كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التحرشات والاعتداءات الجنسية التي تسجل داخل «حصون» مصانع الملابس الجاهزة في البحرين.
تيار راح يؤيد الكشف عن المزيد من الوقائع مؤكدا ضرورة فضح الأسرار التي تكتمها الجدران لسنوات طويلة منذ دخلت الفتاة البحرينية لتشكل نسبة لا يستهان بها في إجمالي القوة العاملة في المصانع المحلية.
فيما تحفظ تيار آخر على ذلك، ورفض تعميم تعرض كل المنتسبات إلى المصانع إلى التحرشات، انطلاقا من كون التحرشات الجنسية ظاهرة عامة تحدث في كل مؤسسات المجتمع الخاصة منها والعامة، ولا تقتصر على مصانع الملابس الجاهزة.
فريق ثالث كانت «بطلاته» هن العاملات في المصانع، انبرى يدافع عن سمعة العاملات ويستنكر التعميم الذي أحدث شرخا في الصورة المهنية لهن وأثار مخاوف آبائهن الذين أمنوا على بناتهن في بيئة عمل تكاد تخلو من البحرينيين الرجال لتعج بالمقابل بعمالة آسيوية تكاد تشكل الغالبية الساحقة من القوى العاملة في المصانع.
وسط التيارات المؤيدة والأخرى المناهضة لكشف الأسرار التي تكتمها أسوار المصانع العالية نسجت خيوط هذا التحقيق الذي طاف بأطراف عدة في محاولة صوغ صورة متكاملة عما يحدث على أرض الواقع الذي يجهل تفصيلاته الكثيرة الشارع البحريني.
الشكوى التي تصاعدت في الآونة الأخيرة من سوء الأوضاع المهنية وتردي بيئة العمل، وتدني أجور العاملات وساعات العمل الطويلة وتعسف الإدارة الأجنبية، أضيف إليها حديثا حادث اغتصاب إحدى العاملات من قبل مسئولها الآسيوي، ليكون نبأ الاعتداء بمثابة الحجر الذي حرك الماء الراكد، وعلى ما يبدو أن الماء لن يركد طالما بقت الأوضاع راهنة لا تتغير، ومن تحتها حال من الغليان.
مشاهد تحكي الواقع
ما خرج إلى السطح - حسب تأكيد عدد ممن عايشوا تردي الأوضاع في مصانع الملابس الجاهزة عن قرب - لا يعكس واقع الحال، إذ إن هناك من يؤكد أن التحرشات تتم بصورة يومية ولا تنتهي، فيما تنفي الغالبية الساحقة من العاملات اللواتي التقت بهن «الوسط» من خمسة مصانع متفرقة تعرضها لأي تحرش، ربما بحكم التحفظات التي تفرضها المجتمعات الشرقية والخوف من جهر ما يحدث في الخفاء، وسط تكتم خانق، أو لربما كان التحرش ما هو إلا حالات يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة. فمن يدري؟
الوضع ببساطة يدخل في زاوية مظلمة، خصوصا تأزم الحال عندما طفت على السطح قصة حمل إحدى العاملات من مسئولها الآسيوي الذي اغتصبها في سيناريو درامي محبوك.
بعدها توالت التداعيات وصارت المطالبات المنادية بتحسين الأوضاع المهنية في هذا القطاع ترتفع تصاعديا لتكشف كل يوم عن ملابسات قريبة من الحادثة، نوردها في المقاطع الآتية:
مشهد (1): فتاة قروية لم تكمل عامها العشرين، تركت المدرسة واكتفت بالشهادة الإعدادية لتساعد والدها المتقاعد على إعالة أخوتها الـ 13، بما أنها الأكبر.
قصدت أبوابا كثيرة فقبل بها أحد المصانع، وهناك التقت بزميلها الباكستاني الأصل، الذي بدأ يتعاطف مع حكايتها مع الفقر والعوز ويمنحها رعاية خاصة، حتى وقعت في شباك حبه، وهي التي لم تجد أحد يسألها عن همومها وأحلامها يوما، دارت الأيام حتى تحول الاهتمام إلى عشق متبادل بكل تفاصيل العشق.
وذات يوم قادها الشوق إلى الذهاب إلى المصنع يوم الجمعة إذ يعمل الأجانب ويعطل كل البحرينيين، وهناك لمح الحارس تفصيلات خارجة فاستدعى صاحب المصنع الذي استدعى أهلها بدوره، وفي المكان ذاته انهال عليها أهلها ضربا حتى جعلوها طريحة الفراش، ليكتفي صاحب المصنع بتسفير العامل العاشق.
مشهد (2): في ملابسات قريبة من السيناريو الأول، أحبت فتاة - فاتها قطار الزواج - مسئول النوبة المشرف عليها في المصنع الذي خدمت فيه لأكثر من سبع سنوات، وفي أجواء تقترب كثيرا من الأفلام الهندية هربت معه إلى وطنه بعدما وعدها بالزواج...
ببساطة حملت جواز سفرها وبضع حاجياتها تاركة وراءها رسالة كتبت فيها: «لا تبحثوا عني... لقد اخترت طريقي وسأعيش باقي حياتي مع من أحب».
بعد أشهر من البحث، عثر عليها في كشمير فأعادها أهلها إلى البحرين وهي تحمل في أحشائها جنينا أجهضته بعد ضغوط ملحة.
مشهد (3): عامل آسيوي وسيم وعطوف يؤدي أعماله بالكفاءة المطلوبة، ليرضى عنه مسئولوه في المقابل، تحوطه أكثر من 15 فتاة قدمن من قرى مختلفة، ليتسابقن فيما بينهن على التقرب منه والاستحواذ على اهتمامه.
إحداهن أصبحت تتجمل فوق العادة، الأخرى أصبحت ترتدي البنطلون الجينز على رغم أنه لم يكن من تركيبة ثيابها، الثالثة تبالغ في رش العطر، وعلى المنوال ذاته تسير الأخريات.
عندما يكون موجودا في القاعة المترامية التي تحوي الكم الهائل من ماكنات الخياطة التي تملئ المكان صخبا من نوع خاص، تتغير نبرة الحديث وتعلو الضحكات، وكلهن يوقتن فترة الاستراحة في التوقيت ذاته الذي يأخذ فيه استراحته.
في يوم استجدت على الطاقم عاملة جديدة تخرجت لتوها من الثانوية العامة، ولم يسعفها معدلها على دخول الجامعة ولا الحصول على وظيفة أرقى في السلم الوظيفي من وظيفة العاملة... وفي اليوم الرابع تحديدا تفاجأت بإحدى زميلاتها ترمي في وجهها صورا للعامل الوسيم وتقول لها: «اشبعي به فأنا لم أعد أريده».
تقول الفتاة: «صدمني تصرفها، ولم أفهمه في بادئ الأمر، لكن أخرى قصت عليّ القصة الطويلة وهمست لي بكل الخروقات التي تحدث بين الجدران طوال السنوات الماضية، لم أطق ما سمعت وكرهت أن أكون واحدة من هؤلاء فأخذت نفسي إلى البيت ولم أعد بعدها».
مشهد (4): فتاة في مقتبل العمر، جميلة وخلوقة، جاءت تبحث عن لقمة العيش، بعدما بحثت طويلا عن وظيفة تقيها ذل السؤال منذ تخرجها قبل ثلاثة أعوام، استقبلها أحد مصانع الملابس الجاهزة مقابل أجر لا يتعدى الـ 120 دينارا.
وبعد شهرين من التعيين، تتبعها مسئولها الآسيوي إلى زاوية بالقرب من دورات المياه، وهناك حاول معانقتها وتقبيلها... وعندما صدته بدموع رافضة التعامل بهذا الرخص، حاول الاعتذار منها ووعد بعدم تكرار المحاولة.
تقول: «اضطررت للتغاضي عما حدث، فلو علم أبي لخرّ من طوله بحكم مرضه وكبر سنه، ولو علم أخي لقتله ودخل السجن، فضلت السكوت حتى لا يجلسني أهلي بين جدران البيت وأخسر بضعة الدنانير التي أتقاضها مقابل عملي(...) وقررت ألا أذهب إلى أي مكان يخلو من العمال وحدي».
مشهد (5): في إحدى قرى شارع البديع، فوجئ أحد الفلاحين بابنته وهي تحاول صب النفط على جسدها من دون مقدمات يعلمها، فلم تكن في البيت أجواء مشحونة تستدعي تصرفا كهذا، حاول أخوها الأكبر البحث عن الأسباب، وبعد طول عناء عرف أن عشيقها في المصنع انتهي عقده وسيعود إلى بلاده.
كثيرة الحكايات التي يتداولها الأشخاص الذين عاشوا عن كثب تداعيات اشتغال عدد لا يستهان به من البحرينيات، يقدره الباحثون الاقتصاديون بـ 3000 عاملة في مصانع الملابس الجاهزة، هذا النوع من الوقائع التي تبدو وكأنها روايات قصصية ينسجها الواقع الذي يجعل غالبيتهن بحاجة ماسة إلى العمل، يقابله على الجهة الأخرى واقع مشرف تبرز فيه مصانع تحمي الشرف والكرامة، ويكون فيها صون أعراض الناس من ضمن المهمات والأولويات.
مساحة بيضاء في المقابل
«الوسط» قضت نهارا كاملا تتجول في أرجاء أحد المصانع في منطقة سلماباد... فتيات تخلو وجوهن من المساحيق التجميلية، يرتدين عباءات فضفاضة وأحجبة سوداء خالية من النقوش، ينتشرن في القاعات المترامية لينشغلن في عملهن الذي يتطلب منهن الدقة والسرعة.
وبالسؤال عن مدى صحة ما يشاع عن انتشار التحرشات الجنسية في المصانع، نفت الغالبية الساحقة منهن وقوع أي حوادث تذكر، وكلهن رحن يؤكدن أن حدوث مثل هذه الحكايات يرجع إلى الفتاة نفسها، فإن كانت قادرة على صون نفسها فلن يتعرض لها أي أحد مواطنا كان أم غيره، لكن إنْ مهدت الطريق وكست نفسها بالمغريات فلن تأمن التبعات.
تقول نهلة مبارك التي تعمل في مصنع للأنسجة: «كوني مسئولة على عدد كبير من العاملات البحرينيات، فمن واجبي - قبل رفع سقف الإنتاج - أن أوفر أجواء الحماية للواتي يعملن تحت مسئوليتي، لذلك فإن التبرج ولبس الألوان محظور خلال ساعات العمل، أما بعد انقضاء ساعات الدوام فالعاملة حرة بنفسها تفعل ما تشاء... ولكن خارج المصنع».
وتضيف: «نحاول قدر المستطاع فصل الإناث عن الذكور، ولا يكون الاختلاط إلا في المواقع التي يصعب فيها فعليا الحد من الاختلاط، كل هذا التشدد يجعلنا نحصل على عاملات مجدات، فمن يعجبها العمل في هذه الظروف المحافظة تبقى، ومن لا يعجبها تبحث عن مصنع آخر يلبي طموحها».
أما نجاة الشملان التي تعمل في المصنع ذاته تقول: «أن تشتكي العاملات من تحرشات الأجانب فهذا محدود ولا مساحة له، ومن تتعمد لفت الأنظار ومخالفة عرف المصنع يفصلها رب العمل ويستبدلها بأخرى يكون همها الحصول على لقمة العيش النظيفة وليس الاستعراض».
وتزيد الشملان: «التشديد على العاملات هو السبب الذي يجعل كثيرات يعملن في مصانع أخرى تطلبن العمل معنا، وهناك أكثر من عاملة كانت تعمل معنا تركتنا، لكنها سرعان ما عادت لتقول: تشددٌ هنا ولا سمعة تهدر هناك».
خليل العلويات صاحب أحد المصانع يعلق قائلا: «الحشمة أساسية، بعدها تأتي الخبرة والشهادة... الآباء يؤمنوننا على بناتهم ولابد أن نصون الأمانة، شخصيا لا أتردد في إقالة من تبحث عن غير العمل والأمر ذاته ينطبق على العمالة الوافدة».
ويجزم: «استبعد تماما أن يبدأ الآسيوي بالتحرش من دون أن تكون هناك أمور وعلامات تشجعه على ذلك، فهو يغترب من أجل لقمة العيش ويرتعب من موضوع عودته إلى بلاده بخفي حنين، لذلك فإن اللوم بمجمله يوجه إلى الفتاة قبل العامل».
عبدعلي عبدالعزيز العالي صاحب مصنع آخر أكد أن قضية التحرشات هي ظاهرة عامة تحدث في كل زمان ومكان ولا تقتصر على مصانع الملابس الجاهزة. ويقول: «العلاقات العاطفية، المباح منها والمحظور، أمر موجود في كل الدوائر والمؤسسات، العامة منها والخاصة، وكذلك أماكن الدراسة، ولا يمكن أن تتوقف إلا بتوقف الطبيعة».
العالي يؤكد أن حالات التحرشات محدودة جدا وإن غالبية إدارات المصانع تفصل العامل وترفع الأمر إلى القضاء في أي واقعة تسجل.
ويضيف: «ندرس حاليا مع غرفة التجارة إمكان وضع ضوابط تكفل مستقبل أفضل للعاملات». وتساءل: «لماذا يصعد الأمر في هذا الوقت تحديدا، على رغم أن عمل المرأة في المصانع قد مضى عليه سنوات طويلة؟».
العاملات في المصانع يستنكرن التعميم
في مصنع آخر رافقت «الوسط» مجموعة من العاملات خلال رحلة عودتهن من العمل في الباص ليستنكرن ما يكتب في الصحف المحلية عما وصفنه بـ «التشهير»، وتحدثن إلى «الوسط» بنبرة ترفض ما كتب لتقول إحداهن: «نحن لا نسمح بأن يساء إلى سمعتنا بهذه الطريقة، فحادث الاعتداء على واحدة من آلاف العاملات لا يجوز تعميمه على الجميع(...) أهلنا بدأوا يخافون ويطالبوننا بترك العمل والجلوس في البيت بمجرد سماعهم بالموضوع».
تقاطعها أخرى لتقول: «الشريفة تستطيع أن تصون نفسها ولو كانت بين عشرة رجال، وفي أي عمل تقوم به، لكن الموجة الأخيرة توجه الاتهامات إلى الكل وكأن التحرشات مقصورة على المصانع، لماذا لم يكتبوا عن 'المصائب' التي تحدث في المجمعات التجارية أو الفنادق مثلا؟».
ثالثة تقول: «نحن لا نشكو من التحرشات والاعتداءات بقدر ما نشكو من سوء الأوضاع المهنية، من قلة التكييف وطول ساعات العمل المتواصل ومن قلة الأجور وتعسف المسئولين الأجانب».
وتكمل رابعة: «العام الماضي تأخر دفع رواتبنا ثلاثة أشهر، وبعدها أجبرونا على الخروج في إجازة من دون راتب وأبقوا على الآسيويين، الإجازات المرضية لا تقبل، والذهاب إلى دورة المياه يكون بالاستئذان، إذا تعبت الواحدة منا وطلبت ساعة راحة فإن هذه الساعة تخصم من راتبها، الرواتب محلك سر، وعندما تكبر الواحدة منا يسهل الاستغناء عنها وعن خبرتها لتستبدل بأخرى أصغر سنا (...) وضعنا لا يطاق، لكننا مضطرات لمواصلة المشوار، فلا بديل».
وتضيف: «زميلتي عملت لأكثر من 13 عاما، وعندما طلبت إجازة لم يوافقوا عليها وعندما أصرت استغنوا عنها ببساطة ولم يعبأوا بسنوات الخدمة الطويلة».
الهمس بحكايات
يندى لها الجبين
علي ضيف الذي عمل في توصيل العاملات في المصانع لأكثر من تسع سنوات يقول: «نسمع قصصا يشيب منها الرأس، الفتيات يتهامسن بما يحدث داخل أسوار المصانع ومع الوقت يتجاهلن أن السائق يسمع ما يقال(...) ما يحدث يندى له الجبين، والآباء لا يعلمون ما يحدث، فالفتاة تأتي لتقول لوالدها الفقير وغير المتعلم: سأعمل في مصنع، فصديقتي الفلانية تعمل هناك، يسألها: هل يوجد معكم رجال، فتقول: لا... لا كلهم بنات. لذلك يطمئن الأب الذي يرى ابنته تخرج من البيت مغطاة من رأسها إلى رجليها لتعود بالمنظر ذاته، ولا يعلم ماذا يحدث خلال ذلك».
ويزيد: «غالبية العاملات إن لم يكن مجملهن قدمن من أوساط منغلقة، حديث الفتاة مع الشاب محدود جدا حتى وإن كان ابن عمها، لذلك فإن قلة التجربة والتفاعل الاجتماعي يجعلانها لا تعرف كيف تحمي نفسها، تصمت حين التحرش الأول، ، وتتقبل الثاني، فيصبح الأمر اعتياديا، ولا تستطيع التصريح بذلك».
ضيف يؤكد هنا أن التعميم أمر جائر ولكن الخروقات تحدث في غالبية المصنع، ولابد من تدخل يحول دون وقوع المزيد من الوقائع التي تقشعر لها الأبدان ولابد أن تجبر وزارة العمل أصحاب المصانع على تشغيل رجال أمن بحرينيين مهمتهم الأولى صون عرض الفتيات قبل صون أمن المصنع.
لغة الأرقام تتحدث عن واقع الحال
الخبير الاقتصادي حسين المهدي - وعلى رغم كل ما يرويه المراقبون - يؤكد تحسن فرص توظيف الأيدي العاملة البحرينية في مصانع الملابس الجاهزة، فبعدما كان عدد الأيدي العاملة الوطنية في العام 1992 لا يتجاوز 650 عاملا بنسبة 8 في المئة، أصبح الآن 32,5 في المئة بواقع 3 آلاف عامل تشكل النساء منهم ما نسبته 95 في المئة أي بزيادة مقدارها خمسة أضعاف.
المهدي يؤكد أن 90 في المئة من العاملات هن من حملة الشهادة الثانوية وما دون ذلك، يعملن في 24 مصنعا من أصل 34 مصنعا مرخصا، ومن خلال دراسة خلفية هذه الصناعة منذ العام 1980 إلى العام الجاري تبين تحسن مستوى الدخل، فبعدما كان لا يتجاوز الـ 60 دينارا ارتفع إلى الضعف.
ويقول: «هناك تعاون بين أصحاب المصانع ووزارة العمل والاتحاد العام لعمال البحرين ومنظمة العمل الدولية لعقد لقاءات وورش عمل تحسن من ظروف العمل وترفع الإنتاجية».
في الآونة الأخيرة انبرت الجمعيات النسائية تبحث في حلول ومخارج تقوّم من تردي الأوضاع، فراحت عضوة جمعية «نهضة فتاة البحرين» خديجة مسعود وزميلاتها - بالتنسيق مع غرفة التجارة - تدرسن احتياجات العاملات في مصانع الملابس الجاهزة وسبل تحسين عوائق الإنتاج.
وفي خط موازٍ، سارت «جمعية المستقبل النسائية» - عبر لجنة الدفاع عن حقوق العاملات ضمن مشروع «من أجل مهنة كريمة للعاملات في المصانع» - لتطالب المحامية جليلة السيد في الندوة التي نظمتها الجمعية أخيرا بتعديل التشريعات التي تضمن حقوق المرأة في هذا الحقل.
تؤكد السيد أن قلة وعي العاملات في المصانع يجعلهن عرضة للتحرش الجنسي الذي لا يدركنه أصلا، فيما شددت على أن استمرار هذا الوضع يحط من قدر المرأة البحرينية ويكرس النظرة الدونية لها.
أما الأمين العام في «جمعية حقوق الإنسان البحرينية» سبيكة النجار فأكدت أن الكثير من الحكايات تصل إلى مسامع الجمعية، لكنها لم تقدم كشكاوى لتبدأ الجمعية في التحقيق فيها.
النجار تؤكد أن التحرشات الجنسية تقع ضد مبادئ حقوق الإنسان الدولية أيا كان نوعها. وتقول: «تنص القوانين الدولية على أن تكون للعامل حقوق محددة وبيئة عمل سليمة ووقت للراحة وأجر عادل (...) وإن ثبت أن العاملات في البحرين يعاملن بغير ذلك فهذا انتهاك وتمييز ضد حقوق المرأة».
كل هذه الأطراف التي أطلت عليها نوافذ اليوم تنبئ عن خلل ما يستدعي تدخلا عاجلا، يغير الواقع في المصانع التي تخالف من دون أن تخشى أحدا، وتكرس المصانع القليلة التي تقترب من الصورة النموذجية... هذه محطات من الواقع تصوغها قلة الوعي ويدفعها الفقر والحاجة إلى لقمة العيش، وكل ما نحتاجه آليات وتشريعات تصون العروض المنتهكة حتى وإن كانت الحالات محدودة ولا تتكرر إلا فيما ندر
العدد 44 - السبت 19 أكتوبر 2002م الموافق 12 شعبان 1423هـ