العدد 2143 - الجمعة 18 يوليو 2008م الموافق 14 رجب 1429هـ

تفوق الدراما التركية يحرج الدراما العربية كثيرا

فتاة جامعية تقول: يوميا وأنا أتنقل بين صالات المحاضرات في جامعة البحرين أجد مجموعة طالبات يتجمعن بشكل دائري ويتهامسن ويفصلن ما جرى في حلقة البارحة من المسلسل التركي «نور»... كذلك الوضع في البيت، فالكل يسأل ماذا جرى البارحة لمهند أو نور (بطلا الدراما التركية الشهيرة).

تفوق الدراما التركية لم يأتِ مصادفة، فعوامل النجاح تراها في كل ما عرضته «إم بي سي» حتى الآن، فالبداية كانت مع فيلم «الشلال»، مسلسل «إكليل الورد»، مسلسل «سنوات الضياع»، مسلسل «نور»، فيلم «الثانية عشرة إلا ربعا»... ومن ضمن العوامل المهمة أن تلك الأعمال جاءت مدبلجة وليست مترجمة بالكتابة، أيضا جاءت الدبلجة باللهجة السورية العامية وليس العربية الفصيحة.

وبالمناسبة، كل العرب يدينون بالفضل للسوريين في إظهار الدراما التركية إلى العالم العربي، فهم من التقطها وعمل على إظهارها للناطقين بالعربية بكل إبداع وسلاسة. ولا يخفى أن الدبلجة ليست مجرد نقل اللغة، إنها عمل جبار من اختيار لأصوات الممثلين وأداء يجب أن يتشابه مع الأداء الأصلي وفيها تقمص وانفعالات... ففيها البكاء والصراخ وفيها الضحك.

نعود إلى نجاح الأتراك في أعمالهم الدرامية، فالعمل التركي يبدأ نجاحه من صدق التمثيل وإعطاء المشهد حقه، والعمل عبارة عن سلسلة ممثلين كل له دوره المهم وتأثيره في مجريات القصة، أما الدراما العربية فتراها تأتي مفصلة على قياس النجمة أو النجم الفلاني ليكون بذلك هو البطل الأوحد في القصة كلها، وليظهر هو في 90 في المئة من الَمشاهد بشكل متكلّف وممل.

أضف إلى ذلك أن العمل التركي متفوق في كل الجوانب التقنية وليس الفنية فقط، فإذا جئنا إلى التصوير فهو تصوير غاية في الوضوح وبتقنية تصوير سينمائية، الإضاءة المعتدلة والمناسبة لموقع المشهد أيضا لها دور مهم في إبراز الصورة (الملاحظ في الدراما المصرية بالذات المبالغة في تشغيل الكشافات حتى في الأعمال التاريخية)، أضف إلى ذلك أيضا أن الأعمال التركية تمتاز بالتصوير خارج الغرف المغلقة مما يعطيك صدق حوادث القصة وإبراز جماليات المدن والريف التركي (أشاهد أحيانا مسلسلات خليجية وتكون الحوادث من الحلقة الأولى إلى الأخيرة كلها في فيلا)! كل تلك العوامل أدت إلى نجاح الأتراك، ولكن لا ينبغي إغفال جانب أساسي هو تفوق الرواية والسيناريو والذكاء في الحبكة الدرامية.

ونحن إذا تكلمنا عن ضعفٍ وفشلٍ في الدراما العربية، فعلينا أن نستثني السوريين من ذلك، لأنهم بحق أساتذة الدراما لما يزيد على العقد وإلى حد الآن. والإخفاقات التي نشير إليها في الدراما العربية لا تنطبق عليهم، كونهم يقدموا أفضل ما عندهم ويتعبوا كثيرا على إنتاجهم, مما يجعلهم قريبين جدا من جودة الأعمال التركية.

من عوامل نجاح الأتراك أيضا قرب الأعراف والتقاليد التركية من العرب، لأنكم تتذكرون جيدا موجة المدبلجات المكسيكية التي لا تسمح معظم العوائل العربية لأبنائها ولا لنفسها أن تتابعها لكثرة اللقطات الفاضحة وطريقة اللبس «غير النظيف».

حقا لقد دخلت الدراما التركية قلب المشاهد العربي، وبالذات مسلسل «نور» الذي أحدث نقلة كبيرة في ذوق واهتمام محبي الدراما.

وأخيرا ذكرت صحيفة بحرينية في تقرير سياحي، أن حجوزات السفر هذا الصيف إلى تركيا، ارتفعت عن العام الماضي بثلاثين في المئة، وكل ذلك - بحسب الصحيفة ومكاتب السياحة - راجع إلى الدراما التركية التي قدمت دعاية سياحية مجانية لبلدها، وأظهرت جمالية المدن والريف والبحر التركي، وأعطت فكرة واسعة عن تركيا وشعبها، لا تقدمها الكتيبات السياحية الاعتيادية، وهذا هو تأثير السحر للدراما الناجحة.

جعفر صالح الغسرة

العدد 2143 - الجمعة 18 يوليو 2008م الموافق 14 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً