العدد 112 - الخميس 26 ديسمبر 2002م الموافق 21 شوال 1423هـ

نطالب باستخدام أفضل الوسائل العلمية لتدوين تراث وتاريخ البحرين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تزور البحرين هذه الايام أستاذة التاريخ في الولايات المتحدة مي إبراهيم صيقلي لتدريب عدد من المهتمين بكتابة التاريخ البحريني على استخدام اسلوب التراث الشفوي. وصيقلي عاشت سنوات عدة في البحرين في الثمانينات ومطلع التسعينات ودرّست التاريخ في جامعة البحرين.

والتاريخ الشفوي وسيلة علمية تعتمد على ادارة وتقييم واختبار من خبراء التاريخ لاشخاص يحملون معهم قصص التراث والماضي عن أنفسهم وعوائلهم وجيرانهم وأصدقائهم ومن يعرفون في الماضي. وعملية استنطاق التاريخ بهذه الوسيلة تحتاج إلى خبرات فائقة لتمييز ما يمكن استخدامه وما لا يمكن الاعتماد عليه ثم تحويله إلى تاريخ مكتوب معتمد بشأن موضوع معين.

ولعلنا خسرنا كثيرا من تاريخنا لأن ما هو مدون ليس كافيا لاطلاعنا على ما كان يجري وما حدث بصورة شاملة ومترابطة. ونحن ايضا نواجه الاشكالية ذاتها مع ما حدث في البحرين خلال العقود الماضية. والتاريخ لايزال حيا أمامنا، فلدينا الذين أطال الله عمرهم لعقود طويلة، ولدينا أيضا من عايش الحوادث خلال الثلاثين سنة الماضية. وهذه الفترة على رغم معرفة كثير منا بما جرى فيها فإن من يأتي بعدنا قد يواجه المشكلة نفسها التي نواجهها نحن الآن عندما نحاول معرفة ما كان يجري بدقة في الماضي.

وعلى هذا الاساس فإن تنظيم المسئولين عن الثقافة والتراث بوزارة الإعلام ورشة يديرها أحد خبراء علم كتابة التاريخ الشفوي تعتبر خطوة مهمة ستساعدنا بلا شك في احياء تراثنا وكتابته بصورة مشتركة؛ بحيث يفتخر كل بحريني بقراءة تاريخ غير منحاز، وبحلوه ومره.

التاريخ بصورة عامة كان تاريخ ملوك، والمؤرخون والرواة كانوا من المقربين للملوك يكتبون ما شاءت السلطات الرسمية ويضيفون ويحذفون بحسب الرغبة السياسية. واستمرت كتابات التاريخ في كثير من بلدان العالم بمختلف أنظمتها في ارتباطها بالرغبة الرسمية لابراز وجه معين واخفاء وجه آخر غير أن التاريخ الشفوي يعتمد على أسلوب مقلوب، اذ يبدأ كاتب التاريخ من الناس العاديين ويسألهم ويستفسر منهم بأسلوب علمي، ويوفر لنا هذا الأسلوب رافدا مهما بل في بعض الأحيان المصدر الاساس لحوادث لم توثق تاريخيا.

ما لدينا الآن هو كثير من الكتابات المعتمدة على مذكرات ووثائق القوى التي استعمرت منطقتنا، وكثير من تلامذة التاريخ يعتمدون على تلك الوثائق لأنها أفضل ما هو موجود بعد اختفاء وثائق أخرى. غير ان الوثائق التي تنشرها المؤسسات المعنية بتوثيق التاريخ ليست حقيقة مجردة من الاعتبارات السياسية، على رغم اهميتها واقترابها مما كان يحدث وخصوصا بعد قراءة ما بين السطور.

محاولات كتابة التاريخ البحريني لازالت مبتورة ومرتبطة بأهداف سياسية أكثر منها اهدافا مهنية لها علاقة بمهنة كتابة التاريخ. وعلى هذا الاساس فإن عددا من الكتب التي نشرت عن تاريخ البحرين مخجلة في محتواها ومغلوطة في معلوماتها بل ان بعضها يحمل في طياته عنصرية واضحة ضد هذه الفئة أو تلك.

آن الاوان لأن نكتب تاريخنا من دون خوف، ولدينا مصادر كثيرة، من بينها التاريخ الشفهي. وعندما نتحدث عن التاريخ الشفهي فإن عناصره تشمل الناس كلهم بمن في ذلك الخادمات اللاتي يعرفن الكثير بحكم عملهن ولهن أيضا دورهن في اخبارنا عما حدث ويحدث. فالتاريخ لم يعد تاريخ النخبة وإنما هو تاريخ الجميع حكاما ومحكومين، كبارا وصغارا، وقواسمنا المشتركة أكثر بكثير مما يتصوره البعض

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 112 - الخميس 26 ديسمبر 2002م الموافق 21 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً