العدد 2136 - الجمعة 11 يوليو 2008م الموافق 07 رجب 1429هـ

إذا فات الفوت ما ينفع الصوت

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ثقافتنا البحرينية مليئة بالأقوال والحكم التي تعكس حقيقة ومبررات ما نعيش، ومن بين هذه الأقوال التي عكست حقائق تاريخية قديمة وحديثة هو ذلك القول «إذا فات الفوت ما ينفع الصوت». ونعتقد ان هذا المثل جاء ليرد على أمثال أخرى استغلت بشكل مغلوط لا يعكس حقيقة الأمر أبدا وهي «برز الدواء قبل الفلعة».

هناك من هم متناقضون على أنفسهم يحبون التلاعب الدائم بالكلمات، وكحالنا نحن العرب لا نجيد من العمل سوى الانتقاء ضمن لعبة فن المصطلحات لصفها والرقص عليها بعيدا عن إيجاد حلول حقيقية لمشاكلنا، لذلك نجد أنفسنا دائما متخلفين عن ركب التطور الذي أجتاح العالم بأسره نتيجة شراكة حقيقية بين متخذ القرار وقواعده الشعبية، هذه الشراكة التي لا نحمل منها إلا قشورها فيما لبها وأساسها يقوم على الإقصاء والتهميش، وسياسة مركزية القرار الأوحد الذي يجب أن لا يناقش فيه احد.

الشاهد في قضايانا الكثيرة بأن الألسن تتحدث اليوم عن إعطاء التشريع والقرار فرصة من الزمن ليثبت مدى ملاءمته للواقع، وفي الأيام الماضية كان الحديث عن شراكة حقيقية في صنع القرار بين الأطراف المعنية ليخرج الجميع بقناعة واحدة وتوافق موحد لصنع قرار يفيد ويخدم الجميع ولا يكون لطرف على حساب طرف آخر، ولا ندري على أي لحن يعزفون ويلعبون.

ليس عيبا أن يفزع أي إنسان أو جهة من تشريع أو قرار معين يرى فيه إضرارا له، والعيب أن يسكت هذا الطرف على هذه التشريعات والقرارات التي قد تجره إلى مهاترات ومن ثم انتكاسات لا يمكن الخروج منها إلا بعد أن يكون المرض قد استفحل ولا يمكن علاجه بعد ذلك.

الشواهد كثيرة على مثل هذه التشريعات التي سكت عنها ومن ثم ضاعت من بعدها الحقوق باسم أن القرار والتشريع لم يجرب بعد، فالسواحل سرقت باسم القانون، والمال العام سرق باسم القانون، وتحولت بعض الجهات الحكومية إلى مؤسسات خاصة وتضرر موظفوها باسم القانون، وفصل الكثيرون من أعمالهم باسم القانون وضاعت الحقوق باسم القانون، ومن يمكنه أن يسترجع كل تلك الحقوق بعد أن «فات الفوت»؟.

العيب لدى خبراء السياسة البحرينية ولدى أقلام كتبت سنوات طويلة وطبلت خلالها لأعمال الحكومة إيجابا وسلبا أن تتحدث وترفض تشريعات وقرارات قبل أن تطبق، إذ انه من وجهة نظرهم العملاقة أن تأكلك بنارها أول حتى تستشعر خطرها، وإلا فإنك إنسان متخلف لا تفهم أو تفقه شيئا، بل انك عزيز المطالب بالتروي والإنصاف تمس الاستقرار والأمن الوطني وربما تهدد السلم العالمي أو انك بهذه المطالب البسيطة التي تكفلها لك كل التشريعات الدستورية والإنسانية قد تكون سببا رئيسيا في الاحتباس الحراري وارتفاع الأسعار، وانتشار حتى الإيدز في جنوب افريقيا وغيرها من الأمور التي يجيد التغني بها العازفون على لحن الكلمات الرنانة والمطاطية.

الأولون قالوا من قبل ان «آخر العلاج الكي» وليس أوله، والقضاء هو الفيصل الأخير في أي نزاع، وهذا صحيح، ولكن قبل كل ذلك هناك شيء يغيب عن أذهان المتملقين اسمه «الوقاية» والتي هي خير من العلاج والتقاضي، وبالتالي أن نناقش سلبيات القرارات والقوانين قبل سنها وتطبيقها خيرٌ من العلاج والاحتكام إلى القضاء، فهل سيفهم الآخرون؟

لا

لماذا؟

لا أنهم مبرمجون.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 2136 - الجمعة 11 يوليو 2008م الموافق 07 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً