العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ

«العشوائيات»...!

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

دائما الحقوق المدنية والسياسية والعدالة الاجتماعية إلى آخره من المواضيع حاضرة في أحاديثنا التي تنصب في ميزان الديمقراطية الغائبة كليا, الموجودة نسبيا في بعض البلدان العربية.

أضف إلى ذلك ما تسلبه الأنظمة في عالمنا العربي من حق التعبير وصولا إلى حق التفكير في المستقبل وحتى في حق صناعة القرار, فيشب الشباب على حياة ورؤية متخبطة الملامح وذلك بسبب نشأته في مناخ سياسي ينتظر دائما ما يمن عليه به الحاكم.

ورغم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تحرص على معالجة الكثير من الظواهر، إلا أن أعداد الشباب الفقراء والمهمشين والباحثين عن أدنى مقومات الحياة في زيادة متواصلة؛ ما يعطي الانطباع بأن المسئولين لا يستوعبون وجودهم.

مناسبة الحديث عن ذلك هو تصدر موضوع «العشوائيات» في مصر من جديد, ولعل حادثة جبل المقطم أمس الأول, أعادت هذا الملف المثير للجدل إلى الواجهة وخصوصا أن العشوائيات أصبحت تمثل خطرا أمنيا واقتصاديا واجتماعيا على مصر وربما تنتقل عدواها إلى باقي دول المنطقة العربية.

العشوائيات هي منازل متلاصقة بصورة عشوائية, بُنيت مثل «العشش» من الخشب والطوب ولم تعرف البناء الحديث إلا قريبا تتخللها المقابر والشوارع الضيقة وهي بلا شيء، أي من دون صرف صحي ولا مياه نظيفة ولا حتى مواصلات... ببساطة تكون خارج اهتمام الدولة وأيضا خارج سلطتها فتصبح مرتعا للتجارة غير المشروعة, والتطرف وحمل السلاح, والتحرش الجنسي إلى آخره. بينما سكانها أناس عاديون من مختلف الخلفيات الاجتماعية وتعليمهم متدنٍّ ويعملون في أعمال متدنية وأطفالهم اعتادوا على العمل منذ الصغر نظرا إلى انخفاض الدخل, وأغلبهم ينامون في غرفة واحدة متراصين دون خصوصية.

إن إزالة العشوائيات تحتاج إلى موازنة ضخمة، بل إنها اليوم تُعَدُّ واحدة من التحديات الرئيسية للحكومة المصرية كونها تمثل 30 في المئة من المناطق السكنية بينما وصل أعداد سكانها إلى ما يزيد على 16 مليون مواطن مصري.

التأخر في إيجاد الحلول المناسبة هو بلاشك نتيجة للإهمال والسياسات الخاطئة في قضية تمس أبسط حقوق المواطن ألا وهي توفير الخدمات الأساسية للعيش بكرامة وهو أمر مخزٍ للغاية؛ لأن ذلك معناه لا تفعيل حقيقي لحقوق المواطنة على أرض الواقع.

ولعل مواطن العشوائيات أكبر دليل على ذلك فهو لا يشعر بمعنى المواطنة لأنه خارج اهتمام الدولة وبالتالي أي تصرف يبدر منه لا يكون إلا نتيجة حرمانه القسري للأمان الاجتماعي والاقتصادي... وربما من يوصفون بأنهم المؤمنون بالمواطنة الناشطة في مصر ممن يشجعون العمل الجماعي من خلال المنظمات غير الحكومية قد يتحركون في أكثر من جهة لتأمين ما عجزت الدولة عن القيام به ومثلما ما حدث في الهند

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً