العدد 2208 - الأحد 21 سبتمبر 2008م الموافق 20 رمضان 1429هـ

تحدي باكستان القبلي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بانتعاش وجود طالبان والقاعدة اللتين تعملان من منطقة القبائل المدارة فيدراليا في باكستان، تبوأت هذه المنطقة موقعا في منتصف المسرح في حرب الولايات المتحدة على الإرهاب. وحتى يتسنّى تحقيق الأمن في هذه المناطق تسعى حكومة الباكستان المدنية إلى التفاوض مع رجال القبائل لإنهاء القتال وسحب الجيش واستخدامه كحل أخير فقط، بينما تقوم بتشجيع النمو الاقتصادي.

إلا أنّ هذه السياسة ستفشل ما لم تتعامل باكستان بشكل كامل مع نظام الحكم الارتدادي المتراجع في المناطق القبلية.

هناك حاجة أساسية لإصلاحات سياسية وقانونية؛ لتوسيع رقعة إدارة الحكم والحفاظ على الحقوق الدستورية ومنع الدعم الجماهيري المتزايد لطالبان وفي الوقت نفسه ضمان أمن المنطقة على المدى البعيد.

تتكون المناطق القبلية التي تُدار فيدراليا والواقعة على الحدود الشمالية الغربية لباكستان مع أفغانستان سبع وكالات قبلية وستة مناطق حدودية تضم أكثر من ثلاثة ملايين نسمة.

استخدمت الإمبراطورية البريطانيّة التي مارست سيطرة محدودة على هذا الإقليم المستقل بشكل عنيف، القوة والإقناع عن طريق المال للحفاظ على الطرق المهمّة استراتيجيا والممرات الجبلية مفتوحة، بينما قامت بإهمال المناطق المتبقية، وهو وضع بقي على حاله بعد استقلال باكستان.

ويُعزى أمر التشدد المسلح في هذه المناطق القبلية إلى مجموعة من العوامل، بما فيها تاريخها وخصوصا كونها تشكّل منطلقا للمقاومة ضد الاحتلال السوفييتي، ونتائج هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول وما تلاه من احتلال لأفغانستان، والمناورات التي تقوم بها باكستان في أفغانستان وعدد سكّانها الكبير نسبيا ومعظمهم من الفقراء والأميين. إلا أنّّ حكم المنطقة المشوّه شجّع طالبان اليوم كذلك بأساليب ثلاثة:

أوّلا، لم تصل سلطة الدولة الكاملة في يوم من الأيام عبر المناطق القبلية. وقد وجدت المناطق التي يصعب الوصول إليها والتي لا وجود للدولة فيها منذ حقبة الحكم البريطاني، وهي توفر ملاذا آمنا للمجرمين والمتشددين المسلّحين.

ثانيا، حيث يوجد نظام إداري تقوم طالبان والجيش بتفكيكه. منذ العام 2004 قَتَلت طالبان حسب التقارير أكثر من 300 مالك أو زعيم قبلي. ويرجع العديد من هؤلاء الزعماء الآنَ إلى طالبان وليس إلى عملاء الحكومة المركزية للحصول على أوامرهم بالتحرك. فقد أصبحت طالبان الآن تملأ الفراغ السياسي المتراكم.

ثالثا، حيث يوجد نظام كامل فإنّ سماته الرئيسية تُذكي المشاعر المضادة للدولة. رعت الحكومة البريطانية في العام 2008 استطلاعا دلّت نتائجه على أن 73 في المئة من سكّان المنطقة يعتقدون أنّ الجيرغا، أو برلمان الدولة لا يوفر عدالة سريعة. ونتيجة لقدم أنظمة الحدود البريطانية التي وُضِعت قبل أكثر من قرن، يبرر السكّان المحليون ولاءهم لطالبان ومحاكمها الدينية بأنها توفر عدالة سريعة رغم قسوتها.

لحسن الحظ، هناك إدراك واسع بالحاجة للإصلاحات في المناطق القبلية بين كافة الأحزاب السياسية الرئيسية، كما ينعكس في البيانات الانتخابية للعام 2008. إلا أنّ الاعتراف لا يترجَم بالضرورة إلى العمل.

تُذكَر خمسة عوامل عادة لفشل المبادرات الإصلاحية: الوضع الأمني المتدهور والعناصر البيروقراطية ذات المصالح السياسية والمالية وخوف الحكومة المركزية من فقدان السيطرة على المناطق الاستراتيجية وعدم الاستقرار السياسي الواسع في باكستان ورفض السكّان القبليين للتغيير وشكوكهم حيال الحكومة.

تقوم اللجنة الوزارية لإصلاح أنظمة الجرائم الحدودية الآن بعقد مشاورات مع رئيسها، وزير القانون الفيدرالي، وتَعِد بتقديم توصيات لمجلس الوزراء في أقرب فرصة.

وتضم الإصلاحات السياسية الرئيسية إيصال قانون الأحزاب السياسية ليغطي المناطق القبلية، وذلك بهدف دعم القوى السياسية المعتدلة بطلب معلق الآنَ في المحكمة العليا. إذا ارتأت الحكومة إنهاء نظام حكم الزعماء المحليين، يتوجّب عليها إنشاء مجالس للوكالة لها مجال أكبر للمساءلة والتمثيل من المجالس المعينة التي انتهت مدتها السنة الماضية. كما يجب إيجاد مجلس عبر المناطق القبلية بأكملها، له تكليف واضح بتوفير منبر لإيضاح المصالح ومناقشة الإصلاحات والتصويت على قضايا مثل وضع المناطق القبلية النهائي في الاتحاد، وهو أمر يتوجب على سكان المناطق أن يقرروه.

بالنسبة للإصلاحات القانونية، يجب تحديد سلطة محاكم الاستئناف، الممنوعة حاليا في المنطقة. يجب متابعة الأنظمة البريطانية وإصلاحها، بما في ذلك إعادة النظر بشكل كامل ببعض العقوبات، الأمر الذي يعطي الأطراف دورا في اختيار أعضاء الجيرغا، وتسريع العملية القضائية وتقبُّل طلبات الحكم بناء على القانون الإسلامي.

تلك أسئلة لها أهمية محلية وعالمية. لقد عادت ورطة المناطق القبلية على باكستان بنتائج مأساوية نتج عنها إنذار قاتم من رئيس الأركان الأميركية المشتركة الأدميرال مايك مالين مفاده أنّ الهجمة الإرهابية القادمة على أميركا سوف تبرز على الأرجح من هذه المناطق السيئة.

يكمن جزء من الإجابة عن هذه الأسئلة في المناطق القبلية وحكمها القديم البالي وغير الفاعل، وهذا مقال صارخ على كيف يمكن لمشكلة محلية أنْ تؤثر على الأمن العالمي.

لا يمكن لأيّ حجم من العمليات المضادة للإرهاب أو المعونة التنموية أنْ تحسن من هذا الوضع السيء. يقع العبء على إسلام أباد لتنظيم أمور هذه المنطقة بالتنسيق مع سكّانها.

أحد أفضل نقاط قوّة طالبان في المناطق القبلية اليوم ضعف الحكومة. لهذا السبب يتوجّب على الحكومة الفيدرالية أن تنتبه لإنذارات واحد من كبار أفراد الأحزاب المتحالفة معها وهو أفراسياب ختاك من حزب عوامي الوطني الحاكم في المناطق الشمالية الغربية الحدودية: «يحتاج موضوع تفكيك مناطق المتشددين المسلّحين الآمنة في المناطق القبلية واتخاذ إجراءات قصيرة وطويلة الأمد لفتح هذه المناطق واستيعابها مع بقية احتياجات الدولة لاهتمام سريع إذا أردنا تجنب كارثة محدقة».

* طالب ماجستير في السياسة العامّة في كلية كينيدي للحكم بجامعة هارفرد، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2208 - الأحد 21 سبتمبر 2008م الموافق 20 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً