العدد 98 - الخميس 12 ديسمبر 2002م الموافق 07 شوال 1423هـ

هل يستطيع المجلس أن يوصلنا إلى مصاف الديمقراطيات العريقة؟

مناظرة "الوسط" بشأن العمل الوطني بعد اكتمال المجلس الوطني

عقدت «الوسط» في الأشهر الماضية ما يزيد عن 6 مناظرات عن المجلس الوطني ما له وما عليه وكان ذلك في إطار التنظير لما سيكون عليه وضع المجلس، أما الآن وبعد أن اكتمل عقد المجلس بغرفتيه وبعد التغيير الوزاري الأخير، وانتقالنا من الإطار النظري إلى الواقــع العملي عقدنا هذه المناظرة لنسلط الأضواء على واقع العمل الوطني من الناحية العملية، فقمنـا باســتضافة (عضو مجلس الشورى) ندى حفاظ و (نائبة رئيس جمعية العمل الوطني الديموقراطي) منيرة فخرو لهذه المناظرة وهذا هو نصها.

* ما هو تقييمك لتركيبة المجلس الوطني بغرفتيه؟
فخرو: في البداية أحب أن أنوه إلى أنني أنتمي إلى إحدى الجمعيات التي قاطعت الانتخابات النيابية، كان ذلك وفق سياق معين أود الإشارة إليه باختصار، وهو أنه مع تدشين مرحلة جديدة كانت بداياتها عظيمة وكنا متحمسين ولا نزال لانجاح هذا المشروع، بعد ذلك حدثت أمور عديدة أهمها أننا كنا نتوقع أن يكون المجلس المنتخب هو المجلس التشريعي وان المجلس المعين للمشورة فقط كما أكد كبار المسئولين.
بعد ذلك اكتشفنا أن المجلس المعين سيشارك في العملية التشريعية ومع ذلك لم نشأ المقاطعة منذ البداية وحاولنا معالجة الأمر مع كبار المسئولين لكن باءت كل المحاولات بالفشل، لذلك قاطعنا الانتخابات وتكون مجلس وطني بالشكل المعروف لديكم.
أما ما يتعلق بتقييمي لتركيبة المجلس الوطني فقد كنا نتمنى أن يكون له نجاح لكن ما حصل الآن فإن أي نجاح يحققه المجلس هو النجاح الذي تريده الحكومة، وذلك لأن نصف المجلس وهم المعينون سيكونون إلى جانب الحكومة، كما أن المنتخبين ليسوا بالضرورة معارضين، وعليه فإن هذا المجلس ستكون السلطة التنفيذية هي الممثلة فيه، والتركيبة الحالية لا تمثل الشعب ولا تعكس التركيبة الحقيقية للشعب فأعضاء المجلس الحالي يمثلون عددا محدودا من الشعب.
جربوا قبل أن تحكموا
حفاظ: تركيبة المجلس المنتخب تركيبة جاءت بإرادة شعبية، فمن توجه للاقتراع ومن لم يتوجه لأي سبب كان ساهما في ان يكون المجلس بهذه التركيبة، وعليه فإن الأسماء التي وصلت هي إرادة شعبية، وعلى رغم القلق المجتمعي من تركيبة المجلس كون الصبغة الإسلامية طاغية عليه بعض الشيء وخصوصا المتمثلين في الجمعيات الخيرية وذلك لأنهم كانوا على اتصال مع الأسر البحرينية واحتياجاتها على مر العقود السابقة.
فعندها لا يمثل انتخاب الناس لهؤلاء أية صدمة وتفسيره واضح لأن الناس تنظر لمن يعينها ويساعدها ولا تنظر لمن يحمل ثقافة سياسية أو لا، فمن وجهة نظري علينا التريث قبل الحكم على تركيبة المجلس وكونه مناسبا أم لا، كما إنها إرادة شعبية تمخضت عن عملية ديمقراطية، وهذا المجلس يحتوي على الكثير من التخصصات بغض النظر عما إذا كانت كل التخصصات المطلوبة موجودة أم لا.
أما ما يتعلق بالمجلس المعين فإن فكرته قامت على ان يتضمن ذوي الخبرة والاختصاص، وعند مراجعة الأسماء التي دخلت المجلس المعين نجد أنها ليست أسماء معروفة، وهذا ما لم يعتده المجتمع، فقد اعتاد المجتمع ان يعين في مثل هذه الأمور أسماء لامعة لها صيتها، وعندما يعين أشخاص غير معروفين نجد انه يتساءل من هؤلاء الذين سيمثلونني وعندما لا يعرفهم يقول لا أريدهم.
وفي اعتقادي ان سرعة الحكم على الأشخاص قد لا تكون في مكانها وعلينا إعطاء الفرصة والتريث حتى مع أعضاء المجلس المعين، فأهم المعايير التي على أساسها يتم اختيار أعضاء المجلس المعين والتي حددها الدستور هو أن يكون من ذوي الخبرة أو قدم خدمات جليلة للوطن، وهو مربط الفرس في اعتقادي، فهل أن هذا الشخص هو ممن قدم خدمات جليلة للوطن أم لا؟
ما أراه في مجتمعنا اليوم في تقييمهم للأشخاص انه إذا لم يكن هذا الشخص من الأشخاص الذين يديرون الندوات ولهم أسماء رنانة وأنا هنا لا أقلل من شأن الأسماء الرنانة وكنت أتمنى لو كانت هذه الأسماء أعضاء في المجلس ولكن غياب هذه الأسماء ليس بالضرورة يعطينا الحكم على ان هذه الأسماء الموجودة داخل المجلس المعين لن تخدم الوطن، أو أنها أسماء ستقبل كل شيء يملى عليها أو يطرح عليها فهذا أمر سابق لأوانه.
فقط من خلال التجربة نستطيع الحكم على هذه الأمور، والتجربة تكون عبر سنوات وليس عدة شهور خصوصا أننا مقبلون على تجربة وليدة سيتعلم من خلالها المجلسان بل حتى السلطة التنفيذية ستتعلم منها الكثير، وهنا لا أريد التسرع في الحكم، ومعياري الشخصي في هذا الامر هو أن الشخص الذي سيبذل قصارى جهده في البحث والعمل والتواصل مع المختصين في المجتمع ومع الرأي الآخر هو من سيستطيع تقديم الكثير لأبناء الوطن.
فقد نكتشف أن هؤلاء الأعضاء غير المشهورين على مستوى الساحة الوطنية انهم أصحاب كفاءات، وقد نكتشف انهم غير ذلك، فعندما أدعو إلى التريث في الحكم سلبا على المجلس أدعو إلى التريث في الحكم إيجابا عليهم أيضا، كما ان من فوائد الديمقراطية ان نعطي المجال لمن هم غير معروفين ان يظهروا أصواتهم، وألا نصادر حقوق الآخرين ونصنف المثقفين وفق مقاييسنا الخاصة فنقبل فلانا نخبويا وآخر غير ذلك.
هل يستطيع المجلس قول لا؟
فخرو: ما قالته مناظرتي جميل جدا من الناحية النظرية ولكن عمليا كيف نستطيع تمرير قوانين من خلال هذا المجلس، ونحن نعلم ان أكثر القوانين قد مررت قبل عمل المجلس، كما ان هناك عدة قوانين تهم الشعب البحريني بشكل كبير وهي قوانين محاكمة الماضي (كقانون 56) الذي يقول يجب ألا يحاكم الطرفان وهذا أمر غير منصف، وقضية العقيد عادل فليفل الذي عاد إلى البلاد وقد فعل ما فعل ويراد له ان يحاكم على قضية مالية فقط سيجعلنا نترقب ماذا سيكون عليه رد فعل المجلس.
فهذا المجلس لن يستطيع ان يفعل أي شيء وسيقبل بهذا القانون، وسيصمت أيضا عن قضية عادل فليفل، والقضية ليست فليفل فقط وانما كل الرموز التي لها دور في هذا المجال، فهل سيستطيع المجلس بشقيه ان يناقش ما حدث قبل العام 2000، وأن يحاسب رموز الحقبة الماضية قبل مجيء الإصلاحات التي دشنها صاحب العظمة ملك البلاد، كما ان القوانين المتلاحقة التي صدرت لم تبقِ شيئا للمجلس خصوصا ان هناك قانونا يقول إن كل القوانين التي صدرت وصدق عليها لا تناقش وليس لكم صلاحية تغييرها.
فماذا بقي من عمل للمجلس بعد هذا؟ هل سيسن بعض القوانين التي تتعلق بالطرقات والمجاري وغير ذلك؟! وإذا قرر هذا المجلس في يوم من الأيام أن يقول لا فهو لن يستطيع ان يقولها، ذلك ان المجلس لا يمثل التركيبة الحقيقية لشعب البحرين، وأن التركيبة الموجودة الحالية يسيطر عليها توجه معين، وهم يمثلون فئة لا ننكرها في منطقة جغرافية معينة ولا يمثلون باقي الجهات ونحن نعلم ما فعلته الحكومة من إجراءات كالسماح للجيش بالتصويت والختم على الجوازات والسماح لمزدوجي الجنسية الذين لا نعرف عددهم قد ساهم في رفع النسبة إلى 52٪ ونحن لا نشكك في هذه النسبة.
كما أنني استغرب إعطاء شهادات تقدير لأناس أدوا واجبهم، وهنا أتساءل كم كلف موازنة الدولة هذا الإجراء، وأي شركة قامت بطباعة هذه الشهادات، ولمصلحة من هذا كله يحدث ولماذا تذهب أموالنا هدرا هكذا؟! كما أنني أتعجب لمرور هذا الموضوع مرور الكرام، أما ما يتعلق بضرورة أن يتضمن المجلس الوطني بعض الأسماء الرنانة فهذا أمر اقر به، ولكن ما رأيناه هو وجود أسماء رنانة من جهة معينة ولم نجد من فئات أخرى، فلم نرَ النساء اللاتي رغبن في دخول المجلس ولم يحالفهن الحظ في ذلك.
كما أنني أيضا لا أبخس الشباب حقهم بل أقول انه يجب ان يمثل الشباب في المجلس وان لا يقتصر على الأسماء الرنانة، ولكن عند معاينة الامر نجد انه ليس مهما كثيرا أن تكون أسماء رنانة داخل المجلس أو لا تكون، وأن تمثل طائفة أو لا، لأن المشكلة أكبر من ذلك فالمشكلة تتعلق بالدستور نفسه.
نستطيع مناقشة أو إلغاء أي قانون
حفاظ: لا يوجد قانون لا يستطيع المجلس مناقشته أو إلغاءه وهذا أمر لا يعرفه الكثير من الناس فكل القوانين التي صدرت منذ العام 1975 إلى الآن يستطيع المجلس ان يغير فيها، والمراسيم بقوانين التي صدرت حديثاً كلها نستطيع مناقشتها بل يجب عرضها على المجلس في الشهر الأول من عمل المجلس وإذا لم تعرض خلال شهر زالت عنها قوة القانون أي أنها تلغى وهذا لا يعرفه الناس، وهذه المراسيم إما أن نقبلها كما هي وإما أن نلغيها ولا نستطيع التعديل في النص.
وهذا ما نتج عنه لغط كبير حين رأى الناس كلمة لا نعدل في النص، اعتقدوا أننا لا نستطيع أن نلمسهم بشيء، وهذا يسلط الضوء على ان بإمكاننا إلغاء (قانون 56) أو غيره ولكن هذا يتطلب ان يتعاون كلا المجلسين في هذا المجال، كما ان بإمكاننا قبول هذه المراسيم وعندها تتحول إلى قوانين وبعد يوم واحد فقط نستطيع مناقشتها، وعلى رغم ان تركيبة المجلسين مختلفة عن بعضها البعض فإن هناك أمورا تجعلني اطمئن فمثلا هناك تشاور بين أعضاء كلا المجلسين للوصول إلى أولويات متشابهة بين المجلسين.
وإذا سارت الأمور على هذا المنوال فقد يفاجأ المجتمع بان هناك مجلسين يمثلانه تماما مع أني لا أنكر ان هذا التفاؤل سابق لأوانه، لكن يجب التركيز على المساحة الإيجابية التي من خلالها نستطيع التحرك وان نفعل من خلالها أشياء كثيرة على رغم المعوقات التي نفهمها تماما، فنحن نريد من المجتمع ان يرى بنظرة إيجابية بدل ان ينظر بإحباط فيؤثر إحباطه على نفس أعضاء المجلس الوطني، كما أننا نحتاج إلى ضغط المجتمع الذي يوجه رسالة غير مباشرة إلى الأعضاء مفادها أنتم محاسبون.
* المعارضة دائما تردد ان أعضاء مجلس الشورى لا يمكنهم ان يفعلوا شيئا لا تريده الحكومة فما هو تعليقك على ذلك؟
حفاظ: كل موظف في الحكومة هو معين من قبلها، ولكن ألم نستطع ان نغير وأن نطور في جميع النواحي في الثلاثين عاما الماضية؟ فمن هو وطني لا يحكم عليه غير ذلك، فهل سأرفض قانونا يهدف إلى التغيير من مستوى المعيشة عندي وسيحسنها؟! وهنا أريد تأكيد أمر وهو ان الهدف الرئيسي من كل ما يحدث الآن هو هدف اقتصادي، والهدف الاقتصادي معناه استقرار سياسي، فالمعادلة واضحة وجلية لدينا وهي انه كلما استمر الاستقرار السياسي كلما استطعنا جلب الاستثمار وكلما زاد الاستثمار زاد الدخل الاقتصادي للمواطن.
هذه هي معادلة الدولة وكلنا نفهمها، فكل المشكلات التي نراها اليوم في المجتمع عائدة إلى غياب العدالة الاقتصادية وتتبعها العدالة الاجتماعية، فعندما نركز على عدة أمور وأهمها العمل على فضح الفساد على مستوى الوطن، وأن نوجد قوانين رادعة لهؤلاء، وأن يكون عمل الشركات والمصانع وفق القوانين والأنظمة، فعند ذلك يشعر الاستثمار الخارجي بالاستقرار داخل البحرين وسيأتي إلينا، ولن تخرج رؤوس الأموال المحلية وعلى إثرها سيقضى على البطالة وهذا أهم ما يوفر الحياة الكريمة للمواطن البحريني.
ما تريده السلطة التنفيذية سيكون
فخرو: في اعتقادي ان ما وصلنا إليه ليس الديمقراطية التي كنا نتمنى بل أسمي هذا انفتاحا، وهي ديمقراطية صوتية بمعنى اننا نستطيع التحدث والتظاهر من دون ان نتعرض لأي عقاب، وهذه الحرية النسبية التي نحن سعداء بها ليست هي الديمقراطية التي كنا نطالب بها، فالديمقراطية الحقيقية تعني مشاركة الشعب في الحكم بواسطة ممثليه، فهل هذا ما هو عندنا؟ في اعتقادي ان الـ 50 في المئة التي وصلت إلى المجلس عن طريق الانتخاب لا يمثلون الشعب لأنهم لا يستطيعون فرض قراراتهم على السلطة التنفيذية.
وهذا يعني ان ما تريده الحكومة سيكون، فهل يستطيع هذا المجلس بتركيبته الحالية التغيير؟ وهل يستطيع من يريد التغيير أن يحصد الغالبية من الأصوات إلى جانبه؟ في اعتقادي أن الحكومة في البداية ستسمح لبعض القرارات والقوانين بأن تسير وستوعز إلى أعضائها بالموافقة على بعض القوانين، كما أنني أرى ان السلطة التنفيذية متوجهة إلى الخارج أكثر من الداخل في سبيل جلب الاستثمار وهي تعمل على إرضاء الخارج أيضا، ونحن نعرف عدة دول غربية مرتاحة للوضع الداخلي للبحرين.
فقد قبلت هذه الدول بتركيبة المجلس الوطني حتى لا تكون سيطرة للإسلاميين على المجلس في منطقة بالغة الحساسية بالنسبة إليها ويهمها أن تكون مستقرة، أما ما تطرحه الحكومة الجديدة القديمة التي تطرح المشروعات والبرامج التي نسمع عنها اليوم وتكلف بلايين الدنانير ولا نعلم من أين سيأتون بهذا كله فذلك ما هو إلا فقاعات تطلقها الحكومة وعندما تمر فترة معينة ولا يجد المواطنون أي شيء من هذا الفردوس الذي تحدثوا عنه فماذا سيحصل بعد ذلك؟
فإذا كان شخص واحد أخل بالأمن وتعذب الكثير من الناس على يديه لم تستطع الحكومة محاكمته فماذا ننتظر من هذه الحكومة؟
حفاظ: القلق التي تحدثت عنه مناظرتي هو قلق يقلقنا نحن أيضا فليس تعيينا في مجلس الشورى يعني انه لا يقلقنا أي شيء، لكن ان نقلق ونجلس مكتوفي الأيدي فهذا شيء خاطئ، فنحن نؤيد وجود معارضة وهذا شيء إيجابي وهو مفيد لهذا الامر فهي ستعمل على تبيين جوانب القلق وهذا أمر حسن لينبهنا عليها ولكن لنترك جهة أخرى تحاول ان تخطو خطوات على رغم القيود والعقبات.
فنحن نريد ان تكون هناك معارضة تبدي الرأي الآخر معارضة ناضجة كما أثبتت من خلال عملها، وأنا هنا لا أستطيع ان اضمن سيطرة الحكومة أو عدم سيطرتها على المجلس قبل ان نبدأ العمل.
بعد أربع سنوات
سنشهد تغييرات نوعية
* هل يستطيع هذا المجلس وفي ظل الحكومة الجديدة ان يدفع بالعملية إلى ان تصل إلى الديمقراطيات العريقة كما وعدنا الميثاق؟
حفاظ: الديمقراطيات العريقة بنيت عبر مئات السنوات، وهذا لا يعني ان نبدأ من الصفر بل على العكس يجب ان نستفيد من الدول الأخرى ولكن لا نتفاءل إلى درجة ان نبدأ من حيث انتهى الآخرون، فعلينا العمل بواقعية من حيث ما نستطيع فهذا ما لدينا، وما نحن فيه الآن هو مرحلة انتقالية وفي اعتقادي اننا بعد أربع سنوات سنرى تغييرات وزارية كبيرة وسنرى تعيين وزيرات كفؤات.
وظيفة المجلس التشريع والرقابة ولكن هل يستطيع الوصول إلى الدول ذات الديمقراطيات العريقة أم لا فهذا أمر آخر، فهو ضمن المعطيات الموجودة الآن يستطيع أن يفعل الشيء الكثير ولكن إذا ضمن ثلثي الأصوات وهذا محل اللغط الشعبي، كما لا يجوز أيضا ان نحاسب الأعضاء وفق آرائنا فإذا قال رأيا لا يوافقنا نقول انه أخطأ! فمحور المشكلة هو بناء الثقة، فمع أننا ندخل مرحلة غير واضحة المعالم لكن مقوماتها أفضل من قبل عشر سنوات.
ما وصلنا إليه انفتاح وليس ديمقراطية
فخرو: لن يدفع هذا المجلس بنا نحو الديمقراطيات العريقة ذلك أننا لم نصل بعد إلى الديمقراطية وما وصلنا إليه لا يعدو كونه انفتاحا، وعندما تتحدث مناظرتي عن أربع سنوات فكأنما هي متأكدة من أن عمر المجلس سيكون كذلك، بينما الواقع يقول غير ذلك لأننا لا نستطيع السيطرة على تسارع الأحداث، فأحداث 11 سبتمبر/ أيلول لم تبدأ بعد وهي قادمة إلى المنطقة، فهناك اتهامات من قبل أميركا إلى شخصيات كبيرة في المنطقة بأنها تمول الإرهاب، فكيف سيكون هو وضع البحرين وهي دولة صغيرة.
فما أراه هو تفاؤل كبير عند مناظرتي بشأن عمر المجلس، فالتغييرات جارفة ورغما عنا سنتغير ونتأثر بها وان لم نفعل ذلك سيفوتنا القطار، فالأجيال القادمة مختلفة عن جيلنا وهي أجيال متطورة بسرعة وليس بإمكاننا التعامل مع هؤلاء بديمقراطية سطحية، فعندما تتحدث مناظرتي عن استقرار لجذب الاستثمار فأقول لها كيف يكون هناك استقرار والسلطة التنفيذية تريد كل شيء بيدها والسلطة التشريعية لا تستطيع تشريع شيء.
فالتركيبة الحالية ربما تستطيع تحقيق الاستقرار على مر 6 شهور مقبلة فقط ونحن نعلم أن هناك أحداثاً قد تكون شرارة انفجار كما حصل في المسيرة التي استشهد فيها الشهيد محمد جمعة.
بإمكان المجلس الوطني عمل الكثير
حفاظ: القول إن السلطة التشريعية ليس بيدها أي شيء وان السلطة التنفيذية بيدها كل شيء قلنا بأنه غير صحيح من الناحية القانونية، بقي أن نشكك في الأعضاء ومن غير المنطق أن نشكك في الأعضاء قبل أن يبدأوا عملهم! وهنا أوجه نداء للمجتمع الوطني بأسره وهو ألا يعتقد أحدنا أن دوره هامشي في وجود السلطات الحالية، فالمسئولية تقع على عاتق الجميع فعلينا أن يساند بعضنا الآخر في مثل الوضع الذي نعيشه، فكل المواطنين مسئولون.
كما أن كل هيئات المجتمع الوطني لها دور في دعم أعضاء المجلس الوطني من خلال التعاون والتشاور معهم، فعندما يشعر المجلس انه مدعوم من قبل المجتمع فعند ذلك يمكنه أن يخطو خطوات كبيرة إلى الأمام، أما إذا بدأ المجتمع بالتخوين والتكفير فعند ذلك ستغلق الأبواب أمام كل الطرق الإيجابية، فمن يعمل عملا بدبلوماسية صحيحة يستطيع التغيير بهدوء وهذا لا يعني أن الصوت العالي غير مفيد لكن لكل دوره وكل منهما يكمل الآخر.
وفي اعتقادي أن العضو غير القلق من المسئولية الملقاة عليه يجب أن يخاف منه، فالمسألة المهمة هي ماذا أفعل وليس ماذا أقول، فالأفعال الإيجابية التي تؤثر في مجريات حياة الناس والتي تعيد كل حق لأهله عبر المحاكمات التي نود إقامتها تكون عبر عدة طرق وكل فريق يعمل بطريق معين ويكمل الآخر، وعلينا أن لا نخطئ الآخر لمجرد الاختلاف في وجهات النظر، فعندما يعمل كل من موقعه فإن ذلك سيظهر نتاجه وان كان أبعد مدى.
فإذا عملنا بما لدينا وقبلنا بها وسعينا إلى تطويرها وركزنا على الفساد الإداري والمالي وقمنا بالتشريع الذي يخدم الأسرة البحرينية قضينا على البطالة وغيرها من المشكلات التي يعانيها المجتمع فإن ذلك ما يرنو المجتمع إليه ويطلبه.
فخرو: السياسة ليست هي التي نفهمها بمعنى السياسة التي تنقلنا إلى التقدم، فالتقدم في كل مجتمعات العالم هو مستوى أفضل في الحياة وليس في المعيشة فقط، أي أن نوعية الحياة التي نعيشها تكون أفضل، فيكون هناك احترام لسيادة القانون وغيرها من الأمور التي تجعل من الحياة أفضل، ومع ذلك تعتبر البحرين من الدول المتقدمة في هذا المجال مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة وذلك بسبب انفتاحها منذ قرن.
والمتتبع لتاريخ البحرين يرى أن هناك تطورا ولكنه بطيء، فمع كون الفساد قد استشرى في فترة السبعينات إلا أن هناك محاولة إصلاحية، ولكن هذه المحاولة بالأدوات نفسها التي تسببت في هذا الفساد والاضطهاد، فلماذا لم يتم تغيير بعض الأمور المهمة وتغيير بعض الوجوه التي تعتبر رمزا للفساد الإداري والمالي.
* كيف ستكون علاقة المجلس الوطني بالحكومة من وجهة نظرك؟
حفاظ: في اعتقادي أن الحكومة لن تسن قوانين ليست في صالح الوطن، والاختلافات تكون في الآراء والأولويات، فعندما يكون الموضوع المطروح للمناقشة فيه اختلافات كبيرة فهناك ستكون مشادة في النقاش حوله، وعندما يطرح موضوع متفق عليه فإن الأمر سيسير بسهولة ويسر، وهذا يعني أن إعطاء صفة واحدة للمجلس هو ظلم له، وهنا أتمنى أن يكون أعضاء المجلسين لهم في كل موضوع قرار، فنشد في هذا الموضوع عندما يكون الموضوع مهما ويحتاج إلى ذلك ونتفق في موضوع آخر عندما نكون متفقين عليه.
فخرو: الحكومة تتصرف بذكاء ومن خلال خبراء لديها، وهي تسعى لتحقيق برنامج لديها فهي تريد لهذا المجلس أن ينجح، وبما أن الحكومة تملك زمام الأمور فستعمل على تمرير بعض القوانين حتى يبدو للناس أن هذا المجلس ناجح، ولكن هذه القوانين لن تكون قوانين في أمور مفصلية وانما ستكون في أمور معينة كإنشاء مدن أو بعض المشاريع التي نسمع بعض الوزراء يصرحون بها، وهي تريد أن ترسل رسالة إلى العالم بأن ما تريدونه موجود فهناك سلطة تشريعية وهناك حرية إلى غير ذلك.

العدد 98 - الخميس 12 ديسمبر 2002م الموافق 07 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً