العدد 2171 - الجمعة 15 أغسطس 2008م الموافق 12 شعبان 1429هـ

«إسرائيل» دولة فاشلة!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

لأول مرة ومنذ قيامه العام 1948 يدخل الكيان الصهيوني (إسرائيل) إلى «مؤشر الدول الفاشلة» لهذا العام 2008، وهو المؤشر الذي تعده منظمة «الصندوق من أجل السلام»، اذ صنفت «إسرائيل» ضمن «مؤشر الدول الفاشلة» من بين الدول الستين الأقل استقرارا والمهددة والأضعف في العالم إلى جانب بنغلادش وباكستان وغيرها من دول إفريقية وعربية، في حين تربعت الصومال على عرش «الدول الفاشلة» عالميا وتلتها السودان وحين حل العراق المحتل في المرتبة الخامسة ضمن ذات السلم.

وقد نشرت مجلة «الفورين بوليسي - Foregin Policy» في عددها الأخير «يوليو/ تموز - أغسطس/ آب 2008» تقريرا مفصلا وخاصا عن «مؤشر الدول الفاشلة» تضمن قائمة التصنيف للدول بالإضافة إلى شرح أسباب التصنيف والمعايير العامة الديموغرافية والاقتصادية والحقوقية والسياسية وغيرها التي تمت مراعاتها في ذلك التصنيف!

وجاء في سبب تصنيف «إسرائيل» في المرتبة 58 ضمن الستين دولة فاشلة في العالم كما نشر في المجلة لجملة من الأسباب وهي «عدم قدرة «إسرائيل» على الإدماج الكامل لأقليتها العربية، وتفاوتاتها الاقتصادية الحادة، والتفتت المتزايد بين قادتها السياسيين»، وأشار التقرير إلى أن»رغم أن قدرا كبيرا من تصنيف (إسرائيل) يرجع إلى الظروف في الضفة الغربية، فإنه لا يمكن الفصل بين المصاعب المستمرة في الأراضي وبين استقرار «إسرائيل» نفسها»، ونبه إلى أن «من بين البلدان المتقدمة تأتي «إسرائيل» ثانية بعد الولايات المتحدة في عدم المساواة في الدخل. المجادلات المريرة حول مصير المستوطنات، تزايد النفور العام بسبب سلسلة من الفضائح السياسية، والتفتيش في الروح حول أداء جيش الدفاع الإسرائيلي في حرب 2006 مع لبنان».

وكان من الطبيعي أن يشكل دخول «إسرائيل» إلى سلم «الدول الفاشلة» للمرة الأولى بمثابة الصدمة المريرة في الكثير من الأوساط الغربية والمنظمات والمراكز والمؤسسات الصهيونية، وما تضمه من مفكرين وباحثين ومحللين سياسيين واستراتيجيين البعض منهم تجرأ بحياء ولطف على نقد الذات، أما الآخر فألقى تبعات عدم استقرار الكيان الصهيوني إلى المحيط الاستراتيجي الموبوء وتلك الصحراء العربية الوحشية التي لن تتردد في الزحف نحو ابتلاع واحة الديمقراطية والرخاء والحداثة الصهيونية في المنطقة ليعود الأمر إلى ما كان عليه من تخلف وانحطاط وهمجية!

وإن كان هنالك من تلك الأوساط من ينعم النظر والتحليل جيدا ويعترف تحت ضغط الواقع بأن الكيان الصهيوني هو لا بد وأن يخضع في النهاية للقوانين الحضارية، والمعطيات الحيوية المتحولة للدول والمجتمعات أو مختلف البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وما تضمه من تراكيب ديمغرافية، ناهيك من التكيفات والمتغيرات ذات الطبيعة الجغراسية التي لا بد في النهاية من التسليم بوجودها، إذ ان إرادة «الرب» المتخيلة و»المذوتنة» صهيونيا، و»مقدم المسيح» أضف إليه الصيغة الإستراتيجية الامبريالية ذات الموقع الوظيفي للكيان الصهيوني لا تكفي للحيلولة دون خضوع الكيان الصهيوني لعوامل التعرية والتجريد الطبيعية كغيره من أقطار بغض النظر عن كونه كيانا اصطناعيا استيطانيا دخيلا ومغتربا، عاش وسيفنى بحقن وريدية من الهجرات الجماعية والمساعدات السخية مهما تلفع بديباجات توراتية وتلمودية!

ومن أمثال تلك البروباغاندا الصهيونية الكلاسيكية المعتقة ما يجسده في كتاباته المشحونة أيديولجيا الكاتب الأميركي المتطرف دانييل بايبس الذي وفي مقال له نشر في الذكرى الستون لقيام الكيان الصهيوني تحت عنوان «»إسرائيل» في سنها الستين: أسوأ الجيران في العالم» وفيه ألقى وذرف مواجعه المعتادة باعتبار الكيان الصهيوني هو حالة فريدة لدولة تتعرض باستمرار لخطر الفناء والزوال والانمحاق من محيط متأجج بالحقد والكراهية والشوفينية، وهو قد استهل مقاله ذات بترنيمة تاريخية معتمدة «هنالك دولتان حديثتان بهوية دينية أنشئتا ضمن أشلاء الإمبراطورية البريطانية ما بعد الحرب العالمية الثانية و الدولة الأولى هي «إسرائيل» بالطبع أما الثانية فهي باكستان».

لينطلق بعدها الكاتب في تصنيف أعداء «إسرائيل» إلى مجموعتين وهي مجموعتي اليساريين والمسلمين مع هامش يميني ثالث، وقد وضع على رأس أعداء «إسرائيل» اليساريين المفكر الأميركي المعروف نعوم تشاومسكي والأمانة العامة للأمم المتحدة والحزب الليبرالي الكندي بالإضافة إلى الخط الإعلامي العام والكنائس والكتب المدرسية!

وأشار بايبس بحسرة في مقاله إلى خطر الأقلية المسلمة من مواطني دولة «إسرائيل» والتي تقدر بما نسبته 16 في المئة من الشعب الإسرائيلي على حد تعبيره، وهي التي استفادت من الخصوصية الإسرائيلية لتهدد الهوية اليهودية الحتمية لـ»إسرائيل»، من دون ان يتساءل عن التعارض الفصامي ذاك مع علمانية الدولة وديمقراطيتها الذي قد يحيلها إلى فاشية «قومانية» تتعامل مع جزء من مواطنيها كأنهم تهديد، وهو ما بات يعرف بالمعضلة الأزلية للديمقراطية الإسرائيلية!

كما أن بايبس يرى بأن مأزق «إسرائيل» الوجودي هو وسط حياة سياسية قاسية وغير مستقرة ومميتة في الشرق الأوسط تعتبر وتشكل أسوأ جيرة في العالم، فهو يشبه «إسرائيل» بالطفل المعجزة الذي يرتدي النظارات ويحاول بلوغ المدرسة في حين أنه يعيش في جزء من المدينة يضم أوكار العصابات!

وبالتالي فإن «توجيه اللوم في منطقة الشرق الأوسط حيال الاستبداد والتعصب والعنف إلى (إسرائيل) إنما يكون بحسب بايبس أشبه بتحميل طفل المدرسة المجتهد ذنوب ومخاطر تلك العصابات في مقابل أن حل الصراع العربي - الإسرائيلي يعني فقط حل الصراع لا إصلاح المنطقة»!

وبالطبع نسي العراب دانيال بايبس الموجوع أن يضيف بأن الطفل (إسرائيل) ذي النظارات، ذاك الطفل المموه والمجتهد الذي سيذهب إلى مدرسته بين أوكار العصابات هو في الأصل لقيط!

وهذا اللقيط،مع اعتذاري عن حقيقة لا تغير شيئا، وعلى رغم اجتهاده قد بات مع سلم الفاشلين وشاطر بعض «أولاد العصابات» والحارات غرف الإصلاحية العالمية مؤخرا!

فهل ستتم تربيته وتبيئته جيدا؟!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2171 - الجمعة 15 أغسطس 2008م الموافق 12 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً