العدد 98 - الخميس 12 ديسمبر 2002م الموافق 07 شوال 1423هـ

تطمينات مقابل وعد بدور في عراق المستقبل

لقاءات المعارضة مع القيادة الإيرانية في طهران

حسن فحص comments [at] alwasatnews.com

.

كلام أميركي بحروف عربية ولكنة كردية في محيط ايراني هو خلاصة الاجواء واللقاءات السياسية التي شهدتها العاصمة الايرانية طهران في الاسبوع الماضي، وحملتها تصريحات أطلقها رئيس المؤتمر الوطني العراقي (احمد جلبي) وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني (مسعود بارزاني). وهناك احتمال بأن تستقبل طهران في الايام المقبلة الاطراف الاخرى للافرقاء الستة العراقية التي اجتمعت مع الادارة الاميركية تحضيرا لتوجيه ضربة عسكرية إلى العراق.

تأكيد الجلبي ان زيارته لطهران جاءت تلبية لدعوة وجهها رئيس المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق (محمد باقر الحكيم)، للتباحث في آخر مستجدات الوضع العراقي ومستقبله السياسي وطبيعة الحكم والدولة بعد رحيل صدام والنظام البعثي، حصلت قبل اسبوع في ظل تكتم ايراني على وصوله.

العنوان الرئيسي الذي طرحه (جلبي) المقرب من الادارة الاميركية، في المؤتمر الصحافي حدد المطلوب من المعارضة العراقية في المرحلة المقبلة، وهو الحديث عن (كونفدرالية عراقية) تحت راية حكومة مركزية واحدة، وهو ما بدأت الفصائل الكردية التحضير له منذ اكثر من شهرين ومهدت له بإنهاء النزاعات الداخلية بينها (بارزاني وطالباني).

الجلبي تحدث ايضا عن آفاق العلاقات العراقية المستقبلية مع دول الجوار، مؤكدا انها ستكون على مستوى عال من التنسيق والتعاون، وخصوصا مع ايران الجارة الاكثر قربا من تركيبة العراق الداخلية، مشددا على امكانات تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري.

النقطة التي قد تكون الأهم في حديث (الجلبي) هي الموقف من القضية الفلسطينية وأزمة الشرق الاوسط، فقد تناول الحديث تطبيق قراري الامم المتحدة 242 و338 بشأن تقسيم فلسطين إلى دولتين، وكذلك تأييده إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب دولة اسرائيلية وسيلة لحل أزمة الشرق الاوسط واحلال السلام الدائم، وخصوصا ان هذا المشروع يحظى باجماع ومطالبة عربية شاملة وان العراق لن يكون أكثر فلسطينية من الفلسطينيين. واهمية هذا الكلام تأتي من انه جاء من العاصمة الايرانية التي طالما اكدت معارضتها لأي سلام لا يعترف بسيادة الشعب الفلسطيني على كامل الاراضي الفلسطينية وضرورة إزالة الكيان الصهيوني من الوجود واقامة دولة ديمقراطية، وهو الاتجاه الذي يمثله مرشد الثورة علي خامنئي. في حين ن مواقف صدرت عن الخارجية الايرانية تعتبر اكثر ليونة وتؤكد عدم معارضة ايران لاي اتفاق يتوصل اليه الفلسطينيون حتى ولو كان يتعارض مع الموقف الايراني وتوجهاته. وكلام (جلبي) هذا يحمل جرأة عالية لم يحدث أن أقدم عليها ممثلو الاتحاد الاوروبي او وزير الخارجية البريطاني (جاك سترو) خلال الزيارات المتكررة لايران، على رغم انها شكلت محورا اساسيا لمباحثاتهم في طهران.

زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني (مسعود بارزاني) الذي ترددت انباء غير مؤكدة عن لقائه قائد حرس الثورة الاسلامية الجنرال رحيم صفوي، وهو الجهة المعنية أكثر من غيرها بالوضع العراقي الميداني، تركزت مباحثاته أكثر على العراق ومستقبله السياسي والدور الايراني في هذا الاطار وآفاق التعاون. وشهدت لقاءاته مع المسئولين الايرانيين وخصوصا مع الشخصية الأبرز في الملف العراقي والوضع الكردي وهو رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الشيخ هاشمي رفسنجاني لتعكس جدية على المباحثات واهمية الرؤية الايرانية لمستقبل العراق السياسي. ويذكر ان بارزاني كان من اوائل الذين تحدثوا عن كونفدرالية في العراق.

بعد استبعاد اقامة حكومة عسكرية في العراق، ارتفعت وتيرة الحديث عن كونفدرالية تضم ولايات متعددة في اطار حكومة مركزية، وهو ما أكده (احمد جلبي) في طهرن، أي ان الحصة الايرانية باتت شبه مؤكدة في مستقبل العراق، وعليه فان البراغماتية الايرانية في شد الجبال والغزل مع اميركا اثمرت ايجابيا بما يضمن هذه الحصة. وهذا التوجه يلتقي مع اشارات اميركية إلى عدم استبعاد جناح المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق بقيادة محمد باقر الحكيم عن لقاءات واشنطن وكذلك عن لقاء المعارضة المقبل في العاصمة البريطانية لندن، وبالتالي فإنه يفتح الباب واسعا امام حضور ايران هذا اللقاء باعتبارها طرفا فاعلا ومؤثرا تحت رعاية مندوب الادارة الاميركية زلماي خليل زاده (المعروف بمواقفه المتشددة من ايران في الملف الافغاني) وايضا تعويضا عن الحرب الطويلة التي فرضها النظام العراقي على ايران وتحقيق ما لم تستطع حربها الخاصة تحقيقه، ومن دون الاخذ في الاعتبار مواقف الدول العربية الاخرى المعرضة للهجوم على العراق.

فهل تكتمل الفرحة الايرانية بإزالة النظام في بغداد، التي عبر عنها نائب رئيس مجلس النواب اثناء زيارته للكويت قبل شهرين، بأن تحصل على حصة من الكعكة العراقية في الجنوب، وهل تستطيع لاحقا ترميم علاقاتها مع الدول العربية التي فاجأتها البراغماتية الايرانية وأدركت مدى التناغم غير المعلن بين طهران وواشنطن في هذا الموضوع؟ وهل يستطيع الايرانيون ان يطمئنوا إلى مستقبلهم وألا يصل الدور إليهم بعد العراق وكوريا الشمالية لاستكمال تطويق دائرة دول «محور الشر» واخضاعها؟ وترى ما الفاتورة الايرانية التي تضمن لهم ذلك؟

العدد 98 - الخميس 12 ديسمبر 2002م الموافق 07 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً