العدد 2439 - الأحد 10 مايو 2009م الموافق 15 جمادى الأولى 1430هـ

تحديات كبرى للتنمية المستدامة في القرن 21

منذ قمة الألفية في العام 2000م، قطعت الدول خطوات مهمة نحو تحقيق الأجندا الطموحة للتنمية العالمية التي وُضعت للقضاء على الفقر ومكافحة الأمراض وتحسين الصحة والرفاه للملايين من البشر.

لقد أحدثت الأزمة المالية والتباطؤ الاقتصادي منذ الركود العظيم في العام 1929 تصدعا في أساسات النظامين الاقتصادي والمالي العالميين. وقد زاد ذلك من المخاطر التي يتعرض لها التقدم الحاصل في الدول النامية، وقد يعرض للخطر أيضا التقدم في المستقبل.

علينا أن نضمن أن المردود الذي جنيناه في تحقيق أهداف الألفية ليس مستداما فقط، وإنما أن يحظى بالتحفيز. وعندما يتعلق الأمر بتحقيق أهداف الألفية، فإن الأهداف المتعلقة بالصحة هي مفتاح التقدم بمجمله.

ولهذا السبب، فقد وضع الأمين العام للأمم المتحدة أولوية لترويج الصحة العامة العالمية. فالصحة هي أساس الازدهار والاستقرار والتنمية البشرية. وقد حذّرَنا أيضا بأنه لمواجهة الأزمة الحالية، علينا أن نبقي على الاستثمار في الصحة العامة، وبشكل خاص حماية الفئات الأكثر ضعفا.

إن مناقشات اليوم بشأن الأمراض غير السارية تأتي في وقتها، وهي مهمة لنجاح جهودنا نحو تحقيق الصحة والازدهار في العالم.

في الواقع إننا نشهد أن الظروف التي كانت تقتل الناس وتصيبهم بإعاقات في الدول النامية قد تغيرت في العقود الثلاثة الماضية. فالأمراض غير السارية، كأمراض الأوعية الدموية والسكري والسرطان والأمراض التنفسية المزمنة تشكل ستين في المائة من حالات الوفاة في العالم. وإذا أخذنا معها الإصابات، فإنها تكون مسئولة عن سبعين في المئة من مجمل الوفيات. وثمانون في المئة من هذه الوفيات تحدث في الدول ذات الدخل المتدني والدخل المتوسط.

على المستوى العالمي، تعتبر أمراض الأوعية الدموية مسئولة عن الوفيات ما قبل البلوغ أكثر من أمراض الأيدز والملاريا والسل مجتمعة. وهذه الأمراض لها نسبة مرتفعة من الوفيات، بشكل خاص في غرب آسيا، حيث تبلغ نسبتها 27 في المئة من مجمل الوفيات.

إن الأمراض غير السارية وعوامل خطورتها مرتبطة بشكل وثيق مع الفقر المزمن وتساهم في الفقر أيضا. كما أنها تؤثر على الفقراء والدول ذات الدخل المتدني والمتوسط. وقد أظهرت البحوث الأخيرة أن سوء التغذية لدى الأمهات أو الوزن القليل للمواليد يجعل الأطفال أكثر عرضة للسمنة عند البلوغ. ونتيجة لذلك، نجد اليوم أطفالا قليلي الوزن وبالغين بوزن زائد في المنزل الواحد. ومن شأن الأزمة الراهنة وارتفاع الأسعار الشديد أن يزيدا هذا الاتجاه، وذلك من خلال جعل الأهالي يلجأون إلى الأطعمة الأرخص، التي تحتوي على كمية أكبر من الدهن والسكر، لكنها منخفضة في العناصر الغذائية الرئيسية.

وإذا لم نتعرض لهذه التحديات، فإن منظمة الصحة العالمية تتوقع بأن 25 مليون إنسان سيموتون بالأمراض السارية في منطقة غرب آسيا، بين عامي 2006 و2015م.

إن حجم وازدياد الأمراض غير السارية الأربعة - وهي أمراض الأوعية الدموية، والسكري والسرطان والأمراض التنفسية المزمنة- قد يحرفا جهودنا في تحقيق الأهداف الألفية للتنمية. أجل، فهذه الأمراض ليست مشمولة في أهداف ومؤشرات أهداف الألفية.

الأنباء الجيدة هي أن هناك حلولا يمكن الوصول إليها. فالأمراض غير السارية والإصابات يتم منعها بشكل كبير من خلال تعديل عوامل خطورتها. وهذا يتطلب منا تحسين عادات الأكل، وزيادة النشاط البدني والابتعاد عن التدخين والكحول.

كما يمكننا تخفيف الوفيات قبل البلوغ من خلال مبادرات وسياسات قليلة الكلفة، وتدخلات مجتمعية تركز على عوامل هذه المخاطر وتعمل على إزالتها. ومن بين الأقل كلفة لدينا ضرائب السجائر وتخفيف الملح ودعم التغيير في طرق المعيشة.

كما لاحظنا أنه من المهم تعزيز الأنظمة الصحية للتعرض لحاجات الناس الذين يعانون حاليا من الأمراض والإصابات غير السارية. ففي كثير من الدول متدنية ومتوسطة الدخل، قد تكون الأدوية لمعالجة هذه الأمراض غير موجودة، أو أنه لا يمكن توفيرها. وهذا يلقي الضوء على أهمية الوقاية والفحص المبكر. كما أن هناك حلولا للرعاية الأولية قليلة الكلفة، مثل معالجة ضغط الدم، والإدارة الجيدة للسكري، والوقاية الثانوية لأمراض الأوعية الدموية، وتوفير العقاقير الأساسية. وبالتالي، من المهم أن نجعل العناية بالأمراض غير السارية جزءا من الرعاية الأولية.

إذا كنا قد تعلمنا درسا فهو أن نكون فعالين! فمنع ومعالجة الأمراض غير السارية يجب أن يكونا من ضمن برامج التنمية الوطنية، وأن تنخرط الوزارات والجهات ذات العلاقة من غير العاملة في قطاع الصحة. ويمكن للمسئولين الحكوميين أن يكونوا أكثر فاعلية وأن يعملوا عن كثب مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص.

أودّ أن أقترح بأن ينظر هذا الاجتماع في تقديم توصية لتأسيس لجنة مهمات وزارية من قطاعات مختلفة عن الأمراض غير السارية. ويمكن لمنظمة الصحةالعالمية أيضا أن تتابع النظر في هذه الفكرة.

مرة أخرى نشدد على أهمية تضمين الأمراض غير السارية في أجندة التنمية العالمية. فقد أقرّ المجمع الصحي العالمي مؤخرا (خطة عمل عالمية للأمراض غير السارية) تدعو الدول الأعضاء والشركاء الدوليين لتعزيز الإجراءات لمواجهة هذه الأمراض. ويمكن أن نستخدم هذه الخطة كلبنة نبني عليها جهودنا.

العدد 2439 - الأحد 10 مايو 2009م الموافق 15 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً