العدد 2204 - الأربعاء 17 سبتمبر 2008م الموافق 16 رمضان 1429هـ

الدين البديل وصناعة التخلف

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تكثر المناقشات الدينية على الفضائيات في شهر رمضان الكريم... ونشعر بإضاعة الوقت ونحن نستمع إلى الفتاوى الصادرة من رجال الدين ونساؤها في مناقشة أوضاع تبعد جوهر الدين عن واقع الحال وتحوله إلى نوع من التسلية الفارغة في تهديد الناس وتخويفهم وجعلهم يعيشون برعب حقيقي في كل صغيرة أو كبيرة، وكأنه لا شاغل لديهم إلا بإعطاء النصح والإرشاد المتواصل وتغيب العقل والمنطق بحيث أصبح الإنسان آله متحركة لا يمكن من إدارة أي شأن إلا بالرجوع إليهم وقد يكون المتلقون على درجة عالية من التعليم الأكاديمي ولكنهم لم يتمكنوا من التميز في أمور الدين إلا بالاعتماد على ما يسمعونه فيطبقون ما يريدونه منهم ومن دون وضع أي جهد أو مسألة لذلك ما أصبح يطلق عليه الدين البديل، وهو عبارة عن الإيمان بقشور الدين وهو شيء خطير للغاية وهو نوع من أنواع الإيمان!

أو التظاهر بالإيمان، وهذا النوع هو الأسهل في التطبيق، وكل ما عليه فعله هو تغطية بناته وزوجاته بالكامل، وتطويل اللحية والشارب، وتقصير الثوب، ومنع صبغ الأظافر وتبرج المرأة وتحريم صوتها ... الخ ... ونسوا أو تناسوا الأشياء الحقيقية والجوهرية التي دعا إليها الله سبحانه من العدل والحرية والمساواة، ودفع الظلم ومساعدة الضعاف من الأطفال وكبار السن والفقراء. ودرء الخطر عن البلاد... الخ أو إصلاح النظام فهم ليس لهم في ذلك أي شأن.

وفي مقال للزميل د. علاء الأسواني في صحيفة «الدستور» ذكر كيف أن المصريين قد تحولوا في عهد أنور السادات من معتدلين دينيا إلى متطرفين في ما يسمى بالدين البديل،لأن النظام حينها قد شجع هؤلاء وقام بمساندتهم بحيث أصدرت الفتاوى حينها تضامنا مع الرئيس بأن رئيس البلاد مسئول مسئولية تامة عما يفعله بشعبه وبأن الشعب عليه التنفيذ لكل أوامر السلطة وعدم الاعتراض على ما يصدر من قوانين وشروط أو أخطاء... وأن الرئيس يتحمل كل الذنوب... وبذلك تقوى السلطة، ويلغى العقل! ويضعف الشعب... إلى درجة اللعب بدستور البلاد وتحويلها إلى توريث الأبناء، وحماية المتنفذين مهما بلغت أخطاؤهم فللشعب التطبيق فقط! وبذلك تشجع الحكومة على الظلم، والاستغفال! وكيف أن بعض الأنظمة قد أنفقت مليارات الدولارات، لنشر الفكر السلفي وتثبيته (الدين البديل) والاهتمام أيضا بالقشور، متناسية حق المواطنة، والمواطنين في الانتخابات أو تواصل قانون الطوارئ، والتعذيب، والاعتقالات العشوائية وتحجيم المرأة ودورها الثانوي في المجتمع بحيث لا يحق لها فعل أي شيء من دون موافقة ولي أمرها أو زوجها، إلى درجة منعها من أبسط حقوقها (...) فالسفر ممنوع والحج ممنوع، وأية متعة ليست من حقها إلا تحت إشراف وكأنها منتقصة دائما وأبدا في عقلها ومنطقها ودينها... كالأطفال!

والغريب في الأمر أن الاعتقاد أن الحاكم أصبح مسئولا قد ألقى ظلالا سوداء على مشكلات المواطنين وأن أي تقصير من السلطة يرجع إلى أسباب أخرى أولها التقصير في العبادة وأنها معاقبة من الله تعالى لذلك، أو أن يكون ذلك اختبارا من الله بالشقاء، وبالتالي علينا الصبر وعدم الاعتراض!

وأن الدين البديل يعتبر أن كل مآسي البشرية هي من القضاء والقدر، وأن ضحايا الأنظمة من التشرد والفقر والعمارات المنهارة والعبارات الغارقة والحرائق، وحروب أميركا ضدنا واستغلال أراضينا وتساهل حكوماتنا لتسليمهم ما يريدون ووجود القواعد العسكرية، واحتلال بلاد المسلمين مثل العراق وفلسطين وأفغانستان... الخ كل ذلك هو امتحانات للبشرية للتعرف على قدراتنا على الصبر...؟!

وأن هؤلاء الضحايا إنما هم من الذين انتهت أعمارهم وكانوا سيموتون على أية حال، وليس لنا أن نلوم الرئيس، أو أي أحد في ذلك الإهمال أو الموت أو السيطرة... فالصبر والسلوان... هما الطريق الأوحد للخلاص؟!

وماذا بعد... كيف سنوحد هذه الأمة؟! كيف سيسود الدين الحقيقي وجوهره؟! نحن نحتاج إلى معجزة إلهية لتغيير مثل هذه الرؤية من القوم الجاهلين بأبسط الأمور الدينية أو ثورة لتصحيح الأوضاع... وقبل أن يصل بنا الطريق إلى جهنم الحياة وقبل جهنم الآخرة!

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 2204 - الأربعاء 17 سبتمبر 2008م الموافق 16 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً