العدد 2143 - الجمعة 18 يوليو 2008م الموافق 14 رجب 1429هـ

دور الصين السياسي في الساحة الدولية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حقق الاقتصاد الصيني نموا بنسبة 10.4 في المئة في النصف الأول من العام 2008، وذلك حسبما أعلن مكتب الإحصاء القومي في الصين. وإذا استمرت الصين في النمو بهذا المعدل فربما تصبح بنهاية هذا العام ثالث اكبر اقتصاد في العالم متخطية ألمانيا التي تحتل هذا الموقع حاليا. ورغم ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي في الصين، إلا انها اقل من العام الماضي حيث بلغت 11.9في المئة. وكانت الصين قد قامت في أبريل/ نيسان 2008 بمراجعة نسبة نموها الاقتصادي التي كانت قد أعلنتها العام الماضي فرفعت الرقم من 11.4 إلى 11.9في المئة، مبررة ذلك بقولها أنها بخست التقديرات السابقة لناتج قطاع الخدمات الذي حقق عوائد فاقت التوقعات. وقالت بكين إن الناتج الإجمالي للبلاد لعام 2007 بلغ ما يربو على 3.57 تريليونات دولار أميركي.

وبخلاف ما قد يعتقده البعض، وتروج له بعض وسائل الإعلام الغربية، فإن الصين تبحث عن دور عالمي، لكنها ليست متعجلة للقيام بدور عالمي وليس لديها عقدة نقص تجاه القوى المتفوقة عليها، ولكنها تراهن على الزمن والنمو الثابت الحازم لتحقيق التفوق وإضعاف خصومها.

ويبلغ حجم الاقتصاد الصيني خمسة أضعاف الاقتصاد الروسي، وبلغت صادراتها إلى الولايات المتحدة العام 1999 (نحو 82 مليار دولار) مقابل واردات منها بقيمة 15 مليارا». هذا ما يثبته الكتاب المعنون» آفاق التحولات الدولية المعاصرة» من تأليف وليد عبد الحي وآخرون الصادر عن مؤسسة عبد الحميد شومان ودار الشروق، في العام 2002.

وينقل موقع «الصين اليوم» عن دراسة معنونة «التنمية البشرية والنموذج الصيني» من تأليف مستشار الدراسات الاستراتيجية بمركز البحرين للدراسات والبحوث محمد نعمان جلال، ما يؤكد هذا التمهل الصيني في البحث عن دور سياسي دولي في المستقبل القريب، حيث يقول «فالصين لكي ترقى في معراج التنمية البشرية في حاجة إلى انفتاح سياسي بدرجة أكبر مما لديها الآن، وهي في حاجة لتعميق وتحسين المجالات التي تفوقت فيها مثل نظام الخدمات التعليمية والصحة بعبارة أخرى هي في حاجة إلى نقلة نوعية بعد النقلة الكمية التي حققتها. ولعل النقطة الجديرة بالاهتمام وإن لم تتصل بالتنمية البشرية مباشرة ولكن لها اتصال غير مباشر تتعلق بجودة الصناعات الصينية وخاصة التي يتم تصديرها للخارج، فالملاحظ أن مستوى جودة السلع التي تصدر للدول العربية والدول النامية متدنية في معظمها مما جعل البعض يطلق عليها على سبيل التهكم هذه سلع صينية أي غير جيدة الصنع وغير قادرة على أن تعمر سنوات مناسبة».

وأحد الأسباب التي تجعل بكين تتريث في خطواتها على طريق العلاقات الدولية هو تخوفها من بعض المشكلات الاقتصادية الداخلية، ومن اهمها توقع تصاعد معدلات التضخم التي يتوقع تقرير صادر عن البنك التجاري الصناعي في الصين «أن يصل خلال العام المقبل إلى ذروته على أن يتراجع بعد ذلك». وحذر «من احتمال حدوث تقلبات حادة في الأداء الاقتصادي خلال السنوات الثلاث المقبلة»، لكنه في الوقت ذاته ألمح «إلى أن الاقتصاد الصيني سيلقى دعما من خلال تنامي حجم الاستهلاك بالأسواق المحلية فضلا عن تحسن الأوضاع في الأسواق الخارجية».

هذه الحالة من أعراض النمو الصحية المشوبة ببعض نوبات من التراجع الناجمة عن معدلات تضخم داخلية، أو أزمات خارجية مستوردة، سواء من جراء ارتفاع أسعار الطاقة، أو الغذاء، أو تراجع الدولار أمام العملات الأخرى ، يجعل بكين تحاول أن تحدد، مرحليا، دوائر أصغر لعلاقاتها الخارجية بانتظار انطلاقة خارجية عالمية.

لذلك شهدنا مساعي تحسين العلاقات مع كل من تايوان والهند من أجل وضع حد لمشكلات تمثيل الصين خارجيا بالنسبة للأولى وتجميد مشكلة كشمير والتبت، والتسلح النووي بالنسبة للثانية.

بعد ذلك شهدنا التوجه الصيني المدروس نحو القارة الإفريقية، فقد قامت الصين بإلغاء التعريفات على 190 سلعة من صادرات ما لا يقل عن 29 دولة افريقية منذ الأول من يناير/ كانون الثاني 2005، كما نمت العلاقات الاقتصادية الصينية الافريقية بشكل سريع في الأعوام الأخيرة اذ ارتفعت التجارة بين الجانبين الى نحو 40 مليار دولار من 2005 من 4 مليارات في عام 1995. وفى الوقت نفسه وصلت الاستثمارات المباشرة الصينية في أفريقيا إلى 1.18 مليار دولار مع وجود اكثر من 800 شركة صينية في هذه القارة.

وعلى نحو مواز توجهت الصين نحو التكتلات الاقتصادية الكبرى مثل مجموعة الثمانية، والبنك الدولي من أجل تثبيت مواقع أقدامها فيها.

هذه الخطوات المتأنية، تكشف عن رغبة بكين، بعد أن نجحت في التحولات التدريجية، دون تضحيات غير مطلوبة، على الصعيدين السياسي والاقتصادي على المستوى الداخلي، في الاستفادة من ذلك على الصعيد الخارجي من خلال تبوء مواقع سيادية على الصعيد الخارجي.

ومن هنا، فلا ينبغي ان تنتابنا حالة استغراب غير مبررة حين نشهد في المستقبل المتوسط الهجوم الدبلوماسي الصيني، وربما قائدا للآسيوي على الساحة الدولية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2143 - الجمعة 18 يوليو 2008م الموافق 14 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً