد يجبر الدولة على خفض سعر العملة، ومن الصعب تحقيق نمو اقتصادي حقيقي في ظل تفاقم العجز والدين العام».

وقال الصايغ: «المشكلة لا تكمن في حجم الدين العام وإنما في قدرة الدولة على تمويل الدين، وبالتالي ثقة المؤسسات المالية في الإقراض، وبالنسبة للبحرين تركز المؤسسات المالية على العلاقة بين ارتفاع نسبة الدين العام وانخفاض الإيرادات النفطية كمصدر رئيسي للإيرادات الحكومية».

ثم تحدث نائب رئيس لجنة النقل والمواصلات في غرفة تجارة وصناعة البحرين عبدالواحد قراطة، وقال: «إن جميع التجار يتفقون على وجود عجز في الميزانية العامة، والحكومة تريد سد هذا العجز عبر فرض ورفع الرسوم دون التفكير في مصادر أخرى للدخل، كاستقطاب استثمارات قوية تضيف رأس مال للسوق المحلي وتوفر وظائف للباحثين عن العمل».

وأضاف قراطة «للأسف أغلب رؤوس الأموال الأجنبية، تأتي بهدف فتح مكتب للحصول على إقامة، ومن ثم دخول سوق الخليج، دون توظيف بحرينيين، أو القيام بتوظيف وهمي للبحرينيين لاستيفاء نسبة البحرنة التي تفرضها وزارة العمل».

وأوضح قراطة «أغلب التجار يوظفون ربات بيوت، هن جالسات في بيوتهن، ولكنهن مسجلات رسمياً أنهن يعملن».

وقال قراطة: «إن القوانين لا تشجع التاجر البحريني للعمل في السوق المحلي، واليوم التاجر البحريني قام بتقليص استثماراته، فمثلاُ التاجر الذي يمتلك أسطولا يتكون من 100 شاحنة، قام بتقليصها إلى 70 شاحنة... التاجر البحريني يقلص استثماراته داخل البلد، ويفكر بفتح استثمارات جديدة في دول الجوار كالسعودية والإمارات وأخرى».

ورأى قراطة أن الوضع الاقتصادي الحالي مزر، لا يقوم على رؤية واضحة، كما هو في السابق، مشيراً إلى أنه في عهد وزير الصناعة السابق يوسف الشيراوي كانت هناك رؤية بتأسيس مصانع كبيرة مثل ألبا وغيرها، ومن ثم تتولد مصانع متوسطة، وبعدها تتولد مصانع صغيرة تحرك اقتصاد البلد، فالرؤية في عهد الشيراوي كانت واضحة، وبعد انتقال الوزارة منه... كل وزير يأتي بفكر واستراتيجية جديدة، دون النظر بما انطلق به الوزير السابق، فلا مصانع كبيرة جديدة تفتح، وأما المصانع المتوسطة فلعوائل تجارية، ولا توجد مصانع صغيرة».

وقال قراطة: «اليوم نطلب أراضي لتجار النقل، فيأتي الرد من الجهات المعنية، من أين نأتي لكم بالأراضي؟ الديرة صغيرة!... ونحن نتساءل، تريدون من التاجر البحريني أن يخرج للعالمية، بدون توفير مكان له داخل البلد لينطلق، وتفرض عليها رسوم وضرائب».

وأضاف قراطة «ناس تفتح مشاريع، وفي نفس الوقت هناك من يغلق... وضريبة القيمة المضافة ستفرض، وبحسب الوزارة فإن الضريبة ستفرض على السلع ذات الرفاهية، من يشتري سيارة بسعر 10 آلاف دينار، عليه أن يدفع 5 في المئة ضريبة (500 دينار)».

وتابع قراطة «إلى الآن السياسة غير واضحة فيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة... إذا كانت هناك نية لفرضنا الرسوم والضرائب، فيجب أن تكون في الوقت المناسب.... اليوم نعيش مؤشر نمو متراجعا، إذ سجل مؤشر النمو 2.9 في المئة في 2016، وهي نسبة متراجعة».

واستطرد قراطة «يجب على الدولة ألا تسد العجز في الميزانية من جيب التاجر والمواطن، يجب أن تبحث عن مصادر جديدة داعمة، وتعود عليها بإيرادات جيدة».

ثم تحدث الكاتب الصحافي خليل بوهزاع، وبدا في الرد على عبدالواحد قراطة، قائلاً: «كما تكونوا يولى عليكم»... تجار البحرين لا يوظفون المواطنين، ويمصون دم البحريني قدر ما يمكن.

وأضاف بوهزاع في صوت حاد يعبر عن استياء «غرفة التجارة تقول خل الحكومة تسوي... تاركين كل شيء على الحكومة، وهم التجار يوظفون الأجنبي... يفترض أن التجار ينظرون نظرة أعمق لبناء اقتصاد حقيقي في البلد».

وأشار بوهزاع إلى أن الحكومة تمهد لزيادة الرسوم وفرض الضرائب، إلى جانب تقنين الدعم، كرفع أسعار وقود السيارات، واللحوم... وغيرها.

وذكر بوهزاع أن تردي الخدمات العامة ليس بسبب تراجع الإنفاق، مبيناً أن المواطنين الميسورين يفضلون ذهاب أبنائهم لمدارس خاصة للحصول على تعليم أفضل مما هو في التعليم العام.

ورأى بوهزاع أنه لا توجد تنمية مستدامة في البلد... من الثلاثينات منذ استخراج النفط إلى الآن الحكومات لم تدرك خطورة الوضع وتنوع مصادر الدخل، والآن الحكومات تحاول الإصلاح، ولكن الواقع يقول لا مستوى الأجور تحسن، ولا مستوى الاقتصاد تحسن، ولا مستوى الخدمات تحسن».

وذكر بوهزاع أن الأزمة السياسية ترهق البلد، وترك الأمر مدة طويلة يجعل الكل خاسرا.

ثم فتح الباب للمداخلات، وقال قاسم عبدالله كويد: «قانون القطاع الصحي السابق كان يفرض أن يكون صاحب السجل يمتلك شهادة طبية، أما القانون الجديد فإن أي مستثمر يمكن أن يفتح مستشفى... مستثمر أجنبي يفتح مستشفى ويوفر وظائف رخيصة لأجانب، تنافس البحرينيين».

وأضاف «الرسوم تضاعفت بشكل كبير، دون الرجوع لأصحاب الشأن، وتفرض جزائية قانونية بدفع غرامة مضاعفة في حال التأخر ليوم عن الدفع». ورأى أن مشروع التأمين الصحي غير واضح.

من جهته، قال محمد عبدالرحمن: «منذ السبعينات كان هناك حديث عن الإصلاح الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط، وخلق وظائف، ولكن للأسف الوضع لم يتغير والمجتمع مازال يعاني».

وأضاف عبدالرحمن «يجب أن يتوازى الإصلاح السياسي مع الإصلاح الاقتصادي»، مشيراً إلى أن سوق العمل في العام 2016 خلق نحو 63 ألف وظيفة للعمالة الوافدة، بينما لم يخلق 3000 وظيفة للعمالة البحرينية.

ورأى عبدالرحمن أن جعل السوق مفتوحة للعاملة الوافدة لن يخلق فرصة حقيقية للمواطنين، وستستمر الأجور المتدنية، مؤكداً أن هناك فشلا في إصلاحات السوق المتعلقة في مخرجات السوق والاقتصاد والتعليم.

من جهته، رأى الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري أن أهداف التنمية المستدامة، تشكل فرصة تاريخية... وعلى الجميع واجب وطني لتنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة.

من جهته، قال رائد محمد: «يجب ألا تفرض ضرائب على المواطنين، يجب أن تفرض على الأجانب... لا توجد تنمية مستدامة، وهذا موقف محرج... يجب أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين الحكومة وغرفة التجارة ومجلس التنمية ومجلس النواب».

من جهته، قال إبراهيم شريف: «الضرائب تحتاج إلى الحكومة الرشيدة، ومحاسبة، وعقد اجتماعي جديد، والضرائب تفرض على معادلة (لا ضرائب بدون مشاركة).

وأضاف شريف «الدين العام للبحرين كبير، والمشكلة تتفاقم سنة بعد أخرى، والشباب سيدفعون الثمن... لا يمكن أن يستمر الدين العام بهذا المستوى، ففوائد خدمة الدين العام بلغت نحو مليار دولار في عام 2016، وليس لدينا خيار، ما تصرفه الحكومة يذهب الآن لرواتب الموظفين».

وذكر شريف أن تحويلات العمالة الوافدة بلغت 900 مليون دينار في العام الماضي، وهي في نمو مستمر... فالأموال تخرج خارج البلد، ولا تدور داخل البحرين، نشتري منتجات مصنوعة في الخارج، والعمالة الوافدة تحول رواتبها لبلدانها.

وأشار شريف إلى أنه في الدول المتقدمة، كلما صرفت الحكومة، ترتفع أجور الناس، وترتفع إيرادات التجار، ومن ثم يعود مرة أخرى للدولة من خلال الضرائب.

وبين شرف سعر برميل النفط يبلغ نحو 50 دولارا، أي أن العجز سيستمر في الميزانية، وستكون الضرائب مهمة، ويجب أن يكون للناس صوت مقابل دفع الضريبة».

وتساءل شريف لماذا البدء بضريبة القيمة المضافة؟ وقال: «عادة يتم البدء بضريبة الدخل، بتحديد مستوى معين من الدخل ومن يتجاوزه يدفع ضريبة دخل، فهي تؤخذ على الأغنياء، أما ضريبة القيمة المضافة فإنها تؤخذ على الجميع الفقير والغني».

ورأى أن الدين العام سيتجاوز 10 مليارات دينار، منوهاً إلى أن هناك شركات حكومية أيضاَ عليها ديون، وبالتالي فإن قطاع الشباب سيتحمل تكاليفها في المستقبل.

وتحدث شريف عن موقف غرفة التجارة، قائلاً «من خلال القانون، تم إجبار جميع التجار بالعضوية وتسديد الرسوم غصباً عنهم، ولهذا غرفة التجارة ليس لها الحق أن تشتكي من فرض الحكومة الرسوم والضرائب، لأنها في الأساس أجبرت التجار على العضوية ودفع الرسوم».

إلى ذلك، قدم شاب مداخلة قائلاً: «لماذا تفرض ضريبة القيمة المضافة على كل الناس، هناك اتجاهات أخرى، مثل الضرائب على الأرضي البيضاء، بهدف دفع الملاك لاستثمارات الأراضي بدلاً من تركها معطلة».

وأضاف «ونتمنى أن نصحح طريقة استهلاكنا، يجب أن نشجع المنتج البحريني، وندعم توجهات الحكومة في جانب تشجيع ريادة الأعمال، يفترض أن ندعم الصناعات البحرينية».

ثم بدأت استراحة لمدة 5 دقائق، وبعدها بدأت الجلسة الثانية، بعنوان «الرؤى حول التنمية المستدامة».

وبدأت الجلسة الأمين العام المساعد للشباب العامل بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين زينب أبوديب، وتحدثت عن الأجور قائلة «تشكل الاجور والرواتب عنصرا رئيسيا في هياكل الاقتصاد الوطني في أي مجتمع، باعتبارها مسألة متصلة اتصالا مباشرا بعملية تحريك الاقتصاد المحلي من حيث القدرة الشرائية للمستهلك، كما تشكل عنصرا هاما في الاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي».

وذكرت أبوديب أن «البطالة تصل الى اكثر من 50 في المئة في صفوف الشباب و55 في المئة من هؤلاء الشباب جامعيون، والمسيطر على سوق العمل اكثر من 60 في المئة عمالة وافدة، ومن الواضح ان البحرنة في اسوأ حالاتها في هذه الفترة».

وعن التنمية المستدامة والأجر العادل، قالت أبوديب: «القضاء على الفقر المدقع للناس أجمعين أينما كانوا بحلول عام 2030، وهو يُقاس حاليا بعدد الأشخاص الذين يعيشون بأقل من 1.25 دولار في اليوم فهناك 1.2 مليار شخص يعيشون في فقر شديد. يرتبط الهدف بشكل اساسي بالتنمية المستدامة بتحقيق الاجر العادل، فالقضاء على الفقر يبتدئ اكيدا من دخل الفرد، وتشكل الاجور والرواتب عنصرا رئيسيا في هياكل الاقتصاد الوطني في أي مجتمع، باعتبارها مسألة متصلة اتصالا مباشرا بعملية تحريك الاقتصاد المحلي من حيث القدرة الشرائية للمستهلك، كما تشكل عنصرا هاما في الاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي».

وعرفت أبوديب الأجر: «بأنه المقابل المالي لقوة العمل التي يقدمها العامل ويكفيه ليعيش بعزة وكرامة. ويتكون من أجر أساسي مضافا اليه العلاوات المستحقة التي يقررها العقد المبرم بين العامل وصاحب العمل، او مقابل المخاطر التي يتعرض لها في اداء عمله... وهذا التعريف مرتبط بكرامة العامل، ويفترض ان يكون أجرا عادلا في بيئة وظروف العمل اللائق الذي يحافظ على حقوق الانسان من العوز والفقر».

وقالت أبوديب: «قامت الكثير من الدول المتقدمة والنامية بتحديد حد أدنى للأجر، وفق دراسات وقراءات مستفيضة لمستويات المعيشة، وسلكت تلك الدول طرق اعادة هيكلة اقتصادياتها بما يتماشى ومتطلبات المنافسة من تقنية وتحديث وتدريب مستمر للعمالة».

وأضافت أبوديب «الأجور هي إحدى عوامل الاقتصاد وتشكل اهمية معيشية للمواطن، وتتأثر بالعديد من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأخرى كارتفاع اسعار المواد الاساسية والكمالية، فهناك علاقة طردية، فكلما ارتفعت الاسعار كلما انخفضت القيمة الحقيقية للأجر».

وقالت أبوديب: «تبرز اهمية تحديد حد ادنى للأجور لأنه يحقق للمواطن والمقيم حدا مقبولا من التنمية الاجتماعية والاقتصادية والحياة الكريمة التي تحفظ انسانيته». مشيرة إلى ان مسألة الحد الادنى للأجور تعود الى العام 1965، عندما صدر عن رئيس مالية البحرين امرا حكوميا يقضي بألا يقل الأجر الذي يدفعه صاحب العمل الى العامل غير الفني عن 8 روبيات لليوم الواحد».

وأضافت أبوديب «هناك علاقة ترابطية بين الحد الأدنى للأجور وبين العمل اللائق والتنمية المستدامة، وهذه جميعها بحاجة الى اصلاح هيكلي للاقتصاد البحريني. استقبال العمالة الوافدة رخيصة الاجر التي تؤدي الى احلالها مكان العمالة البحرينية بسبب الاجر المتدني، وايضا سيطرة رب العمل على العامل الوافد وزيادة العمالة الوافدة ادى الى تغيير ديموغرافي وتغيير في النسيج المجتمعي. تواجد العمالة بين بيوت الاهالي، ادخال عادات وتقاليد غريبة... إلخ».

وتابعت أبوديب «يجب ان يكون للمواطن أفضلية في سوق العمل بعلمه وتدريبه. وهذا يحتاج الى اعادة النظر في السياسة الاقتصادية المعتمدة حاليا على العمالة الرخيصة المهاجرة، الامر الذي أخرج العمالة المحلية من دائرة المنافسة في ظل فوضى السوق».

واستطردت أبوديب «لمواجهة العولمة والتطور قامت منظمة العمل الدولية بإعلان مبادئ والحقوق الاساسية في العمل الذي يلزم جميع الدول الاعضاء بتعزيز وإعمال قيمهِ الأساسية بشأن الحرية النقابية، والقضاء على العمل الجبري والإلزامي، والقضاء الفعلي على عمل الاطفال وإزالة التمييز في الاستخدام. ويهدف الإعلان إلى ضمان ألا ينحدر اي فرد دون الحد الادنى للمستوى الذي تشكله الحقوق والمبادئ الاساسية في العمل».

واعتبرت أبوديب فرص العمل ضرورية لشروط العمل اللائق، التي تعني الحرية واحترام كرامة الانسان. فالعمل اللائق يتطلب أجرا عادلا مقابل الجهد البدني والذهني الذي يقوم به العامل، ويتطلب التزاما سياسيا بتنفيذ سياسات سليمة ذات بعد حقيقي في تطبيق العدالة الاجتماعية في سوق العمل.

وقالت: «إن الدولة تحتاج الى تدعيم قدرتها للاضطلاع بمسئوليتها بالتعاون الوثيق مع شركائها الاجتماعيين بما يحقق الاهداف من هيكلة الاقتصاد وتشريع حد ادنى للأجور».

وأضافت «وضع حد ادنى للأجر في البحرين، لا يمكن تحقيقه في البحرين الا اذا قامت جميع دول مجلس التعاون بالعمل بالمثل (سلطنة عمان بادرت وموجود حد أدنى للأجور في قانون العمل)».

وبينت أنه في البحرين مازالت الاجور في تدن؛ بسبب الضغوط الكبيرة التي تتعلق بأسعار النفط مؤخراً، وزيادة الدين العام الذي بدأ يلامس العشرة مليارات دينار، عدا عن فائدة الدين العام التي تقترب من 400 مليون دينار، ولجوء الحكومة الى رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات والكهرباء وزيادة الرسوم لإطفاء عجز الموازنة التي تبلغ مليار ونصف المليار دينار.

وعن الوظائف في سوق العمل قالت أبوديب: «احتلت العمالة الوافدة اكثر من 63 الف فرصة عمل جديدة وفرها الاقتصاد الوطني في العام الماضي مقابل فقط 969 فرصة عمل ذهبت للبحرينيين، وفق تصريحات المسئولين في وزارة العمل البحرينية، ويشكل هذا خطورة على الاقتصاد الوطني والاستقرار الاجتماعي في المستقبل على مستوى الاجور وطرد العمالة المواطنة من دائرة المنافسة، في ظل تدفق عمالة رخيصة للسوق»، مشيرة إلى أن سوق الاستثماري في البحرين مفتوح على مصراعيه والمنافسة قوية، مما يعني ان نسب البطالة في ازدياد، واكثر مما تعلن عنه الجهات الرسمية (4 في المئة).

وعن الحلول، قالت أبوديب: «إنشاء مجلس اعلى للأجور يشمل اطراف الإنتاج الثلاثة: العمال واصحاب العمل والحكومة، مهمته قراءة حصيفة مستندة الى دراسات علمية مستقلة عن واقع مستوى الاجور في البحرين، ومهمته تتمثل في تحديد الحد الادنى للأجر المرتبط بتحقيق الاجر العادل والعدالة الاجتماعية، بما يضع الاقتصاد الوطني على السكة الصحيحة للتنمية المستدامة».

وأضافت «كذلك العمل اللائق والأجر العادل من عناصر التنمية المستدامة الرئيسية، ولا يتم ذلك الا من خلال التوزيع العادل للثروة، وايضا وصول المواطنين للوظائف اللائقة بدل استحواذ العمالة المهاجرة على اغلبها».

وتابعت «العدالة الاجتماعية لها شروط ينبغي ان تتوافر في خلق مجتمع مستقر يسير نحو التنمية المستدامة، ومن أهم هذه الشروط توافر ضمانات حقيقية للمساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص، والتوزيع العادل للثروة وللموارد والأعباء، والضمان الاجتماعي والعدالة بين الاجيال بالحفاظ على الثروات الطبيعية وتخصيص حصص للأجيال المقبلة».

واستطردت أبوديب: «في حال توظيف عمال أجانب ذوي اختصاص وخبرة، يتم تعيين معه عامل/ موظف (مواطن) ليكون الرديف يرافقه طيلة عقده المحدد المدة ليحل مكانه بعد انتهاء عقده».

ودعت ابوديب إلى زيادة برامج التدريب لتوظيف حقيقي بدل الحلول المؤقتة، وأن يكون هناك تصنيف للوظائف وحكر الوظائف اللائقة للمواطنين، مع فرض نسبة بحرنة حقيقية لا تقل عن 25 في المئة على المؤسسات، بدل قانون البحرنة الموازي الذي سوف يلغي النسبة بشكل كبير اذا واصلت الحكومة العمل به.

من جهته، تحدث القيادي السابق في تجمع الوحدة الوطنية عبدالحكيم الصبحي: «السوق مفتوح ويجب أن يقود الاقتصاد القطاع الخاص».

وأضاف الصبحي «التحدي الأول أن لا يكون غاية الدولة التخلص من العبء المالي، وإنما هدف، والتحدي الثاني أن لا تكون غاية القطاع الخاص الربح على حساب جودة الخدمات التي يقدمها، والتحدي الثالث أن يكون المجتمع رقيبا على الحكومة والقطاع الخاص، وهذا ما يمكن أن يحقق تنمية مستدامة».

وتابع الصبحي «الحكومة قامت بخصخصة قطاعات معينة، بينما لم تخصص قطاعات حيوية... المواطن المقتدر يذهب للمستشفيات الخاصة، والمدارس الخاصة، ولكن يجب ألا تترك المناهج بيد القطاع الخاص، وكذلك الرعاية الصحية الأولوية يجب أن تكفلها الدولة ولا تتركها للقطاع الخاص».

واستطرد الصبحي «الإسكان هي أزمة إيرادات، الحكومة ليس لديها إيرادات لبناء مساكن كافية، والدولة ممثلة بوزارة الإسكان لديها نمط تقليدي وهو بناء وحدات وتوزيعها تبني 5000 آلاف وحدة، وتستقبل طلبات بأكثر من 6000 طلب جديد». مؤكداً أن الطلبات الإسكانية تراكمت إلى 55 ألف طلب... لو أن كل طلب يمثل أسرة من 4 أفراد، فإن المجمع 200 ألف فرد، هؤلاء لا يغطون ويبدو أنهم غير مهتمين، لو كانوا يغطون لوجدوا حلولا.

ثم تحدث الرئيس السابق لجمعية الشباب الديمقراطي البحريني أحمد عبدالأمير وقال: «الميزانية العامة للدولة، هي أداة للسياسة المالية، وتضمن المصروفات والإيرادات... وسميت موازنة للموازنة بين المصروفات الإيرادات لتحقيق التنمية الشاملة».

وأضاف «يجب أن تمر الميزانية العامة في مراحل متعددة، ولكن هناك غياب للدور المجتمعي».

وذكر عبدالأمير أن الحساب الختامي للحكومة لعام 2015، يشير إلى أن حجم الإيرادات بلغ نحو 2.4 مليار دينار، بينما المصروفات تبلغ نحو 3.5 مليارات دينار، وهناك عجز يصل إلى 1.6 مليار دينار.

وقال عبدالأمير: «الأرقام تبين أن الإيرادات في الميزانية يعود أغلبها للنفط بنسبة تصل إلى 78 في المئة، وهذا يدل على أننا فشلنا في تنويع مصادر الدخل».

وأضاف عبدالأمير «الحكومة تعاني من أزمة كفاءة، إذ يتم رصد مبلغ كبيرة لتنفيذ المشروعات، ولكن بنهاية السنة، يصرف جزء بسيط منها في تنفيذ المشاريع».

وتابع عبدالأمير «العجز في الميزانية يصل إلى 1.5 مليار دينار، وهو رقم كبير، وخدمة الدين العام تصل إلى نحو 400 مليون دينار».

ثم قدم مقارنة بين اقتصاد البحرين واقتصاد سنغافورة.

التوصيات

وفي ختام «منتدى الشباب والتنمية»، أصدرت جمعية الشباب الديمقراطي ومبادرة نقاش البحرين، البيان الختامي، مؤكدين على أهمية ترسيخ ونشر مفهوم التنمية المستدامة في أوساط المجتمع، لأن الوعي المجتمعي مهم لتحقيق التنمية المستدامة، ويعتبر الوعي المجتمعي خطوة مهمة.

ووضع البيان الختامي 5 توصيات وهي:

1 - يجب وضع نظام لتعزيز ثقافة المحاسبة والمراقبة للنهوض بالاقتصاد الوطني.

2 - دعم الصناعات الوطنية وتنويع مصادر الدخل وبناء اقتصاد مستدام.

3 - العمل على دعم صناعات ومهن تساهم في زيادة تمثيل المواطنين في القطاعين العام والخاص.

4 - دعم مشاريع ريادة الأعمال ووضع استراتيجية فعالة للاستمرارية والتنمية.

5 – إلزام القطاع الخاص بتطبيق نسبة البحرنة وتوظيف الكفاءات والطاقات البحرينية في مكانها الصحيح.

العدد 5371 - الأحد 21 مايو 2017م الموافق 25 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً