العدد 112 - الخميس 26 ديسمبر 2002م الموافق 21 شوال 1423هـ

الإسلام يدعونا إلى الاقتحام المعرفي وليس دس الرأس في الرمال

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

المرأة البحرينية مازالت بحاجة إلى من يدافع عن حقوقها الانسانية والإسلامية وإلى من يعمل جاهدا على توصيل صوت الإسلام إلى مواقع التأورب والتغرب في بعض قنواتها والتي منها تلك المعاهدات والاتفاقات التي تقوم بعقدها الأمم المتحدة مع دول العالم التي منها دولنا العربية. ان الانكفاء على الذات والانغلاق في الصومعات الخاصة مخافة الآخر لا يمكن أن تسمح بإيصال الصوت الإسلامي إلى المواقع المهمة والمؤثرة في العالم. لذلك كله مكثنا - نحن - والكثير من الإسلاميين لايصال صوت الإسلام في موقفه الداعم والمآزر للمرأة في تلك الورشة الناجحة بكل المقاييس التي عقدها مركز البحرين لحقوق الانسان. لقد بقينا ثلاثة أيام متطوعين 7 ساعات كل يوم لمناقشة حقوقها وما لها وما عليها وكان هدفنا نحن الإسلاميين ايصال الموقف الإسلامي وأعتقد أننا أوصلناه وكان لنا بعض التأثير. وهذا ما أريد أن أتطرق إليه: أن يكون لك بعض التأثير أفضل ألف مرة من ثقافة المقاطعة والهروب إلى الوراء تحت حجج عرفية مهما كانت موفقة إلا أنها لا ترقى إلى تلك الأرجحية من الحضور والترافع.

وتلك هي مشكلتنا مع قاصري النظر في المجتمع فهم يريدونك أن تترافع عنهم، وأن تتكلم عن همومهم وأحزانهم، وأن توصل صوتهم إلى القنوات الفضائية، وإلى الصحافة، وأن تؤلف الكتب، وأن تحاور كل الايديولوجيات، وأن تقتحم كل المواضع لتوصيل الصوت، وحين تترك كل أعمالك في سبيل ذلك تخرج عليك ذات الأصوات لتصطاد صورة هنا وصورة هناك وكلمة صغيرة هنا وكلمة صغيرة هناك ناسية كل المواضع الإيجابية وكل المواقف التي حاولت تحقيقها والمكتسبات التي سعيت إلى اضافتها إلى رصيد الفكر الإسلامي، وكلها تحت حجج مزاجية على قاعدة (هذا لا يليق وذاك يليق) وتبقى أنت الدارس للعلم سنين تلميذا مطيعا للأستاذ المزاجي الجديد القديم «العرف العام». وهكذا يتركز الموقف ذاته شئت أم أبيت «أنت مسبية على كل حال». وهذه ثقافة مزاجية يجب الحد منها. لقد آن الأوان لئن نوصل صوت الإسلام إلى كل مكان وأن نوضح الرؤية الإسلامية. وكانت لنا في هذه الورشة مناقشات جادة ومعرفية لكل الإشكالات التي كانت تطرح لتناقش الإسلام وكان هامش الحرية مفتوحا لسماع صوتنا وكان محل احترام حتى المختلفين معنا خطا.

وناقشنا وكان النقاش في تصاعد وهبوط ولكنه يتسم بأدبيات الحوار واحترام الشريعة. وطرحنا وجهة النظر الفقهية لفقهائنا الأعاظم من السنة والشيعة ورؤيتهم ورؤية الإسلام تجاه من يرفض الآيات المشرعة للإرث للمرأة والرجل أو موقف الشريعة من تعدد الزيجات وغيرهما مما يعد في عرف ومبادئ الغرب من موضوعات التمييز ضد المرأة، وكنا نترافع عن وجهة النظر الإسلامية بكل اعتزاز وفخر فهو عزنا وكرامتنا وافتخارنا فلا يوجد أسمى من تعلق واعتزاز المرء بإسلامه فأوضحنا موقف الاسلام من كل ذلك. ولكن كل ذلك لم يمنعنا من نقد سلك القضاء في البحرين ومزاجيته تجاه المرأة فأحكام بعض قضاتنا أحكام ما أنزل الله لها من سلطان ولم تكن في بعضها تمثل حتى الفقهاء.

وهناك خطبة لعلي (ع) كاملة في نهج البلاغة يصف فيها أولئك القضاة الذين تضج من أحكامهم تلك الدماء. وهؤلاء موجودون في كل عصر فكما أننا نمتلك قضاة بحرينيين مؤهلين نمتلك أيضا غير مؤهلين. ولهذا - عودا على بدء - أقول: ما عاد هنالك مجال لتلك البكائيات الضيقة التي نعيشها مخافة الدخول في المؤتمرات والفضائيات مادامت وفق الضوابط الشرعية ولم تدخل في نطاق الحرمة مهما اصطاد المتصيدون. فهنا لا يسع المرء إلا أن يمضي متدافعا في سبيل احقاق الحق، أما من لا يريد الخروج من صومعته فليبق فيها فلا أحد بوسعه الحجر عليه أكان فردا أو مجتمعا أو أمة.

فاليوم في ظل هذه الهجمة الشرسة على الإسلام نحن بأمس الحاجة إلى استيعاب أبنائنا بلغة العصر مع الاحتفاظ بثوابت الدين. أما الكلام عن استحباب المسواك ومنع المرأة قيادة السيارة إلى التفصيل في نوعية «الهدهد» من أية فصيلة أو معرفة ذلك الصحابي ما هو لون قميصه عندما اسلم، فهذه لا تقدم ولا تؤخر ان لم تكن منفرة كما قال رسول الله «ص» وهو يوصي المؤمنين بقوله: «لا تكونوا منفرين». أنا مؤمن بأن الإسلام هو نهاية التاريخ وأنه يمتلك مقومات البقاء والنهوض بالأمم، هذا اذا استطعنا اقناع الناس به بالأخلاق والفكر والحوار وليس بالعنجهية والتنطع والتطرف وسياسة تكسير الرؤوس وضيق الصدر من السؤال. الإسلام قوي يفرض وجوده أمام كل تحدٍّ بالعقول الاستراتيجية وبقوة المنطق وبصلابة وعلمية ومعرفية الحجج. الإسلام لم يكن في يوم من الأيام ليضع أو يدس رأسه في التراب مخافة الآخر وها هو القرآن يعلمنا وأنبياؤه : «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» (النمل:64). وبذلك نستطيع ترسيخ الفكر الوسطي المتوازن الذي يحافظ على ثواب العقيدة ويواكب العصر لنعرض الإسلام بالحجة

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 112 - الخميس 26 ديسمبر 2002م الموافق 21 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً