العدد 2137 - السبت 12 يوليو 2008م الموافق 08 رجب 1429هـ

العرب يستوردون بن «أرابيكا»

يرشف الفرد منا فنجان قهوته الصباحية، ويستتبعها بمجوعة أخرى من الفناجين على امتداد النهار، مستمتعا بنكهتها الخاصة التي يتمسك بها، مرة بدافع العادة، وأحيانا كثيرة أخرى من أجل التميز. القليل منا يعرف الرحلة التي قطعها فنجان القهوة هذا كي يتحول من حبوب القهوة الخضراء في حقول البرازيل وإثيوبيا، أكبر دولتين تنتجان القهوة، إلى السائل الاسود، الذي باتت تسوقه وتتحكم في أسعاره أسماء أصبح لها حضورها في الأسواق العالمية، مثل «ستاربك» و «كوستا» وقائمة أخرى طويلة من الشركات العالمية التي نجحت، خلال السنوات الخمس الأخيرة، من غزو الأسواق المحلية، أو بالأحرى المقاهي المحلية كي تحل قهوتهم مكان القهوة المحلية.

كيف اكتشف الإنسان نبات القهوة؟ تقول الأسطورة إن مكتشف مفعول القهوة السحري، هو راعي غنم اسمه «كالدي» كان يعيش في إثيوبيا في القرن الحادي عشر، عندما لاحظ نشاطا غير طبيعي يجتاح بعض الأغنام التي يرعاها. تناول «كالدي» بعض الحبات بنفسه، فإذا به يشعر بشيء من النشاط يسري في جسده. وتطورت علاقة الإنسان مع القهوة واتسع نطاق انتشارها، حتى أصبح في مدينة صغيرة مثل «دبي» قرابة 50 فرعا للعلامات التجارية العالمية التي تسوق القهوة.

ويقال إن الموطن الأصلي لهذه الشجرة مديرية «كافا» الاستوائية بالحبشه، وقد ارجع مؤرخون اصل التسمية الى هذا الاقليم بقولهم «كافية» وانتقلت زراعة هذه الشجرة الى اليمن في العام 575م، وقيل إن أول زراعة للبن في الجزيرة العربية كانت في القرن الرابع عشر الميلادي بنقل بذوره عن طريق احد التجار من الحبشة وقد احتكر العرب تجارة البن في العالم لمدة قرنين. ثم بدأت زراعه في سيلان و «جاوا»، العام 1720، والبرازيل سنة 1770. وقد عرف الاوروبيون القهوة في منتصف القرن الـ17. وفي الصين ظهرت القهوة في العشرينات من القرن الماضي لتختفي بعد منعها من قبل النظام الشيوعي مع تسلمه السلطة العام 1949 باعتبارها مشروبا «رأسماليا» ثم عادت للظهور مجددا في الثمانينيات ضمن موجة الانفتاح الاقتصادي.

الأمر الذي قد يجهله البعض منا هو المكانة التي يحتلها البن في التجارة العالمية، إذ يأتي ترتيبه الثاني بعد النفط، متقدما على الفحم، والقمح والسكر. وشأنه في ذلك شأن المحاصيل الأخرى، عانى البن من الكثير من التقلبات خلال السنوات العشرين الماضية، وتأرجحت أسعاره بين هبوط وارتفاع. وفي أواخر الخمسينيات حصل عدم توازن بين الإنتاج والاستهلاك في سوق البن إثر الإنتاج الضخم الناتج عن التوسع في زراعة أشجاره. واستدعى ذلك عقد مؤتمر عالمي عن البن برعاية الأمم المتحدة، كما وضع مشروع اتفاق عرض على الدول المعنية، وقعته اثنتان وثلاثون دولة مصدره للبن، واثنتان وعشرون مستوردة له ثم نشأت منظمة البن الدولية ICO ومركزها لندن في العام 1992.

وقد أدت الزيادة في العرض إلى تراجع مستمر في الأسعار. لدرجة أنه سبب للبلدان التي تزرعه أزمات مدمرة، فقد كان على البرازيل، في مرحلة ما، أن تبيد حرقا أو إغراقا في البحر نحو 4 ملايين طن من البن للمحافظة على سعره، وكانت تنتج أحيانا ما نسبته 30 في المئة من المحصول العالمي.

وفي مطلع القرن العشرين أصبح إنتاج القارة الأميركية نحو 90 في المئة من إنتاج العالم، ثم نزل الإنتاج إلى 75 في المئة. وفي الستينيات من ذلك القرن أصبحت القارة الإفريقية تنتج نحو 35 في المئة من المحصول العالمي، ليبلغ كامل الإنتاج وقتذاك نحو 70 مليون كيس (الكيس 60 كيلوغراما) وكانت الولايات المتحدة تستهلك 45 في المئة من تلك الكمية، نتيجة فرض ضرائب مرتفعة على الشاي.

وعلى المستوى العربي يقف الأردن على رأس قائمة الدول العربية المستهلكة للبن مقارنة بعدد السكان. ووفقا لتقرير نشره موقع وكالة الأنباء الكويتية ينفق الأردنيون الاردنيو»على شرب القهوة 56 مليون دولار سنويا، واستورد الاردن بحسب الارقام الرسمية خلال الـ11 شهرا الاولى من العام 2003 قرابة 8200 طن من البن بقيمة تقارب خمسة ملايين دينار أردني».

العدد 2137 - السبت 12 يوليو 2008م الموافق 08 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً