العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ

الإسكان المناطقي... سلبياته وإيجابياته

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

لاتزال المشكلة الإسكانية واحدة من أهم وأبرز المشكلات التنموية التي نعاني منها على رغم أن هناك الكثير من المعوقات والصعوبات التي تم تجاوزها وهناك الكثير من الخطوات الإيجابية التي رصدت، إلا أن ثمة أحلاما طموحة لو تحققت فسيكون لها أثرها الإيجابي الكبير، ولاسيما أن هناك الكثير من المشروعات الإسكانية المناطقية تحتضر أو في طريقها للاحتضار كالمدينة الشمالية التي باتت حلم كل مواطن يعيش في المحافظة، إلا أن الأحلام كتب لها أن تظل أسيرة القناعات التي لا حدود لها مع كروش لا تمل ولا تشبع من الأكل وإن كانت ممتلئة عن آخرها، فالتسالي والمقرمشات أهم من الطبق الرئيسي لديهم.

ولعلي في هذه العجالة أبرز أهم تلك الطموحات بل إنها ربما أهم أفضل الحلول التي طرحت في الآونة الأخيرة واستطاعت أن تحرز إيجابية الإسكان المناطقي لولا بعض المنغصات التي لازمت المشروع، أذكر من بينها أن الإسكان المناطقي في الغالب تكون أعداد المستفيدين منه محدودة لكون الوحدات الإسكانية المنجزة قليلة ولا تغطي جميع الطلبات، في حين أن هناك أكواما من الطلبات تراكمت نتيجة إهمال المشروعات الإسكانية لسنوات، فضلا عن أن بعض المشروعات المناطقية قد تغطي احتياجات لبعض الطلبات ذات تواريخ أحدث بكثير من بعض الطلبات الإسكانية لمناطق سكنية، ما يوقع الظلم على البعض في حين أن البعض الآخر يستفيد بصورة أسرع من غيره من أصحاب الطلبات القديمة، الأمر الذي يثير هنا بعض المشاعر السلبية بين المواطنين أنفسهم وقد يكونوا غير ملامين في ذلك، فالسكن حاجة ملحة وغالبية المشكلات الاجتماعية والمطاحنات اليومية التي تحدث بين الأهل يكون البيت المشترك أبرزها على الإطلاق.

ولتوضيح تلك النقطة، أضطر إلى سرد إحدى المحادثات مع متضررة من الإسكان المناطقي على سبيل المثال لا الحصر لأبين من خلالها أبرز سلبيات بعض المشاريع الإسكانية المناطقية والتي لم تجد لها حلا إلى الآن والمتضررون لايزالوا يبثون شكواهم إلى الله: المتضررة طبعا قصتها طويلة جدا وحظها عاثر ونصيبها أن يظل طلبها محكوما عليه بالتعطل لسنوات طويلة، شأنها في ذلك شأن الكثير من العوائل التي تشاطروها المحنة نفسها، ولا حياة لمن تنادي، فقد حرمت من حصولها على وحدة سكنية ضمن المشروع الإسكاني المناطقي في قريتها الكائنة في المحافظة الشمالية للتلاعب الذي حصل في مشروع قرية المقشع ولعلنا قرأنا واطلعنا مرارا على معاناة أهالي القرية الذين لن يستطيعوا محاصرة طمع وجشع وسوء تصرف من كان في يده المشروع أصلا ولا داعي اليوم لذكر اسمه. الوحدات الإسكانية وزعت بالكامل واستفاد منها من استفاد وسكن فيها من سكن ولكن لاتزال القلوب تسكنها العديد من المنغصات والعتاب واللوم وخصوصا مع الظلم الذي استطاع أن يعطي البعض حقا ليس له وأن يلغي حق البعض في حين أن الحق إليه ومعه.

هل تصدقون أن طلبها مر عليه 16 عاما لكونه منذ 1992 وهذه حقيقة وليست خيالا، ولكنها لم تحرز ما تمنته، وإلى الآن لاتزال تنتظر أن تحصل على وحدة سكنية من المشروعات الإسكانية المناطقية القريبة من قريتها بعد أن وعدت بالحصول على طلبها من الواحدت السكنية التي تم بناؤها في قرية الشاخورة القريبة من قريتها ولكنها صحت من جديد لتجد أن الأمل قد تبدد لكون المشروع ذاته بالكاد يكفي لسكان المنطقة نفسها وهناك أولويات في المشروع لا تنسجم من الالولوية التي تتحدث عنها، وعاد الأمل يبرق من جديد مع مشروع آخر وبدأ الآخر يتلاشى كما تتلاشى أشعة الشمس، وفي كل مرة يتجدد حينها الأمل يخمد من جديد ولاتزال تنتظر نصيبها، ولكنها ترى - ومن حقها ذلك - أن المشروعات المناطقية قد تظلمها وتظلم أمثالها فليس من العدل أن يحصل أصحاب الطلبات الإسكانية الحديثة على طلباتهم أسرع من الطلبات القديمة، فقط لكونهم ينتمون للمنطقة نفسها.

وبدورنا، بعد أن تأملنا جيدا المعطيات وبعد اطلاعنا على سلبيات وإيجابيات الإسكان المناطقي، يبدو أن هناك بالفعل حاجة ملحة إلى الوقوف مجددا على المعايير والاشتراطات التي في ضوئها تتم تغطية الطلبات الإسكانية المناطقية منها وغير المناطقية حفاظا على النسيج الاجتماعي الذي بدأ بالفعل يتأثر جراء المشاحنات والاختلافات في هذا الشأن. وقرية المقشع الواقعة في المحافظة الشمالية خير مثال؛ فهناك أواصر متقطعة على رغم أن هناك علاقات نسب قوية بسبب ما حصل قبل سنوات.

السكن مهم وحاجة ملحة جدا ولكن هناك أيضا علاقات اجتماعية يجب أن تحفظ والنبي (ص) أوصى على سابع جار، والإسكان المناطقي من شأنه أن يحافظ على النسيج الاجتماعي، ولعل ذلك أبرز إيجابيات المشروع ولكن الأخطاء والهفوات الصغيرة قد تفسد بعض الأمور وتغير المعادلات في حين أن الغايات أنبل من المعطيات.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2134 - الأربعاء 09 يوليو 2008م الموافق 05 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً