العدد 2188 - الإثنين 01 سبتمبر 2008م الموافق 29 شعبان 1429هـ

المدارس الصديقة لحقوق الإنسان

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

ثمة طائر بُعِثَ ليكون صديقا ومعلما وناصحا لأول إنسان ـ في تاريخ البشرية ـ انتهك أهم حق من حقوق الإنسان، وهو «حق الحياة»، ذلك الصديق هو الغراب، قال تعالى، «فبعثَ اللهُ غُرابا يبحثُ في الأرضِ لِيُرِيَهُ كيف يُواري سوأة أخيه» (المائدة:31).

إن الغرض من إنشاء المدارس الصديقة لحقوق الإنسان يتمثَّل في تعزيز مضامين حقوق الإنسان في الميدان التربوي ضمن فضاء حر تفاعلي لنشر الثقافة الديمقراطية من المهد مرورا بالتعليم الأساسي والثانوي، ويتأتى ذلك عبر إقامة شراكة مع 10- 15 مدرسة في نطاق البيئة الجغرافية الواحدة، ويمكن للمحافظات أن تشكل نواة جيدة لبلورة هذه المدارس في شتى أنحاء العالم بصورة أولية، بحيث تكون قدوة يمكن السير على شاكلتها فيما بعد.

ولا يساورنا الشك في أن مشروع المدارس الصديقة لحقوق الإنسان يمكن أن يشكل امتدادا طبيعيا وواقعيا لمشروع جلالة الملك لمدارس المستقبل، فهناك نماذج ثلاثة دولية رائدة ضمن هذا السياق وهي : مبادرة الحقوق والاحترام والمسئوليات في المدارس الأساسية في هامبشير بالمملكة المتحدة، ومدرسة حقوق الإنسان في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة التي مر على مباشرتها لأنشطتها 4 سنوات، والكلية النوردية العالمية المتحدة للصليب الأحمر في النرويج. إذ تقوم هذه المبادرات الثلاث بانتهاج أساليب متعددة في مقاربة مهمة بهدف غرس مفهوم المدارس الصديقة لحقوق الإنسان، إذ ستشكل بالتالي مصادر معرفية مهمة لمشروع المدارس الصديقة لحقوق الإنسان.

ليس المقصود من ذلك إنشاء مدارس جديدة، إذ يمكن الدخول في شراكة مع بعض المدارس التي لديها مجالس منتخبة على مستوى الهيئات الإدارية والتعليمية، وتنتهج اللامركزية في قراراتها وفي موازنتها السنوية، من دون وصاية من أحد، ومن المهم الاستفادة من تجربة وبرامج بعض المدارس القائمة على تأصيل مفاهيم حقوق الإنسان بشكل أو بآخر، لكي تترجم مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سواء في البيئة المدرسية أو من خلال الأنشطة اللامدرسية كالقيام بالرحلات الترفيهية التي تعزز التعلم التعاوني وروح التواصل مع الآخرين.

إرهاصات ضرورية يجب أن تتحقق حتى تؤدي المدارس الصديقة دورها في تنمية الاتجاهات السليمة لدى الطلاب، فالبيئة المنزلية تشكل نمط التفكير عند الطفل، ولا بد من اقتران التربية بالقدوة، فهل علمنا أبناءنا مثلا حق العامل أو الخادمة التي تعمل في المنزل؟ وهل ما زلتُ كأب أمارس السلطة الأبوية مع زوجتي وأبنائي؟ إذا تهيأت الأرضية فمن السهولة بمكان تعزيز قيم ومفاهيم حقوق الإنسان، فالعملية تراكمية تبدأ من المنزل ثم المدرسة ثم الأصدقاء ووسائل الإعلام ومؤسسات التنشئة الاجتماعية كالأندية ودور العبادة وما إلى ذلك.

مكونات عديدة لا بد أن تتوافر كركائز في المدارس الصديقة لحقوق الإنسان، ومن دونها تصبح العملية عبثية ليس من شأنها أن تغير شيئا على الواقع الحقوقي في الميدان التربوي، ومن باب المثال لا الحصر نورد هذه المفاصل الأساسية:

دور المعلم في المدارس الصديقة لحقوق الإنسان

لا بدَّ من الإعداد الجيد للمعلمين وأعضاء هيئة التدريس، بحيث تكون لديهم الدافعية، فالإعداد والدافعية عنصران أساسيان لإنجاز المهمة الموكلة إليه.

دور الإدارة المدرسية

فالإدارة المدرسية لا بدَّ أن تكون ديمقراطية، بحيث تشجع على فرص العمل الجماعي، وإتاحة فرص التعبير الحر عن الآراء، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في الترقيات والحوافز، وفتح الباب أمام الجميع في اتخاذ القرارات، وتعزيز العلاقات الإنسانية القائمة على الثقة والاحترام بين الجميع.

دور مجلس الطلبة أو البرلمان المدرسي

يعد مجلس الطلبة بمثابة البرلمان الذي يتعلم منه التلاميذ كيفية الترشُّح والانتخاب، ويتعلمون أيضا آداب الحوار والنقاش والنقد البنَّاء، وكيف يدافعون عن حقوقهم، وكيف يحلون خلافاتهم بصورة إيجابية.

دور الإعلام المدرسي

يتمثَّل دور الإعلام في إرساء دعائم الديمقراطية، فهو أداة مهمة من أدوات التعبير الحُرِّ عن الآراء والمشكلات من خلال الصحافة ومجلات الحائط والإذاعة المدرسية، وتوظيف وسائط التواصل المختلفة كالإنترنت والبريد الإلكتروني وغيرها بقصد تشجيع المدرسة علـى مواكبة المستجدات التي تطرأ في حقول المعرفة.

دور المناهج المدرسية

ويكون من خلال تضمين مفاهيم حقوق الإنسان (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) في المناهج التعليمية بدءا من الحلقة الأولى من التعليم الأساسي وانتهاء بالمرحلة الجامعية.

ومن الأهمية بمكان، تطبيق الرؤى التي طرحها وزير الدولة للشئون الخارجية نزار البحارنة في عزم البحرين على تطبيق توصيات مراجعات جنيف بشأن حقوق الإنسان، وأن التعاون قائم مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وبالفعل أعلن عن لجنة معنية بالإشراف على تطبيق تلك التوصيات ستشكل من الجهات ذات العلاقة، ومنها وزارات: الصحة، والداخلية، والعدل، والخارجية والتربية بالإضافة إلى جمعيات نسائية وحقوقية?

ولابد أن تتخذ التربية على حقوق الإنسان مسارا نسقيا تراكميا، و لا يمكن أن تكون على طريقة Switch On وSwitch Off، لذلك بات من الضروري على المعنيين بالشأن التعليمي أن يقوموا بعملية إصلاح التعليم، الذي يقوم أساسا على التلقين والحفظ.

خطوات مهمة يمكن أن تتخذها الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في المبادرة لتأسيس هذه الشبكة من المدارس الصديقة... علينا أن نتكاتف ونعمل معا من أجل بيئة ديمقراطية في الميدان التربوي.

«لا يوجد تعليم محايد - كما يقول الباحث محمد نبيل نوفل في كتابه - (دراسات في الفكر التربوي المعاصر) فإما أن يكون أداة للقهر، وإما أداة للحرية

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 2188 - الإثنين 01 سبتمبر 2008م الموافق 29 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً