العدد 2184 - الخميس 28 أغسطس 2008م الموافق 25 شعبان 1429هـ

الفقر الابن الشرعي لسياسات الدول الغنية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية ملخص دراسة أصدرها مؤخرا البنك الدولي تحذر من إرتفاع مستويات الفقر في العالم. وأورد البنك الدولي في تلك الدراسة بيانات مخيفة تنذر بوصول عدد الفقراء في العالم إلى ما يقارب من « 1,4 مليار فقير، اعتمادا على افتراض أن من لا يتجاوز دخله 1,25 دولارا يوميا يعتبر من الفقراء»، منوها إلى أن «هذا الرقم (عدد الفقراء) أعلى مما كان يعتقد سابقا من أن عدد الفققراء في العالم لا يتجاوز 985 مليونا حسب تقديرات العام 2004».

وبناء على أرقام البنك هذه دعت مستشارة منظمة «أوكسفام» للإغاثة، إليزابيث ستيوارت إلى «ضرورة عمل شيء أكثر من أي وقت مضى، وخصوصا في منطقة جنوب الصحراء الإفريقية؛ إذ يعيش نصف سكان القارة في فقر مدقع، وهذا الوضع لم يتغير منذ أكثر من 25 عاما».

ليست هذه الدراسة هي الوحيدة التي تحذر فيها مؤسسة عالمية من مخاطر «انتشار الفقر في العالم»، فعلى إمتداد السنوات الخمس الماضية، ظهر الكثير من التقارير التي تنبئ بكارثة عالمية مصدرها تدني مستويات المعيشة في الكثير من البلدان، وخصوصا الفقيرة منها، وتحذر من انعكاسات انتشار الفقر على السلام العالمي. والأسوا من ذلك هو إستمرار اتساع الهوة بين دول العالم، وخصوصا بين الدول الصناعية والدول النامية.

هذا ما أثبته مقال الكاتبة الموريتانية مريم بنت زيدون الذي نشرته على موقع «الجزيرة الفضائية»، وصفت فيه العالم بالقول «العالم اليوم أصبح جزيرة أغنياء تحيط بها بحار من الفقراء»، ثم اتبعت ذلك بأرقام مفزعة أكدت فيها «أن الدول الصناعية تملك 97 في المئة من الامتيازات العالمية كافة، وأن الشركات الدولية عابرة القارات تملك 90 في المئة من امتيازات التقنية والإنتاج والتسويق، وأن أكثر من 80 في المئة من أرباح إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان النامية يذهب إلى 20 دولة غنية، (مقابل ذلك) نجد أن نسبة 33,3 في المئة من سكان البلدان النامية ليست لديهم مياه شرب آمنة أو معقمة صالحة للشرب والاستعمال، و25 في المئة يفتقرون إلى السكن اللائق، و20 في المئة يفتقرون إلى أبسط الخدمات الصحية الاعتيادية، و20 في المئة من الأطفال لا يصلون إلى أكثر من الصف الخامس الابتدائي، و20 في المئة من الطلبة يعانون من سوء ونقص التغذية».

وفي البلاد العربية، وعلى رغم إجماع العالم على النمو الكبير المتسارع الذي شهدته البلاد العربية خلال الأربعين سنة الماضية من جراء الإرتفاع في استثمار الثروة النفطية، لكن الفقر ما يزال مستشريا في العديد منها من جراء الكثير من العوامل أهمها إنتشار الفساد إلى جانب سوء الإدارة.

ويبقى هناك الكثير من الأسباب الكامنة وراء استمرار هذه الظاهرة، علىرغم إدعاءات الكثير من الدول، وفي مقدمتها الدول الصناعية الكبرى بالتصدي لها.

ولربما كان أول تلك الأسباب يعود إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية على الصعيد العالمي وترافق ذلك مع زيادة الطلب عليها نظرا للتطور الذي شهده العالم بما فيه الدول الفقيرة، لكن تبقى هناك أسباب أخرى تلقي مسئوليتها على الجشع الإنساني من جهة ونزعة التوسع والسيطرة من جهة ثانية.

فهناك الزيادة المروعة في موازنات التسلح في العالم، والتي باتت موازناتها عبئا حقيقيا على الحكومات، بما فيها حكومات الدول النامية والفقيرة التي تقتطع من مخصصات التعليم والتغذية والخدمات الصحية لصالح التسلح وشراء الأسلحة المعقدة ومرتفعة السعر. وبقدر ما تستفيد الدول الغنية المتقدمة في صناعة الأسلحة في تحقيق المزيد من الأرباح المالية والنفوذ السياسي في آن، بقدر ما تئن الدول الفقيرة تحت طائلة عجز موازناتها واضطرارها للتفريط بسيادتها، وفي أحيان كثيرة برامجها التنموية كي تضمن سلامة نظامها، وبالثمن الباهض الذي تحدده الدول الغنية.

وعلى رغم ادعاءات الدول الغنية بشأن مساهمتها في التصدي لتلك الظاهرة، لكن سلوكها يؤكد خلاف ذلك تماما. تكفي الإشارة هنا إلى مشروعات الوقود الحيوي التي تسير فيها العديد من الدول الصناعية، وخصوصا الولايات المتحدة.

تكفينا هنا الإشارة إلى انتقادات مستشار المنظمة الخيرية البريطانية «أوكسفام» في مجال السياسات البيئية، روب بيلي للدول الغنية بسبب دعمها المالي الذي تقدمه لإنتاج المزيد من المنتجات الزراعية التي تستخدم في إنتاج الوقود الحيوي مثل الإيثانول

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2184 - الخميس 28 أغسطس 2008م الموافق 25 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً