العدد 2510 - الإثنين 20 يوليو 2009م الموافق 27 رجب 1430هـ

قرارٌ غير عملي ومضاد للتنمية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في سياق ردّها على الانتقادات التي وُجّهت لقرار منع الحصالات، برّرت مديرة المنظمات الأهلية بوزارة التنمية قرارها المتسرّع بالرغبة في تطبيق القانون. والذي نعرفه أن القوانين تُوضع لخدمة الناس وتسهيل حياتهم، وليس لزيادتها عسرا... وتعقيدا وفقرا.

السيدة التي نكنّ لها كل احترام، اعتبرت قرارها ليس منعا بل تنظيمٌ يوجب على الجمعيات أخذ تراخيص قبل جمع أية تبرعات. والصناديق الخيرية لا تعارض فكرة التنظيم، بل تدعو لمراجعة القرار الذي سيشل قدرتها ويقلّص خدماتها، خصوصا أنها تغطي أكثر من عشرة آلاف أسرة، وتنفق سنويا أكثر من 12 مليون دينار سنويا، جزءٌ كبيرٌ منها يأتي من الحصالات التي تريد الوزارة منعها.

إذا كانت بعض الجهات لا تلتزم بالضوابط القانونية، فلا يعني هذا معاقبة الجميع، ونأخذ البريء بجريرة المخطئ. والوزارة تعلم بالتزام الغالبية العظمى بالقوانين، فالشريحة العاملة بالمجال التطوعي من النوع المسالم، فأغلب هؤلاء في العقد الرابع والخامس من أعمارهم، وكان حريا بالوزارة مكافأتهم بدل عرقلة أعمالهم بمثل هذه القرارات.

ولنأتِ لمناقشة «التنظيم» الذي اقترحته... هل لدى الوزارة طاقمٌ إداريٌ قادرٌ على تسهيل العملية؟ ألم يشهد الرأي العام حقيقة هذا الطاقم عند التسجيل لعلاوة الغلاء؟ وإذا كنا نتكلم عن 84 صندوقا (دع الجمعيات)، أفلا تحتاج الوزارة إلى فتح مكتب خاص بما يتطلبه من موارد مالية وبشرية؟ وإذا كانت الحصّالة تستغرق أربعة أو ستة أشهر حتى تمتلئ ويتم استبدالها، فهل من المنطقي فرض تجديد رخصة الحصّالة كل شهرين؟ وهل من العملي للأعضاء (وكلهم متطوعون)، أن يستأذنوا من أعمالهم ويتجهوا للوزارة لتجديد الرخصة؟ وماذا كانت النتيجة في قضية التصديق على الكوبونات العام الماضي؟ أليس الأفضل أن نسكت؟

أعتقد أن الوزارة الآن أصبحت تعي جيدا تبعات القرار، وآثاره السلبية على آلاف الأسر التي لا تتلقى مساعدات شهرية من الصناديق فحسب، بل هناك مساعدات تعليمية وبناء وترميم وحقائب مدرسية وشراء أدوات صحية وأجهزة كهربائية (ثلاجات ومكيفات...)، فضلا عن مئونة رمضان والعيدين. كل هذه الأعمال التي تفخر بإنجازها الصناديق الخيرية بعيدا عن الأضواء والبهرجة الإعلامية، ألا تستحق الدعم والشكران من وزارة التنمية الاجتماعية بدل المشاغبة والكفران؟

هذه التجربة لا تخلو من الأخطاء والسلبيات، والقائمون عليها مدعوون لتصحيحها للرقي بالتجربة، وهم أحقّ بها وأهلها، وخصوصا من جهة منع المتسللين والمتلاعبين المجهولين، ولكن هذا لا يعني أن نضع العراقيل بوجه التجربة كلها، فكلنا مع القانون والتنظيم، وإذا وُجد تاجرٌ متلاعبٌ أو محتالٌ، فليس منطقيا أن نمنع كل التجار، أو نصدر قرارا تعسفيا بإغلاق السوق.

ثم إن من حق الرأي العام أن يسأل: ما البديل الذي ستقدّمه الوزارة للصناديق بعدما تجفّف أحد أكبر مصادر دخلها؟ وماذا ستعمل لسدّ العجز الذي سيسبّبه قرارها؟ ومن الذي سيجبر الضرر المؤكد الذي سيلحق بالفقراء؟

الله سبحانه امتدح أقواما بقوله: «الذين يؤتون أموالهم بالليل والنهار، سرا وعلانية، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون»، والوزارة تريد «تنظيم» الصدقات عبر طاقمها ومكاتبها وموافقتها الخاصة.

الوزارة بحاجةٍ إلى تصحيح قرارها، والصناديق تبحث عن حلّ، والأفضل أن يجتمع الطرفان ليصلا إلى حلٍّ للمأزق الذي تسبب فيه القرار، حفظا لمصالح آلاف الفقراء والمحتاجين.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2510 - الإثنين 20 يوليو 2009م الموافق 27 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 3:14 ص

      الوزيرة لا تصلح الى هذا المنصب

      شكراً الى الوسط للطرح الجريء
      لا يوجد اي قرار الى هذة الوزيرة صائب فهي مسيرة من قبل الحكومة بشكل مباشر و غير مخيرة

    • زائر 8 | 1:36 م

      تجفيف .. يعني قتل ..

      هل تعي الوزارة بهذا القرار انها تساهم في قتل نفس بحاجة لبعض الدنانير التي يتصدق بها البعض للعلاج .. او تمنع طالب من استكمال دراسته .. او أسرة تحتاج لقوت يومها .. فتصبح دونه محرومة ..
      يالله .. كيف ااضحت الوزارة المحارب الأول لكل من يقوم بالعمل الذي يجب ان تقوم به هي .. هل تستطيع الوزارة ان تنكر ان مساعدة المواطن المحتاج من صميم واجبتها .. أم واجبها فقط .. هو اصدار القوانين الغبية .. في زمن كل شيء فيه مكشوف .. بس المشكلة من يستحي ؟؟

    • زائر 7 | 10:55 ص

      صراحة

      إذا كان مسموح أعبر عن رأيي بحرية فأنا أقول أن (القرار) غبي.

    • زائر 6 | 9:07 ص

      التنظيم يعني هو كشف الأرقام ؟؟؟

      في إعتقادي أن التنظيم الذي تدعي وتنادي به الوزيرة للصناديق والجمعيات الخيرية هو الكشف الحقيقي والمباشر للأرقام الصحيحة من الاموال ومن المساعدات والتي تقدم للصناديق الخيرية...

    • زائر 5 | 6:42 ص

      mnayem2@hotmail.cpm

      أشكر السيد قاسم حسين على هذه التطرقات الهادفة وانتهز الفرصة كي اعبر عن اعجابي وتقديري للكاتب الكبير والمثقف الذي يندر مثيله في الساحة الصحافية البحرينية . وبالنسبة لموضوع اليوم هو حري بالطرح على جميع الأصعدة ويحتاج إلى توضيحات أكثر من وزارة التنمية حتى نحكم عليه بصورة وافية

    • زائر 4 | 6:03 ص

      الله يعينك يا البحريني

      اشكرك أ.قاسم على إهتمامك الدائم بمثله هل المواضيع التي ’تهم لقمة العيش في البلد الدي يشقا بنوه والنعيم لغيرة، الجماع يبون إحاسبون ومن ثمة يشاركون حتى هالفقارة في لقمة عيشهم إلي يطرونها طرارة أصلاً لاكن ماأقول إلى الله على الضالم ( وسيعلم الدين ضلموا أيامنقلب ينقلبون )صدق الله العلي العضيم

    • زائر 3 | 5:31 ص

      حاله مهزله واللهكل قرار العن من اخوه

      والله بلشه يعني حتى الفقير اللي جالس يستفيد من الصندوق الخيري والجمعيات بتحاربونهم وايش تبون نموت نهج من هالبلد عشان تجيبون اجانب تجنسونهم والله عشم ابليس بالجنه واخونا وايش بيقولون هالمره ترى فاض الكيل والطوفان اذا جى بياكل الاخضر واليابس تراه ما يفرق الله يفكنا .

    • زائر 2 | 2:03 ص

      وراك وراك

      والله الواحد يتحير في هذا البلد وعلى قولة المثل الشعبي ( محسود الفقير على موتة الجمعة ) حتى الحصالات بيلاحقونا عليها بعد . يعني لا يرحمون ولا يخلون رحمة الله تنزل بعد . بس انا ما استغرب يا استاذ قاسم فإذا عرف السبب بطل العجب ، والي يحب يعرف السبب بكل بساطة يروح يقرأ التقرير المثير للجدل الي طلع فضايح والي احصوا فيه الصناديق الخيرية واحصوا فيه حتى التمر ولرويد والبقل بعد !!!!!

    • زائر 1 | 10:28 م

      القضية ليس مجرد دعم!!

      سيدنا ...
      القضية ليست دعم تقدمه الوزارة بدل تجفيف هذا المورد وتنتهي المشكلة ...
      تجفيف هذا المورد هو تعطيل لشعيرة ولعمل مستحب ثوابه عظيم وهو الصدقة والتصدق وهو غير هذا يعد عمل عظيم يجعل المجتمع في حالة من التكافل الاجتماعي ويبارك في عيشنا ويزيد في أعمارنا.

اقرأ ايضاً